|
مقاربة بين قتل وطني ونجاة مهاجرة
طالب إبراهيم
(Taleb Ibrahim)
الحوار المتمدن-العدد: 2994 - 2010 / 5 / 3 - 02:45
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سقطت الحكومة الهولندية وتحولت إلى حكومة تصريف أعمال بانتظار ما ستسفر عنه انتخابات حزيران القادم من تغيير في الخارطة السياسية أمام تصاعد موجة اليمين المتطرف ووسط تشاؤم وقلق الأحزاب التقليدية في بلد أقل ما يقال عنه متنوع ومتلون ومرن .. هناك موجة تسونامي عنصرية تجتاح أوروبا والعالم .. ورغم تذبذب سياسات الأحزاب التقليدية في معالجة أو في تحليل نشوء هذه الظاهرة إلا أنها بلا استثناء تشعر بقلق من صعودها المتنامي رغم سطحية برامجها الاقتصادية والاجتماعية والتي يتم تغليفها بوهج خطابي وتصيّد شعاراتي ... قد يكون للفراغ الروحي والثقافي دوراً في إحياء أيديولوجيات التطرف بالتواقت مع أزمات ذات طابع فقري ساوت بين الجموع الهاربة من الجوع " الجوع بمفهومه الغربي لا الصومالي" مثلما كان الفقر والخواء الروحي عاملين أساسيين لولادة الإرهاب .. تعيش هولندا على عتبات قوانين توصف بأنها الأكثر حرية ومرونة في العالم خاصة تلك التي تخصّ الضرائب و الجنس والمتعة والمخدرات .. وتتنافس الأحزاب يمينية ويسارية على خلق مسارات جديدة تؤلف الوجه الأكثر تشويقاً حتى لا نستخدم مصطلحاً سياسياً في وصف ما هو ليس سياسي.. وفي خضم ذلك يخرج اليمين المتطرف إلى الساحة مزنراً برموز جديدة ومفاهيم قديمة في العرف الدولي على وجه العموم والهولندي بصورة خاصة..ليفوز في أكثر من بلدية " بلديتان " في الانتخابات البلدية التي تسبق العامة وليكون لديه ولدى المراقبين فسحة من الوقت يوازن فيها سياساته الاقتصادية ويصوبها بعيداً عن أيديولوجية بالية تظلله وتحت أنظار مهووسيه ومعارضيه .. جاءت الدعوة لانتخابات مبكرة بعد انقسام سياسي حول بقاء القوات الهولندية في أفغانستان و ليكشف حجم التصدع في بنيان السياسة الهولندية .. الأزمة المالية العالمية سببت عجزاً في الموازنة فنتج عنه هبوط في الأداء الاقتصادي مما سيؤدي لاحقاً إلى تخفيضات قد تكون جذرية تتراوح قيمتها بين 10 ـ 30 مليار يورو..ولسد ذاك العجز لكل حساباته وبرامجه.. إن حزب الحرية "العنصري "بزعامة خيرت فيلدرز يوجه تركيزه إلى المشاكل والمصاريف التي تسببها الهجرة والمهاجرين وأبناءهم والبالغة أعدادهم حوالي 1,8 مليون نسمة ..مستفيدا من تذبذب شريحة واسعة من الناخبين الذين يغيرون انتماءاتهم الحزبية بتغير الانتخابات.. هذا التغيّر مرتبط بعدم ثقة الناخبين بسياسة الأحزاب في ظل فجوة بدأت بالاتساع بين المؤسسة السياسية التقليدية والناخب الهولندي الأمر الذي أدى إلى ظاهرة صعود اليمين المتطرف وقد يسمح على الدوام بظهور أحزاب مرحلية في الساحة السياسية تحقق رضا رمزيّاً للناخب فاقد الرضا والثقة .. كل الأفكار تلعب دوراً في إثارة مشاعر الناخبين وكل الأمنيات مما ينعكس سلباً أو إيجاباً في صناديق الانتخاب..حادثتان لهما من التأثير على تلك المشاعر ما لبرامج كاملة عليها .. اتسمت تلك الحادثتين بفعل إجرائيّ قسري غيّب حياة في إحداهما وأعاد حياة في الأخرى.. رافق الأولى قتل بيد محلية موبوءة بالانتماء للداخل الهولندي ورافق الثانية انقاذ بيد مهاجرة مشحونة بالتشرد.. لقد أقدم رجل هولندي يتعامل مع البوليس ووصف بأنه مضرب مثل في الخدمة والنظام على اختطاف طفلة في الخامسة عشر من عمرها واغتصابها وقتلها وإخفاء جثتها مما أثار رعباً حقيقياً في كل تفاصيل هولندا الصغيرة ..وولد شكوكاً لا تعدّ ولا تحصى عن وجود أيد مهاجرة في عملية القتل تلك قبل اكتشاف المجرم الحقيقي .. وخلف العدسات ولكن أمام عيون المحليين والمهاجرين على حد سواء قام طالب لجوء ليبيّ بعملية إنقاذ لهولندي أصلي أشعل النار في نفسه بعد أن هجرته صديقته الأصلية أيضاً .. أمام تلك العيون كان الأصلي يحترق ويصرخ حين وصل المهاجر الليبي والذي رفض البوح باسمه خشية اكتشاف مخابرات بلده له وما يسببه ذلك من مشاكل له ولعائلته ..الأصليّ يصرخ من النار واللّيبي يصرخ طالباً غطاءً لم يأتيه فخلع معطفه الطويل وغطّاه به ,أوقعه أرضاً وأخمد النيران وسط ذهول المتفرجين من الأصليين و"الكوبّي" .. لايجيد إلا الّليبية وهي بالكاد تصل إلى العربية.. رفض الإفصاح عن نفسه رغم الرغبة الجماعية بذلك..ورفض إعطاء بطاقة الهوية إلى البوليس.. بعد عملية الإطفاء تلك ظهر وجه المنقذ الحقيقي ..مهاجر أفريقي.. طالب لجوء درجة ثانية ..استفسر أحد المواطنين الذي قام بعملية الترجمة عن سبب رفضه إظهار هويته فقال: ـ "في ليبيا أخذت مني الهوية يعني خربان بيت ..بديش اعطيكم هيّ بدّيش منكم حاجه" ..بعد تلك الحادثة عبّر أكثر من هولندي" أصلي" أنه سيصوت دعماً للمهاجرين بعد أن كان قد اتخذ موقفاً داعماً لفيلدرز.. فيلدرز الذي صرح قبل الانتخابات البلدية أنه لا يمكن تقديم تنازلات فيما يخص الحجاب الأمر الذي أدى إلى نزول الكثير من المسلمات الهولنديات و الهولنديات غير المسلمات إلى الانتخابات مرتدين الحجاب ..
#طالب_إبراهيم (هاشتاغ)
Taleb_Ibrahim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ليست طلقة وليست في الهدف
-
طريق الوطن ..قد يبدأ بانتخابات..
-
طرنيب وعشق
-
مظلومة يا ناس
-
الجريدة
-
التغيّر الوردي -من الخيال السياسي-
-
ذات العلامة
-
نور العين
-
أبو علي كاسر
-
بقعة حارة
-
قصاصة
-
غش هديّة
-
وجع
-
محنية الظّهر
-
ملاحقة
-
أقفال الحرب ومفاتيح السّاسة
-
قصص ميس لقصيرة
-
طفولة
-
مسرحية
-
سوائل
المزيد.....
-
الكرملين يكشف السبب وراء إطلاق الصاروخ الباليستي الجديد على
...
-
روسيا تقصف أوكرانيا بصاروخ MIRV لأول مرة.. تحذير -نووي- لأمر
...
-
هل تجاوز بوعلام صنصال الخطوط الحمر للجزائر؟
-
الشرطة البرازيلية توجه اتهاما من -العيار الثقيل- ضد جايير بو
...
-
دوار الحركة: ما هي أسبابه؟ وكيف يمكن علاجه؟
-
الناتو يبحث قصف روسيا لأوكرانيا بصاروخ فرط صوتي قادر على حمل
...
-
عرض جوي مذهل أثناء حفل افتتاح معرض للأسلحة في كوريا الشمالية
...
-
إخلاء مطار بريطاني بعد ساعات من العثور على -طرد مشبوه- خارج
...
-
ما مواصفات الأسلاف السوفيتية لصاروخ -أوريشنيك- الباليستي الر
...
-
خطأ شائع في محلات الحلاقة قد يصيب الرجال بعدوى فطرية
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|