|
الملاحة التجارية في المحيط الهندي في عصر السيادة العربية الإسلامية
مصطفى العبد الله الكفري
استاذ الاقتصاد السياسي بكلية الاقتصاد - جامعة دمشق
الحوار المتمدن-العدد: 915 - 2004 / 8 / 4 - 12:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
- الأوضاع العالمية إبان ظهور الإسلام: ظهرت في القرن الثالث للميلاد عوامل تغيير كبيرة في المنطقة المجاورة لشبه الجزيرة العربية، من أهمها وصول الساسانيين إلى حكم الإمبراطورية الفارسية منذ عام 225 م، واتجاه الإمبراطورية الرومانية، سيدة الملاحة في المتوسط، نحو الشرق، وكان التحول الكبير عندما نقلت عاصمتها إلى القسطنطينية عام 330 م . واحتدم الصراع بين الإمبراطوريتين في ميادين عده وكانت التجارة واحدة من هذه الميادين . ونجحت الإمبراطورية الفارسية في أحكام سيطرتها على تجارة الشرق الأقصى وبخاصة تجارة الحرير براً وبحراً . كما سيطر الاكسوميون (الأحباش) على الملاحة والتجارة في البحر الأحمر بسبب ضعف العرب والضعف اليوناني والروماني في تلك المرحلة . وظلت السيطرة للعرب على الطريق التجاري البري المار عبر أراضيهم في غرب شبه الجزيرة العربية من اليمن حتى تخوم الشام، وقد مارس السيادة على هذه الطريق كل من قريش والغساسنة والمناذرة على طرفي بادية الشام . ظهر الإسلام في قلب المنطقة العربية وانتشر في مختلف بقاع العالم . ووحدت الفتوحات العربية الإسلامية السيادة على منطقة العربية ومناطق كثيرة مجاورة لها . واحدث هذا الأمر تغيرات هائلة في الأوضاع السائدة في المنطقة وما حولها في كل نواحي الحياة ومن أهم هذه التغيرات: 1 ـ وحدت الفتوحات العربية منطقة العراق والخليج العربي مع سورية ومصر، وأزالت الانقسام الذي أوجده خلفاء الاسكندر، ثم تكرس في أيام سيادة الإمبراطوريتين الساسانية والبيزنطية . ونتج عن ذلك خضوع طريقي الخليج العربي والبحر الأحمر اللذين يعدان طريق الانطلاق نحو الشرق الأقصى فاستعملا جنب إلى جنب طوال عصر السيادة العربية الإسلامية، وظلا طريقين متساويين يسلك كل منهما لبلوغ ما قاربه من أرض الخلافة . 2 ـ كان البحر الأبيض المتوسط بحيرة رومانية وامتدت سيطرة البيزنطيين عليه لفترة طويلة، وكان لهم أسطولهم البحري القوي وممتلكاتهم المترامية الأطراف التي تشمل جزءاً من أوروبا إضافة إلى سورية ومصر والمنطقة القريبة من الساحل في الشمال الأفريقي . لكن الفتوحات العربية الإسلامية أفلحت في الحد من هذه السيطرة وانتزعت من البيزنطيين كل شواطئ المتوسط الشرقية والجنوبية والغربية . ولم يبق لبيزنطة سوى الشواطئ الشمالية. وقد حاول البيزنطيون استعادة ما فقدوه عن طريق الإغارة على الشواطئ العربية الإسلامية بأسطولهم القوي، الذي فرض حصاراً على الشواطئ العربية ومنعها بالتالي من القيام بأية مبادلات تجارية مع البلاد التي كانت تتعامل معها قبل الفتح الإسلامي . مما دفع العرب المسلمين نحو التوغل أكثر باتجاه الشرق والتركيز على التجارة مع الشرق الأقصى . يعد القرن السابع الميلادي بداية مرحلة تحول كبرى في تاريخ العرب الاقتصادي والسياسي والحضاري، حيث خرج العرب من موطنهم الأصلي في شبه الجزيرة العربية حاملين راية الإسلام إلى جيرانهم من الأمم . وقد استطاع العرب بحماسهم لنشر الدين الجديد فتح أهم بقاع العالم القديم، الممتدة من نهر الفرات شرقاً إلى نهر النيل غرباً بسرعة خاطفة. ثم أخذوا يستعدون لنشر الدين الإسلامي في مختلف أرجاء العالم . - التجارة أبرز مظاهر النشاط في المحيط الهندي: كانت التجارة أبرز مظاهر النشاط في المحيط الهندي، أو هي المظهر الوحيد الذي حمل في أعطافه جميع المظاهر الدينية والثقافية والحضارية فضلاً عن الهجرات . ولم يتضح أثر التجارة في منطقة من المناطق وظهر تأثيرها واضحاً كما اتضح في منطقته المحيط الهندي . وتكتسب الملاحة التجارية في المحيط الهندي أهمية خاصة، فقد كان منذ آلاف السنين شرياناً للحياة بين شطآنه وطريقاً مائياً كثر ارتياده، ولهذا أدى المحيط الهندي دوراً عظيماً يتضاءل بجواره دور أي محيط أو مسطح مائي أخر في التواصل الحضاري، وفي انتقال الكثير من عناصر الحضارة والثقافة وانتشارها على امتداد شواطئه . وكان لثراء بلدان المحيط الهندي في المنتجات النباتية والغابية والصناعية والجواهر وغيرها، وتنوع النشاط الإنتاجي أكبر الأثر في قيام حركة التبادل التجاري بين مختلف الدول. كما كان للملاحة وتطورها أهم الأثر في تزايد التجارة عبر المحيط الهندي بين العرب وسكان منطقة الشرق الأقصى . ومن أهم العوامل التي أدت إلى تزايد نشاط الملاحة العربية في المحيط الهندي : ا ـ الموقع الجغرافي للوطن العربي، فالمحيط الهندي وتفرعاته في الشرق (الخليج العربي) وفي الغرب (البحر الأحمر) يحيط بشبه الجزيرة العربية من ثلاث جهات ويجعل لها ساحلاً طويلاً جداً يلفها في خليج السويس غربا إلى نهاية الخليج العربي شرقا. وتتموضع على هذا الساحل مناطق إنتاج لسلع ومواد هامة بالنسبة للعصور القديمة . حتى أن التبادل التجاري الداخلي بين أجزاء شبه الجزيرة العربية كان يتم بواسطة الملاحة لآن تحمل أهوال البحر في التنقل بين هذه الأجزاء أهون شراً من تحمل مشاق عبور الصحارى أو الأراضي الجرداء التي كانت تفصل بينها . ب ـ العامل الثاني هو وقوع مركزين حضاريين كبيرين الأول في الشرق (بلاد فارس) والثاني في الغرب (مصر)، والنهاية الشرقية لهذا الساحل تقع عند مصب النهرين دجلة والفرات اللذين كونا مع الزمن شط العرب، وأن هذين النهرين يشكلان وسيلة اتصال مائية سهلة بمراكز الحضارة القديمة في منطقة الهلال الخصيب. ج ـ لعب سكان الجزيرة العربية دور صلة الوصل بين مراكز الحضارات في الشرق الأدنى والشرق الأقصى وأوروبا من خلال طرق التبادل التجاري بين شعوب هذه المناطق . د ـ ساعدت الرياح الموسمية بالتوغل في شواطئ البحر الأحمر انطلاقاً من مصر، والوصول إلى شرق أفريقيا، المنطقة المتميزة أيضاً من حيث النواحي البشرية والحضارية والإنتاجية . (والقصص البحري بآلف وليلة هو خير وعاء احتفظ لنا بصورة حية حافلة توضح لنا حجم الصلات الحضارية بين الشعوب المتشاطئة على المحيط الهندي . حيث امتزجت فيها ثقافات المحيط الهندي وتجارته وبلدانه وجزره ومياهه، وما بها من حيوانات بحرية خرافية وعواطف وأنواء وثروات يمتلكها التجار. وهكذا فقد انفرد هذا القصص بالمحيط الهندي وتفرد هو به). - القوى البحرية والطرق الملاحية في المحيط الهندي: كانت أهم القوى التجارية التي اشتركت في حركة التبادل التجاري في المحيط الهندي هي: العرب، الفرس، الهنود، الصينيون، والأفارقة، وتتفاوت أهمية ومدى مساهمة كل قوة في النشاط التجاري البحري، ولم يحدث أن انفردت قوة واحدة بالسيطرة المستمرة على تجارة المحيط الهندي، وإنما كان يتم تبادل للمواقع بين هذه القوى . وقد سيطر العرب على مقاليد تجارة المحيط الهندي وقيادة الملاحة فيه قرون تعديده . فكان العرب المسلمون، وبخاصة من عُمان ومرباط، يذهبون إلى جزر لاكاديف ومالاديف، حيث يقومون ببناء السفن هناك، لان الجزيرة العربية كانت فقيرة في المواد الخام اللازمة لصناعة السفن، بينما تتوفر هذه المواد في تلك الجزر. وكانت السفن بعد تمام صناعتها، تحمل بالأخشاب والبضائع المختلفة ويعودون بها إلى أوطانهم. وكان العرب المسلمون يحققون أرباحاً تجارية أعلى، لان التاجر ربح من صناعته وسيلة النقل (السفينة)، كما ربح من البضائع التي حملها بها، واستفاد من الوقت الذي كان يمكثه بتلك الجزر بانتظار موعد الرياح الموسمية، وشغله بطريقة عملية عندما كان يقوم بصناعة السفن هناك، فلم يضع الوقت هباءً. وقد تحدث بعض المؤرخين الصينيين عن أهمية التجارة العربية الإسلامية والتجار العرب فقال أحدهم: " إن العرب والمسلمين هم اللذين كانوا يقبضون على ناصية التجارة الدولية في الشرق والغرب، من أوائل القرن الثامن الميلادي حتى أوائل القرن السادس عشر، فيبحرون بسلعهم من الخليج العربي فالمحيط الهندي، ومنه إلى الموانئ الصينية التجارية أمثال كانتون، وسوجو، ويانغ، وهانغ جو، ومنغ وكلها من موانئ الصين الجنوبية ". ولعل وصف البرتغاليون لما شاهدوه عند وصولهم إلى الساحل الشرقي لأفريقيا يرسم لنا صورة للواقع الذي كان عليه هذا الساحل. (ما أن وصلت هذه المراكب الصغيرة خليج مدغشقر حتى لقي البحارة ما لم يكن في حسابهم حين خرجوا يضربون في البحر، لقوا مرافئ تطن كخلايا النحل، ومدنا ساحلية عامرة بالناس، وبحارة عبروا المحيط الهندي مرات عدة وسجلوا ذلك في خرائط متقنة . ورأوا تجارة بحرية نافقة من الذهب والحديد والعاج والخرز والنحاس، جلود السلحفاة، الأقمشة القطنية، الرقيق وفخار الصين، لقد عثروا دون أن يقصدوا على عالم تجاري أوسع من عالمهم وأكثر ثراء من بلادهم الأوروبية). إلى جانب العرب ظهرت قوى بحرية تجارية أخرى في المحيط الهندي أهمها: الوجود الفارسي والوجود الهندي .فقد كان للفرس إسهاماتهم البحرية والتجارية والحضارية الهامة في عالم المحيط الهندي . وأن ثقافتهم تفاعلت مع ثقافة المنطقة خصوصاً الثقافة العربية، مع أن تفوق العرب عليهم في التجارة والقيام بالوصول بين أرجاء المحيط لا ينقص من دور الإيرانيين لأنهم أبدعوا وأضافوا للإنسانية الكثير في مختلف المجالات. أما الهند التي قيل عنها (بحرها در وجبلها ياقوت وشجرها عطر) فقد كانت إحدى القوى البحرية الهامة في المحيط الهندي كما لعبت دوراً هاماً في الملاحة التجارية في المحيط لتميز وتنوع ووفرة منتجاتها الطبيعية، حيث تصدر العود، الكافور، جميع أنواع الطيب، القرنفل، جوز الهند، السنبل، الدارصيني كما تنتج المسك والزباد وأنواع كثيرة من الأحجار الكريمة . وكان المحيط الهندي مسرحاً لنشاط الهنود البحري والتجاري منذ القديم، كما قامت مستعمرات تجارية هندية مزدهرة ظلت قائمة لفترة طويلة من الزمن .
- الموانئ والمراكز التجارية على المحيط الهندي : إن كثرة الموانئ في عصر السيادة العربية الإسلامية على طول الطريق الساحلي للمحيط الهندي يوضح لنا أسباب تعاظم حجم التجارة المتداولة وكثرة الأيدي العاملة في هذا المجال من تجار وبحارة ووكلاء تجاريين ووسطاء . (على أنه تبرز حقيقة في المحيط الهندي، وهي أن مدن الساحل ازدادت أهميتها عن مدن الداخل . كل هذا لآن الحركة الملاحية في الفترة التي تلت ظهور الإسلام كانت أسهل وأوفر من الحركة عبر البر، للتطور الملاحي وخصوصاً المرشدات البحرية نتيجة تراكم الخبرات الملاحية، وهو ما يفسر لنا ذلك التحول التجاري بعد التقدم الملاحي (عبر آسيا الوسطى إلى أوروبا) إلى مياه المحيط الهندي، بل إن المدن النهرية فاقت المدن البرية في أهميتها الاقتصادية) . ومن أهم الموانئ على الشاطئ الأفريقي مقاديشو التي يصفها ابن بطوطة بأنها مدينة متناهية في الكبر وأهلها لهم جمال كثيرة ينحرون منها مائتين كل يوم .... وهم تجار أقوياء، وبها تصنع الثياب المنسوبة إليها والتي لا نظير لها، ومنها تحمل إلى مصر وغيرها من البلدان .ثم ميناء مالبندي (في تنزانيا حالياً) التي يزاول أهلها تجارة واسعة بالأقمشة والمنسوجات والذهب والعاج والزئبق . ويذكر المؤرخون إلى حدوث مبادلات تجارية بين ماليندي ومملكة كمباي في الهند . إضافة إلى ميناء ماليندي يوجد ميناء تنزاني آخر يدعى كلوه التي نالت شهرة كبيرة رغم حداثة عهدها،ومن الجز التي كانت تملك موانئ هامة في المحيط الهندي جزيرة مدغشقر وجزيرة سقطرة التي تقع عند مدخل خليج عدن . هذه هي أهم موانئ الساحل الأفريقي . أما الساحل العماني فقد كان لموانيه دور كبير لعبته في تجارة المحيط الهندي لان موقعه يتوسط التجارة القادمة من الشرق والتجارة القادمة من الغرب . وتعد ظفار من أقدم موانئ الساحل العماني الهامة وكانت منطلقاً للسفن المسافرة للصين حيث تتزود بالمؤن للرحلة الطويلة والتي كانت تستغرق أكثر من شهر . ومن الموانئ الهامة على الساحل العماني ظفار ومسقط . وكان الساحل الإيراني فقيراً بالموانئ ومن موانيه الشهيرة، سيراف التي تقع جنوب شيراز، إضافة إلى سيراف كان هناك ميناء هرمز . وتعددت موانئ شبه القارة الهندية وانتشرت على طول الساحل الهندي وقد ساهمت الموانئ الهندية بالتجارة العالمية مساهمة فعالة . ومن أهم موانئ الصين وأعظمها ميناء الزيتون وقد كان من أكبر الموانئ على المحيط حيث ذكر ابن بطوطة أنه شاهد في هذا الميناء أكثر من مائة سفينة كبيرة إلى جانب عدد لا يحصى من السفن الصغيرة والمراكب . ومن الموانئ الشهيرة في الصين ميناء لوقين . ويتزايد التبادل التجاري ووضوح أهميته الاقتصادية تزايدت أهمية المدن أو الموانئ البحرية التي كانت عبارة عن مراكز تجارية ضخمة تتجمع فيها منتجات الداخل، بالإضافة إلى منتجات التي تفد منها السفن التجارية . وكان طبيعياً أ، توجد فيها أسواق ضخمة للبيع والشراء يجتمع فيها أجناس شتى من جميع البقاع، ولذلك كان هناك أناس مهمتهم الترجمة من لغة لأخرى . ويلاحظ أنه كان لابد من توافر عدة شروط في الميناء البحري . فنجد أن أغلب هذه الموانئ يقع على مصاب الأنهار، لأنها كانت وسيلة جيدة لنقل السلع،أو على طرق برية تسهل الاتصال بالداخل، ولابد من أن يكون الداخل أو ظهير الميناء منطقة إنتاج لسلع مطلوبة عبر البحار). (كذلك كان للرواج التجاري الذي شهدته تلك الموانئ أثر في قيام صناعات متخصصة، تخدم عملية التصدير في المقام الأول كالحرير والبورسلين بالصين، والمنسوجات بموانئ الهند فضلا عن عمليات استخراج الذهب والجواهر وصيد اللؤلؤ .وكان لكل ميناء نظام خاص في تعامله مع التجار وغيرهم من حيث تحصيل مختلف الرسوم. وهي رسوم لم تكن ثابتة أو موحدة، بل كانت تختلف قيمتها من فترة لأخرى في الميناء الواحد حسب رأي صاحب السلطان، كما أنها كانت تختلف من ميناء لآخر. ولكن كانت السمة الغالبة في كل هذا هو التعامل الحسن من صاحب الميناء وأهليه لضيوفهم حيث كانوا يعتبرونهم كذلك في بعض الموانئ، بل كانوا يبادلونهم الهدايا مرحبين بهم، ومستقبليهم في عرض البحر . وكل هذا طبعاً ليس لإدراكهم لأهمية التجارة لهم ولاقتصاد بلادهم فقط، بل لسماحة في طباع أهل المحيط وهدوء في سلوكهم). ومن أهم البضائع التي كان يجلبها العرب معهم من دول آسيا وجنوب شرق آسيا: الحرير والحديد الملون، والديباج، المسك، والعود، السروج، والفراء، والغضار، والدارصيني، الأدوات الحديدية،ولا ننسى الخزف القديم الذي نجده حول المحيط الهندي،في الهند، سيرلانكا، جزر المالديف، ايران، شبه الجزيرة العربية، الصومال، مدغشقر . كما حمل العرب إلى الصين دول آسيا وجنوب شرق آسيا. العاج والكندر (لبان ذكر) الفصوص الصقلية، وكانوا يتحلون بها ظناً منهم أنها تقي من شر الحسد . وتجدر الإشارة إلى أن السلع التي حملها العرب إلى الصين والدول الآسيوية لم تكن مجموعها من منتجات شبه الجزيرة العربية، بل إن جزءاً كبيراً منها من منتجات المحيط المختلفة كما وتشمل أيضاً منتجات أوروبية . إضافة إلى ذلك فإن قسماً كبيراً من السلع التي استوردها العرب من بلدان آسيا والصين ذهب إلى الأقاليم الأوروبية . - الخاتمة: قامت منطقة المشرق العربي التي شملتها السيادة العربية الإسلامية منذ القديم بدور الوسيط بين شعوب دول المتوسط شعوب أوروبا من جهة، وشعوب أفريقيا وغرب آسيا من جهة أخرى، فالمشرق العربي أمن الاتصال بشرق أفريقيا عن طريق اليمن ومصر وبالشرق الأقصى عبر طريقين: الأول - طريق بري، يصل إلى الهند والصين عبر إيران . والثاني - طريق بحري، يبدأ من موانئ بحر العرب والخليج العربي، ومن موانئ مصر أحياناً قليلة، ويصل عبر المحيط الهندي إلى الهند والصين وجنوب شرق آسيا . أما الجناح الغربي من منطقة السيادة العربية الإسلامية فقد قام بدور وصل أوروبا بوسط وغرب أفريقيا. عوامل عديدة أدت إلى تعميق هذا الدور ( دور الوسيط) وزيادة فعاليته وتوسيع مداه في عصر السيادة العربية الإسلامية منها: 1 ـ خضوع منطقة الوصل بين هذه العوالم كلها، والمكونة من شبه الجزيرة العربية وسوريا والعراق ومصر وشمال أفريقيا لسيطرة دولة واحدة، هي الدولة العربية الإسلامية . 2 ـ إن قيام سلطة واحدة على المناطق التي أشرنا إليها أدى إلى انقطاع صلتها بالمراكز التي كانت تابعة، مما أدى إلى ضعف الاتصال التجاري معها، مما فرض عليها إقامة علاقات تجارية مع الدول أخرى تعتمد عليها في تزويدها بالمواد التي انقطع ورودها . ( كما هي حال علاقة كل من مصر وسورية بالدولة البيزنطية ) . 3 ـ أدى نمو المدن الكبرى وتزايد نشاط الحياة المدنية، وتزايد عدد سكان المدن إلى تحولها إلى مراكز استهلاك كبرى،مما أدى إلى تنشيط حركة نقل البضائع على الطريق الموصلة بين مختلف المناطق . 4 ـ أدى ازدياد النشاط التجاري على الطرق القديمة وازدياد الفعاليات التجارية إلى التوسع في عمليات التجارة، والتنويع في البضائع، وبخاصة مع تزايد طبقة المترفين الذين يميلون دائماً لاقتناء الغريب الذي لا يتوفر لدى الآخرين، أي المستورد من مناطق بعيده غير معروفة قبلاً . 5 ـ استطالت نهاية الخطوط التجارية لتصل في الشمال إلى روسيا وفي الشرق إلى إندونيسيا وكوريا . نظراً لطبيعة التجارة وارتباطها التام بحركة الرياح الموسمية كانت الرحلة بين الساحل العربي والسواحل الشرقية للمحيط الهندي تستغرق حوالي عام ونصف. وكان يحدث في أحيان كثيرة أن يمر موسم الرياح دون أن تجهز السفن حمولتها من السلع. فتنتظر لهبوب الرياح التي تليها فتطول إقامتها، لذلك وجدت أماكن لإقامة التجار . كما كان هناك وكلاء تجاريون، وغالبا ما كانوا من العرب ومع مرور الزمن تكاثر عدد العرب بالمواني المختلفة، وحدث التزاوج بين الوافدين وأهل البلاد. وكما كان لعرب سواحل شبه الجزيرة العربية علاقات مع شرق أفريقيا (غرب المحيط الهندي) كان لهم نشاط مماثل مع بلاد شرق المحيط الهندي كالهند، سيلان، جزر المالديف، اندونيسيا والصين . وكان لموقع بلادهم الهام والاستراتيجي الفضل في انهم كانوا أصحاب اليد الطولى في النشاط التجاري عبر المحيط الهندي . وكما استقر العرب على سواحل الغرب استقروا أيضاً على سواحل الشرق . الدكتور مصطفى العبد الله الكفري جامعة دمشق – كلية الاقتصاد
#مصطفى_العبد_الله_الكفري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجهاد البحري في عصر السيادة العربية الإسلامية
-
تقي الدين المقريزي علم من أعلام التاريخ والاقتصاد
-
الشيخ أبي الفضل جعفر بن علي الدمشقي
-
مصادر العلوم الإسلامية
-
مستقبل الوطن العربي الراهنية والاستراتيجية
-
التضخم كظاهرة اقتصادية تتوضح بارتفاع الأسعار
-
العمل العربي المشترك في مجال الموارد المائية والتنمية الزراع
...
-
وظيفة الدولة الاقتصادية في الإسلام
-
المبادئ الأساسية للاقتصاد الإسلامي
-
ابن خلدون أبو علم الاجتماع يسهم في تطوير الأفكار الاقتصادية
-
السوق الشرق أوسطي هل هو البديل للسوق العربية المشتركة والوحد
...
-
السياسة السكانية وارتباطها بعملية التنمية في الجمهورية العرب
...
-
تنمية الموارد البشرية وقوة العمل
-
الهجرة العائدة من الدول العربية الغنية بالنفط إلى الدول المر
...
-
إستراتيجية التنمية الصناعية في الجمهورية العربية السورية
-
الاقتصاد السياسي والعولمة
-
برنامج الإصلاح الاقتصادي وسياسات تشجيع الاستثمار في سورية
-
أسعار النفط كسلعة إستراتيجية قابلة للنضوب
-
السياسة السكانية والتنمية الشاملة
-
الصندوق الكويتي للتنمية الاقتصادية العربية
المزيد.....
-
أوكرانيا تعلن إسقاط 50 طائرة مسيرة من أصل 73 أطلقتها روسيا ل
...
-
الجيش اللبناني يعلن مقتل جندي في هجوم إسرائيلي على موقع عسكر
...
-
الحرب في يومها الـ415: إسرائيل تكثف هجماتها على لبنان وغزة
...
-
إسرائيل تعلن العثور على جثة الحاخام تسفي كوغان في الإمارات ب
...
-
اتفاق الـ300 مليار للمناخ.. تفاصيله وأسباب الانقسام بشأنه
-
الجيش اللبناني: مقتل جندي وإصابة 18 في ضربة إسرائيلية
-
بوريل يطالب بوقف فوري لإطلاق النار وتطبيق مباشر للقرار 1701
...
-
فائزون بنوبل الآداب يدعون للإفراج الفوري عن الكاتب بوعلام صن
...
-
الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة
...
-
مصر تبعد 3 سوريين وتحرم لبنانية من الجنسية لدواع أمنية
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|