|
أسئلة وأجوبة في الماركسية .. 3
فواز فرحان
الحوار المتمدن-العدد: 2998 - 2010 / 5 / 7 - 23:25
المحور:
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
ــ أين يمكن أن نجد جواباً علمياً لمشكلة الوعي ؟ النزعة الماديّة الديالكتيكية هي وحدها التي تحمل جواباً علمياً على مشكلة الوعي ، وتتيح لنا فهم أصل الأفكار ، وعملها ، وفهم النظريات الإجتماعية والآراء السياسية ، والمؤسسات التي هي جزء من المجتمع ...
ــ كيف تحدد الماركسية سبب الحروب ؟ إن سبب الحروب يكمن في واقع المجتمعات الموضوعي ، فأصل الحروب في عصر الإستعمار يكمن في الأزمات الإقتصادية التي تؤدي الى البحث عن أسواق جديدة بواسطة القوة ( قانون موضوعي ) ، فيما يتعلق بالقانون الذاتي للحرب ( كفكرة الحرب ، والكراهية ، وغريزة الإعتداء ) فهي تتولد عن التناقضات المادية التي تخلق وضعاً موضوعياً للحرب ، والواقع الموضوعي هو الذي يفسّر لنا الإمور الذاتية وليس العكس ...
على ماذا تستند النظرية الفكرية للرأسمالية ؟ تدمير النسيج الإجتماعي للمجتمعات ، العداوة القومية والعنصرية ، والحرب ونهب المقدّرات ..
ــ على ماذا تستند النظرية الفكرية للإشتراكية ؟ السلم والتعاون والأخاء بين الأمم والأفراد ..
ــ ما هي الأفكار الإجتماعية ؟ مجموعة من المفاهيم التي يكوّنها الفرد في مجتمع معيّن حول مكانهِ في الوجود ، وكذلك الأفكار عن المُلكية والأخلاق والعائلة والحب والزواج وتربية الأطفال ..
ــ ما هي النظريات الإجتماعية ؟ هي النظريات التي تجعل من الأفكار الإجتماعية مذهب وعقيدة تجريدية ..
ــ ما هي الآراء السياسية ؟ هي الآراء الملكية والجمهورية المحافظة ، أو المتحررة ، أو الفاشية أو الديمقراطية وغيرها ، وحول مختلف ظواهر الحياة والطبيعة ..
ــ ماذا نعني بالمؤسسات السياسية ؟ أي الدولة ومختلف أجزاء نظام الدولة ، وهناك فرضية ماركسية مهمة جداً تعتبر الدولة عنصراً من حياة المجتمع الروحية فهي تعكس حياتهِ المادية ..
ــ ما هو الإطار العام للنظرية السائدة في المجتمع الإقطاعي ؟ تعتبر النظرية السائدة في المجتمع الإقطاعي من أقدم النظريات وأشدها غموضاً لأنها كانت دينية ولاهوتية ، وترى في حياة المجتمع المادية إنعكاس للفكرة الإلهية ، وكل تغيير في قالب المجتمع كفر وإلحاد ومن صنع الشيطان ، والنظام الإجتماعي بأسرهِ صادر عن الإرادة الإلهية ..
ــ كيف حاربت البرجوازية نظرية المجتمع الإقطاعي ؟ قامت البرجوازية بمحاربة الحق الإلهي الذي إبتدعتهُ الإقطاعية بإسم الحق الطبيعي وبإسم العقل ، وقالوا بأن النظام الإقطاعي نظام فوضى ولا يتفق ومتطلبات العقل ، وتوجّب تغيير المجتمع بإسم العقل الخالد الشامل ، فيصبح النظام الإجتماعي إنعكاساً للنظام العقلاني ... ورغم أن هذهِ الخطوة تمثل تقدماً الى الأمام إلاّ أنها بقيت مؤطرة بالدين ..
ــ ما هو تعريف هيغل للتاريخ ؟ يرى هيغل أن التاريخ عبارة عن تطور الفكرة ، وهكذا يكون سقراط والمسيح ونابليون لحظات من لحظات الفكرة ..
ــ كيف عرّف انجلز موضوع الدين ؟ إن الدين يولد من نظرة الإنسان المحدودة ، وهذهِ النظرة المحدودة بعجز الناس البدائيين المطلق تقريباً أمام الطبيعة المُعادية التي كانوا لا يفهمونها ، وكان على تقدم العلوم الطبيعية والإجتماعية أن يُظهر طابع المعتقدات الدينية الوهمي ( الإعتقاد بوجود إله واحد ، أو مجموعة آلهة ) مع ذلك فطالما إستمر إستغلال الإنسان لأخيه الإنسان إستمرّت الظروف الموضوعية التي تحمل على الإعتقاد بوجود كائن فوق البشر يوزع الشقاء والسعادة على الناس ...
ــ كيف تتولّد الأفكار الجديدة في المجتمعات ؟ تتولد التناقضات الجديدة كحلّ لتناقض موضوعي نشأ في المجتمع ، فنحن نعلم أن الدافع لكل تغيير هو التناقض ، لأن نمو التناقضات داخل المجتمع يُثير مهمة حلّها عند إشتدادها ، فتظهر عندئذٍ الأفكار الجديدة في محاولة لحل هذهِ التناقضات ..
ــ هل لتغيير الأفكار أساس مادي ؟ نعم .. إن تغيير الأفكار لهُ أساس مادي ، ولهذا نتائج مهمة في تربية العمال الثورية ، إذ لا يمكن تمثيل الأفكار الثورية إلاّ في النضال وبواسطتهِ ، ويجعل النضال الإجتماعي التغييرات المهمة في وعي العمال ممكنة ...
ــ كيف نفسّر تأثير الأفكار في الحياة الإجتماعية ؟ لما كانت الفلسفة الماركسية مادية ، فهي تبحث عن أصل الأفكار الإجتماعية في حياة المجتمع المادية ، ولما كانت جدلية ، فهي تدلل على أهميتها الموضوعية وتحدد دورها الحقيقي ، لأن نكران أهمية الأفكار موقف ضد العلم حاربته المادية الجدلية دائما ً ..
ــ ما هي أهمية معرفة الناس لقوانين المجتمع الموضوعية ؟ كلما إزدادت معرفة الناس لقوانين المجتمع الموضوعية ، كلما إزدادت فعالية نضالهم ضد القوى الإجتماعية الرجعية التي تعترض سبيل تطبيق هذه القوانين لأنها تضر بمصالحهم الطبقية .. فإذا كان الناس يعلمون قوانين التطوّر الإجتماعي إستعانوا بهذهِ القوانين ، وإذا كانوا يجهلونها راحوا ضحيتها ، مثلاً تساعدنا معرفة أسباب الحرب الإستعمارية على النضال بصورة فعّالة ضد الحرب ..
ــ ما الذي يضفي على الأفكار القوة ؟ أصل الأفكار المادي هو الذي يضفي عليها القوة ، وتؤكد المادية الديالكتيكية عمل الأفكار الموضوعي في نفس الوقت الذي تؤكد فيه طابع القوانين الإجتماعية الموضوعي لا سيما القوانين الإقتصادية ...
ــ ما الذي يعكسهُ التناقض بين الأفكار والنظريات ؟ إن التناقض بين الأفكار والنظريات يعكس تناقضاً موضوعياً في المجتمع ، مثلاً الأزمات الإقتصادية التي تولّدها الرأسمالية سببها الموضوعي هو التناقض بين طابع مكلية وسائل الإنتاج الخاصّة ، وطابع عملية الإنتاج الإجتماعي ، ولحل هذا التناقض يجب جعل وسائل الإنتاج إشتراكية ..
ــ متى تزداد أهمية الأفكار ؟ تزداد أهمية الأفكار كلما عكست بصورة صادقة حاجات تطور حياة المجتمع الماديّة ، فالأفكار هي قوى ، الأفكار القديمة قوى رجعية ، والأفكار التقدمية هي التي تساعد على تقدم المجتمعات ، وهي ثمرة عملية المعرفة ، ولا يُحكم على الجديد بالزمن ، بل بقدرتهِ على حل المشاكل التي تنشأ في زمن مُعيّن ، لهذا يُعتبر كتاب رأس المال لكارل ماركس هو أكثر من جديد بالنسبة لجميع كتب الإقتصاد في الجامعات البرجوازية ....
ــ ما هو تعريف الأفكار الخاطئة ؟ هي قوّة فعّالة لا تقل فاعليتها على الأفكار الصحيحة ، ويجب محاربتها بالأفكار الصحيحة التقدميّة التي تعكس بصورة أدق حاجات التطوّر الإجتماعي ، مما يضمن لها النصر الأخير ، وتزداد قيمتها يوماً بعد يوم حتى تصبح لا غنى عنها ، وهذا ما يُفسر إمتداد إنتشار هذه الأفكار ...
ــ ما هي الأفكار الجديدة ؟ هي الأفكار التي تظهر حين يُثير تطوّر حياة المجتمع المادية مهام جديدة أمام المجتمع ... وظهورها يُعطي لها الأهمية الكبرى التي تسهل تقدم المجتمع ، وتظهر أهميتها في التنظيم والتعبئة والتحويل وكذلك أهمية عمل الآراء والمؤسسات السياسية الجديدة .. ظهور الأفكار الجديدة والنظريات الإجتماعية حق لأنها ضرورية للمجتمع ، ولأن حل المشاكل الملحة التي يثيرها تطور حياة المجتمع المادية يصبح مستحيلاً دون عمل هذه الأفكار والنظريات في التنظيم والتعبئة والتحويل ... وهذه الأفكار والنظريات تشق طريقها وتصبح ملكاً للجماهير الشعبية التي تعبئها وتنظمها ضد قوى المجتمع الزائلة ، فتساعد على قلب هذه القوى التي تعيق تطور حياة المجتمع المادية ... لهذا النص أهمية كبرى لأنه يوضّح لنا الصورة التي تتخذها الأفكار الجديدة في عملها .
ــ كيف نُلخص الإطار العام لأهمية الأفكار الجديدة ؟ يمكن أن نلخص أهمية الأفكار الجديدة على الشكل التالي .. أولاً ... تعبئ الهمم ، أي أنها تثير وتبعث الحماس وتحرّك الجماهير .. ثانياً ... تنظم ، أي أنها لا تؤثر على الوعي فقط وتسمو به ، بل هي تتيح حل المشاكل التي يعانيها المجتمع بصورة فعلية .. ثالثاً ... نضال الأفكار مظهر ضروري من مظاهر النضال الطبقي ، لهذا فإن عدم محاربة الأفكار المفيدة لسيطرة البرجوازيةهو تقييد للبروليتاريا .. رابعاً .. الفكرة تزداد قوتها كلما إزداد عكسها للوضع الموضوعي في ذلك الوقت ، ويصبح العنصر الذاتي فاصلاً كلما عكس بصدق العنصر الموضوعي ... خامساً ... يضطرنا عمل الأفكار والنظريات الإجتماعية الفعال الى تكوين نظرية تتفق وحاجات المجتمع المادية إتفاقاً تاماً ، كما تتفق وحاجات الجماهير الكادحة التي تصنع الجماهير .. لهذا فإن إحتقار النظرية ... يعني حرمان الطبقة العاملة من البوصلة التي تقود الحركة الثورية ... لهذا يقول لينين ... ( لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية ) .. ومن فضائل الإشتراكية العلمية بإعتمادها على المادية الجدلية ، إنها تقدر تماماً أهمية عمل الأفكار ، فهي تضع إذاً النظرية في المكانة السامية التي تستحقها وترى أن من واجبها إستخدام كل قوتها للتعبئة والتنظيم والتحويل ... ( تصبح النظرية قوة مادية متى ما آمنت الجماهير بها ) .. مثال ... أتاحت الفكرة التقدمية القائلة بأنه يجب القضاء على حكومة كيرنسكي ( اكتوبر 1917 ) وتسليم السلطة الى السوفيتات لضمان تحرير القوميات المضطهدة ، أتاحت هذه الفكرة تنظيم الجماهير وتعبئتها ومن ثم تحويل المجتمع ...
ــ متى يسئ الثوري لمجموع الحركة ؟ الأفكار قوة فعالة ، لهذا يسئ الثوري الذي يهمل محاربة وجهات النظر الخاطئة الى مجموع الحركة ، فهو يسير على طريق النزعة المادية الساذجة السئ ، ولا يسير على طريق النزعة المادية الديالكتيكية الصلب الذي هو أساس الإشتراكية العلمية ...
ــ من أين جاءت الماركسية ؟ إذا نظرنا للماركسية في مجموعها ( الديالكتيكية ، والتاريخية ) لوجدنا أن الماركسية ليست ثمرة تلقائية للذهن الإنساني ، فهي قامت على أساس التناقضات الموضوعية للمجتمع الرأسمالي ..
ــ ما هي مصادر الماركسية ؟ مصادر الماركسية هي ثلاث .. أولاً ... الفلسفة الألمانية ثانياً ... الإقتصاد السياسي الإنكَليزي ثالثاً ... الإشتراكية الفرنسية
ــ ما هي علاقة الفلسفة الألمانية بظهور الماركسية ؟ أراد هيغل أن يقوم بثورة في ميدان الأفكار تشبه ما قامت به كومنة باريس في ميدان الواقع .. ومن هنا كانت الجدلية ... كانت المانيا مجزأة .. وكانت لا تزال تخضع للنظام الإقطاعي كما أن البرجوازية الفتيّة تحلم بأن تقدِم ما قامت به البرجوازية الفرنسية من القضاء على الإقطاع غير أنها كانت ضعيفة ولم يكن بمقدورها القيام بذلك ... هذا ما يفسّر نقص فلسفة هيغل الأساسي ألا وهي النزعة المثالية .. فالنزعة المثالية هي دائماً إنعكاس لعجز موضوعي ... فإذ به ينظر الى هذهِ الدولة على انها التعبير التاريخي الضروري عن الفكرة ... وهكذا تحصر الجدلية نفسها في نطاق تجريد ما هو كائن ، كما تقف حركتها عن السير لعجز طبقة لا يمكنها القيام بالثورة إلاّ في الذهن .. مات هيغل سنة 1831 خلفهُ جيل من الفلاسفة البرجوازيون وراحوا يبحثوا عن السلاح النظري ضد عدوّهم الطبقي في النزعة المادية الملحدة ، في القرن الثامن عشر ، ألا وهي مرحلة لودفيغ فورباخ الذي أعاد كتابة جوهر المسيحية سنة 1841 ( النزعة المادية الى عرشها ) ... وقد أثر فورباخ في كل من ماركس ( ولد في 1818 ) وانجلز ( ولد في 1820 ) وكلاهما ينحدر من البرجوازية المتحرّرة ... نزعة فورباخ المادية ظلت ميكانيكية ، إذ يرى وهو مُحق أن الانسان ثمرة للطبيعة لكنه لا يرى الانسان منتج يحوّل الطبيعة ، وأن هذا هو مصدر المجتمع ... كان فورباخ يفتقد لنظرة علمية للتاريخ فإستعاض عنها بديانة غامضة تقوم على الحب اي بعودة النزعة المثالية ... أنشأ ماركس فلسفة علمية قائمة على المادية الجدلية ... وقد تخطت هذه الفلسفة فلسفة هيغل المثالية ، وفلسفة فورباخ المادية الميكانيكية ... يصل ماركس من خلال دراسته للقول ... ( لم يفعل الفلاسفة سوى تفسير العالم ، بينما كان الواجب تحويله ) ..
ــ ما هو تأثير الإقتصاد السياسي الإنكَليزي في ظهور الماركسية ؟ كانت انكلترا في مطلع القرن التاسع عشر أكثر البلاد تقدماً في الإقتصاد ، وكانت البرجوازية الإنكليزية أول من إنتقل من الصناعة اليدوية الى الصناعة الآلية ... وهكذا نشأ الانتاج الإقتصادي الكبير وهو أساس المجتمع الرأسمالي ، وهذا ظرف يساعد موضوعياً على إزدهار الإقتصاد السياسي ، وهو علم القوانين التي تسيطر على الإنتاج وتبادل الوسائل المادية للمعيشة في المجتمع الإنساني ... لقد مهد الإقتصاديان الإنكليزيان آدم سميث وديفيد ريكاردو الطريق لنظرية القيمة ـ العمل لكنهما لم يستطيعا إدراك إدراك العلاقات الموضوعية بين الناس التي تتعدى تبادل السلع .. فعجزا عن التدليل ( إثبات ) على أن قيمة كل سلعة تتحدد بمقدار زمن العمل الضروري لإنتاجها ، وكان فضل ماركس أنه عرّف قيمة التبادل الحقيقية على أنها تتبلور للعمل الإجتماعي ... وبهذا تخطى ماركس حدود الإقتصاد السياسي الإنكليزي الذي عجز عن تحليل الرأسمالية تحليلاً كافياً ، لأن المصالح الطبقية حالت دون ذلك ... فقد كان الإقتصاديون يعتقدون أن الرأسمالية خالدة ، فقفز ماركس بالإقتصاد السياسي قفزة فاصلة بإكتشافهِ قانون فائض القيمة ... فقد دلل ماركس على أن تملك العمل الغير مدفوع أجره هو الصورة الأساسية للإنتاج الرأسمالي ، وإستغلال العمال الذين لايمكن فصلهم عنه ، كما دلل على أن الرأسمالي في نفس الوقت الذي يدفع فيه أجر قوة العمال العملية بمعدّل القيمة الحقيقية لهذه القوة كسلعة تباع في السوق ، فإنه يستخرج من هذه القوة قيمة تفوق القيمة التي دفعها أجراً لها ، وإن هذه القيمة الفائضة تكون مجموع القيم التي يتأتى عنها رأس المال الذي يزداد بإستمرار ويتضخم في أيدي الطبقات المالكة .. هكذا فسّر ماركس طريق الإنتاج الرأسمالي وطريق إنتاج رأس المال ...
ــ ما هو الدور الذي لعبتهُ الإشتراكية الفرنسية في ظهور الماركسيّة ؟ يجب البحث عن بذرة الإشتراكية الحديثة التي نشأ عنها الإشتراكية العلمية ... كان على الاشتراكية الحديثة ككل نظرية جديدة أن ترجع لأفكار سابقيها المباشرين وإن كانت جذورها في الواقع تنبت في أرض الوقائع الإقتصادية ... غير أن الاشتراكية السابقة على الماركسية لم تكن علمية بل كانت خيالية ، وتكون الاشتراكية الفرنسية أكبر جزء منها ، كما كانت تضم بعض المفكرين الألمان والفيلسوف الانكليزي اوين ...
ــ ما الذي كان يُميّز ماركس عن الإشتراكيين الخياليين ؟ وما يُميّز ماركس عنهم هو ... ( بدلاً من أن يتخيل مشروع مثالي فقد أقام الإشتراكية على أسس علمية ) ... وبالرغم من نقد كبار الفلاسفة الخياليون للرأسماية نقداً لاذعاً فإنهم لم يكونوا يمتلكوا النزعة المادية التاريخية وعلم المجتمعات الذي حقق لماركس إنتصاراً نهائياً ... لهذا فبالرغم من تأكدهم من نتائج الإستغلال الرأسمالي فإنهم عجزوا عن إدراك عملهِ . كما أنهم عجزوا عن إدراك الدور الذي تقوم به البروليتاريا في القضاء على الرأسمالية ( فظهر عجزهم النظري في صورة عجز علمي ) ... فإحتل العلم بفضل ماركس مكان الخيال وأصبحت الإشتراكية التي يحلم بها الخياليون واقعاً ملموساً ...
ــ كيف تكوّنت الإشتراكية العلمية ؟ إستفاد كل من ماركس وإنجلز من ظروف موضوعية أفضل من كبار الفلاسفة الذين جاؤوا قبلهما ، إذ أن تناقضات الرأسمالية كانت أوضح حين نضج تفكيرهما ، كما أن نضال البروليتاريا الثوري كان في أوج إحتدامهِ ... نشبت أول أزمة كبرى للرأسمالية سنة 1825 .. ثم أخذت الأزمات الإقتصادية لها تتوالى ، فإذ بالقوى الإنتاجية التي حشدها النظام الرأسمالي تنقلب ضدهُ .. وحدثت أول ثورة عمالية في ليدن بإنكلترا ( 1838 ـ 1842 ) .. وظهرت حرب الطبقات بين البروليتاريا والبرجوازية على مسرح تاريخ الشعوب التي تقرّر مصير الإنسانية ... ولم يكتفِ كل من ماركس وإنجلز بمشاهدة هذا النضال بل كانا مناضلين ثوريين ، بعكس الفلاسفة الخياليون ، فإشتركا في هذا النضال شخصياً في المانيا وفرنسا وانكلترا ، وعملا على تنظيم الحركة العمالية وأسّسا عام 1848 أول إتحاد للعمال ...
ــ ما هي الصفات المميزة للإشتراكية العلمية ؟ يجب التأكيد بقوة على طابع الإشتراكية الماركسية فهي ليست وحي أو إسطورة بل هي .. علم والعلم .. هو معرفة موضوعية للواقع يمدّنا بالوسائل لتغيير هذا الواقع ، وهكذا شأن الإشتراكية العلمية وهي تعتمد على إكتشافين كبيرين وهما .. 1 _ نظرية المادية التاريخية .. 2 _ إكتشاف سر الإنتاج الرأسمالي ( فائض القيمة ) ..
إن ماركس وجد في دراسة الفلسفة والعلوم الطبيعية نظرة عن العلم ، وهي المادية الجدلية التي أدى تطبيقها على المجتمعات الى ظهور النزعة المادية التاريخية ... إكتشف داروين قانون تطوّر الطبيعة العضوية ، بينما إكتشف ماركس قانون تطوّر المجتمع الإنساني ... وهو قانون خارجي سابق على وعي الناس وإرادتهم لأن االإنتاج ، أي النشاط الذي يضمن الناس بواستطتهِ وسائل معيشتهم هو الذي يكون العامل الأساسي في المجتمعات ويتحكم في تاريخها ، إذ تتحد العلاقات الإجتماعية والمؤسسات السياسية والأفكار بواسطة إنتاج السلع المادية ... يقول ماركس في مقدّمة رأس المال .. ( هدفنا النهائي هو الكشف عن القانون الإقتصادي لحركة المجتمع الحديث ) . التحليل الموضوعي إذاً هو الذي أدى بماركس الى إكتشاف التناقض الذي ينبت وينمو في الرأسمالية حتى يُفضي الى نشوب أزمة يموت بسببها ، وهو تناقض بين قوى الإنتاج وعلاقات الإنتاج ... تحليل الرأسمالية الموضوعي قاد ماركس الى القول ... ( إن الرأسمالية لا يمكن أن تعيش إلاّ بفائض القيمة أي بإستغلال البروليتاريا ، التناقض إذاً بين البرجوازية والبروليتاريا جزء لا يتجزأ من الرأسمالية ، ونضال هاتان الطبقتان ضرورة من ضرورات الرأسمالية ) ... ومن العبث القول أن ماركس إخترع الصراع الطبقي ، كل ما في الأمر أنه لاحظ وجود هذا النضال فهو موجود منذ إنحلال المجتمع القديم ... هذا النضال ... هو العامل المُحرّك للتاريخ ، لأن التناقض بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج ينحل بواسطتهِ . أي نضال البروليتاريا ضد البرجوازية سيحل التناقض بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج الرأسمالية .... كيف ..؟ بالملائمة بين علاقات الإنتاج وقوى الإنتاج ، أو بجعل وسائل الإنتاج إشتراكية ، عن طريق تحقيق الإشتراكية ، وهي مرحلة ضرورية للتطور التاريخي ...
ــ ما الذي لاحظهُ ماركس عند دراستهِ لتاريخ البرجوازية الرأسمالية ؟ انها قامت بنضال ثوري موضوعيّاً ، وانها السبب في إزدهار الإنتاج الضخم ، وهو الشرط الأساسي لتقدم المجتمعات ، لكن عمل الطبقة الثورية الآن يعود للبروليتاريا ضد البرجوازية التي تقف في وجه التقدم الإجتماعي ... ذلك يعني لا أمل للبروليتاريا سوى الثورة الإشتراكية ... فلماذا إذاً هذهِ الثورة حتمية ؟؟؟ لأنها ثمرة المجتمع البرجوازي ، ولا يمكنها تأمين معيشتها إلاّ بمحاربة الطبقة المُسيطرة ألا وهي البرجوازية الرأسمالية ، وذلك لأن تجمّع الرأسمالية يقوّي البروليتاريا ويزيد عددها ، فإن الوسيلة الوحيدة لتحريرها هي القضاء على علاقات الإنتاج الرأسمالية التي تجعل قوى الإنتاج تنقلب ضد البروليتاريا ومصلحتها إذا في إنتزاع وسائل الإنتاج والتبادل الضخمة من البرجوازية لتجعل منها ملكاً للجميع في مجتمع خالٍ من الإستغلال .. وتحتاج البروليتاريا كي تدرك دورها التاريخي الى ... العلم الماركسي
ــ كيف تركت الإشتراكية العلمية أثرها على المجتمعات ؟ تركت أثرها من خلال دمجها بالحركة العمالية ، لم يوجد ماركس الحركة العمالية بل هي واقع موضوعي مستقل عنه وقد بعثها وجود الرأسمالية ، لكنهُ أمدَّ هذه الحركة بوضعهِ للإشتراكية العلمية بالبوصلة التي تضئ طريقها وتجعلها منيعة لا تقهر ، وهكذا تم بواسطتهِ دمج الإشتراكية بالحركة العمالية ... لقد قطع كل من ماركس وإنجلز علاقتهما بطبقتهما وناديا بوجهة نظر البروليتاريا ، ولم تكن الأخيرة معادية للعلم ، بل أن مصلحتها الطبقية كانت تتفق موضوعياً ومصلحة الإشتراكية العلمية .. لا بدَّ إذاً من كل نظرية تؤكدها التجربة ، ولقد برهنت التجربة للعمال على فضائل الماركسية التي لا مثيل لها ...
ــ كيف يتحقق دمج الحركة العمالية بالإشتراكية العلمية ؟ بتكوين الحزب الذي يضم طليعة البروليتاريا وينظمها ، والذي يتسلح بالاشتراكية العلمية فيقود نضال طبقة العمال وحلفائها ... ذلك هو حزب الشيوعيين الذي يحدد كل من ماركس وانجلز مهمته في البيان الشيوعي ... ضرورة هذا الحزب معطى أساسي من معطيات الإشتراكية العلمية ، وهو يتفق مع تعاليم النزعة المادية الجدلية والمادية التاريخية ...
لماذا .. ؟؟ لأنه إذا صح أن البروليتاريا التي تستغلها البرجوازية مضطرة ماديّاً للنضال ضدها فلا يعني ذلك قط أن وعيها إشتراكي تلقائي ، لأن النظرية التلقائية معادية للماركسية ، والنظرية الثورية علم .. وليس من هناك علم تلقائي ... لقد قام لينين في كتابهِ ( ما العمل ؟ ) بنقد كلاسيكي للتلقائية .. ( إن حركة البروليتاريا التلقائية لا يمكن أن تؤدي بالبروليتاري الى أبعد من تأليف النقابات ، التي تضم العمال من مختلف المعتقدات السياسية ، ولكن ليس من هناك نقابة تستطيع بصفتها هذه أن تحمل للعمال ما يحمله الحزب السياسي الماركسي الا وهو أمل الثورة والعلم الثوري ) ..
أسئلة مأخوذة من المصادر التالية .. ــ المادية ونقد المذهب التجريبي ... لينين ــ ضد دوهرينغ .. انجلز ــ اصول الفلسفة الماركسية .. جورج بوليتزر
#فواز_فرحان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أسئلة وأجوبة في الماركسية .. 2
-
أسئلة وأجوبة في الماركسية .. 1
-
في المادية الديالكتيكية .. 11
-
في المادية الديالكتيكية .. 10
-
في المادية الديالكتيكية .. 9
-
في المادية الديالكتيكية .. 8
-
في المادية الديالكتيكية .. 7
-
في الماديّة الديالكتيكيّة .. 6
-
في الماديّة الديالكتيكيّة .. 5
-
في الماديّة الديالكتيكيّة .. 4
-
في الماديّة الديالكتيكيّة ..3
-
في الماديّة الديالكتيكيّة ..2
-
في الماديّة الديالكتيكيّة ..1
-
مختصرات في الماركسية 24
-
مختصرات في الماركسية 23
-
مختصرات في الماركسية 22
-
مختصرات في الماركسية 21
-
مختصرات في الماركسية 20
-
مختصرات في الماركسية 19
-
مختصرات في الماركسية 18
المزيد.....
-
الجامعة الوطنية للقطاع الفلاحي (إ.م.ش) تدعو للمشاركة الوازنة
...
-
النسخة الإليكترونية من جريدة النهج الديمقراطي العدد 576
-
فريق حزب التقدم والاشتراكية بمجلس النواب يُطالب الحكومة بتقد
...
-
السيد الحوثي: بقية الفصائل الفلسطينية المجاهدة في غزة تواصل
...
-
هل تسعى تركيا إلى إنهاء الصراع مع حزب العمال الكردستاني؟
-
تركيا.. اعتقال رئيس بلدية -أسنيورت- بتهمة الانتماء لحزب العم
...
-
العدد 577 من جريدة النهج الديمقراطي بالأكشاك
-
الجبهة الديمقراطية تراسل الاحزاب السياسية والبرلمانات العالم
...
-
المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي يدين بشدة وصف ا
...
-
بلاغ صحفي حول اجتماع المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
...
المزيد.....
-
الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي )
/ شادي الشماوي
-
هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي
...
/ ثاناسيس سبانيديس
-
حركة المثليين: التحرر والثورة
/ أليسيو ماركوني
-
إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع
...
/ شادي الشماوي
-
كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات
...
/ شادي الشماوي
-
المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب -
...
/ شادي الشماوي
-
ماركس الثورة واليسار
/ محمد الهلالي
المزيد.....
|