|
اليوم العالمي للصحافة
حميد طولست
الحوار المتمدن-العدد: 2995 - 2010 / 5 / 4 - 17:40
المحور:
الصحافة والاعلام
حقيقة لابد من قولها
المسؤولية جزء من الحرية
تحل اليوم ذكرى اليوم العالمي للصحافة الذي من المفروض أن نحتفل به، ونكتب عنه وفيه عن صاحبة الجلالة التي ضوخت العضماء ومتعت البسطاء وأتحفت المهتمين. فماذا عساني أكتب بهذه المناسبات السعيدة أو التعيسة؟ وعمن سأكتب ؟ فهذا قلمي قد احتار تماما أمام كل كثرة المواضيع، على الرغم من أن رأسي يضج بالأخباروالأحداث التي وقعت وتقع على مدار الساعة. فلا شيئ أصبح يؤثر في القارئ، مهما كان رائعا أو مروعا .. الصحف تكتب كثيرا والإذاعات تقول كثيرا..والناس يسمعون أكثر مما يقرؤن رغم أن العرض أكثر من الطلب. لكن وللأمانة والانصاف لابد من الكتابة عن الصحافة و الصحفيين في يومهم العالمي لحرية الصحافة.. لا أحد ينكر أن مهنة الصحافة هي مهنة المتاعب بامتياز، فكثير هم الصحفيون الذين فقدوا حياتهم بسبب تغطيتهم لأخبار الحروب والكوارث ، وكثير هم الصحفيون الذين جز بهم في السجون لمواقفهم غير المداهنة، وشجاعتهم الخرافية في الحق، خاصة في البلدان التي تشكل فيها صحافة المديح الإطار العام لميدان الإعلام، حيث يغيب النقد بشكل يدعو للإسف، ويكثر مع غيابه رؤساء التحرير الوصوليون الخائفون على كراسيهم الصغيرة وامتيازاتهم الضئيلة، مؤثرين السلامة على الندامة كمبدأ، و" بعد من البلا لايبليك " ينظرون للأمور من أبراج أسيادهم العاجية .. فالصحافة التي تروم بناء دولة الحق والقانون، ليست مهنة من لا مهنة له، ولا مكان فيها لأنصاف المتعلمين أو من لا إبداع لديهم . ومن هنا تأتي صعوبة وخطورة هذه المهنة التي تحتاج إلى الكثير من الصبر والأناة وبعد النظر والإعتماد على أهل الخبرة والمعرفة ، الذين بهم يتحقق النجاح .. وأقصى ما نتمناه لصحافتنا الجهوية قبل الوطنية، هو أن تتجاوز دور النقال للإخبار الغافل عن نقد النقائص والعيوب بكل نزاهة وتجرد .. وكما هو معلوم، لا تقوم المجتمعات، ولا تبنى الأمم إلا بفضل النقد البناء النزيه المجرد، وهو صميم " الدين النصيحة " وذاك لعمري سبيل السعي إلى الكمال .. وعندي أن العيب ليس في المسؤولين كما يدعي الكثير من أنصاف الصحفيين، الذين تناولناهم بالتحليل في الحلقة الفارطة من العدد الثاني ، و لكن العيب كل العيب فيمن يدخل غمار هذه الرسالة المقدسة من ضعاف الأقلام والمرتزقة بمداد المهنة وحروفها، الذين سطحوا الصحافة وبهدلوا دورها الفعال في التغيير.. وقتلوا طابعها الأصيل، بما انطوت عليه نفوسهم من جشع ولؤم ... فمن قال أن المسؤولين لا تسعدهم " قولة حق في محلها " ؟؟ فهي ترضي كل ذي ضمير حي صادق، وهم موجودون بيننا ولله الحمد والشكر. فالمسؤول الحق كيفما كانت مسؤوليته يكون أسعد إذا بلغته الأمور كما هي طبقا للواقع، وفي ذلك يكون العلاج الأسرع والأنفع .. فلماذا هذه العلاقة المرتبكة بين المسؤولين والصحفيين، هذا الإرتباك المفتعل الذي يعطل بصورة أو بأخرى حركة الصحافة المغربية –جهوية كانت أم وطنية – في اتجاه استكمال تطورها للمحافظة على ثوابت الوطن والدفاع عن قيم المجتمع وتقاليده ، والقاء الضوء على مواطن الخلل في المؤسسات الخدمية التي تتعامل مع الجماهير. فالحرية شرط أساسي في العمل الصحفي . ولكن المسؤولية أيضا شرط له أهميته دون تراتبيات، فالحرية جزء من ممارسة المسؤولية وهي التي تجعل الصحفي يحافظ على تلك الحرية. وتبقى المصلحة العامة هي الفيصل النهائي في الحكم على صحة ما يفعله المسؤول، وما يفعله الصحفي..وللتاريخ والحقيقة لابد من شكر دولة الحق والقانون، والمسؤولين المحليين بمدينة فاس، من رئيس وقائد مقاطعة طارق مرورا بباشا أكدال ووصولا إلى واليها السيد غرابي، الذين أعادوا بتدخلهم بعضا من الأمل بأن " الدنيا بخير " وأن صحافتنا الجهوية مقروءة ومسموعة.. فالقضية وما فيها أنه بعد تعرضنا في العدد الماضي من جريدتنا " منتدى سايس " لقضية انتهاك الملك العمومي بحي طارق، إهتم المسؤولون بالشكاية وحولوا المشكلة إلى لحظة دافئة مؤثرة، توهجت فيها دموع المظلوم حتى سالت فرحا على محياه بعد أن أعيد له ما أغتصب منه، فاستعاد بذلك ، ونحن معه الإيمان بأن قوى الظلم والطغيان ، قد تستطيع أن تشوه الحقيقة، لكنها أبدا لن تستطيع تشويه الحق، خاصة إذا تضافرت الجهود، وتوحدت النوايا الحسنة لتخلق لحظة صفاء فندت كل إدعاء كاذب حول ارتباك العلاقة بين المسؤولين والصحافة .. ومادام الهاجس المشترك بينهما هو الحق والقانون، فلا بد للعلاقة بينهما أن تظل إنسانية صادقة دائما. فالصحفي بمفرده لا يغدو أن يكون إلا مجرد خيط من خيوط المجتمع، لابد له أن يتصل ويتواصل ويتشابك مع كل الخيوط الأخرى، ومن بينها السلطة، لكي ينسجا وشاحات تتلألأ بالنقاء والإيثار والخلاص، خلاص المجتمع من ادرانه.. إنها دعوة لتوسيع عدسة رؤية صحافتنا حتى تتحرر من تمركزها حول الذات وتتماهى مع مسؤولين يتمازجون معها في ذات الحب وذات الهم في ذات الوطن.
#حميد_طولست (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
احتفالات عيد العمال
-
على هامش المصادقة على مدونة السير الجديجة
-
قصار القامة عظماء الهامة
-
المعارض ليست سيئة كلها
-
الاعتذار(1)
-
فوضى الأعياد
-
محاسبة الرؤساء بداية الإصلاح
-
لغو أطفال
-
من شب على شيء شاب عليه
-
الرياضة والسياسة
-
قراءة في الانتخابات المغربية الأخيرة
-
الهوية، أمازيغي قح
-
مغازلة الطارئين
-
مغامرة الكتابة ؟؟
-
توهج الكلمة
-
الصحافة الإلكترونية تتمأسس بالمغرب
-
الهدر و سوء التدبير
-
الأسلمة الموضة الجديدة
-
الشغيلة في عيدها الأممي
-
لماذا كل هذا الانشغال بالانتخابات؟؟؟
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
السوق المريضة: الصحافة في العصر الرقمي
/ كرم نعمة
-
سلاح غير مرخص: دونالد ترامب قوة إعلامية بلا مسؤولية
/ كرم نعمة
-
مجلة سماء الأمير
/ أسماء محمد مصطفى
-
إنتخابات الكنيست 25
/ محمد السهلي
-
المسؤولية الاجتماعية لوسائل الإعلام التقليدية في المجتمع.
/ غادة محمود عبد الحميد
-
داخل الكليبتوقراطية العراقية
/ يونس الخشاب
-
تقنيات وطرق حديثة في سرد القصص الصحفية
/ حسني رفعت حسني
-
فنّ السخريّة السياسيّة في الوطن العربي: الوظيفة التصحيحيّة ل
...
/ عصام بن الشيخ
-
/ زياد بوزيان
-
الإعلام و الوساطة : أدوار و معايير و فخ تمثيل الجماهير
/ مريم الحسن
المزيد.....
|