|
تفكيك المنظومة الاسلامية *
محمد نبيل حورس
الحوار المتمدن-العدد: 2997 - 2010 / 5 / 6 - 23:25
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
لو قلنا "المنظومة الاسلامية" وسكتنا ، نكون قد وقعنا فى خطأ التفكير المطلق اللى** يعتبر سمة اساسية فى التفكير المثالى والدينى . لكننا سنلزم التفكير العلمانى السليم ، لو حددنا المنظومة الاسلامية فى زمكانية معينة ، تكون نقطة الانطلاق لتفكيك المنظومة الاسلامية بشكل أوسع ، وهنا فى المقال ده*** ،سنعتبر أن زمن المنظومة الاسلامية هو الوقت الحاضر، و أن مكانها هو مصر . وقد وجدنا ان المنظومة الاسلامية المحددة فى الزمكانية دى*** ، من الممكن تفكيكها ل تلات محاور ، تتشابه على المجاز مع محاور الجيوش القديمة فى العصور الوسطى : ميمنة وميسرة وقلب . الميمنة : المحور الصوفى ، الجناح الشرقى للاسلام الميمنة لأن بلد منشأ الفكر الصوفى تقع على يمين الصحراء العربية ، والجناح الشرقى لأن التصوف الاسلامى ليس الا نتاج للتأثير الشرقى فى الاسلام كما سنوضح . لكن لازم أولا نفرق بين التصوف والزهد ، فالزهد ما هو الا ممارسات وسلوكيات انطوائية تقوم على التقشف وانكار الذات وقمعها، لكن التصوف نظرية وفكر ، فكر دينى شرقى ، هندى بالتحديد ، جذوره ترجع للديانة القومية الهندية او البراهمانية ، وهى تعتقد أن هناك طاقة خفية كامنة خلف كل مظهر من مظاهر الوجود، وتسميها طاقة البراهمن ، (اللى بتوازى فكرة الله فى النظرية الاسلامية) ، لكن البراهمن ده هو وجه العملة الآخر لقوة ثانية تسمى الأتمان وهى الطاقة الكامنة فى الذات الانسانية ، و طاقة الأتمان يمكن ان تتحد وتلتحم مع طاقة البراهمن فى وحدة وجودية واحدة ، (من هنا جاءت افكار الحلول والاتحاد ووحدة الوجود الصوفية ) ، لكن الاتحاد والالتحام ، لن يتموا الا اذا وصل الانسان لمرحلة التجلى وهى درجة عالية من الصفاء الروحى يتم الوصول لها عن طريق ممارسات وطقوس معينة 1 ، ( ودى فكرة الطرق الروحية الصوفية اللى غرضها النهائى هو هذا الاتحاد بين الذات الانسانية والله ) سمة الخطاب الصوفى الأساسية سمة وجدانية أنثوية ، ولغة الخطاب لغة رمزية مجازية ذات طابع شعرى تخيلى فضفاض . و الطريق لمعرفة الله والحقيقة من المنظور الصوفى هو القلب أو الوجدان ، لذا فالمعرفة والخبرة الصوفية تميل الى الفردانية والخصوصية . وعلاقة الانسان بالله فى التصور الصوفى علاقة عاطفية ، تشبه لحد بعيد علاقة الأنثى بالذكر ، اذ تتواتر داخل اللغة الصوفية مصطلحات شبقية ك "الوجد" و"العشق" ، و"التدله" و "الوصل" والبنية الصوفية بنية لا عقلية ، بمعنى أنها لا تعتمد على الحواس أوالعقل وقواعده فى معرفة الحقيقة أو الله وانما على العكس ، ترى أن العقل والحواس حجاب الحقيقة ، وتلجأ للخيال أوالتخيل لأبعد مدى وهو ما وجّه بؤرة اهتمام الصوفية ناحية اللامرئى واللا معقول ، وجعل كلمة صوفى ترتبط دايما بما هو خفى وغيبى 2. ان الانتصار الصوفى للعاطفة والخيال ، والنزعة الصوفية الدائبة فى كسر الحدود الحسية العقلية ، ومفارقة الصوفية للقوالب التشريعية الدينية السلطوية التقليدية ، كل ده كان السبب فى اقتراب الحالة الصوفية من الحالة الشاعرية بغموضها وتمردها وجموح خيالها ، ويفسر غواية الصوفية لعدد كبير من الفنانين والشعراء عبر التاريخ . ولو افترضنا أن هناك سيكولوجية ما لكل بنية ، فالوظيفة السيكولوجية الأولى للبنية الصوفية هى الحدس وهى وظيفة لاعقلية ،لأنها لا تعتمد على التفكير المنطقى او الحواس ، و الحدس فى الحالة الصوفية لا يسير فى اتجاه انبساطى ، يعنى لا يتوجه ناحية العالم الخارجى ، وانما يتوجه ناحية العالم الداخلى للذات ، فهو حدس انطوائى . من اشهر الطرق الصوفية : الطريقة المولوية ،الموجودة فى تركيا ، و الشهيرة بطقوسها الدورانية ، ففى معتقدها أن الدوران يؤدى لخروج الروح من الجسد واتحادها بالله (هو غاية وهدف أى طريقة صوفية ) ، لكنه من المنظور المادى العلمى ، يفسر الدوران ده على أنه وسيلة فيزيائية ينتج عنها اهتزاز سائل الاتزان الموجود اسفل المخيخ ، فيصبح ذهن الصوفى فى حالة يتكسر خلالها الوعى الحسى التقليدى ، وتتعطل آليات الكبت اللى بيمارسها هذا الوعى الحسى على عملية التخيل ، فيستطيع ذهن الصوفى ساعتها أن ينطلق فى خيالاته ، اللى من ضمنها اتحاده بقوة كلية ماورائية وهكذا وعبر التاريخ الاسلامى ، كانت السلطة الدينية الاسلامية مناهضة للعديد من مشاريع الصوفية ، واضطهدت وقتلت عدد من رموز الصوفية الاسلامية ونكلت بهم أبشع تنكيل ، مثل الحلاج اللى تم اتهامه بالهرطقة وصلب، ومثل شهاب الدين السهروردى اللى أعدمه السفاح صلاح الدين الأيوبى على الخازوق ، وغيرهم ، وطبعا عمليات الاعدام البدنية دى ، صاحبتها عمليات اعدام معنوية وأدبية أبشع ، فرجال السلطة الدينية الاسلامية عبر العصور سعوا لمحو هؤلاء المتصوفة الكبار تماما من الذاكرة و التاريخ ، وكادوا أن ينجحوا بالفعل ، لولا بعض المستشرقين اللى أعادوا اكتشافهم من جديد ، وقدموهم الى الذاكرة الانسانية . فأنقذوهم من مصير النسيان اللى أراده لهم رجال السلطة الدينية الغاشمة . الميسرة : المحور الازهرى ، الجناح الغربى للاسلام الميسرة لأن بلد منشأ الفكر الأزهرى تقع على يسار الصحراء العربية ، والجناح الغربى لأن الفكر الأزهرى هو نتاج التأثير الغربى فى الاسلام . فكلنا نعرف ، ان الازهر هى المؤسسة الاسلامية الوحيدة اللى بتدرس المنطق وعلم الكلام من بين موادها الدراسية ، لكن المنطق وعلم الكلام ليسوا مجرد مواد دراسية يلقنها الازهر ، وانما تعتبر الركيزة الاساسية للفكر الدينى الأزهرى ، يعتمد عليها فى تأسيس رؤيته ومنهجه وفقهه وفتاويه وأحكامه . ويتميز بها عن باقى محاور المنظومة الاسلامية . والمنطق وعلم الكلام فروع تعتمد على العقل ، وهم أبناء المنجز الفكرى الغربى ، الاغريقي بالتحديد ، حيث كان العقل وحده هو الأداة والمرجعية ،اذ اعتقد الاغريق أن العقل مكان الحقيقة ، وأنه بالتفكير العقلى المجرد من المنفعة والأهواء يمكن للانسان بلوغ الحقيقة ، لذا اشتهروا بالفلسفة وهى التفكير العقلى النظرى الممنهج والمنظم القائم على البرهنة والمهتم بوضع القواعد والقوانين والنظريات ، و جاء ارسطو طاليس فى العصور المتأخرة للفلسفة الاغريقية ، ووضع قواعد للتفكير نفسه ، عرفت بقواعد المنطق الارسطى الوعى الاسلامى تأثر بالمنجز الفكرى الغربى ده ، خلال حركة الترجمة الواسعة اللى بلغت ذروتها فى القرن الثالث الهجرى ، وأثمر التأثر ده عن مذاهب وعلوم ومباحث جديدة لم تكن معروفة من قبل ، فما يعرف بالفقه الاسلامى وقواعده وأصوله مثلا ، كلها مبنية على قواعد المنطق الأرسطى ، كما سعى بعض حكماء المسلمين ، للتوفيق بين الفكر الفلسفى الغربى و الفكر الدينى الاسلامى ، فظهرت الفلسفة الاسلامية وعلم الكلام وافراده من المتكلمة اللى حاولوا اثبات فروض النظرية الاسلامية بالعقل ، وقواعد العقل ، باحثين فى مسأله الوحى و وجود الله والعلاقة بين ذاته وصفاته ، بطريقة عقلية . فتنوعت فرقهم وجماعاتهم بين مشبهة مجسمة كانو يرون أن صفات الله حقيقية ومستقلة عن ذاته ، وبين معتزلة كانوا يرون أن صفات الله مجازية و هى عين ذاته،ومابين أشاعرة اتخذوا الموقف التوفيقى الوسطى بين الاثنين التأثير اللى أحدثه المتكلمة فى الفكر الاسلامى يمكن تشبيهه بالتأثير اللى أحدثه توما الأكوينى فى الفكر المسيحى ، حين وفق بين الفلسفة الاغريقية والمنطق الارسطى من جهة وبين الفكر الدينى المسيحى من جهة أخرى . فأنتج المذهب المدرسى ، اللى يمكن مشابهته هو الآخر بالمنهجية المدرسية الأزهرية. الخطاب الازهرى له سمة عقلية تقعيدية أى مهتم بالقواعد والأسس المنهجية للفهم والتنظير والحكم والافتاء وبالتالى لغة الخطاب لغة أكاديمية متخصصة ، تتواتر فيها مصطلحات عقلية مثل "الحجة " والدليل" و"البرهان" . ومن المنظور الأزهرى- الكلامى ، الطريق لمعرفة الله والحقيقة هو العقل والتفكير ، وبما أن التفكيرالعقلى له طابع التعميم والشمول ، لذا فالمعرفة والآراء الازهرية لها طابع التعميم والشمولية . وعلاقة الانسان بالله من المنظور الازهرى الكلامى علاقة عقلية ، تشبه- من وجهة نظرى الخاصة -علاقة التلميذ بالأستاذ و طبعا البنية الأزهرية- الكلامية بنية عقلية ، وظيفتها السيكولوجية الأهم هى التفكير، لكنه تفكير انطوائى وليس تفكير انبساطى ، لا يفهم العالم بالذهاب اليه ومشاهدته وملاحظته ، انما يحاول فهمه عن طريق تفكير عقلى نظرى انطوائى ، يزيد من انطوائيته ، انحباسه فى إطار الكتاب المقدس الاسلامى. والأزهر -كما هومعروف- ابن للسلطة منذ يومه الصفر ، أسسته السلطة الفاطمية الشيعية بغرض نشر الفكر الشيعى ، وبعدين حورب وأغلق فى زمن صلاح الدين الأيوبى ضمن محاولاته لمحو الشيعة والفكر الشيعى من مصر، وكانت هذه هى المرة الأولى والأخيرة اللى حورب فيها الأزهر من قبل السلطة ، عاد بعدها الأزهر فى رعاية وكنف السلطة السنية . ورغم مواقف الأزهر اللى كانت ولا تزال تميل فى غالبها مع السلطة الموجودة ، لكن للأزهر خروجاته التاريخية النادرة والاستثنائية . و الأزهركان الساحة لأكبر مشروع اصلاح دينى اسلامى فى العصر الحديث ، وهو المشروع اللى قاده الشيخ محمد عبده أحد رجالات الأزهر ، اللى كان فى نفس الوقت، من أكبر منتقدى الأزهر وما أصابه من الرجعية و التزمت ، و بدأت عملية الاصلاح الدينى دى فى أواخر القرن التاسع عشر ، لكنها كانت كبارقة أمل خاطفة ، سرعان ما تلاشت ، وانتكس مشروع محمد عبده الاصلاحى وانتهى بانتصار التيارات الرجعية المتزمتة فى النهاية . القلب : المحور السلفى ، الجسم الأصلى للاسلام القلب لسببين : لأن المنطقة الراعية للفكر السلفى هى نفسها منطقة نشأة الاسلام ، ولأن القلب هو الجزء اللى كانت تسند له مهمة الهجوم الأساسية فى الجيوش القديمة ، وهو ما يتماشى مع الجلافة البدوية والعدوانية والشراسة اللى يمتاز بها التيار السلفى (الجهادى وغير الجهادى) والجسم الأصلى للاسلام لسبب : أن المحور السلفى هو الاسلام الخام ، الاسلام الأصلى اسلام صحراء القحط والمحط العربية بدون أى اضافات أو تعديلات أو تأثيرات شرقية أو غربية . عموما الأصولية أو السلفية هى أكثر المذاهب الدينية انسجاما مع طبيعة الدين نفسه ، فالدين يطرح نفسه دوما على أنه بناء من الحقائق الكلية المطلقة ، وده معناه 1- أنه مكتفى بذاته 2- أنه متجاوز للمحددات الزمكانية لنشأته وتشكله ، يعنى صالح لكل زمان ومكان . والأصولية السلفية هى الراعي الأول للمفاهيم دى وهى الأكثر التحاما بها وتلبية لها ، اذ هى الأساس التحتى العميق لأى نزعة أصولية سلفية . مفهوم الاكتفاء الذاتى للدين يعنى أنه مكتمل ، وأى تمازجات أو تأثيرات خارجية أو تطويرات لشكله الأصلى ، معناها اعتراف ضمني بحاجة الدين لغيره ، و ده انتقاص منه ، ونقض لفكرة اكتفائه الذاتى ، لذا تأتى مواقف الأصولية السلفية شديدة العدوانية ناحية هذه الإضافات والتأثيرات ، شرقية صوفية كانت أم غربية عقلية ، واصفة لها بالبدع والمحدثات الدخيلة اللى يجب تطهير الدين منها ، واللى مثاليا يجب محوها تماما من الوجود . أما القول بصلاحية الدين لكل زمان ومكان يعنى بالضرورة إنكار حقيقة الجدل والتغير ، و تجريد أحكام الدين وآرائه وتعليماته من شروطها الزمكانية النسبية ، ومد تاريخ صلاحية هذه الأحكام والتعليمات لمالانهاية ، مما يفسر رفض السلفية لوضع أى تفصيلة فى الدين داخل اطارها الزمكانى ، مثلا عندما أعطى النبى لاتباعه فى يثرب تعليمات بحف شورابهم واطلاق لحاهم ، فعل ده حتى يميزهم عن يهود يثرب اللى كانوا يفعلون العكس أى يطلقون شواربهم ويحفون لحاهم ، دى تعليمات ارتبطت بمكان معين وهو يثرب وزمان معين وهو فترة اقامة النبى فى يثرب ، لكن مع العقلية السلفية وتفعيلها الشديد للنقطة رقم 2 ، فان التعليمات دى خرجت عن سياق الزمان والمكان والتاريخ ، لتتحول الى أيقونات مطلقة واجبة الاتباع فى كل مكان وزمان ، منعزلة عن الظروف اللى أفرزتها ، وكل من يحاول ارجاع التعليمات دى وما شابهها لسياقها الزمنى والمكانى ، تخرجه الأصولية السلفية نظريا من سياق الدين ككل ، ثم تخرجه عمليا من الحياة برمتها . الأصولية السلفية فى الاسلام ظهرت على تلات موجات ، الموجة الأولى جاءت كردة فعل انتكاسية على سيادة المذهب العقلى ذو الأصول الاغريقية أيام الخليفة المأمون ، ردة الفعل جاءت على يد رجل دين اسلامى يدعى أحمد بن حنبل ، نضرب به نحن المصريون المثل بقولنا " دا أنت حنبلى" اذا اردنا استهجان أى انسان يظهر تشددا وتزمتا فى موقف ما ، ببساطة ، الرجل ده ، دعا لغلبة النقل على العقل ، والأخذ بظاهر النصوص وقطع الطريق على احتماليات تأويلها ، اتفق معه الأمام أبو حامد الغزالى رغم أصوله الصوفية وألف كتابه الشهير "تهافت الفلاسفة" يهاجم ويكفّر أصحاب المحور العقلى الكلامى ، وبعدين جاء ابن تيمية اللى عاش أيام سقوط بغداد على يد التتار ، يمشى على نفس الخط لكنه كفّر الجميع المرة دى ، المتصوفة والمتكلمة واتهمهم بالتسبب فى الهزيمة لأنهم افسدوا العقل المسلم وانحرفوا به عن الطريق السليم ودى كانت الموجة الثانية ، أما الموجة التالثة للسلفية الاسلامية فقد جاءت مع "محمد بن عبد الوهاب" الرجل البدوى السعودى اللى عاش أواخر الامبراطورية العثمانلية واذا كان المحور الصوفى يتمركز حول العاطفة والخيال ، والمحور الأزهرى يتمركز حول العقل والتفكير فالمحور السلفى لاعقل فيه ولاعاطفة ولا خيال ، فقط هناك النقل والاسناد ، لا يعترف بغيرهم . بالتالى ، الخطاب السلفى سمته الأساسية سمة نصية آلية جامدة ، ولغة الخطاب هجومية عدوانية ويقينية حدية ، اذ تتواتر داخلها مصطلحات قطعية استعلائية مثل " تصحيح عقيدة كذا" و " الجواب الصحيح لكذا" أو "الرد الأقوم على كذا" . الطريق لمعرفة الله والحقيقة من المنظور السلفى هو النص المقدس وظاهره ، لذلك ، تتميز الآراء والفتاوى السلفية بالشمولية المطلقة . علاقة الانسان بالله فى السلفية علاقة مغرقة فى الهيراركية بالغة الصرامة ، علاقة عبد بسيده الاقطاعى . ممكن نشبه البنية السلفية بجهاز أو ماكينة يخرج منها ذراعان ، الأول ينتهى بعدسة كاميرا حساسة تقرأ كل ما يصل لها ، وبعدين تقارنه بنموذج معين موجود فى ذاكرة الماكينة ، فاذا لم تجده مطابقا تمام التطابق مع النموذج ده ، تناوله للذراع الآخر اللى بينتهى بسيف بتار يمزق هذا الشئ الغير المطابق تمام التمزيق . الوظيفة السيكولوجية الأولى للسلفية هى الشعور ، وهى الوظيفة السيكولوجية اللى بتحكم على الاشياء من حيث كونها جيدة أم سيئة 3، وده هاجس السلفية الرئيسى ، الحكم على السلوكيات حلال أم حرام وعلى العقيدة صحيحة أم ضالة وهكذا ، كما أن توجه الشعور السلفى ناحية الخارج الاجتماعى يجعلنا نقول أنه شعور انبساطى . المحور السلفى ليس عميقا عمق المحورين السابقين ، لايعنيه الاستغراق والتعمق فى المسائل النظرية الفكرية المجردة كما هو الحال عند محور المتكلمة الأزهرى ، ولا الاستغراق والتعمق فى المسائل النفسية أو "الروحية" كما هو الحال عند محور المتصوفة ، المحور السلفى أكثر عملية ، صحيح أن له نظريته ، لكن ما يهمه فى المقام الأول هو الـتأثير المباشر فى الواقع الاجتماعى وتغييره لصالحه بشتى الوسائل بما فيها العنف والقوة ، من هنا جاءت جماعة الاخوان المسلمين وما خرج منها من جماعات ارهابية مسلحة ، فهى كلها تمثل الجانب التطبيقي أو الذراع العملى للمحور السلفى . دى ببساطة محاور المنظومة الاسلامية المصرية الحالية بعد تفكيكها ، لكن ليس هناك مانع أن ينطبق التفكيك ده على المنظومات الاسلامية فى بلاد أخرى غير مصر وفى أزمان أخرى غير الوقت الحاضر فالصوفية لا تقتصر على مصر ، وليست وليدة العصر الحاضر والكلامية الأزهرية لاتقتصر على مصر ، وليست وليدة العصر الحاضر والسلفية لا تقتصر على مصر ، وليست وليدة العصر الحاضر فالتلاتة أبطال الدراما الاسلامية عبر التاريخ ، وبينهم يدور الصراع الداخلى الاسلامى – الاسلامى ، ونظرة خاطفة للكتب والمطبوعات والمنتديات والمواقع الاسلامية تكفى لإثبات حقيقة الصراع ده ، وإن كانت كفة الصراع حاليا تميل لصالح المحور السلفى صاحب دور البطولة المطلقة ، بسبب ما يدعمه من أموال نفطية فلكية العدد ، الا أن الأمل لا يجب أن يفقد فى اندحار الهوجة السلفية الكابوسية . الهوامش : (*) هذا المقال مترجم فى أغلبه الأعظم الى اللغة الفصحى (القرشية) عن نصه الأصلى المكتوب باللغة العامية المصرية وذلك لضرورات النشر وطبيعة المتلقين المستهدفين المنتمين لقوميات شرق أوسطية متعددة . (**) اللى : اسم موصول فى اللغة العامية المصرية يكافئ كل الأسماء الموصولة فى اللغة الفصحى (القرشية) (***) (ده) و( دى) اسماء اشارة فى اللغة العامية المصرية مذكرة ومؤنثة على الترتيب ، تكافئ كل اسماء الاشارة فى اللغة الفصحى (القرشية) . المصادر : 1 جفرى بارندر ، المعتقدات الدينية لدى الشعوب ، ت : امام عبد الفتاح امام ، م : عبد الغفار المكاوى سلسلة عالم المعرفة ، الكويت 1993 2 أدونيس ، الصوفية والسوريالية ، دار الساقى 3 ماجى هايد - مايكل ماكجنس ، أقدم لك يونج ، ت : محى الدين مزيد ، م : امام عبد الفتاح امام ، المشروع القومى للترجمة ، القاهرة 2004
#محمد_نبيل_حورس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
المزيد.....
-
هجوم ماغدبورغ: دوافع غامضة بين معاداة الإسلام والاستياء من س
...
-
بابا الفاتيكان: الغارات الإسرائيلية على غزة وحشية
-
رئيس الإدارة الدينية لمسلمي روسيا يعلق على فتوى تعدد الزوجات
...
-
مـامـا جابت بيبي.. حـدث تردد قناة طيور الجنة 2025 نايل وعرب
...
-
بابا الفاتيكان يصر على إدانة الهجوم الاسرائيلي الوحشي على غز
...
-
وفد -إسرائيلي- يصل القاهرة تزامناً مع وجود قادة حماس والجها
...
-
وزيرة داخلية ألمانيا: منفذ هجوم ماغديبورغ له مواقف معادية لل
...
-
استبعاد الدوافع الإسلامية للسعودي مرتكب عملية الدهس في ألمان
...
-
حماس والجهاد الاسلامي تشيدان بالقصف الصاروخي اليمني ضد كيان
...
-
المرجعية الدينية العليا تقوم بمساعدة النازحين السوريين
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|