أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نوري بريمو - العامل الحاسم















المزيد.....

العامل الحاسم


نوري بريمو

الحوار المتمدن-العدد: 916 - 2004 / 8 / 5 - 11:26
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
    


لا يختلف اثنان على حقيقة العلاقة الجدلية بين العوامل الذاتية والموضوعية للسياسة التي ينتهجها أي حزب سياسي أو حركة مجتمعية أو دولة أو حلف... ، لكنّ ذلك لا يعني أبداً وجوب الالتزام بالتكافؤ التام أو التعادل في أسبقية وواقعية الأسس المكونة لهذين العاملين ، بل لا بدَّ من أن يكون هنالك دوماً فسحة واسعة من حق وحرية الاختيار بين الأولويات ، لمصلحة هذا المجال المهم أو ذاك الأكثر أهمية ، وذلك تبعاً لموجبات العمل والفكر ولدواعي واقع الحال من جهة وللظروف السياسية والدولية والإقليمية والداخلية السائدة حسب الزمان والمكان من جهة أخرى ، وتبعاً لظهور مستجدات أو متغيرات التعامل المباشر والمعالجة الفورية أو التركيز على جانب ما أكثر من الآخر بهدف إبقاء آليات التوافق والتناغم دائمة الفعالية وفي متناول اليد ، على أن يكون التحكُّم في مختلف المسارات واجداًً ومؤثِّراً ضمن الإطار المحدّد والمرشد للسياسة العامة ولتوجهاتها المرسومة بما يُحقق الخيارات المتوفرة مع الحفاظ على الثوابت المبدئية المتفق عليها .
من هنا تبرز الأهمية الحقيقية لتوازنات حركية العوامل الذاتية والموضوعية التي ينبغي أن تنتهجها الحركة السياسية الكوردية في سوريا بحكمة ونجاح رغم الأوضاع الكوردية الصعبة والظروف الداخلية السورية المعقدة .
فقيادة الحركة الوطنية الديموقراطية الكوردية في سوريا ، وهي تولي مسألة الدفاع عن الحقوق القومية المشروعة للشعب الكوردي اهتمامها الأساسي ، وخاصة فيما يتعلق بتوجهاتها السياسية التي تتحدد وفقها البعدين الداخلي والخارجي للقضية الكردية ،...مطلوبٌ منها أن تركّز بصورة أكبر على توفير مستلزمات عوامل القوة الذاتية وعلى رأسها مسألة التلاقي وترتيب البيت من الداخل ، انطلاقاً من بديهية معروفة مفادها أنَّ البنية المجتمعية – السياسية ،المتماسكة والقوية أي التهيئة الذاتية هي الضمانة المؤكدة لتحقيق الآمال والتطلعات ونيل الحقوق ، بصرف النظر عن ماهيات وحيثيات المتغيرات والعوامل والظروف الموضوعية المحيطة بها .
إنَّ تحليل الخطاب السياسي الكردي في سوريا الذي انطلق دائماً من ثوابت قومية ديموقراطية مشروعة ومن مبادئ وطنية سورية راسخة ، ومن عبر ودروس مجتمعية ـ حزبية مكتسبة من خلال ممارسة العمل السياسي والجماهيري ... الخ ، ومن واقع الحرمان والتنكّر الذي يُعاني منه الكورد منذ عقود من الزمن تحت وطأة التعرّض لسياسة شوفينية ، سلكت مختلف صنوف الاضطهاد والتمييز القومي عبر تطبيق العديد من القوانين والتدابير الاستثنائية الجائرة التي أدَّت فيما أدت إلى شعورهم العميق بالغُبن والظُلم اللذَين أديّا بدورهما إلى الإحساس بالغربة في بلد لطالما دافعوا عنه ماضياً وحاضراً ، ومن تجربة مشاركتهم في تفعيل وتنشيط الحراك الديموقراطي السوري الهادف الى الإصلاح السياسي العام في البلد ليتطوّر الى دولة الحق والقانون لكل السوريين دونما أي تمييز يُذكر .
... يُبيِّن بجلاء أن التركيز على تعزيز قدراتنا الذاتية وتطوير إمكانياتنا المتوفرة والمتاحة ، من حيث كونها العامل الحاسم لتحقيق مجمل أهدافنا الديموقراطية العادلة ، يبقى يشكّل حجر الأساس والركيزة الصحيحة للعناصر والمحدّدات الأخرى لحراكنا السياسي الممكن والفاعل على شتى الصعد والمستويات كافة .
من هكذا منطلق وبالاعتماد على هذه الركيزة الصحيحة ... شهدت وتشهد الساحة السياسية الكوردية السورية في الآونة الأخيرة وخاصة في الفترة التي سبقت بقليل وتلت أحداث آذار الدامية ، حراكاً جماعياً لافتاً في مجال العمل السياسي سواءً من أجل تأطير أحزاب الحركة الوطنية الكردية صوب تشكيل مرجعية واحدة تقود النضالات في هذه المرحلة الحساسة جداً ، أو لجهة تعزيز موقعها ودورها كأحزاب وكمجالس وتحالفات باتت تتعرّض لضغوطٍ أكثر مما مضى خاصة فيما يتعلّق منها بقرار الحظر والمُساءَلة الذي اتخذته السلطات السورية مؤخراً ، أو بهدف تنشيط دورها المجتمعي في المناحي المختلفة وأدائها السياسي الذي بات بواقعه الحالي لا يستطيع خدمة القضية وفق المطلوب ...، لِما لذلك من أهمية كبيرة من حيث كونها حركة تمثل أوسع القطاعات والشرائح في مجتمعنا الكوردي ، ولأنَّها تبقى الممثل والمدافع الأول والمشروع عن مصالح أبنائه الذين يتطلّعون بترقّب وتفاؤل الى ما ستقوم به من دور يخدم ويتوافق مع مدى تعاظم الشأن الكوردي في هذه المرحلة المهمة من التاريخ البشري الذي يشهد مستجدات ومتغيّرات كثيرة ومتلاحقة .
ولا شك من أنَّ شعبنا المضطهد من حقه أن يتطلّع إلى دور أكبر وأكثر فاعلية للأحزاب السياسية المنضوية في إطار مجموع الأحزاب الكوردية في سوريا ، ولباقي الإمكانيات والطاقات الديموقراطية السورية الخَيِّرة الأخرى ، لأن في ذلك من شأنه الإسهام الحقيقي المطلوب في مسيرة الدفاع اللاّ عنفي بل السلمي الذي ينبغي أن نخوضه جمعاً كورداً وعرباً وآخرين في هذا البلد الذي هو مسكننا وموطننا جميعاً .
وإنَّ تأطير حركتنا وتفعيلها تنظيمياً وسياسياً وكذلك تمتين البنيان الداخلي لكل مؤسسة مجتمعية أو حزب على حده ، من شأنه تعزيز وتقويم مواقفنا السياسية وإعطاؤها زخماً كبيراً ، وهو ما يعزز في الوقت نفسه إرادة الكورد وقدراتهم على التضحية وإيمانهم بأن حركتهم السياسية قادرة أن تمثل بالفعل التحدّي الديموقراطي الأكبر في الوقوف في وجه الجهات الشوفينية المعادية .
وهنا ليس بالوسع سوى الجزم بأنّ تأطير حركتنا هو بحد ذاته مطلب محق و نابع من حاجاتنا السياسية والمجتمعية معاً ، وبأنه مسعىً لا مفرّ منه استجابةً لتطورات المرحلة ولحاجات التصدي التي يتطلبها واقعنا المحفوف بالمخاطر والمعيقات في حين واحد .
كل ذلك يؤكد على أنّ التوصل الى مرجعية كوردية سورية مستقرة ومتماسكة عبر وتلاقي سياسي تنظيمي قوي ، سيبقى العامل الحاسم والعنصر الجوهري في تمتين مواقفنا السياسية المدافعة عن حقوقنا المشروعة ، وستبقى المرجعية المنشودة في هذه الأيام هي سرّ قوتنا وعنوان صون كرامتنا وموضع ثقة شعبنا واعتزازه بنا كحركة وبه كشعب مدافع عن الحق المشروع .
وبتحقيق تلك المرجعية فإن الطرف الكوردي سيحاور الآخرين انطلاقاً من قوته ومن شرعية حقوقه وعدالة وإنسانية قضيته ، من خلال تعبيره الصحيح عن صوت الكورد السوريين ووجدانهم ، ومن صدق النيات والمواقف والأداء ، وحقيقة التمسك بأساليب التلاقي والحوار والسلام ونبذ العنف بكل أشكاله ، ورفضه لمختلف مظاهر الظلم ،واحترامه الحقيقي لوحدة وسلامة هذا البلد الذي عشنا فيه ونأمل له مستقبلاً أكثر أمناً واستقراراً وتقدماً ، والسعي لتحقيق تطلعات الأجيال السورية القادمة نحو مجتمع أكثر ديموقراطية وأقدر على مواكبة العصر .
وليعلم جميع السوريين على مختلف منابتهم ومشاربه ...، بأنَّ مواقفنا – كحركة - نابعة في الأساس من مراكمة نضالية كوردية متواصلة ومن بنائنا الذاتي الطوعي والصحيح سياسياً ومعنوياً ومادياُ ، والاستغلال الأمثل لكل عناصر العطاء في مجتمعنا الكوردي المغبون والحيّ في آن واحد ، وفق منهجية معتمدة أساساً على الجَلَد الذاتي وعلى ثقة وخبرات أبناء شعبنا ووعيه وشخصيته الحضارية القادرة على الصعود والإبداع في كل الظروف الصعبة منها والسهلة ، ومن جديّة عملنا الديموقراطي الوطني السوري الصائب في حشد مختلف الفعاليات و الطاقات والإمكانات المتوفرة عند هذا الطرف أو ذاك ، في سبيل التوصل إلى حل عادل لقضيتنا في إطار الحل الديموقراطي العام في البلد .
وطبيعي جداً أن نتطلّع كشعب كوردي في سوريا نحو تفعيل أدائنا السياسي وضرورة كسب واستثمار عامل الوقت لصالح خَيار العمل الديموقراطي المنتج والمفيد ، والتخلص من الجمود والخوف والتردد والتبعية والمراهنات بكل أشكالها وأنواعها و من مختلف الظواهر السلبية المؤثرة على الانطلاق في مسيرة التلاقي وتوحيد الصفوف الكوردية منها والوطنية السورية ، التي من شأنها إن تحققت أن تضع النظم والضوابط المطلوبة للعمل نحو مناخ ديموقراطي سوري عام ، وذلك لا ولن يتم ما لم يكن الجانب الآخر أي العربي ـ داخل و خارج السلطة ـ مستعداً لتفهم وقبول حقيقة وجود القومية الكوردية في سوريا ، والتعامل معها بأساليب سياسية ديموقراطية وبإيجابية الاعتراف بالآخر ، عبر الدخول مع قيادة الحركة الكوردية في حوار مفتوح وحضاري يخدمنا جميعاً .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
* - عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة الديموقراطي الكردي في سوريا ( يكيتي )



#نوري_بريمو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الميشيلين عفلق وكيلو... هل ثمة قواسم مشتركة...؟
- المجلس العام للتحالف يجتاز عتبة عامه الرابع رغم الصعوبات
- لماذا هذه المعزوفة ..؟!


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية / ياسين الحاج صالح
- قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي / رائد قاسم
- اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية / ياسين الحاج صالح
- جدل ألوطنية والشيوعية في العراق / لبيب سلطان
- حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة / لبيب سلطان
- موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي / لبيب سلطان
- الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق ... / علي أسعد وطفة
- في نقد العقلية العربية / علي أسعد وطفة
- نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار / ياسين الحاج صالح
- في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد / ياسين الحاج صالح


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي - نوري بريمو - العامل الحاسم