|
من هم المثقفون في عراق الاحتلال
محمد جواد فارس
الحوار المتمدن-العدد: 912 - 2004 / 8 / 1 - 12:08
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
هناك تساؤل هام يثور اليوم في كل مكان من العراق؛ من هم المثقفون؟ هل هم ،بالفعل شريحة عضوية من المجتمع السياسي الراهن، أم هم جماعة معزولة عن المجتمع وهمومه وقضاياه؟ إن نموذج العراق بعد الاحتلال يعطي مثلاً صارخاً عن الدور الذي يلعبه بعض المثقفون، وخصوصاً اليساريين والعلمانيين والحداثيين. لقد تحول بعضهم إلى مجرد موظفين في خدمة مؤسسات الاحتلال وبعضهم أضحى من أدواته وهم يقومون بنشاطات هدفها التملق والتزلف للاحتلال ومؤسساته الفكرية.. فعلى سبيل المثال لا الحصر أصبح أحد منظري اليسار العراقي بين ليلة وضحاها، من أشهر منظري معهد السلام الأمريكي، وإلى هذا كله فهم لا يكفون عن الظهور في وسائل الإعلام والفضائيات (والفضائية الحرة مجرد مثال لا أكثر والتي قاطعها كل مثقفي الأمة الشرفاء) بل ولا يتحرجون من الدفاع علناً عن طروحات الاحتلال ومشروعه، واكثر من ذلك وجدوا في رامسفيلد والطغمة العسكرية الفاشية حلفاء لهم وشركاء في صناعة ديمقراطية مزعومة في بلد انتهكت فيه كل المحرمات مثلما كشفن عن ذلك ممارسات سجن أبو غريب اللاأخلاقية والتي يندى لها جبين الإنسانية في القرن الحادي والعشرين. إن طغمة رامسفيلد – تشيني التي نفذت انقلابها العسكري الفاشي وقامت بتدمير الحريات المدنية في أمريكا، هي التي قامت بمحو الدولة العراقية ونهب ثرواتها الوطنية وتاريخها ومتاحفها ومسارحها، فضلاً عن ثرواتها النفطية التي صارت منهبة لشركة هاليبرتون. إن بعضاً من المثقفين العراقيين من اليساريين ودعاة الديمقراطية يروجون اليوم، بخلاف الواقع، مزاعم عن الحرية والديمقراطية التي جاء بها الأمريكيون، بينما يتعذب تحت احتلال بغيض لا سابق له من حيث درجة عنفه. ولكن لماذا صمت بعض المثقفين ممن كانوا يرفعون أصواتهم في الماضي مطالبين بالحرية ومدافعين عن حقوق الإنسان؟ ثمة أمثلة صارخة عن التناقض في مواقف المثقفين، أحدهم هزته في الماضي مشاعره الجياشة آنذاك يوم استشهاد أحد الفلاحين على يد إقطاعي من الجنوب، بعد ثورة الرابع عشر من تموز، كان الفلاح (صويحب) وهو رجل شهم متمسك بأرضه ويستحق التخليد مثالاً بطولياً، ولكن ذاك رجل واحد (صويحب واحد) فما رأي شاعرنا هذا بخمس وعشرين مليون صويحب ماتوا أو عذبوا أو سجنوا في سجن جماعي يدعى العراق، حيث تعرضوا لشتى أنواع أسلحة التدمير الشامل؟! وهناك مثقف آخر هو قائد لحزب سياسي، دخل مجلس الحكم الانتقالي ممثلاً عن الطائفة الشيعية، هذا المثقف كان ذات يوم في مواجهة مع أحد الجلادين (عام 1965) عندما بادره بكلمات نابية، فما كان منه إلا أن بصق في وجه جلاده. فأين أنت يا أبا داود من ذاك الماضي وماذا تلاشت غيرتك أمام الاحتلال؟ ولماذا تصمت عن الممارسات المشينة بحق رجال وناء سجن أبو غريب؟ لماذا لم تسمع كلمة واحدة من هؤلاء المثقفين عن مجزرة عرس القائم، بينما نراهن الإرهاب وقتل المدنيين على يد ما يزعم أنها جماعات تمثل المقاومة وهم يعلمون أن المقاومة أسمى تطور وأشرف ظاهرة عرفها العرب في تاريخهم الحديث. وهناك مثقف آخر يطل علينا عبر الفضائيات وهو يصدح بموشح امتلاك العراق لسلاح الدمار الشامل وأنه يشكل خطراً على البشرية، فماذا يقول هذا المثقف للعراقيين وللعالم عن أكذوبة خطر العراق على السلام بعدما ثبت أن البلاد خالية تماماً من هذا الخطر المزعوم. ولو أخذنا على سبيل المثال الرسالة المخزية التي وجهها بعض المثقفين ومن بينهم القاص إبراهيم أحمد ومجموعة من شعراء الدرجة الرابعة ومعه كويتب يساري دوخنا في الماضي بكفاحه المسلح فإن الصورة ستكون مكتملة أمام أنظارنا، ها هنا مثقفون يشكرون المحتلين على احتلالهم، أليس هذا أمراً مخزياً؟ والأكثر خزياً أن يكون من بينهم مجموعة من الأطباء. إن أحد الموقعين على البيان (إبراهيم احمد) هو نفسه الذي كتب أثناء الحصار رواية "طفل الـCNN " والتي ندد فيها بالعدوان الأمريكي... فيا ترى ما الذي تغير؟ إن الذين لا يحترمون تاريخهم الشخصي والأدبي والسياسي وخصوصاً أولئك الذين خانوا رفاقهم في السجون راضين بوظيفة موظف في اليونسكو لا يحق لهم تسمية من يقاوم الاحتلال بأنه إرهابي... إن إرهاب الكلمة التي يمارسه بعض المثقفين مع الاحتلال لهو أشد فتكاً من الرصاص، بينما كلمة المقاومة تصبح اكثر سطوعاً من شمس الحرية... فتحية للمثقفين المقاومين القابضين على الجمر من أمثال سعدي يوسف وفاضل الربيعي وسلام مسافر ومحمد عارف وآخرين عيرهم.
#محمد_جواد_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فرج الله الحلو – فهد – سلام عادل – شهدي عطية – عبد الخالق مح
...
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|