|
الرأي والرأي الآخر واشياء اخرى
قحطان محمد صالح الهيتي
الحوار المتمدن-العدد: 2994 - 2010 / 5 / 3 - 20:50
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يتوهم من يظن بان حرية الرأي تمنح صاحب الرأي أن يتجاوز حدود حريته وأن ينتهك حريات الآخرين، فمثلما لحريته حدود لا يسمح للآخرين بالتجاوز عليها، فان للآخرين حدودا لحرياتهم لن يسمحوا لأحد بتجاوزها. ويتوهم من يعتقد بان حرية الرأي تسمح لصاحبها أن يبرر الجريمة، أو أي سلوك إجرامي، لأنه بفعله هذا يكون قد ارتكب جريمة، إن لم تكن جناية ،أو جنحة ،فهي مخالفة ،وكل صور الجريمة هي أفعال يحاسب عليها القانون. ويتوهم من يعتقد بان للموظف العام أيا كان موقعه أن يستغل وظيفته لتحقيق منافع شخصية، أو حزبية أو فئوية ،فهو في فعله هذا قد خالف القانون. أقول قولي هذا وأنا استمع للكثير من أئمة الجوامع وهم يتصورون أنفسهم أنهم أعلى من الناس منزلة، وارفع منهم مكانة ،وأجلُّ منهم قدرا ،وأكثر منهم علما. إن على إمام الجامع أن يكون أكثر الناس التزاما بقوله تعالى" وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم".ولأن حرية الأحزاب حق كفله الدستور، ولأن الدستور هو أبو القوانين ولأن إمام الجامع وخطيبه موظف في دولة عُينَ في مؤسساتها بموجب القانون، و لأنه يُرفـّع فيها ،وينال رواتبه ومخصصاته على وفق القانون، ولأنه لو تأخر راتبه يوما أو نقص درهما سيطالب بذلك على وفق القانون، فعليه أن يحترم القانون، بل عليه أن يكون أول الداعين لاحترام القانون. ومثلما يريد إمام الجامع منا احترامه واحترام مكانته ورأيه نريد منه مثل هذا، وان لا يستغل المنبر وما أعطاه له من حق كخطيب ،عليه النصح و الإرشاد والتوجيه لما هو خير- نريد منه مثل هذا أن يحترمنا نحن المواطنين مسلمين وغير مسلمين، وان يحترم من خلال احترامه للقانون كل حق كفله لنا القانون.كما أن على إمام المسجد عندما يكون داعية للخير في خطبه أن يكون أكثر عدلا منا نحن المواطنين ،وان لا ينحاز إلى هذا الطرف أو ذاك بعصبية جاهلية مدفوعة بإغراض أو أهواء شخصية.إن لرجل الدين حقه في الدفاع عن دينه ،وإن لصاحب الفكر حقه في الدفاع عن فكره ضمن دائرة الرأي والرأي الآخر دون مساس بكرامة الطرف الآخر أو التشهير به ، لأن التشهير بالآخرين حرام شرعا وقانونا . وعليه من حيث الواجب الشرعي والقانوني ان يفسر لنا ويوضح ما معنى الحلال والحرام، لنتجنب الحرام ولنعمل بالحلال وبما يتفق مع النظام العام والآداب والزمن الذي نحن فيه. وبعد ان نعرف منه الحلال والحرام سنكون على بينة من امرنا. واليوم نسأل احد أئمة الجوامع ماهو الحرام في أن يفتتح في مدينة هيت العريقة الموغلة في التاريخ النابضة بالحضارة مقر للحزب الشيوعي العراقي، جنب مقرات كثيرة رفعت لافتاتها بأضوائها الملونة في هذه المدينة معلنة عن حياة سياسية جديدة ؟فهناك مقر للحزب الإسلامي العراقي، وهناك مقر للحزب الدستوري وهناك مقر لجماعة علماء ومثقفي الانبار، وكلها في شارع واحد ولا يبعد الواحد عن الآخر إلا بضعة أمتار، وهناك مقر للمنتدى الأدبي وهناك مقر لنادي الموظفين وهناك مقر لرابطة علماء ومثقفي العراق ،وهناك وهناك .... الكثير مما هو قائم ومما سيقوم،وما هو السند الشرعي والقانوني الذي اعتمده امام الجامع واساء على وفقه للساعين لهذا الأمر؟أليس هذا حكما على وفق مبدأ (محمد يرث ومحمد ما يرث )؟ليس جريمة وليس انتهاكا لحق أن يفتح مقر في هذه المدينة ،وليس من سلطة رجل الدين الدعوة إلى محاربة ذلك، أو التطاول أو التهجم على الساعين إليه طالما أنهم لم يقطعوا طريقا ،ولم يسلبوا أحدا حقه ،ولم ينتهكوا حرمة، ولم يرموا المحصنات من النساء، ولم يفسدوا ماليا ولا إداريا ،ولم يصطفوا في يوم من الأيام مع المعادين للشعب والوطن.واقف لأسال هل كان لإمام جامع أو مسجد أو خطيب بان يقول مثل هذا القول؟ أو أن يخطب مثل هذه الخطب أو يبوح بها سرا في العهد الماضي؟ و هل كان له أو بإمكانه أن يدعو إلى إغلاق مقرات حزب البعث ومنظماته ؟ أنا على ثقة ويقين بأنه لم يستطع الإيحاء ولو بالإشارة بذلك إلا إذا كان مستعدا للتضحية بقطع لسانه إن لم تقطع رقبته قبل لسانه. إن موضوع فتح مقرات للأحزاب والمنظمات الجماهيرية ومؤسسات المجتمع المدني شأن نظمه القانون وعلى الجميع احترام القانون من رئيس الدولة حتى اصغر موظف،وما امام الجامع الا موظف كباقي الموظفين محكوم بقوانين الدولة. وإذا ما رأت الدولة ممثلة بمؤسساتها الدستورية أن وجود المقر مخالف للقوانين فهي صاحبة القرار في ذلك. نريد من أمام المسجد أن يعلنها حربا على الفاسدين والمفسدين بمفهومنا الحضاري. الفاسدون ماليا وإداريا - وما أكثرهم اليوم- نريد منه أن يطالب بحقوق الفقراء، ورعاية اليتامى والأرامل،وان يكشف عن الكثير من الزيف والمستور في مؤسسات الدولة وأن يعلن عن الخراب في المؤسسات العلمية والتعليمية، وان لايكون سببا في كشف عورات الناس ورمي المحصنات. نريد ان يدعو الى اصلاح الراعي والرعية والى التعاون في ازالة الدمار الذي لحق بالبنية الاقتصادية للبلد وان يعلنها حملة شاملة للبحث عن الملايين التي سرقت ونهبت وأخذها السراق للسهر في ملاهي دمشق ولبنان وعمان ،و المتاجرة بها في أبوظبي ودبي وعجمان وغير ذلك من دول العالم .نريد من إمام المسجد أن يكون إمامنا و أمامنا وفي مقدمة الركب لمحاربة الشر والإرهاب أيا كان نوعه، وأيا كانت دوافعه وأين كان موطنه. نريد من الإمام الحق والإنصاف ، وان يحاسب نفسه وأهله عن كل تقصير وان لا يأمرنا بالبر وينسى نفسه . نريده أن يدعو إلى تطبيق القانون والى سيادة العدل ، وان يدعو إلى سبيل ربه بالحكمة والموعظة الحسنة.
#قحطان_محمد_صالح_الهيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
وادي الرافدين ووادي النيل- الأسم والحضارة
-
في الأنبار .... للعراق علمان
-
المثقف والسياسي بين بناء الحضارة وكتابة التاريخ
-
هيت في رحلة إلى المشرق
-
رسالة المس بيل إلى أبيها (1 )
-
الفاشلون الفائزون
-
ألفية وأمنيات
-
الطلبة البررة
-
بغداد وقلبي
-
هيت وينابعها المعدنية(1)
-
آه ٍ عراق
-
اخترت
-
هيت في رحلة اوليفيه(1797م/1212ه)*
-
هيت في رحلة ألوا موسيل
-
إلى روتانا مع التحية
-
ريح العين
-
عيد ميلاد
-
آذار والثقافة، وفرح الهيتيين
-
هيت في سنة 1935
-
بيت الحزب
المزيد.....
-
بدء احتفالات الذكرى الـ46 لانتصار الثورة الاسلامية في ايران
...
-
40 ألفا يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
40 ألفاً يؤدون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
-
تفاصيل قانون تمليك اليهود في الضفة
-
حرس الثورة الاسلامية: اسماء قادة القسام الشهداء تبث الرعب بق
...
-
أبرز المساجد والكنائس التي دمرها العدوان الإسرائيلي على غزة
...
-
لأول مرة خارج المسجد الحرام.. السعودية تعرض كسوة الكعبة في م
...
-
فرحي أطفالك.. أجدد تردد قناة طيور الجنة على القمر نايل سات ب
...
-
ليبيا.. وزارة الداخلية بحكومة حماد تشدد الرقابة على أغاني ال
...
-
الجهاد الاسلامي: ننعى قادة القسام الشهداء ونؤكد ثباتنا معا ب
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|