أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماريو أنور - فكرة الموت














المزيد.....

فكرة الموت


ماريو أنور

الحوار المتمدن-العدد: 2997 - 2010 / 5 / 6 - 19:09
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


لنجرب , أن نتتبع طريقة تفكير أخرى لندخل أكثر فأكثر فى عمق المعانى المفرطة فى التعقيد والذى لا يكفى , لجلائها , وجهة نظر وحيدة . ولهذه الغاية , فلنأخذ مرة أخرى , بمعطيات تفسير مختلفة عن ما يفسر به فى العادة .... يقال لنا إن كلمة جحيم .... ليست سوى ترجمة سيئة لكلمة ( Scheol ) التى يشير معناها , فى العبرية , إلى الحالة التى تلى الموت والتى كانت تمثل بصورة غامضة جداً , وكأنها ظل لوجود أقرب إلى العدمية منه إلى الكينونة . ولكن السؤال هو أن نعرف هل نحن , بهذه الطريقة , قد جعلنا المشكلة أكثر بساطة و أقل غموضاً , ويبدو لى أن بهذا فقط , تنظرح المشكلة الحقيقية القائمة على معرفة ما هو الموت حقاً , وماذا يحدث للإنسان عندما يموت , أو عندما ندخل فى مصير الموت . إننا ولا شك , مرغمون على الاعتراف بالارتباك و الحيرة أمام هذه المشكلة . فما من إنسان يعرف هذا حقاً , لأننا نعيش جميعاً خارج الموت , كما أننا لم نخضع لتجربة الموت . ولكن قد نستطيع أن نجد طريقاً تقربنا من ذلك .
ولنحاول أن نحدد ذلك بمثل : ها هو ولداً عليه أن يجتاز وحيداً , فى الليل , غابة كثيفة , فإنه يخاف حتى ولو بينا له بالطريقة الأكثر إقناعاًُ , ان ما من شىء يخاف منه . ولكنه فى الوقت الذى يجد فيه نفسه وحيداً فى الظلمة , ويختبر الوحدة بطريقة جذرية , فإن الخوف يتضح , خوف الإنسان الحقيقى الذى ليس خوفاً من شىء , ولكنه خوف بحد ذاته . فإذا خاف إنسان مثلا , من كلب مؤذ فمن السهل تسوية الأمر وذلك بربط الكلب . أما هنا , فالأمر يتعلق بظاهرة أكثر عمقاً , الإنسان المتروك إلى أقصى درجات الوحدة يخاف لا من شىء محدد يمكن إبطال مفعوله بأقيسة و أدلة , إنما يختبر خوف الوحدة ¸ و عدم أمان وجوده و قلة ثباته اللذين يستحيل التغلب عليهما بقوة الإدراك . و لنأخذ مثلاً آخر : لو أراد إنسان أن يسهر الليل وحيداً , على إنسان ميت فسيشعر دائماً بقليل من القلق وعد الاطمئنان حتى ولو لم يرد أن يقر بذلك , وحتى لو توصل إلى إقناع نفسه , بصورة جذرية , أن لا مبرر لخوفه . إنه يعرف جيداً أن الميت لا حول له ولا قوة , وأن موقفه كان أكثر خطورة لو أن الميت لا يزال على قيد الحياة . فما يستشعر لهو خوف مختلف , غير الخوف من شىء ما . إن ما يشعر به , وحيداً , مع الموت , هو عدم الاطمئنان بحد ذاته الذى تسببه الوحدة , عدم ثبات الوجود المعرض . ولكن الأمر يتعلق الآن بمعرفة كيف نستطيع التغلب على خوف كهذا . فعبثاً نحاول أن نبين أن هذا الخوف لا مبرر له . إن خوف الولد , فى الغابة , ينتهى حين تمتد يد فتمسك به وتقوده , أو ينطلق صوت فيكلمه . أى فى الوقت الذى يشعر فيه بوجود أحد يحبه , كذلك فإن المتواجد , وحيداً , مع الميت , سيشعر بقلقه يتلاشى إذا كلن معه أحد , فطريقة السيطرة على الخوف توضح مرة ثانية ما هى مسبباته . إنه خوف من الوحدة , خوف كائن لا يقوى على العيش إلا مع الآخرين . فخوف الإنسان الحقيقى لا يمكن التغلب عليه بالعقل و الإدراك , إنما فقط بحضور شخص . علينا أن نتعمق أكثر فأكثر فى هذه المسألة .
فإذا كانت الوحدة حيث لا كلمة من إنسان آخر , تستطيع أن تخترقها فتغيرها و تلطف منها , و إذا كان تخل عميق جداً حيث لا يستطيع أحد النفاذ , فإذاً هى الوحدة الحقيقة التامة , الخوف الكلى الذى يسميه اللاهوتى (( جحيماً )) . وانطلاقاً من هذا يمكن تحديد معنى هذه الكلمة : إنه يعنى وحدة لا تستطيع كلمة الحب أن تنفذ إليهاًٍ , والتى تشكل بحق الكيان المعرض المهدد . من منا لا يتذكر , فى هذا الخصوص , شعراء و فلاسفة معاصرين , يؤكدون أن كل اللقاءات بين البشر تبقى , فى الأساس , سطحية و أن ما من إنسان يستطيع الولوج
غلى عمق الآخر ؟ فما من أحد , بحسب آرائهم , يمكنه الوصول إلى عمق أعماق الآخر , إلى الأخص من ذاته . فأى لقاء مهما بدا حلواً , ليس سوى مخدر لجرح الوحدة الذى لا شفاء له . ففى عمق أعماق وجودنا , إذاً , قد تمكن الجحيم , اليأس , أى الوحدة التى هى , أيضاً , محتومة بقدر ما هى قاسية , وكما نعرف , فإن سارتر بنى تعريفه للإنسان , انطلاقاً من هذه الفكرة , ولكن , حتى شاعر ظريف مشرق كهرمن هس يعبر , فى أعماقه , عن الفكرة نفسها :
غريب السير فى الضباب
العيش معناه الوحدة
لا أحد يعرف جاره
كل يحيا لوحده .
نحن فى الواقع , متأكدون من شىء , وهو وجود ليل لا يصل إلى فراغه صوت و باب لا نستطيع أن نعبره إلا وحيدين ألا وهو بابا الموت . فخوف العالم كله هو فى الأساس الخوف من الوحدة . أنتهت المقالة على الورق ... ولكنها تستكمل فى الحياة فى أختيارين فقط لا غير ... وهما .... هل يمكن عبور الوحدة داخل فكرة التطور و الاندماح .... ام نتجه الى فكرة العدم ....



#ماريو_أنور (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفكر و الصدفة
- معيار التطور فى الكائنات
- بزوغ الحياة
- التطوُّر الإنساني وضرورة التحول الروحي
- الروح العلمية و الإيمان بالمستقبل
- ( خذنى و كلنى ) فن التطور الإنسانى
- ربما يكون هذا حقيقياً
- صورة اللاهوتى المعاصر
- تصورات إلهية
- الفصل الأخير مسرحية عدو المسيح المثيرة للجدل
- هل كان العالم فى حاجة لمجىء محمد صلى الله عليه و سلم ؟ ولماذ ...
- قصص المعجزات الأنجيلية و الأسطورة (2)
- قصص المعجزات الأنجيلية و الأسطورة (1)
- جمهورية الأنبا شنوده
- مقارنات لظهورات مريمية
- حيرة إلهية
- مصطفى محمود ( لا يستحق التكريم ) 2
- مصطفى محمود ( لا يستحق التكريم )
- زنى العقول
- طلقات اوباما النارية


المزيد.....




- أول رد من الإمارات على اختفاء رجل دين يهودي على أراضيها
- غزة.. مستعمرون يقتحمون المقبرة الاسلامية والبلدة القديمة في ...
- بيان للخارجية الإماراتية بشأن الحاخام اليهودي المختفي
- بيان إماراتي بشأن اختفاء الحاخام اليهودي
- قائد الثورة الاسلامية آية الله‌خامنئي يصدر منشورا بالعبرية ع ...
- اختفاء حاخام يهودي في الإمارات.. وإسرائيل تتحرك بعد معلومة ع ...
- إعلام العدو: اختفاء رجل دين اسرائيلي في الامارات والموساد يش ...
- مستوطنون يقتحمون مقبرة إسلامية في الضفة الغربية
- سفير إسرائيل ببرلين: اليهود لا يشعرون بالأمان في ألمانيا
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف مستوطنة -أفيفيم- بصلية صا ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - ماريو أنور - فكرة الموت