|
الأمريكاني المفلس و الدفاتر السعودية العتيقة
ثائر دوري
الحوار المتمدن-العدد: 916 - 2004 / 8 / 5 - 11:11
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
المثل العربي الذي يتحدث عن التاجر المفلس الذي يعود إلى دفاتره القديمة أشهر من أن أعيد روايته . لكنه يصح تماماً على حكاية الأمريكان و المبادرة السعودية بإرسال قوات عربية و إسلامية إلى العراق . كيف ذلك ؟ من خلال العلاقة الاستعمارية أوجد الغرب في المنطقة العربية ثلاثة خطوط للدفاع عن نظامه العالمي ضد أي تمرد محتمل تقوم به الشعوب العربية ........ الخط الأول هو أنظمة الحكم المحلية العميلة و هي أنظمة نشأت بعد الحرب العالمية الثانية مستقلة شكلياً لكنها وظيفياً تابعة للنظام العالمي و مهمتها الأساسية ضبط البلد الذي تحكمه كي لا يتمرد على علاقات النظام الدولي و يجمع هذه الأنظمة المتشابهة نظام اقليمي كي تحمي بعضها بعضاً . ننتقل إلى الخط الدفاعي الثاني للنظام العالمي و هو الكيان الصهيوني . و دور هذا الكيان عظيم الأهمية بالنسبة للنظام الدولي فهو من يقوم بضبط أداء الأنظمة إذا فكرت بالتمرد أو إذا حدث خرق شعبي فيها بشكل يهدد النظام العالمي . في هذه الحالة فإن الكيان الصهيوني جاهز ليعيد فرض النظام العالمي بقوته العسكرية ، حيث هو في المآل الأخير مجرد قاعدة عسكرية و بالتحديد حاملة طائرات لا تغرق ، فيؤدب النظام المتمرد و قد رأينا ذلك يحدث في حرب 1967 ضد النظامين السوري و المصري الذين تمردا على النظام العالمي فتعرضا لعدوان من الكيان الصهيوني لضبط الأمور من جديد . أما خط الدفاع الثالث فهو القوة العسكرية للولايات المتحدة نفسها . هذه الخطوط الدفاعية الثلاث تعمل بالترتيب الذي ذكرناه و لم يحدث أن استخدم خط دفاع قبل استنفاذ خط الدفاع السابق لوظيفته فلم يحدث أن تدخل الكيان الصهيوني ( خطك الدفاع الثاني ) في مسألة ما إلا بعد أن يعجز نظام الحكم المحلي ( خط الدفاع الأول ) عن معالجتها . إذا الخطوط الدفاعية للنظام العالمي هي أولاً النظام الرسمي العربي ، نظام الأنظمة ، فإذا فشل هذا النظام بمعالجة أمر ما لجأ النظام العالمي إلى الخط الدفاعي الثاني ، أي الكيان الصهيوني . و لم يحدث أن تطورت المسألة إلى ابعد من ذلك سوى في الحالة العراقية . فقد تمرد النظام العراقي على النظام العالمي و فشل النظام الإقليمي باحتواء التمرد . و عندما فكرت الولايات المتحدة بإيكال مهمة تأديبه للكيان الصهيوني عام 1990 اكتشفوا أن الكيان الصهيوني غير قادر على التعامل مع الحالة العراقية لا بشرياً و لا عسكرياً ، أما في عام 2003 فقد كان هذا الكيان منهكاً بالإنتفاضة الفلسطينية الباسلة و بالتالي عطلته عن الفعل بالإضافة إلى ظروف أخرى ، و هذا يعني انهيار لخط الدفاع الثاني . فكان لا بد من أن يحضر سيد النظام الدولي بنفسه و هذا هو خط الدفاع الثالث . أي أن العدو يحارب منذ عام 1990 و حتى اليوم على الجبهة العراقية و ظهره إلى الحائط . يحارب بخطه الدفاعي الثالث ، أي الأخير ، و هذا يعني نتائج بالغة الأهمية في حال هزيمته فعلى عكس كل الحروب و الثورات التي خاضتها شعوب المنطقة خلال القرن العشرين إن هزيمة للنظام العالمي اليوم في العراق تعني خرقاً هائلاً تحققه الأمة العربية و لا مجال للالتفاف عليه لأن النظام العالمي قد استنفذ كل خطوطه الدفاعية ، و هذه الخطورة استحضرها هنري كيسنجر عندما قال إن فشل أمريكا في العراق سيكون كارثة على الغرب . لقد دخل النظام العالمي الحرب في العراق ضد امتنا بكل قواه المادية و العسكرية و بكل احتياطيه الإستراتيجي . فما معنى أن يعود إلى النظام الإقليمي أي إلى خط الدفاع الأول ، الذي سبق و انهار و لم يكن أصلاً يصلح لمعالجة المشكلة العراقية فنراه يستنجد بالنظام السعودي ليطلق مبادرة إرسال قوات عربية و إسلامية إلى العراق كي تحتوي الحالة العراقية التي فشل النظام العالمي بكل قواه المادية و العسكرية في احتوائها ؟ لو كان هذا النظام صالحاً لاحتواء حالة التمرد العراقية لما حضر الأمريكان بكل قوتهم العسكرية و بكل رصيدهم الدولي ؟! لا شك إن هذا ما ينطبق عليه المثل العربي الذي سبق و ذكرناه . عن التاجر المفلس الذي يفتش في دفاتره القديمة و حتماً لن يجد شيئاً له قيمة و إلا لما تجاوزه أصلاً . كل ما هنالك أنه يسرع بانهيار ما تبقى من شرعية للأنظمة التي نصبها هو و يخلق لها مشاكل جديدة لا تستطيع معالجتها و بالتالي يسرع من خراب النظام العالمي . و هذه حالة النظام السعودي الذي يعاني من تمرد شعبي و يعاني من تآكل متزايد في الشرعية نتيجة انفكاكه عن قاعدته الإيديولوجية الوهابية تحت تأثير الاشتراطات الأمريكية بعد 11/9 . في الطب نسمي هذه العملية حلقة معيبة و هي حالة يدخلها الجسم قبل وفاته فهو يخترع آليات دفاعية لكن الآلية الدفاعية تزيد أزمة الجسم و تصبح بالتدريج هي أزمة تحتاج إلى علاج حتى يستنفذ الجسم كل قواه و هذه هي حال النظام العالمي اليوم و كل ذلك بفضل مقاومة الشعب العربي و في المقدمة الشعب العربي العراقي و الفلسطيني .
#ثائر_دوري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
عن مصر و الألم يعتصر قلوبنا : حكاية الأسد و مروضيه
-
أسرى سايكس بيكو
-
القط ذو الرأس الكبير في المصيدة
-
الديمقراطية على الطريقة الفنزويلية
-
أزمة المسرح العربي 3من 3 العلبة الإيطالية : من مارون نقاش إل
...
-
أزمة المسرح العربي 2من 3
-
أزمة المسرح العربي 1من 3
-
القلق الذي يحيط بنا
-
غرينكا دخلت التاريخ و مغر الديب تنتظر
-
صور تصنع التاريخ و أوهام تصنع الصور
-
العملاء هم الأسرع اشتعالاً
-
عن العروبة
-
التصدعات التي خلقتها المقاومة في جسد الاحتلال الأمريكي للعرا
...
-
الوضع العام
-
بعد مرور سنة على الغزو أهداف و دوافع هذا الغزو
-
حماقات علمية و أخرى سياسية
-
دروس عملية تبادل الأسرى
-
عبد الرحمن منيف يكتب روايته الأخيرة
-
معنى أن تكون معارضاً
-
طالبان من أفغانستان إلى باريس
المزيد.....
-
لماذا يستخدم -حزب الله- اللبناني أجهزة -البيجر-؟
-
حزب الله يتوعد.. إسرائيل مسؤولة عن انفجار أجهزة الاتصالات
-
عقب تفجيرات متزامنة لأجهزة لا سلكية في لبنان.. -حزب الله- ي
...
-
إير فرانس تعلق رحلاتها إلى بيروت وتل أبيب حتى الخميس
-
المكسيك تحتفل بعيد الاستقلال بحضور الرئيس المنتهية ولايته أن
...
-
ارتفاع حصيلة قتلى وجرحى انفجارات أجهزة الاتصال في لبنان
-
لوفتهانزا تعلق جميع الرحلات من وإلى تل أبيب وطهران
-
جنرال إسرائيلي سابق: تفجير الأجهزة في لبنان خطوة معقدة تم ال
...
-
الرئيس الجزائري يؤدي اليمين الدستورية
-
البرلمان الفرنسي يناقش ملف عزل ماكرون
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|