أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رائد الدبس - حوار الأديان: هل يستطيع الفارس أن يجري أسرع من جواده؟(2)














المزيد.....

حوار الأديان: هل يستطيع الفارس أن يجري أسرع من جواده؟(2)


رائد الدبس

الحوار المتمدن-العدد: 3007 - 2010 / 5 / 17 - 22:55
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    




استكمالاً للمقالة السابقة والسؤال حول وجود معيار محدد وموحد لحوار الأديان أم معايير متعددة، يمكن النظر إلى البلقان باعتبارها واحدة من أهم مناطق التوتر والاضطرابات العرقية التي يشكل الدين محوراً رئيسياً فيها. ويُجمع الكثير من الباحثين أن هنالك علاقة قوية بين الدين والهويات القومية لشعوب منطقة البلقان، إلى درجة أن كثيراً من الباحثين يعتقدون أن قوميات شعوب البلقان قد بَنَت ذاتها على التاريخ وعلى العداء للآخر المختلف دينياً. ليس من قبيل الصدفة مثلاً أن سراييفو عاصمة كوسوفو تسمى القدس الثانية. كما ليس من قبيل الصدفة أن "البشنقة" نسبة للبشناق تقوم على الإسلام وترتبط به في الأذهان. كما أن الهوية الصربية تقوم على الأرثودكسية وترتبط بها في الأذهان.

كان الدين دائماً في منطقة البلقان ومنذ قرون طويلة خلت، يُوَظَف لخدمة السياسة بصورة لافتة جداً . فقبل أكثر من ستة قرون كانت صربيا ترفع شعار حماية أوروبا من خطر التوسع الإسلامي، واستطاعت بانتصارها على الجيوش الإسلامية في عام 1389 في كوسوفو أن توظف انتصارها لصالح أوروبا المسيحية. ومنذ أن أطلق سلوبودان ميلوسوفيتش مشروعه الهادف إلى التطهير العرقي عام 1889 ، أي بعد ستة قرون بالضبط، كان شعاره حماية أوروبا المسيحية من الخطر الإسلامي، مع أنه كان من بيروقراطيي قيادات الحزب الشيوعي اليوغسلافي قبل انهيار جدار برلين وما تلاه من تفكك المنظومة الاشتراكية. والجميع يعلم الآن أن تدخل حلف الأطلسي بزعامة الولايات المتحدة هو الذي أوقف حملة التطهير العرقي في كوسوفو وأدى إلى استقلالها وإلى جلب الجناة الذين ارتكبوا جرائم التطهير العرقي وعلى رأسهم ميلوسوفيتش إلى العدالة الدولية. كان حوار الأديان آنذاك ولا يزال يرفض هذا التوظيف المسيء للأديان في السياسة، ويدين ويرفض كل ما نتج عنه من نتائج كارثية أدت إلى ارتكاب جرائم ضد الإنسانية . وبنتيجة تضافر جهود المجتمع الدولي مع جهود الاتحاد الأوروبي ودول الجوار، وكذلك جهود القائمين على حوار الأديان، تمت إعادة تأهيل فريدة لدولة صربيا وتم وضعها على طريق التصالح مع هويتها ومع جيرانها وخصوصاً كوسوفو ، ولم يبق عليها كي تدخل الاتحاد الأوروبي سوى التوقيع على ميثاق محكمة الجنايات الدولية كي يتسنى محاكمة باقي المجرمين الفارين من وجه العدالة.

السؤال الذي يطرح نفسه هنا : إذا كان القائمون على حوار الأديان - وعلى رأسهم الفاتيكان الذي يعود له الفضل في إطلاق فكرة الحوار- قد رفضوا وأدانوا توظيف الدين في السياسة في البلقان وأجبروا صربيا على التراجع بصورة نهائية عن مشروعها السياسي العنصري، فلماذا يترددون في توجيه أي نقد لإسرائيل على توظيفها الدائم للدين في خدمة مشروعها الاستيطاني المتعارض أيضاً مع الشرعية الدولية وقراراتها؟ ثم هل اشترط الاتحاد الأوروبي على إسرائيل مثلاً توقيعها على ميثاق محكمة الجنايات الدولية كشرط للانضمام إلى منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية ؟أو هل اشترط عليها تفكيك أو وقف النشاط الاستيطاني في القدس الشرقية على الأقل؟ ( لم تعترض أي دولة من الدول الأعضاء في المنظمة، بما في ذلك تركيا، على انضمام إسرائيل.. مع أن اعتراض دولة واحدة كان كفيلاً بمنع انضمامها). ولماذا تكاد لا تُطرح مسألة توظيف إسرائيل للدين على الأجندات الرئيسية للحوار ؟

أليست مفارقة أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي تُعرّف ذاتها بتعريف مزدوج يمزج بين الدين والسياسة كدولة يهودية وديمقراطية. فالديمقراطيات الحديثة كلها دون أي استثناء ترفض تعريف ذاتها بالهوية الدينية. بالطبع، هنالك من سيقول بأن دولة الفاتيكان تعرف ذاتها كدولة دينية.. نعم هذا صحيح، ولكنها لا تقوم ببناء مستوطنات "كاثوليكية" على أراض محتلة بالقوة، ولا تمارس سياسات تهجير السكان الأصليين، ولا تستند إلى القوة المادية في شيء، بل إلى القوة المعنوية. كما أنها لا تدعي أنها دينية وديمقراطية في نفس الوقت. إذن نحن لسنا أمام معيار واحد محدد للحوار يُطبّق على كافة مناطق النزاع التي يتم فيها استخدام الدين وتوظيفه لخدمة مشاريع سياسية. هذا الأمر هو في حد ذاته أيضاً، من معيقات نجاح وتقدم الحوار. وإذا كانت المقالة السابقة قد حاولت أن تجيب على أسئلة من يتحاور مع من، وكيف وحول ماذا ينبغي أن يتركز الحوار وما هي معيقاته، فإن هذه المقالة حاولت أن تقدم إجابة حول المعايير المحددة للحوار. وكل ذلك حتى هذه اللحظة يرجح صحة المثل العربي، أن الفارس لا يستطيع أن يجري أسرع من جواده.. المقالة القادمة والأخيرة سوف تتناول الدور الذي يمكن أن تقوم به الجامعات ومراكز البحث العلمي في بلادنا العربية في حوار الأديان، وعلاقة ذلك بالإرث التاريخي الثقيل في قراءة وكتابة تاريخنا وتاريخ الآخر .



#رائد_الدبس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حوارُ الأديانِ : هلْ يستطيعُ الفارسُ أن يجريَ أسرعَ منْ جواد ...
- مقال
- السباحة في بحر الفيسبوك
- تأملات في قضية المرأة .
- الثقافة الوطنية وحالة - أمير حماس الأخضر-.
- فولكلور سياسي
- دروس دبي.
- إسرائيل ومسلسل كيّ الوعي الفلسطيني.
- أطراف نهار -الأيام- الفلسطينية ونقطة ضوئها.
- بُرقع الوجه وبُرقع العقل.
- في ذكرى رحيل حكيم الثورة الفلسطينية . 2/2
- في ذكرى رحيل حكيم الثورة الفلسطينية.
- قطر-الجزيرة ومقاييس قوة الدول
- بين الواقع المرّ، وفتاوى التحريض.
- الفيس بوك وعلم اجتماع الاتصال
- تركيا والعبور من المضائق والبوابات الضيقة.


المزيد.....




- طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال ...
- آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رائد الدبس - حوار الأديان: هل يستطيع الفارس أن يجري أسرع من جواده؟(2)