|
سورية: بين السياسة الداخلية والخارجية- 2
جميل جابر
الحوار المتمدن-العدد: 917 - 2004 / 8 / 6 - 09:25
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
القسم الثاني
إزاء الضغوط الأمريكية الراهنة على النظام السوري يبرز إلى المقدمة السؤال عما إذا كانت السياسة الخارجية للنظام المذكور بموقع يمكن منه الاعتماد على قوى دولية نافذة في القرارات الدولية؛ إذ أن هناك من يدعو النظام السوري إلى مواجهة الضغوط الأميركية بالإستناد إلى أوربا. فهل هذا ممكن؟
المجتمع (والشعب) السوري مبعدان عن، ومهمشان في، العملية السياسية لبلدهم عموماً حيث لا تتوفر لديهما الحدود الدنيا من المعلومات الضرورية التي تمكن من بناء رأي خارج الرؤية الرسمية ولا يتوفر الفضاء الديمقراطي للتعبير الحر عن آراء مغايرة. فالمعلومات التي توفرها آلة النظام السوري الإعلامية للناس هي انتقائية تنعدم فيها الدقة والموضوعية. فعلى سبيل المثال، وعن العلاقات الخارجية، تقول مصادر النظام السوري الرسمية بأن العلاقات السورية مع فرنسا وألمانيا هي جيدة، وفي زيارات الرئيس بشار الأسد إلى كل من برلين وباريس تحدث عن" علاقات الصداقة" التي تربطنا بهم. هذا التقدير يفاجئنا، نحن المغتربون في أوربا ومنذ سنين طويلة، وخصوصاً أن ذاكرتنا واطلاعنا العام على الرأي العام الأوربي المهتم بسورية خلال فترات زمنية طويلة لا تسمح بمثل هذا التقدير. ونردد سائلين هل لسوريا أصدقاء في الغرب الأوربي فعلآ؟ وهل تقوم" علاقات الصداقة" معهم على تقارب الرؤى والأهداف؟ لماذا تتعثر إذن إتفاقية الشراكة الأوربية مع "الأصدقاء"؟ كيف ترى دول مثل ألمانيا وبريطانيا وفرنسا سياسة بلدنا؟ نحاول استكشاف أجوبة من خلال مواقع الكترونية تابعة لوزارات خارجية الدول المعنية وقد وجدنا بالفعل معلومات رسمية وعلنية، موضوعة على مواقع الإنترنت بهدف تزويد المواطن الأوربي بمعلومات عن العالم الخارجي، ومنها سورية.، لم يفاحئنا مضمونها ومع الأخذ بعين الاعتبار أن اللغة السائدة عادة هي اللغة الدبلوماسية ـ كما في كل خارجية. ولإزالة سوء تفاهم قد يحصل فإن كاتب هذه السطور لا يدعو إلى تبني الرؤى الغربية وإنما يناقش كيف يرانا ويفهمنا الغرب الرسمي. كيف ترى ألمانيا الرسمية سورية؟ من تقرير حول السياسة الداخلية السورية ننقل المقطع التالي عن الخارجية الألمانية:www.auswaertiges-amt.de
بناء الدولة السورية: (.... في انتخابات 02 آذار 2003 لم يطرأ تغيير على النظام.هناك وجوه جديدة شابة في البرلمان الجديد وخصوصاً من دوائر اقتصادية. يراد من خلال تصميم الجبهة الوطنية، ذات القدوة الاشتراكية توليد انطباع أن سورية تحوز على نظام أحزاب تعددي، هذا الانطباع خاطئ). الوضع السياسي الداخلي الراهن: (الوضع السياسي الداخلي في سورية مستقر. يستند الرئيس بشار الأسد إلى الأقلية العلوية وقوى عسكرية ذات إمتيازات ومختلف الأجهزة الأمنية والسرية إضافة إلى نظام شامل ومتوازن بعناية، نظام ولاءات فردية وجماعية تنحدر من جميع الفئات الاجتماعية. اعتبر بشار الأسد 37 عاماً في بداية عهده حامل الأمل للجيل الجديد في سورية. جرت التوقعات أنه سيلائم سورية مع تحديات القرن الحادي والعشرين. من الصعب تبين تحقيق أية نجاحات حتى الآن. لا يمكن توقع الدمقرطة حسب المفهوم الغربي في مدة لاحقة غير طويلة. انفرجت الأجواء السياسية في بداية العهد الجديد، لكنها عادت بعد فترة إلى التوتر عقب انطلاق عدة مبادرات لتطوير مجتمع منفتح، حيث جرى إعادة وضعها تحت المراقبة الأمنية وقمعت المبادرات جزئياً أيضاً. رغم إدخال بعض التسهيلات للعمل الاقتصادي الخاص فإنه من الصعب الحديث عن توجهات انفتاح جدي لسورية سواء كان اقتصادي أو سياسي.) لا بد من التذكير هنا بأن كلام الخارجية الألمانية عن الاستقرار الداخلي لا يعني الإيجابية بشكل عام وإنما هي إشارة إلى غياب الدينامية السياسية في المجتمع السوري وغياب المعارضة للنظام السياسي القائم وهذا بحد ذاته يحكي الكثير عن الواقع السياسي السوري للقاريء الألماني.
سياسة حقوق الإنسان: ( رغم إحراز بعض التقدم فقد بقي وضع حقوق الإنسان في سورية غير مرضي. ما تزال هناك حالات تعذيب واحتجاز للسجناء السياسيين وحالات اختفاء أشخاص يبقى مكان وجودهم مجهولا حتى بعد أسابيع وأشهر.)
إذا كان هذه العبارات هي التي تلخص، وبلغة دبلوماسية ـ كما أسلفنا، النظرة الألمانية الرسمية للمشهد السياسي السوري فهل النظرة البريطانية تحمل ما هو أفضل لسورية نظاماً وليس شعباً؟ للتطرق المقل لهذا السؤال نأخذ النصين التاليين من الخارجية البريطانية [ الخارجية البريطانية.uk.gov.fco.www ]
التطور السياسي الراهن: (استلم بشار الأسد سدة الحكم رسمياً في 17/تموز/2000 بعد استفتاء جرى تأكيده لصالحه بـ97% . [ رؤية هذا الرقم لا تترك عند الأوربي إنطباع إيجابي عن طبيعة الإنتخابات]. عبر بشار الأسد عن رغبته بتحديث سورية وعن تحقيق رغبة والده بالوصول إلى سلام مع إسرائيل ولكن منذ الانتفاضة الثانية في أكتوبر2000 اختفت آفاق الوصول والصحف السورية اليومية مليئة بالخطاب القوي المعادي لإسرائيل.بدأ الرئيس بوضع خطوات (إنفراجية) باتجاه إصلاحات اقتصادية واجتماعية لكن التقدم ضئيل.هناك بعض المؤشرات عن الإصلاح السياسي: مجموعات النقاش على سبيل المثال حيث يسمح لهم باللقاء. وهناك تراجع عن هذا التقدم مثل محدودية حرية التعبير والاجتماع.)
حقوق الإنسان: رغم التحسن الجزئي في عهد الرئيس بشار الأسد يبقى القلق بسبب احتجاز وسوء معاملة السجناء السياسيين. مجموعات حقوق الإنسان ليس لها وجود قانوني. يُغض الطرف عنها أحياناً لكنها تعمل في حيز (رمادي) غير قانوني وغير علني.لا يسمح عموماً لمجموعات حقوق الإنسان الدولية مثل لجنة العمل الدولية ومراقب حقوق الإنسان الدخول إلى سورية................................. جميع الأقليات الأثنية مندمجة في المجتمع السوري باستثناء هام هو وضع الأكراد العديمي الجنسية الذين يسكن معظمهم في منطقة الجزيرة.المجموعة المذكورة تعدادها 250000 (من أصل1 - 1,5مليون كردي يعيشون في سورية) تقريباً ليس لهم حقوق المواطنة وليس لهم حقوق مدنية وسياسية] إن ما يمكن رؤيته من خلال القراءة السابقة يتمحور حول أن طبيعة النظام السياسي السوري وما يرتبط به من مواضيع الحريات الديمقراطية وحقوق الإنسان لا يجد له ترحيباً أو تشجيعاً عند الحكومات الغربية. وسنرى أن المجتمعات الأوربية المنفتحه والتعددية هي أكثر نقدا لنا من حكومات بلادها. ونأتي ثالثاً إلى الرأي الفرنسي، وهو على درجة عالية من الأهمية نظراً لأنه يوضح بما لا لبس فيه عن التناقض الفعلي بين ما تصوره آلة النظام السوري الإعلامية عن العلاقات الحميمية مع فرنسا وبين المنظار الذي ترى الحكومة الفرنسية سورية من خلاله:
الموقف الفرنسي والشراكة الأوربيةً www.diplomatie.fr [أوضحت المصادر السورية: ليس صحيحاً أن فرنسا تؤيد الدول الثلاث (بريطانيا وهولندا وألمانيا) في موقفها من إتفاق الشراكة] الحياة 30/03/2004. أين تقف فرنسا بالنسبة للضغوط الأمريكية على سورية؟ ومن اتفاقية الشراكة؟ تحاول الخارجية السورية تصوير أنه لا توجد مشاكل أساسية بين سورية وفرنسا وتشير إلى أن فرنسا تخالف كلياً الاتهامات الأميركية الموجهة إلى سورية بدعوى دعم"سوريا للإرهاب وعدم التعاون في استقرار العراق وتطوير أسلحة الدمار واحتلال لبنان" وللتدقيق في الموقف الفرنسي نعود إلى تصريح الرئيس الفرنسي شيراك بشأن العقوبات الاقتصادية على سوريا. وننقل من إعلان وزارة الخارجية الفرنسية بتاريخ 12/5/2004 تصريح شيراك الذي لم تتعامل معه الصحافة السورية ("فرنسا كقاعدة عامة متحفظة جداً وبعبارة أخرى معادية لأي إجراءات عقابية باعتبار أننا لاحظنا تاريخياً بأنها ليست فاعلة وتخلق مشاكل أكثر مما تحل). من المعروف عن الرئيس شيراك أنه حريص عن ألا تزداد مشاكل المنطقة لكنه لم يبرئ سوريا من الاتهامات الأمريكية ويتفادى الدفاع عنها ويعلن أن الخلاف مع العقوبات الأمريكية يعود إلى (عدم فاعلية العقوبات ولأنها تعقد أكثر مما تحل) وسنرى لاحقاً أن الفرنسيين يوافقون علناً على مطلب الأمريكيين فيما يخص أسلحة الدمار الشامل والانسحاب السوري من لبنان. يشير تعثر المفاوضات بين سوريا والاتحاد الأوربي حول توقيع اتفاق شراكة بين الطرفين إلى الصعوبات الكبرى التي يعانيها الموقف السوري. أكثر من خمس سنوات استمرت المفاوضات بين الطرفين وكانت الشروط والظروف الدولية أفضل بكثير من اليوم، كان الطرف الأوربي يحث باستمرار سوريا على توقيع الاتفاقية بلا تأخير ولم يبد الطرف السوري اهتمام بعامل الزمن وتغير الظروف ولم تشعرا لقيادة السورية بأهمية الاتفاق إلا بعد إقرار الكونغرس الأمريكي "قانون محاسبة سورية واستعادة سيادة لبنان" على أمل الخروج من عزلة سياسية واقتصادية. بعد انسداد الآفاق وإضافة الأوربيين بند أسلحة الدمار الشامل إلى الاتفاقية. ذهب نائب الرئيس خدام في زيارة إلى باريس الصديقة بتاريخ 7/4/2004 لإنقاذ اتفاقية الشراكة ( بينما كان الرئيس بشار الأسد ووزير الخارجية الشرع يدوران دول الخليج لتحضير مؤتمر القمة القادم في تونس يحاولان إقناع الخليجيين بضرورة الاستعاضة عن مفهوم" الإصلاح" بمفهوم" التطوير والتحديث" وقد نجحوا في تثبيت ذلك في وثائق قمة تونس التي تعد من أكثر القمم العربية فشلاً) وقد ظهرت تكهنات حول لماذا فضل الرئيس تكليف خدام بهذه المسألة الهامة؟ ويقول أحدها إن المقصود تحميل الحرس القديم المسؤولية عن الفشل الذي يتحمله منذ البداية. في باريس يلتقي خدام بالرئيس الفرنسي لمدة ساعة كاملة وتقول وكالة الصحافة الفرنسية في نفس اليوم". ولم يدل خدام بتصريح لدى خروجه من قصر ألإليزية في العاصمة الفرنسية مكتفياً بالقول للصحفيين أنه تحدث بكل شيْ مع شيراك " يصمت نائب الرئيس في قصر "الصديق" ويعود إلى سورية لنجد في اليوم التالي ما قاله شيراك:( مذكرأ المسؤول السوري بالجهود التي بذلها الإتحاد الأوربي، خصوصاً فرنسا، لتمكين سورية من العودة إلى الساحة الدولية، وفقاً لما قالته مصادر فرنسية مطلعه) مقطع من رندة تقي الدين في الحياة 8/4/2004 ويقول النص نفسه (لكن شيراك أبدى أسفه لأن سورية لم تتفهم ذلك.... وأوضحت المصادر أن شيراك أبلغ خدام أنه إذا أرادت سورية "تعاوناً فعلياً" مع الاتحاد الأوربي، فإن عليها أن توافق على النص المتعلق بحظر أسلحة الدمار الشامل، خصوصاً أنه قريب جداً من النص الذي كانت سورية على وشك الموافقة عليه). وتنقل الشرق الأوسط من تقرير لميشال أبو نجم (..ودعت المصادر الفرنسية سورية إلى "التحرك"، إن على صعيد الإصلاحات الداخلية أو على صعيد علاقاتها الخارجية وحثها على الإسراع في التوقيع على اتفاقية الشراكة مع أوروبا لما تشكله من أفق جديد أمامها).هذه مقتطفات من النظرة الفرنسية التي لا تختلف عن (البريطانية والهولندية والألمانية) في قضية أسلحة الدمار الشامل. نظرة "الأصدقاء" لنا أننا في عزلة. ويلوحون لسوريه بإمكانية عودتها إلى الساحة الدولية. لقد بدا واضحاً أن كسر الجليد مع أمريكا يمر عبر موقف سوري يعترف بما تسميه أميركا (بالحقائق على الأرض) ويبدوا أن سورية أجرت مؤخراً تحولآ في سياستها من العراق تأكد من خلال زيارة العلاوي إلى سورية. الموقف البريطاني هو أكثر صراحة في ربط الموضوعين (العراق وإتفاقية الشراكة) على لسان سفيرها في دمشق بيتر وليام فورد:(نعم مررنا ببعض الصعوبات في العلاقة مع سورية في السنة الأخيرة خصوصاً بسبب موضوع العراق وموضوع إتفاقية الشراكة..) ويتابع السفير القول:.(إن نقاط الخلاف أصبحت قليلة حيث سجل موقف سورية تجاه العراق تطوراً في الأسابيع الماضية ونحن نرحب بهذا الإتجاه ..) من مقابلة رزوق الغاوي مع السفير البريطاني 02/08/04 عن نشرة كلنا شركاء. تشير دوائر أوربية متعددة إلى تفهم أوربي أكبر لسورية بعد الإعتراف بشرعية حكومة العلاوي والتعاون معها وتؤكد أن تساهل سوري بالنسبة للعراق سيقابله تساهل أوربي بالنسبة لإتفاقية الشراكة. ويتضح أن مواجهةالضغوط الأميركية بالإستناد إلى "الأصدقاء" ما هو إلا وهم السياسة الخارجية السورية. في الغرب يوجد أيضاً مجتمع مدني نقابات وجمعيات ووسائل إعلام غير حكومية مثل الصحافة والتلفزيون وغيرها وهذا الوسط يبني رؤيته عن بلد ما مثل سورية من خلال المعلومات والصور القادمة إليه إلى جانب العلاقات الإقتصادية والإنسانية والثقافية وغيرها، ورؤية الآخرين لسورية تشكل السمعة وهي بتقديرنا سمعة متدنية يساهم فيها سوء أداء النظام السوري. والأمثلة التالية تشير إلى بعض أسباب تدني سمعة سوريا الخارجية عند الرأي العام الأوربي. وهي أمثلة ليست مأخوذة من مصادر معروفة بعدائها للعرب أو الإسلام أو تقوم بحملات لصالح السياسة الأميريكية. أخبرنا التلفزيون الألماني (القناة الأولى) بتاريخ 12/5/2002 في ساعة البث الرئيسية مساءاً أن[ النيابة الاتحادية قررت رفع دعوى ضد مواطنين (إثنين) سوريين بسبب الجاسوسية. أكدت الهيئات الرسمية اليوم أن على الملحق الثقافي في السفارة السورية ورجل سوري آخر المثول أمام محكمة المنطقة العليا في مدينة (كوبلنتس). حسب معلومات مجلة فوكوس أن المتهمين تجسسا على المعارضة السورية وجندا عملاء لهم باستخدام الضغوط. قدم المتهمين في أربع حالات تقارير إلى جهات أمنية سورية عن معارضين أدت إلى اعتقالهم عند عودتهم إلى سورية.] يمكن التأكد من الخبر عن طريق الإنترنت موقع de.Tagesschau.www وبعد مدة أفرجت السلطات الألمانية عن المخبر المذكور عاود هذا نشاطه التجسسي على السوريين المقيمين في ألمانيا مما دعا الحكومة الألمانية إلى اعتباره شخصاً غير مرغوب فسحبته الحكومة السورية قبل أشهر من السفارة ليعود إلى سورية. قررت الخارجية السورية سحب ملحقها الثقافي إلى سورية بعد أن تعكرت العلاقات مرة أخرى مع الحكومة الألمانية. لم نكتب اسماء المتهمين لأننا نعتقد أن ما حصل هو امتداد لسياسة التجسس على المواطن المتبعة في الداخل هي المسؤول عن سوء السمعة. ومن الضروري أن يعرف بعض الناشطين الأمنيين أن التجسس على المغتربين السورين وتقديم تقارير عنهم إلى سورية تضر بهم هي أعمال يمنعها القانون الأوربي ويلاحقها وليست أعمالاً وطنيه.. وتخبرنا وكالة الصحافة الفرنسية (آ.ف.ب) بتاريخ 03/12/2001 أن (محكمة النقض الاتحادية في ألمانيا ثبتت حكم عقوبة السجن المؤبد ضد الإرهابي" يوهانس فاينرش" بسبب مسؤوليته عن إنفجار حصل على المركز الثقافي الفرنسي في برلين الغربية عام 1983) ويضيف الخبر المستند إلى شرح المحكمة أن (انفجار العبوة الناسفة أدى إلى قتل شخص واحد وجرح 23 شخصاً آخرين. وكان المتهم فاينرش وهو اليد اليمنى للإرهابي كارلوس الذي أراد من الإنفجار إبتزاز فرنسا بإرغامها على إطلاق سراح مجموعة من أعضاء تابعين لكارلوس ومسجونين في فرنسا. استخدم في الانفجار مواد متفجرة بلاستيكية كانت قد خزنت أولاً في حجر تابعة لأجهزة الأمن الألمانية الشرقية السابقة وخزنت بعدها في السفارة السورية في برلين الشرقية ونقلها مسؤول في السفارة السوريه إلى برلين الغربية). مثال جديد آخرهو التقرير الذي نشره التلفزيون الألماني بتفصيل قبل أسابيع قليلة يتحدث عن قضية" ماهر عرار" المواطن الكندي السوري الأصل والذي اتهم باطلا وبدون أدلة بالعمل مع تنظيم "القاعدة. سلمته أميركا إلى الجهات الأمنية السورية بث التلفزيون الألماني تفاصيل كثيرة ومؤثرة عن فترة إعتقالة والتعذيب الوحشي الذي تعرض له كما رواها بنفسه،ولم يفرج عنه إلا حين تدخلت الحكومة الكندية والرأي العام الكندي لصالحه.. ثبتت براءة المتهم ماهر عرار الذي رفع دعوى ضد أميركا لسوء المعاملة التي لقيها. أي انطباع تتركه مثل هذه الصور عند المشاهد الألماني الذي لا نكل عن دعوة حكومته إلى الحوار معنا؟ لماذا تصمت وزارة الخارجية السورية أمام الاتهامات الواضحة ولماذا ترفض سوريا التعاون مع كندا لإيضاح ما جرى؟ يسأل أحد المشاهدين التلفزيون الألماني عن طريق الإنترنت لماذا يقيم ماهر عرار دعوة قضائية ضد أميركا وحدها؟ لقد سجن سنة كاملة وعذب في سورية لماذا لا يقيم دعوة ضد الأجهزة الأمنية السورية أيضاً؟ هل يسمح القانون السوري بمثل هذه الدعوة؟ هكذا يصبح الشأن الداخلي خارجياً ويصبح من المستحيل التمسك بأن ما يجري داخل الدار هي مسألة وطنية لا يحق للخارج أن يتحدث به أو أن يراه. وفي الغرب توجد جمعيات لحماية حقوق الأنسان وهي تتلقى معلومات من جميع أنحاء العالم ومنها سورية والتقارير السنوية المقدمة التي ترصد حالات خرق حقوق الإنسان وحالات الإفراج تنشر وتناقش في الصحافة والإعلام وتتعاون الجمعيات المذكورة في هذا المجال مع القضاء في حالات اللجوء السياسي ومع وزارة الخارجية في تقييم حالة حقوق الإنسان. في الثلاثين عاماً الماضية ارتفعت أعداد اللاجئين السياسيين القادمين من سورية إلى غرب أوربا، ورغم أن جزء قليل منهم جرى الإعتراف به فإن هناك ألاف من حالات تعذيب وملاحقة مثبتة رسمياً بمحاضر المحاكم الأوربية ويمكن الإطلاع عليها وعلى التفاصيل المروعة التي رواها مواطنون سوريون قدموا تفاصيل دقيقة وأدلة عن السجون ومعاملة السجناء وأسباب الاعتقال. وهناك مراكز طبية مثل مستشفى برلين لمعالجة الحالات الصعبة من ضحايا التعذيب عالجت مئات من ضحايا العالم وللأسف من سجناء سوريين أيضاً إصطحبوا معهم شواهد تشويه جسدي ونفسي لاتوصف. مظهر سورية، وسمعتها في الخارج ورؤيتها بعيون الأوربيين، يتغذى على الصور والأخبار ولها علاقة كما تشير الأمثلة السابقة بـ(نظام الحكم وحقوق الإنسان) وهي تعكس داخلنا. وفي زمن أصبح فيه حجز المعلومات مستحيلا فإن سياستنا الداخلية هي هويتنا الخارجية . قد يكون من السهل القول كما يفعل النظام تعليل ذلك بأن الغرب لا يفهمنا وهو يخضع لتأثيرات صهيونية، لكننا نستغني بذلك عن طرح أسئلة قاسية ولكن ضرورية عن ممارستنا الذاتية.
#جميل_جابر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
سورية: بين السياسة الخارجية والداخلية - 1
-
الحزب القائد والجبهه الوطنية
-
الإصلاح في سورية ولعبة الكشتبان
المزيد.....
-
بوتين: لدينا احتياطي لصواريخ -أوريشنيك-
-
بيلاوسوف: قواتنا تسحق أهم تشكيلات كييف
-
-وسط حصار خانق-.. مدير مستشفى -كمال عدوان- يطلق نداء استغاثة
...
-
رسائل روسية.. أوروبا في مرمى صاروخ - أوريشنيك-
-
الجيش الإسرائيلي: -حزب الله- أطلق 80 صاورخا على المناطق الشم
...
-
مروحية تنقذ رجلا عالقا على حافة جرف في سان فرانسيسكو
-
أردوغان: أزمة أوكرانيا كشفت أهمية الطاقة
-
تظاهرة مليونية بصنعاء دعما لغزة ولبنان
-
-بينها اشتباكات عنيفة بالأسلحة الرشاشة والصاروخية -..-حزب ال
...
-
بريطانيا.. تحذير من دخول مواجهة مع روسيا
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|