|
مفاوضات لا تعد إلاّ بالفشل
ماجد الشيخ
الحوار المتمدن-العدد: 3000 - 2010 / 5 / 10 - 10:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ليس في المفاوضات – المباشرة منها وغير المباشرة – أي إغراء محتمل، يمكن التعويل عليه، كونه مؤشر تقدم في أي قضية من قضاياها الست، إضافة إلى قضية الأسرى. رغم ذلك بدأت بدءا من يوم الأربعاء الماضي (5/5)، محاولة عملية تدشين المفاوضات غير المباشرة، الموعودة جراء جولة المبعوث الأميركي جورج ميتشيل المنتهية أواخر نيسان (إبريل) الماضي، وهي المفاوضات التي أعادت اللجنة العربية الموافقة عليها؛ بإعطاء الطرف الفلسطيني "جواز مرور" عربي للمضي بها، على أن يجري إنجاز أهدافها خلال الشهور الأربعة القادمة.
وكانت إسرائيل قد استبقت بدء المفاوضات غير المباشرة هذه، بإعطاء صورة قاتمة عن فرص نجاحها، حين قدّم رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية العميد يوسي بايدتس، إتهاما جاهزا ومسبقا لقيادة السلطة الفلسطينية بالسعي لإفشالها عبر عدم إبداء أي "مرونة" في القضايا الجوهرية، وإمكانية تكرارها المواقف ذاتها التي سبق وأفشلت جولات المفاوضات السابقة مع حكومة إيهود أولمرت.
على هذا الأساس تبني إسرائيل موقفها إزاء قضايا المفاوضات الست، كون سقف التوقعات سيبقى منخفضا، وبالتالي فإن مسألة الانتقال إلى المفاوضات المباشرة، سوف يشهد سردية عدم إنجاح أو إنجاز اتفاق حول أي قضية من قضايا المفاوضات، كالحدود مثلا، وهي القضية التي يجري الرهان عليها فلسطينيا أولا، وأميركيا تاليا؛ بناء على تسريبات أو وعود شفوية، لإنقاذ جولة المفاوضات الراهنة من الفشل؛ فشل يضعه نائب رئيس الوزراء الإسرائيلي دان ميرودور في مقدمة أولويات توقعاته، بألاّ تعطي جولة المفاوضات غير المباشرة أيّ نتيجة، وذلك انطلاقا مما قاله في مقابلة معه نشرتها صحيفة جيروزاليم بوست (5/5) من "أن كل طرف سيرغب في اجتذاب الأميركيين إلى جانبه، ما سيترك أثرا معاكسا، وسيحدث بالواقع تباعدا بين الطرفين".
وبذا.. لا يتوقع الإسرائيليون لـ "مفاوضات التقارب" أن تؤدي إلى تقارب فعلي، يمكن أن تفضي لمفاوضات مباشرة، تعوّل عليها إسرائيل للقيام بـ "خيارات صعبة لها فرص النجاح" بحسب ميرودور. أما الخيارات الراهنة للمفاوضات غير المباشرة، فهي لا تتعدى طرح القضايا الأمنية، وهذه لا تشمل قضية الحدود، التي يأمل الفلسطينيون أن تكون لها الأولوية، ولا القدس كموضوع أول كذلك؛ وافق الرئيس أوباما بحسب مستشاره دافيد أكسلرود على أن لا تكون قضيتها الموضوع الأول، إنما يجب إبقاؤها لنهاية المفاوضات. وهو ما اعتبرته مصادر إسرائيلية استجابة لموقف إسرائيلي يصرّ على طرح القضايا التي تتوافق ومزاج أطراف الائتلاف اليميني المتطرف، بحيث يجري ضمان استمرار الائتلاف قائما، دون أن يجري اتخاذ مواقف تفاوضية يمكن أن تؤدي إلى فكفكته.
وفي تزامن مع تصريحات أكسلرود التي تؤشر إلى استعادة التوافق الأميركي – الإسرائيلي، فقد أطلق الكاتب الأميركي اليهودي إيلي فازل، الذي سبق وأن كان وسيط نتانياهو لدى الإدارة الأميركية، على خلفية الخلاف الذي كان قد احتدم حول موضوع الاستيطان، أطلق فازل "كشفه" الجديد عن "إزالة التوتر بين إسرائيل والإدارة الأميركية"، وهو ما أرسته مباحثات ميتشيل في جولته الأخيرة نهاية إبريل الماضي، بالاتفاق مباشرة لا مداورة على المفاوضات غير المباشرة، وهو الموضوع شبه الوحيد الذي يُعد من "إنجازات" مهمة ميتشيل حين بدئها منذ أكثر من عام. ولذلك تحتاط إدارة أوباما من الآن بالتعويل على مؤتمر سلام تنوي الدعوة إليه خريف العام الجاري، في حال فشلت المفاوضات الحالية المحددة مدتها بأربعة أشهر.
وحدها إيطاليا من بين الأوروبيين، ووسط هذه المعمعة، سحبت نفسها من "جبهة مواصلة الدفاع بشكل جارف عن سياسة الاستيطان الإسرائيلية في الضفة الغربية وفي القدس" في الأطر الدولية، والسبب هو أن إيطاليا تشعر بأن تأييدها غير المتحفظ لإسرائيل، سيجعلها بالتدريج منعزلة وغير ذات صلة في الأسرة الأوروبية، إضافة إلى خشيتها من أن يؤدي استمرار التأييد المطلق لإسرائيل للإضرار بعلاقاتها مع العالم العربي والإسلامي. وهذا على عكس الولايات المتحدة التي لا يُشهد لها وجود حسابات من هذا القبيل، وإلاّ إلى متى يستمر الفلسطينيون وحدهم يخوضون في أوحال ومستنقعات التفاوض المباشر وغير المباشر دون غطاء فعلي، أو وجود جدار يستندون إليه في مواجهة جبهة عريضة من يمين إسرائيلي متطرف مدعوم علنا بيمين دولي من كل صنف ونوع.؟
ربما بدا الإغراء الأميركي للفلسطينيين ومن خلفهم العرب، بوعد أن تدرس واشنطن فكرة السماح لمجلس الأمن الدولي بإدانة إسرائيل في حال قيامها بما يستوجب الإدانة – وما أكثر الممارسات الإسرائيلية في هذا المجال –، وبوعد عقدها "مؤتمر سلام دولي" في الخريف القادم، إذا ما استمرت وعود المفاوضات غير المباشرة، وحتى المباشرة، في خلافها واختلافها عن توقعات حسابات البيدر، وهو ما سوف يختلف بالتأكيد عن حسابات الحقل، حقل رمايات المشترك الأميركي – الإسرائيلي، وقد أسفرت معطيات الوضع الراهن عن نجاح القائمين عليه في بيع تعهدات خادعة ومضللة، للأسف هناك من بين ظهرانينا من يعد العدة دائما للشراء، والتعاطي معها وكأنها تطرح أول مرة. وبهذا تكون الإدارة الأميركية قد نجحت في مد طوق نجاة للرئيس أوباما من ورطة خلافاته الإستيطانية مع حكومة نتانياهو، في ذات الوقت الذي أنقذت حكومة نتانياهو نفسها من احتمالات الانهيار، دون أن يدفع أي من الطرفين أي ثمن بالمقابل، فمن سيدفع الثمن غدا حين تلوح في الأفق عقبات الفشل أو الإفشال لمفاوضات محكومة مسبقا، لا للتقارب، بل للابتعاد بها أكثر عن مركز وجوهر المفاوضات وقضاياها الحقيقية الست أو السبع؟.
#ماجد_الشيخ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مفاوضات التقارب وترياق الوعود العرقوبية
-
رقابات تفتيش فسطاطية تتناغم و-حسبات- تكميم الأفواه
-
تهويد القدس والتصدي لمشاريع أسرلتها
-
المقاومات الحلولية والوطن المغيّب
-
قناع الترانسفير الجديد والمهمات المتجددة
-
ستارت 2 : آمال التوقيع ومنغّصات المصادقة
-
حتى توراتيا لم يكن هناك -قدس يهودية موحدة-
-
حذار لعنة تديين الصراع
-
ماذا بعد فشل مباحثات -انعدام الثقة- الأميركية - الإسرائيلية؟
-
فلسطينية الأرض ومحددات الصراع على هويتها
-
عالم يتغيّر وقمم لا تبدّل ولا تغيّر
-
بلدوزر الاستيطان الاسرائيلي حين يرسم حدود التفاوض وتعقيداته
-
الانتفاضة الثالثة: حاجة ذاتية ودوافع موضوعية
-
فرض التسوية و -الأيقونة المقدسة-
-
اليونان.. هل تكون حبة رمل أوروبا؟
-
الأوكرانيون يهزمون -ثورتهم البرتقالية- .. ديمقراطيا
-
عودة إلى المسكوت عنه في العلاقات الأميركية - الصينية
-
يهودية الدولة وهيمنة الخطاب الديموغرافي
-
أي بدائل إقليمية لحل الدولتين؟
-
تسوية دائمة لمشروع الدولة المؤقتة
المزيد.....
-
الجمهوريون يحذرون.. جلسات استماع مات غيتز قد تكون أسوأ من -ج
...
-
روسيا تطلق أول صاروخ باليستي عابر للقارات على أوكرانيا منذ ب
...
-
للمرة السابعة في عام.. ثوران بركان في شبه جزيرة ريكيانيس بآي
...
-
ميقاتي: مصرّون رغم الظروف على إحياء ذكرى الاستقلال
-
الدفاع الروسية تعلن القضاء على 150 عسكريا أوكرانيا في كورسك
...
-
السيسي يوجه رسالة من مقر القيادة الاستراتجية للجيش
-
موسكو تعلن انتهاء موسم الملاحة النهرية لهذا العام
-
هنغاريا تنشر نظام دفاع جوي على الحدود مع أوكرانيا بعد قرار ب
...
-
سوريا .. علماء الآثار يكتشفون أقدم أبجدية في مقبرة قديمة (صو
...
-
إسرائيل.. إصدار لائحة اتهام ضد المتحدث باسم مكتب نتنياهو بتس
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|