|
مصالحة وطنية.. نعم.. ولكن مع مَنْ وكيف؟
عبدالرزاق الصافي
الحوار المتمدن-العدد: 911 - 2004 / 7 / 31 - 11:52
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
العملية السياسية الجارية في العراق، الهادفة الى اقامة نظام فيدرالي ديمقراطي تعددي، في اطار عراق موحد ارضا وشعبا، تأخذ مجراها فقد جرى تسليم ملف السيادة الوطنية العراقية من قبل الحاكم المدني الامريكي بول بريمر الى كبير القضاة العراقيين قبل الموعد المحدد في ٠٣ يونيو ٤٠٠٢ بيومين. وكان امر رئاسة الجمهورية قد حسم بانتخاب عضو مجلس الحكم الانتقالي المحتل غازي الياور. وتشكلت الحكومة المؤقتة برئاسة الدكتور اياد علاوي العضو في مجلس الحكم الانتقالي ايضا. وشرعت الشرطة الوطنية العراقية بتكثيف عملياتها ونشاطاتها لضبط الامن في البلد، ومكافحة اعمال الارهاب والتخريب التي لم تنقطع حتى الان. ولم يكن مجرى العملية السياسية بمعزل عن هيئة الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي، وقراره المرقم ٦٤٥١، الذي اتخذ بالاجماع معترفا بالحكومة العراقية المؤقتة كونها تمتلك السيادة لممارسة اعمالها. وكذلك الحال بالنسبة للجالية العربية التي شارك وزير الخارجية العراقية هوشيار زيباري في كل الفعاليات التي قامت بها، باعتباره ممثلا للحكومة العراقية المعترف بها دوليا. وكان آخر اجتماع لوزراء الخارجية العرب، الذي انعقد قبل حوالي اسبوع، قد ابدى في بيانه الختامي دعما للحكومة العراقية، وادانة لاعمال الارهاب والتخريب التي تقوم بها عناصر اقل ما يقال عنها انها لا تريد لهذه العملية السياسية ان تصل الى نهايتها التي يترقبها الشعب العراقي، باجراء الانتخابات الحرة النزيهة باشراف الامم المتحدة في بداية العام المقبل، لمجلس تأسيس يأخذ على عاتقه صياغة دستور ديمقراطي دائم للعراق، واقامة حكومة انتقالية للفترة المتبقية حتى نهاية عام ٥٠٠٢. غير ان كل هذا جرى ويجري في ظل اوضاع صعبة معقدة اذ لا يمر يوم الا ويشهد وطننا اعمال ارهاب وتخريب لم تعد تستهدف في غالبيتها القوات الدولية التي كانت قوات احتلال حتى ٠٣/٦/٤٠٠٢ واصبحت منذ ذلك التاريخ قوات متعددة الجنسيات وفقا لقرار مجلس الامن المرقم ٦٤٥١ لا تمتلك ما كانت تمتلكه قوات الاحتلال من »صلاحيات« خولتها لها قرارات مجلس الامن السابقة لقرار ٦٤٥١. وذلك ان اعمال الارهاب والتخريب والاختطاف وذبح المختطفين، صارت تستهدف في الاساس افراد الشرطة العراقية ومراكزها وقوات الدفاع الوطني والمدنيين الابرياء والعاملين في العراق في مجالات الاعمار وتوفير الخدمات الانسانية والتجارة وغيرها، من شتى البلدان بل وصل الحال قبل ايام الى اختطاف الدبلوماسي المصري، الثالث من حيث الدرجة في السفارة المصرية في بغداد، ومطالبة مصر الشقيقة بالامتناع عن لعب اي دور في استعادة الامن في العراق وفي انجاح العملية السياسية الهادفة الى انهاء الاحتلال، ليس قانونا فحسب بل وواقعياً ايضا. ويلفت النظر في هذا المجال ما تقوم به بعض الفضائيات العربية من تشجيع لاعمال الارهاب والتخريب بنشر بيانات من يقومون بها وافلام الفيديو التي يبعثون بها اليها واستنطاق من تسميهم »محليين سياسيين« من نوع معين، عن كيفية الخروج من هذا الوضع ليأتيها الجواب بان ذلك يجب ان يتم عن طريق مصالحة وطنية شاملة ولو اقتصر الامر على ذلك بمعنى ان يتعاون كل الوطنيين العراقيين من شتى الاتجاهات السياسية والانتماءات القومية والدينية والطائفية من اجل انجاح العملية السياسية وانهاء الاحتلال فعلا، لهان الامر. ولكن بعض هؤلاء »المحليين« يذهب الى مقارنة الارهابين المخربين في العراق، بالمؤتمر الوطني الافريقي وقائده التاريخي نلسون مانديلا، الذي فاوضه رئيس حكومة البيض العنصرية في جنوب افريقيا دكليرك لانهاء التمييز العنصري، والجيش السري الايرلندي ومفاوضاته مع حكومة بلير البريطانية لايجاد حل سياسي لقضية ايرلندا الشمالية. فهل، حقا، يمكن لمثل هذه المقارنة ان تكتسب المعقولية؟ كلا بطبيعة الحال. ذلك ان المؤتمر الوطني الافريقي والجيش الايرلندي السري، منظمات وجهات اخرى اجرت مفاوضات سلمية لحل ازمات في بلدان عديدة، هي منظمات ذات قيادات معروفة، وتمتلك برامج سياسية معلنة تحظى بتأييد اوساط واسعة، ان لم تكن تمثل الغالبية الساحقة من المواطنين، كما هو حال المؤتمر الوطني الافريقي مثلا، امكن عن طريق الحوار السياسي معها، التوصل الى حلول سلمية لما يواجه بلدانها من مشاكل. فاين هي الجهات التي يطلب الحوار معها لوضع حد لاعمال التخريب والارهاب في العراق؟ هل هي مجموعة الزرقاوي الارهابية التي اعلنت وتعلن مسئوليتها عن ارتكاب جرائم القتل وتفجير السيارات المفخخة والهجمات الانتحارية التي أودت بحياة ألوف العراقيين؟ وهل هي الجماعات التي تسمي نفسها »انصار الاسلام« ذات الارتباط بقاعدة اسامة بن لادن الارهابية؟ وهل هي العناصر السلفية المختلفة التي اتيحت لها فرصة التصرف غير المنضبط في الفلوجة، فكشفت عن برنامجها المعادي لابسط القيم الانسانية عندما القت القبض على اربعة مدنيين امريكان وذبحتهم ومثلت بجثثهم، وصورت ذلك بفيلم فيديو ليذاع على العالم، وامسكت بعدد من المواطنين العراقيين وجلدتهم وطافت بهم مكشوفي الظهور التي تحمل اثار الجلد في شوارع الفلوجة، وقتلت ستة سواق عراقيين مسلمين لانهم من مذهب آخر، مما هدد باثارة فتنة طائفية سعى اليها الزرقاوي؟ ولا احسب ان هؤلاء »المحللين« يقصدون مجموعة السيد مقتدى الصدر، التي امكن وضع حد لاعمال العنف غير المسئول التي اقدمت عليها، بفضل جملة عوامل من بينها موقف المرجعية الشيعية، وجماهير واسعة في كل المدن التي شهدت تلك الاعمال، هذا الموقف الرافض لاستخدام العنف والتسبب في اراقة دماء ابناء الشعب. ويبقى الموقف من انصار النظام المنهار الذين ارتكبوا جرائم، والذي يقفون وراء اعمال العنف وجرائم الارهاب والتخريب، بهدف استعادة ما فقدوه من مواقع وامتيازات كان يؤمنها لهم ذلك النظام. فلا شك ان هؤلاء لا يمكن فصلهم عما سبق ذكرهم من الزمر الالحادية لمطامح الشعب العراقي في اقامة النظام الديمقراطي المنشود. ولوضع الامور في نصابها نقول في المصالحة الوطنية ممكنة مع جمهرة واسعة من البعثيين على اساس المصارحة واعلان ما ارتكبوه من اعمال تتعارض ومصلحة الشعب، والاعتذار عنها. على ان لا يكونوا ممن ارتكبوا جرائم كبرى بحق الشعب والوطن. فهؤلاء ينبغي ان ينالوا جزاءهم العادل في محاكمات قانونية، علنية، اصولية، عادلة يتوفر لهم فيها حق الدفاع عن انفسهم، وتوكيل محامين للدفاع عنهم. ان القوى الوطنية العراقية كلها سواء تلك التي قبلت خيار الحرب لاسقاط النظام الدكتاتوري السابق او رفضت، وتلك التي ساهمت في مجلس الحكم الانتقالي وظلت خارجه، والتي تشارك اليوم في الحكومة المؤقتة اولا، مطالبة بتوحيد الجهود لضمان مساهمة الجميع في العمل لوقف اعمال الارهاب والتخريب، وانجاح العملية السياسية والوصول بها الى نهايتها في استعادة السيادة الوطنية كاملة غير منقوصة، واقامة النظام الديمقراطي الفيدرالي التعددي في عراق موحد ارضا وشعبا.
#عبدالرزاق_الصافي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر.. حكم بالسجن المشدد 3 سنوات على سعد الصغير في -حيازة موا
...
-
100 بالمئة.. المركزي المصري يعلن أرقام -تحويلات الخارج-
-
رحلة غوص تتحول إلى كارثة.. غرق مركب سياحي في البحر الأحمر يح
...
-
مصدر خاص: 4 إصابات جراء استهداف حافلة عسكرية بعبوة ناسفة في
...
-
-حزب الله- يدمر منزلا تحصنت داخله قوة إسرائيلية في بلدة البي
...
-
-أسوشيتد برس- و-رويترز- تزعمان اطلاعهما على بقايا صاروخ -أور
...
-
رئيس اللجنة العسكرية لـ-الناتو-: تأخير وصول الأسلحة إلى أوكر
...
-
CNN: نتنياهو وافق مبدئيا على وقف إطلاق النار مع لبنان.. بوصع
...
-
-الغارديان-: قتل إسرائيل 3 صحفيين في لبنان قد يشكل جريمة حرب
...
-
الدفاع والأمن القومي المصري يكشف سبب قانون لجوء الأجانب الجد
...
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|