صدام عرف بانه سيقدم للمحاكمة قبل ان يحتل الامريكان العراق

عماد الطائي
فنان تشكيلي

الحوار المتمدن-العدد: 914 - 2004 / 8 / 3 - 12:10
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    

 عاش مطاردا مختبئاً مع انه كان نائبا لرئيس الدولة ومن ثم رئيسا لها. اختير بانتخابات(ديمقراطية) قلما وشهد مثلها بلد في العالم ففي اثناء الحصار وبالرغم من منع القوى التي تكره العراقيين ان يصدر للعراق اي نوع من الاقلام بحجة امكانية تحويرها الى صواريخ عابرة للقارات او أسلحة كيماوية الا ان العراقيين لم تنطلي عليهم هذه الحيلة لتفويت فرصة المشاركة في انتخابات الرئيس فوقعواعلى انتخابه بدمائهم واختاروه رئيسا أبديا لهم. لم يذق طعم النوم الهادئ يوما, واكثر ما يخشاه غدر المقربين اليه وانتقام اهالي ضحاياه منه. عاش في اختفاء, في قلق وتوتر على الدوام لم يعشه اي رئيس دولة في العالم.
 تحالف مع الرجعية في الخليج فغدروا به. حارب عوضا عن الأمريكان فخانوه واذلوه. عاش متنقلا من قصر إلى آخر يجتمع بقادته سرا في بيوت سرية تماما كما تفعل القوى المعارضة للسلطة يدخل من مكان ويخرج من الجهة الثانية وهو رئيساً للدولة! نصحه أطباؤه بالنوم الطبيعي فاعتبرها مؤامرة ضده, صار يستعمل العقاقير عساها ان تمحو صور ضحاياه وافلام تعذيبهم التي كان يجبر منفذيها على تصويرها لكي يتأكد من تنفيذ العمليات ويشهدها بنفسه دون ان يعطي مستمسكا واحدا عليه كونه حاضرا على هذه الاعداد الهائلة من الإعدامات وجرائم التعذيب. كانت هذه الصور تلاحقه في كل مكان الى ان حطمت أعصابه الشكوك والريبة حتى باقرب مساعديه. لم يثق حتى بأبنائه, علمهم الحذر من اقرب أقربائهم. وها هو عدي متهسترا صارخا في وجه احد ضحاياه قبل ان يحطم رأسه:( كلب... كَواد... ميصير الكم جارة.. حقه بابا صدام لمن سمى التكارته افاعي)!!
 والآن ينام في معتقله بهدوء, يجلس بدون قلق لا من أعدائه ولا من حمايته. كان على الدوام قلقا متوتراً فلربما تخونه الحماية يوما وترديه قتيلا. لديه اليوم في غرفة اعتقاله( ايركوندشن), كتب والعاب مسلية, حمام ودوش . طعام امريكي يقدم بصحون جديدة. ملابسه تغسل وتكوى تماما كما كان عند المعتقلين من المعارضين العراقيين له. فقد كان متوفرعندهم في معتقلاتهم كل شيء ما عدا شيء واحد ألا وهو (الساونات والحمامات البخارية) رغم انها كانت متوفرة والحق يقال عند العشرات من العلماء والسياسيين وذوي الشهادات العالية الذين تم اعدامهم بواسطة التعذيب نعم كانت متوفرة عندهم حتى المسابح الصيفية اضافة الى المتخصصات في التدليك!؟
 شيء واحد منزعج منه الرئيس القائد الا وهو ان مراسل السجن لا يعرف العربية! نعم لكي يحدثه عن نفسه وكيف انه رجل قانون عادل حكم العراق طيلة هذه السنين بعدالة ومن لايصدق ذلك عليه ان يتمعن بلوحة تذكارية لأحد الفنانين العراقيين التي جسد فيها مسلة حجرية منحوتة نحتا بارزا تبدو فيها آلهة الشمس وهي تقدم إلى القائد صدام لائحة بأول القوانين قبل ولادة المسيح باكثر من 2000 سنة ومنذ ذلك اليوم والعالم ينعم بالعدالة والحق والحمد لله على الرغم من موت حمورابي وبقاء معلمه الاول حفظه الله ورعاه.
سيقدم الى المحكمة على جرائمه البشعة بحق كل العراقيين.
سيقف في المحكمة ليبرئ نفسه من التهم التي لفقتها (الصهيونية ضده!!) ويحاكم كل الشهود بكل صلافة وعدم حياء.
-هل تشهد على إنني قمت بتعذيبك؟ هل رأيتني أثناء التعذيب؟ هكذا سيسال صدام الشهود واحدا تلو الآخر.
 يجيب الشاهد: كلا.. كانت عيوني مشدودة منذ دخولي السجن وحتى خروجي. ولكن جماعتك من الساديين مثلك قاموا بتعذيبي!
 محامي صدام سيقاطع بقوة ...اعترض..نحن نحاكم صدام وليس غيره. هل شاهدت صدام اثناء التعذيب؟
المدعي العام سيبدأ بتوجيه التهم بشان الآلاف من الذين عثر عليهم في المقابر الجماعية.
من فضلك !هل يوجد شاهد على إنني ساهمت او كنت متواجد اثناء حمامات الدم قبل المقابر الجماعية هذه او بعدها؟
الحاكم: هل وقعت على قوائم الاعدامات الجماعية التي تملئ الطاولة امامي؟
- بعد أن أخذت رأي وقرار محكمة الثورة واطلعت على مرافعة محامي المتهمين واعترافات المتهمين أنفسهم!؟
انا رجل قانون والعدالة عندي فوق كل شيء!
ستتوقف المحاكمة لان رجال ونساء من الحاضرين للمحكمة سيصابون بالهستيرية ويغمى عليهم من هذا الكذب وهذه التلفيقات تضطر الشرطة حينها نقلهم الى مستشفيات المجانين للعلاج السريع!
مواطنا من الحاضرين سيبدأ بالصراخ بأعلى صوته: الله اكبر! زين احنه الفيليه نسيت اشسويت بينه؟!
- هذه فوضى وليست محكمة. بالنسبة للاكراد الفيليه فقد طلبت من أخواني في القيادة تهيئة سيارات لنقلهم الى وطنهم الام. لم تكفي الباصات! قسم منهم كانوا مستعجلين العودة الى وطنهم فعبروا مشي على الاقدام! وابوكم الله يرحمو!! وما ان اكمل كلامه هذا الا ووجبة ثانية من الحاضرين المتهسترين تترك القاعة متوجهة الى مستشفى المجانين وهي تهتف الله اكبر يا عالم....... وينك يا الله؟!!.
انا رجل قانون.... هذه القائمة الطويلة بعشرات من القياديين البعثيين الذين تقولون إنني قمت بتصفيتهم أثناء حكمي من حردان التكريتي وعبد الخالق السامرائي وشفيق الكمالي وانت صاعد؟ها...هل يوجد شاهد رآني وانا اقوم باغتيالهم؟..ها؟؟
المدعي العام : انت الوحيد الذي يعرف بهذه الاسرار اضافة الى انك كنت تصفي القائمين بعمليات الاغتيال هذه وكل الذين تكلفهم بجرائم خاصة بك!
من فضلك رئيس المحكمة..انا رجل قانون...اريد ان يحضر هؤلاء امام المحكمة للشهادة ضدي!!
.انت استعملت الأسلحة الكيماوية ضد الإيرانيين والاكراد والشيعة ولدينا شهود وافلام بالعشرات. سيبتسم صدام ثم ينظر الى الحاضرين قائلا: - عجل جيبوا لي ولو واحد يقول ان صدام حسين..ها.. خلله الكيمياوي ابـ فمو...ها؟
هل يوجد من شاهدني اصوب مدفع فيه سلاح كيماوي على احد منكم ؟..ها؟ اين الشهود؟ هذوله الخونة الاكراد الجلاليين والشيعة يلعنهم الله كانوا جواسيس لإيران.... وهذوله الفرس المجوس كلهم صهاينة.!!
الحاكم سيطلب منه عدم الصياح والسكوت وعدم استعمال الكلمات البذيئة.
صدام: عجل لو كنت انا اللي ضرب بالاسلحة الكيماوية؟ ليش ما اطلقوا عليه العراقيون اسم( صدام كيماوي) ها.. ليش يسموه (علي كيماوي!)..ها...هذه مهزلة وليست محكمة.اطلب اعادة محكمة الثورة العراقية ما زال عندنا وقت. رئيسها طه الجزراوي حي يرزق واطلب ان تقدموني لها.
ـ انت متهم بجرائم حرب ضد ايران والكويت.
- ايران هي سبب المشاكل وهي التي حرقت المنطقة من اول يوم جاءت فيه.أنا طلبت وقف الحرب لكن الخميني رفض والامركان ساعدوني لكي يكون عندهم وقت لمعرفة اهداف وحقيقة سياسة ايران..... حتى اسرائيل لازم تشكرني.!
ـ نحن نسألك عن جرائم الحرب.
ـ هذه حرب وفي كل العالم سالت الدماء اثناء المكاونة والحروب......ها...عجل ما تحاكموا جورج بوش؟
انا بريء وانتم عملاء لامريكا! انتم يجب ان تقدموا الى المحكمة وليس انا!
المدعي العام :اول من سبقنا بالعمالة لامريكا هوانت.
ستحدث مشادة كلامية تنتهي بتأجيل المحكمة لإشعار آخر. يخرج صدام من القاعة وهو منهمك بتطلعه الى وجوه الحاضرين فردا فردا وكأنه يريد ان يحفظ أشكالهم عن ظهر قلب.
عماد الطائي 2 اب 2004

#عماد_الطائي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات