|
الحزبية الدينية لعنة الأمة
انطوان سعادة
الحوار المتمدن-العدد: 3002 - 2010 / 5 / 12 - 18:55
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
«... المعركة لتقرير مصيرنا القومي تدور منذ نشأة الحركة القومية الاجتماعية وظهور تعاليمها التي تضع أساساً جديداً لبناء اجتماعي جديد متين جميل، وتقيم نظاماً جديداً لجيل يحارب الرجعية ويتركها لمصير الظلم والتعاسة الذي تطلبه، ويشق للأمة طريقاً إلى الحياة المجيدة، إلى مصير العز والسعادة. والمعركة تزيد احتداماً بعد كل خطوة تقوم بها الحركة القومية الاجتماعية في سيرها نحو مصيرها التقدمي، دافعة قوى «القوميات» الدينية والاجتماع الطائفي العشائري نحو مصيرها الرجعي الانحطاطي. تستمد الرجعية البغيضة حيويتها وتفكيرها من الطائفية، من الحزبية الدينية الملتصقة بالأمة كأنها لعنة تعمي بصيرتها وتضلّها. فالأحزاب السياسية الرجعية تنشأ من الطوائف على أساس الحزبية الدينية، ثم تحاول العقلية الرجعية الجديدة إكساب تلك الأحزاب أشكالاً «قومية» تخدع حسني النية من الطائفيين بالتظاهر بالابتعاد عن الحزبية الدينية وتغش الشعب والرأي العام بسفسطاتها «القومية» و«الوطنية» التي تقيم لكل حزبية دينية «قومية» تعصبها وتناقض «قومية» غيرها. إن أعظم تفسخ وتفكك تصاب بهما أمة من الأمم هما التفسخ والتفكك الناتجان عن تحويل الطوائف إلى «أمم» بالمعنى الحرفي، وتحويل الحزبيات المتعددة إلى قوميات تتضارب في الأهداف بين انفصالية انعزالية ضيقة، تقلصية، خانقة واتصالية اتحادية منفلشة مشتتة ومضيعة. وإن أغرب سفسطة من سفسطات الرجعية الجديدة هي محاولتها التوفيق الظاهري الشكلي بين «قوميتين» رجعيتين بإنشاء «القومية المراوحة» التي يمكن أن تكون مرة تقلصية ومرة أخرى انتفاخية، كأن تقول «حزب بيروتي، قومي لبناني، عربي» «حزب، عربي، قومي، إنساني»، أو «حزب عربي، قومي، لبناني»، أو «حزب لبناني، قومي عربي» تضاف إلى هذه «القومية المتراوحة» كل النعوت التي تنتحلها الرجعية الجديدة وتحولها إلى «موضة دارجة»! من الأمور التي تصعق العقل السليم: أن يبرز عالم أو أديب من علماء الاجتماع الرجعي وأدباء التفكير «النايورجعي» فيؤلف كتاباً أو يكتب مقالاً أو يلقي محاضرة في أضرار الطائفية ويخلص في معالجة هذا الداء الفتاك إلى القول بوجوب الإخلاص «للأوطان» و«القوميات» التي أنشأتها الطائفية أو أنشأتها الإرادات الأجنبية للطائفية منعاً للشباب الجديد من الاتجاه نحو الوطنية الصحيحة والقومية الحقيقية الأصلية التي لا يمكن أن تزول الطائفية إلا بالاتجاه إليهما!. إن علاج الحزبية الدينية بالدعوة إلى تأييد أهداف الحزبية الدينية السياسية هو علاج علماء وأدباء ممخرقين، فلا يقضي على الحزبية الدينية إلا بالقضاء على عقليتها وطرق تفكيرها، وعلى قضاياها الاجتماعية والسياسية من «وطنية» و«قومية». عبثاً يطلب الأدباء المرضى بالطائفية محو الطائفية بالدعوى إلى أهداف سياسية طائفية وإلى «القوميات» الاصطناعية التي ولدتها العقلية الرجعية بتفكيرها «النايورجعي». إن في البلاد تضارباً في الأهداف وتصادماً في الحزبيات الدينية وقضاياها الرجعية، هذان التصادم والتضارب يسببان نفيين وأكثر. ولكن غرض النفيين ليس ما صوّرته العقلية الشرقية بشكليتها الغربية من أنه «رفض الغرب رفض الاستعراب» بل هو رفض كل من الحزبيتين الرئيسيتين أهداف الحزبية الدينية الأخرى «القومية» والسياسية! فماذا تفيد الأمة إلى رفض التعصب الديني وقبول التعصب الديني وقبول التعصب لأغراض التعصب الديني؟! لا يكون التخلص من الحزبية الدينية إلا بالتخلص من قضاياها «القومية» السياسية والحقوقية، فمحاولة محو لفظة «التعصب الديني فقط مع الإبقاء على كل قضايا التعصب الديني وأهدافه، اعتقاداً بأن العلة هي في اللفظة لا في المبدأ وقضاياه، هي محاولة نايو رجعية انحطاطية باهرة بقدر ما هي عقيمة! إن «القومية» الطائفية و«الوطنية» و«الحرية» الطائفية و«التقدمية» الطائفية و«الإصلاح» الطائفي و«المثالية» الطائفية والمحبة الطائفية و«الدولة» الطائفية و«الحكم» الطائفي و«اللاطائفية» الطائفية، وبقية قضايا الحزبيات الدينية والتعصب الديني لا يمكن أن تقضي على الحزبية الدينية والتعصب الديني، بل بالعكس، هي قضايا تحيي الحزبية الدينية وتذكي التعصب الديني وتقتل الأمة وتخرب الوطن! القضاء على التعصب الديني ومحو لعنة الحزبية الدينية يكونان بالاتجاه إلى الأرض وترابط جبالها وسهولها بأنهرها وإلى الشعب بنسيجه الدموي وتفاعله اليومي في الحياة مع الأرض بإدراك أن الحزبية الدينية تصرفنا عن واقع الوطن وتشوّه حقيقة الأمة. الحركة الوحيدة التي قضت على الحزبية الدينية ومحت التعصب الديني من صفوفها هي الحركة التي استمدت وجودها من الأرض والشعب بكل ملله وطوائفه- الحركة التي سارت بالمحبة للأرض والشعب- للشعب كله، بجميع فئاته المتقدمة والمتأخرة، المتعلمة والجاهلة، المثقفة وغير المثقفة.
هذه الحركة هي الحركة القومية الاجتماعية: أما التكتلات والتشكيلات التي نشأت من بعض أجزاء الشعب -من الطائفية- معلنة المحبة ومبطنة البغض والحقد، فهي تحمل لعنة الحزبية الدينية التي تسير بها «وبقومياتها وأوطانها ومثاليتها وحرياتها إلى القبر!». الحركة القومية الاجتماعية هي حركة صراع لأنها حركة حرية، وحركة انتصار لأنها حركة حق. الويل للحركات الطائفية من الحركة القومية الاجتماعية والويل لتكتلات الأحقاد من حركة الحرية والواجب والنظام والقوة!».
#انطوان_سعادة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|