أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نور الدين محمود إبراهيم - الحقّ هو الموت!














المزيد.....

الحقّ هو الموت!


نور الدين محمود إبراهيم

الحوار المتمدن-العدد: 3000 - 2010 / 5 / 10 - 21:07
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


توفي النبي (ص) في السنة العاشرة من الهجرة إلى الرفيق الأعلى، وبعد 24 سنة حدثت الفتنة وإنقسم المسلمون إلى سنة معاوية وشيعة علي، وكل فريق يدّعي بإمتلاك الحق المطلق. وفي الصف السني ظهر سلف غير صالح، سلف السلطة، سلف الملوك الذين يفتون لصالح أصحاب النفوذ المطلق ويمدونهم بقوّة الحق الديني المطلق، بحيث يفتحون الذرائع أمام الأقوياء ويسدونه في وجه المستضعفين! ويمكن للعاقل أن يشاهد ويسمع كل يوم جمعة كلام المتفجرات والخطب المفخخة من هؤلاء الجماعات التي تدعي أنها تمثل الحق المطلق والباقي ليسو على شيء، وما بدء بالتكفير انتهى إلى التفجير. وفي ظل هذه الأجواء، أود أن أناقش نظرية إمتلاك الحق (اليقين) المطلق وبأنه لايمكن أن يوصل بها إلّا بالعلم المحيط وهو علم الغيب، وإن أيّ منا ظنّ أن بحوزته هذا الحق المطلق لابد أن يصبح إنتحارياً عنيفاً، لأن الّذهنيّة التي تُوهم الإنسان بإمتلاكه الحق المطلق تعجّل موته حتماً.

كيف يمكن للحقّ أن يكون موتاً؟ وماذا يراد بأن الحقّ هو الموت؟ ومن ناحية أخرى، ألسنا كنا نؤمن بأنّ الحقّ المطلق يمكن وصوله، سواء الحقيقة الدّينية والدّنيوية؟

بيد أنّ المفاجئة الكبري تكمن عدم إلتفاتك إلى طبيعة محدودية الإنسان من الناحية الذهنية والبدنية، وتفاجأ بإنكشاف السترة مرةً واحدة عن هذه المحدودية، وتثيرك الدهشة والاستغراب الفظيعيين في حيرة لا مفر منها!

أقصد بإستحالة الوصول الي الحق (اليقين) في حياتنا طالما نحن محدودون طبيعياً. وفي حين تدرك محدوديتك العقلية والبدنية لايمكن بأن تكذب على نفسك. مثلاً أنني لم أر ظهري طول حياتي وهو قسم من جسمي منذ هذه الفترة! أليس هذا دليلاً ساطعاً بمدى محدودية إدراكي؟!!!! أو تصور، بأنك تشعر بالجوع وتحتاج ما تأكل، ولكن مهما كانت مجاعتك قاسية وشديدة لا يمكنك أكل طعام جُهز لمئة شخص لوحدك مرّة واحدة بسبب محدودية حجم بطنك. وحتي إذا حاولت مخادعة نفسك بحيث تتناسى قدرة وحجم ما يمكن أن تأكله و تواصل الأكل ما وراء قدرتك حتى تنفجر البطن وتسقط ميّتاً!
هذا عن محدوديّة الجسم، فأما عن محدودية النظر نأخذ مثالاً واقعيا، تصور أنك تريد أن تتعلم اللغة الصينية، على الأقل أنك تحتاج وقتاً كافياً بتعلمها، ليس اللغة وحدها بل إن أي مادة ٍ تريد تعلمه لابد أن تواصل فترة ممتدّة سواء كانت سنة أوسنتين ونحو ذلك. وعلى هذا الأساس فالتعلم يساوي الوقت، وإن أي شيئ يحتاج إلي وقت فهوناقص وغير كامل وكل فرد – بسبب محدوديّة عمره- يفارق هذه الحياة وهو لايعرف شيئاً من حقائق الكون وأسرار الوجود، ولا يزال يبحث إجابات لأسئلة شائكة باقية في ذهنه في فترة حياته.

وأتساءل بكل استغراب كيف محدودية الجسم واضحة للسلفيين ولكن إذا جاء الحديث عن الحق – اليقين - يغفلون عن إدراك محدودية عقولهم من الناحية الدّينية؟ مثلاً لا يمكن أن ترى سلفياً مات بسبب إفراطه في الطعام أو يأكل حتى الموت رغم أن معظمهم أصحاب بطون واسعة بكثرة الطعام والمأكولات المتنوعة، ولكن يمكنك أن تراه يكذب على نفسه بأمتلاكه الحقيقة المطلقة، والذي يتوهم بامتلاك الحقيقة المطلقة لا بد أن يعتدي على كل من يخالف على حقيقته المطلقة. مرة يرتدي حزاما ناسفا ليقتل نفسه والآخرين جزافاً، لأن ولادة الحق وموته سيكون في نفس اللحظة! وفي اللحظة التي تؤمن بأنك تمتلك الحقّ المطلق لابد أن تموت في ذات الحظة بالذّات، لأن الحياة لا فائدة لك بها، لأن الإنسان يعيش بإكتشاف الجديد وإكتساب المعرفة واستزادتها، ولكن إذا توهمت بمعرفة الحقيقة المطلقة في حياتك، انك بادرت بإنهاء حياتك القصيرة أصلاً! وبزعمك الكاذب و الوهمي أدّى بك ألى حصول الحقيقة في مكان غير مناسب!

ومن طبيعة هذه الحياة أنها ناقصة وكثيرة التقلب وبعيدة عن الكمالية، (واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) عش حياتك إلى أن يأتيك اليقين- الحقّ- أي الموت وهذه نهاية تجربة حياتك. وكذلك التجربة الأخيرة لتجربة حياتك هي نفسها محدودة. ومن خلال حياتك ألتقيت تجارب مختلفة، وترى أن هذه التجربة مختلفة عن ذاك التجربة، ولكن إذا سألتني هل هذه التجربة هي الحقّ المطلق؟ فإن محدودية هذه التجربة لا تميز عن أي تجربة أخرى سواء إذا كانت هذه أو تلك هي الحقّ- اليقين لاتعمل فرقاً بنسبية محدوديتها.



#نور_الدين_محمود_إبراهيم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج ...
- روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب ...
- للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي ...
- ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك ...
- السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
- موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
- هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب ...
- سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو ...
- إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نور الدين محمود إبراهيم - الحقّ هو الموت!