أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عطا مناع - في ذكرى النكبة 62: كان المخيم















المزيد.....

في ذكرى النكبة 62: كان المخيم


عطا مناع

الحوار المتمدن-العدد: 3001 - 2010 / 5 / 11 - 14:16
المحور: حقوق الانسان
    



كان المخيمُ مخيماً، وكان محطة للعودة، وكان المخيمُ واثقاً منسجماً يحمل الحق المقدس مفتاحاً يحكي القصة بأبجديات لا يفهمها إلا من تنفس هوائها، وكان للمخيم نظرةً ثاقبة، كان يرى ما وراء الأشياء وكان واضحاً متصالحاً مع ذاته، كان ينطق بالعربية الفصحى وكان للمخيم بوصلة تميزت في تقدم الصفوف، لقد كان للمخيم قدمين ورأس، كان له أجنحة اعتادت التحليق ليلاً للاطمئنان على قاطنيه.
كان المخيم عادياً مقتنعاً ومُقنعاً، كان خيمة ومفتاح وكان وجهة نظر حاكت من ثرى الشهداء تعويذة تستحضر المشهد، وكان المخيم كائناً حياً يغضب ويفرح وكان يبكي، كان المخيم كائناً حياً يحمل قلباً عطوفاً يستظل بالخيمة التي اختصر كل المعاني، وكان في المخيم شارعاً ترابياً وحماماً جماعياً وحطة وعقال وبشر، بصراحة كان المخيم فتياً لا يلقى الهرم له طريقاً، وكان انشد وده ومايسترو وموقف.
كان المخيم لا ينام، وكان يحلُم بشكل جماعي، وكان الحلم يكتسي لحما ودما وفكرة في الخامس عشر من كل عام، كان ينفض عن جسده تعب السنين ويجدد شبابه، وكان يمتلك إكسير الحياة الذي يمنح ساكنيه العنفوان والنظرة الثاقبة التي ترى ما وراء الأشياء.
كان للمخيم رؤية خاصة في التعامل مع الزمان والمكان، وفي المخيم لا مكان للمكان ولا زمان للزمان، وفي المخيم كان للوجود لوناً خاصاً وللحياة مذاقاً لا يعرفه إلا من نام وحلم وعاصر منع التجول الليلي والتوحد الاقتصادي والاجتماعي والسياسي وعاش الحالة .
كان المخيم، أصبح المخيم، أضحى وأمسى وبات المخيم، فلسطينياً كان المخيم، وكان المخيم فلسطينيا، وكان المخيم لا يقبل الجار والمجرور، ولا الشطب والنسج واختصار الوطن باقتحام التاريخ غبر طبخة المسخن وسدر الكنافة، لان الوطن اكبر من طبخة ووجهة النظر مبادرات مشبوهة مؤسسات عرجاء صنعت لكي يمشي المخيم على رأسه.
المخيم يمشي بعكس الحركة الطبيعية للأشياء، لقد نخرته "الطبقية" وسادت الطرابيش التي نجحت في سلب الناس حريتها وأحلامها.
المخيم بات أسيراً لما يسمى بالدعم الوسخ الذي صاغ مفهوم الزمان والمكان وافقد الأشياء مضامينها ليصبح كما الدجاجة التي تبيض ذهباً لمن ارتضوا التلاعب في قانون الزمان والمكان وتحولوا إلى أدوات تحركها الحسابات البنكية.
جاءت ذكرى النكبة، وطوينا مع من سبقونا 62 عاماً، ومن يمتلك قانون الزمان والمكان والعلاقة التي تربطه بالمخيم يستطيع قراءة الأشياء كما هي، وهو قادر على فك طلاسم المرحلة، ويرى بوضوح أعماق من يغردوا خارج السرب، وعبروا المحيطات بحثاً عن وطن علبوه في كتاب غينيس.
من يمتلك قانون الزمان والمكان يرى المخيم على الطرقة الفلسطينية، يرى حيفا وبرتقال يافا ويرى اللد والرملة والجليل ويرى دير ياسين وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا والدوايمة، هي أسماء لا زالت تتملك المكان والزمان، وفيها عاش بشر وفي بحرها كان لهم صولات وجولات، أماكن حفرت أسمائها عميقاً في التاريخ ، أسماء لا تطويها قرارات ولا مراسيم ولا اتفاقيات، هي أماكن تتجدد في أرحام الأمهات فلسطينيين يمشون على أقدامهم ممتلكين أبجدية الزمان والمكان في القاموس اللاجئ.
لا خوف على المخيم، ولا خوف من المخيم، لقد كان تعويذة أم سعد عند غسان كنفان، وكان صوت الجياع في فهم الشاعر الفلسطيني خليل زقطان، وكان محطة الانتظار ولا زال، ولا خوف على المخيم ومن المخيم لأنة كائن حي يمتلك قدرة خلاقة على التجدد وتجاوز الأزمات والانقلابات واستخدام قاطنيه حطباً للمصالح وعيون لأصحاب الطرابيش.
السؤال المقلق: كيف العودة للمخيم؟ كيف نحافظ على شعلة التواصل بين الاجيال، وهل نستطيع لجم التحركات الموسمية لإحياء النكبة في ذكراها وترسيخ ثقافة اللجوء بديمومة الفعل الثقافي والميداني؟ وما دور المؤسسات العاملة في المخيمات التي أخذت بعضها دور السفير؟
إن حالة الانحطاط والتراجع ألقيمي السائدة خلقت ثقافة لا تنسجم مع ثوابتنا الفلسطينية التي أصبحت مثار تندر عن شريحة من المثقفين، شريحة أتقنت فن التيئيس والتتييس والانقلاب على قانون الزمان والمكان والتعامل مع المخيم كوليمة دسمة .
هم الشواذ، والأصل يكمن في غالبية المسحوقين الذين سينفضون يوماً غبار الحالة ويستحضروا الزمان ليعانق المكان، وهذا ما نلمسه عندما نتحدث نحن جيل الخمسة عقود من اللجوء عندما نستحضر المخيم وأعمدة المخيم والذين حملوا الكلمة مشعلاً في وجة الواقع، فالمخيم يفقد مضمونة بدونهم فهم بداية البدايات ، وهم السياج والحاضنة، شاركنا بحملهم للمحطة الأخرى على أمل أن ننقل ثراهم الى المكان العتيق، هم كثر ومنهم الشاعر الفلسطيني اللاجئ خليل زقطان الذي قالها واضحة لا تقبل التأويل أو التفسير، الشاعر خليل زقطان الذي حمل التعويذة وبشر بالحق الفلسطيني منذ البدايات عندما صدح قائلا مختصراً الموقف ومبشراً بجدلية الزمان والمكان.
قسماً بجوع اللاجئين


أنا في ظلال الواقع المشحون بالأرزاء أحيا

أنا رغم آلامي الجسام غدوت أطوي اليأس طيّا

وأقود آمالي على أشلاء حلم كان غيّا

أنا من أنا؟ إلاّ الذي رغم النوائب ظلّ حيّا!!

أنا قد صحوت على الجراح تسيل من بعضي لبعضي

أنا قد صحوت وإذ أنا ملقى بأرض غير أرضي

أنا قد صحوت إلى العروبة تزدرى جهراً وتغضي

أنا قد نظرت المستجير وإذ به يا قوم عرضي


أنا من أنا؟ لا شيء والأعداء رابضة بغابي

أنا ليس يجديني البكاء أو التحدّث عن مصابي

دون الرجوع إلى الحمى نزع القيود من الرقاب

ما هذه الأغلال؟ ما معنى نزوحي واغترابي؟


ما قيمة الإنسان يقضيها حياة غير حرّهْ؟

ما قيمة الأقوال والأوضاع باعثة لثورهْ؟

ما عربدات الظلم، ما الإجحاف إلا رهن كرّهْ؟

أنا من أنا؟ إن لم أثر في كلِّ يوم ألف مرّهْ


أنا من هناك فكيف أحيا هكذا في الكون عالَهْ؟

ويظلّ مأكَلِيَ الفتات ومشربي هذي الفضالهْ؟

وأظلّ مرتقباً مصيري إذ تقرّره الحثالهْ

لا كان يا دنيا الذي لم يسمع الدنيا نضالهْ


أنا في غد سيثور بركاني ويذهب بالطّغامِ

أنا في غد سأنال آمالي على وهج الضرامِ

قسماً بجوع اللاجئين وعري سكّان الخيامِ

لنصارعنّ الموت من أجل الوصول إلى المرامِ.



#عطا_مناع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تنوفا ألذ من الجنيدي؟؟؟
- في يوم تشيع شهيد معركة الأمعاء على الجعفري
- مات على الحاجز؟؟
- يا سيدي: من حقي أن أعود وأنت لا تمثلني؟؟
- يوم الأرض 2010
- لماذا تستهدف دولة الاحتلال أطفال فلسطين؟
- الزميل عبد الناصر النجار: لا يكفي حرق أثاث النقابة
- هل تريدون انتفاضة في مناطقC ؟؟
- شعب بلا قيادة وقيادة بلا شعب
- الثامن من آذار وجرائم..الشرف؟!
- النقد عيب: لان السكوت...؟؟!!
- الدكتور عزيز ألدويك صمت دهراً ونطق.....
- الوقائي يعتقل والجبهة الشعبية تدين!!!
- عن الشعار الشجب والاستنكار وأشياء أخرى
- دكتور صلاح عودة : العيب مش في شعب فلسطين
- سيدي محمود الزهار: كلنا قتلة
- كيف الحال يا قدس
- للموت في فلسطين طعم آخر
- طز في القناة الإسرائيلية العاشرة
- الشيخ القرضاوي: لا يهم الشاة سلخها بعد ذبحها


المزيد.....




- إعلام عبري: نقاشات بشأن خط دفاع لنتنياهو وجالانت حال إصدار م ...
- تايوان تصد تهديدات الصين بفرض عقوبة الإعدام على -الانفصاليين ...
- كوريا الجنوبية.. دعوى قضائية لجرائم حرب ضد 7 مسؤولين إسرائيل ...
- الأونروا: حدة الاشتباكات على الحدود اللبنانية الإسرائيلية ته ...
- فلسطينيون ينتقدون طريقة الإغاثة عبر الإنزال جوا في غزة: -مسا ...
- الأونروا: عمليات -النهب- تعرقل إيصال المساعدات في غزة
- حماس: مزاعم الاحتلال استخدام -الأونروا- لأغراض عسكرية كذب مف ...
- اعتقال واستجواب 80 فلسطينياً في الضفة الغربية
- للمرة الثالثة على التوالي.. الاحتلال يمدد اعتقال الزميلة رشا ...
- الاحتلال يشن حملة اعتقالات واسعة بالضفة واشتباكات في طوباس


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - عطا مناع - في ذكرى النكبة 62: كان المخيم