|
عيد العمال العالمي في بلادي يأتي حزينا
قاسم السيد
الحوار المتمدن-العدد: 2991 - 2010 / 4 / 30 - 17:51
المحور:
ملف بمناسبة 1 أيار 2010 - المعوقات والتحديات التي تواجهها الحركة العمالية والنقابية في العالم العربي
كانت عبارة اوجست سبايس المناضل الامريكي الشهيرة التي اطلقها وهو يتقدم الى منصة اعدامه { سيأتي اليوم الذي يصبح فيه صمتنا في القبور أعلى من اصواتنا في الحياة}} كالشرارة التي اشعلت النار في السهل كله فبعد ثلاث سنوات اي عام 1890 على أحداث مجزرة هاي ماركت في ولاية شيكاغو اصبح يوم اعدام اوجست ورفاقه عيدا عالميا للعمال كان هذا انجازا عالميا باهرا للطبقة العاملة في اوربا وامريكا واستراليا بأعتبارها مراكز التقدم الصناعي في حينها وكان العامل الحاسم على انجازهذا المكسب هو قوة وحيوية اليسار العالمي بينما يأتي عيد العمال العالمي في ذكراه العاشرة بعد المائة باهتا خاليا من ذاك البريق الواعد الذي كان يمثله هذا اليوم في أواسط القرن الماضي وحتى الستينات والسبعينات من نفس القرن الذي كان فيه لعيد العمال العالمي حضوره المؤثر في الساحة السياسية والاجتماعية حيث نرى اليوم تراجعا مريعا لدور هذا اليسارعلى الصعيد السياسي الدولي والمحلي او في قيادة نضال الشغيلة حتى اصبحت الطبقة العاملة اليوم اعجز من ان تستطيع تحقيق انجازا مماثلا لما حققته قبل اكثر من قرن من الزمان وبرغم الانماط الصناعية البدائية السائدة في تلك الفترة التي كانت عليها الصناعة في العراق وبعض البلدان العربية لكن هذا لم يمنع من ان تظهر طبقة عاملة على السطح الاجتماعي لها حضورها الفاعل على الصعيد السياسي نتيجة تنامي قوى اليسار في تلك الفترة وخصوصا الاحزاب الشيوعيه التي استطاعت ان تنظم نضال هذه الطبقة الى الدرجة التي نشأت فيها في كثير من البلدان العربية نقابات واتحادات عماليه فعاله لها ثقلها السياسي ونجحت هذه التنظيمات العمالية بأن تنجز كثير من البرامج سواء على صعيد التشريعات القانونية او المكاسب الاجتماعية لهذه الطبقه واستطاعت ان تقود الطبقة العاملة للانخراط في ميدان النضال السياسي والذي كان من ثماره حدوث كثير من الثورات والانقلابات جاءت على اثرها الى السلطة قوى وطنيه اقامت تحالفات مهمة مع المنظومة الاشتراكية عموما والاتحاد السوفياتي خصوصا و الذي انعكس على وضع الطبقة العاملة سواء على الصعيد السياسي او الاجتماعي ولقد وصل الامر بالحركة العمالية ان تنبري للمواجهة مع اعتى قلعة رأسمالية الا وهي الولايات المتحدة في خمسينات القرن الماضي عندما قررت امريكا منع تفريغ الحمولات المصرية من القطن في الموانيء الامريكية مما حدا بالاتحاد العربي لنقابات العمال الى اتخاذ قرار مضاد عندما طلب من العمال العرب في كل الموانيء العربية بالتوقف عن تفريغ السفن والشحنات الامريكية وكان لهذا القرار اثره على الادارة الامريكية حيث اضطرها للتراجع عن قرارها في مقاطعة البضائع المصرية . كانت تلك الفترة من ازهى الفترات التي مرت بها الطبقة العاملة وتنظيماتها في العراق وبقية البلدان العربية اما اليوم فأن الحركة العمالية تعاني الامرين من النظام السياسي العربي حيث تعرضت قوى اليسار العربي في أواخر السبيعنات من القرن الماضي وخصوصا الاحزاب الشيوعيه الى ضربات موجعة من قبل الانظمة العربية الى الدرجة التي افقدت الطبقة العاملة قياداتها الميدانية المناضلة وبالتالي سهل الالتفاف على المكاسب التي حققتها هذه الطبقة وسلبها كثير من حقوقها . كما كانت هذه الانظمة العربية ذات الامتدادات والجذور الطبقية الريفيه والقبلية والبدويه والتي طالما نظرت بعين الريبة والتوجس الى الطبقة العامله خصوصا في العراق حيث عمل النظام في هذا البلد على سلب اغلب مكاسب هذه الطبقة بحيث وصل الامر الى حد انه تم الغاء تسمية عامل من الدرجات الوظيفيه في الدولة العراقية نتيجة هذا التخوف من هذه الطبقة لكونها ساحة خصبة لقوى التقدم وخصوصا الحركات الماركسية بل أن هذا النظام تعمد افراغ التنظيمات العمالية العراقية من الكوادر الكفوءه حتى وأن كانت هذه القيادات تنتمي سياسيا الى حزب السلطة كذلك عمد الى سلخ هذه التنظيمات من كل دلالتها الطبقية التي أسست من اجلها الى الدرجة التي وصلت معها النقابات العماليه الى ان تصبح منظمات شبه رسمية وظيفتها استكمال الاجراءات الوظيفيه الروتينيه ليس الا وليست لها علاقة بوضع الطبقة العاملة او الدفاع عن مصالحها ولقد لعب غياب الراعي الاممي والذي كان من اولوياته الاساسيه هو دعم نضال الطبقة العامله على مستوى العالم رغم ان دعمه لم ينحصر على صعيد نضال الطبقة العاملة وحدها بل كان دعمه سخيا لبقية الفعاليات الجماهيرية حيث شمل نضال المرأة وحركات الشبيبة رغم انشغالاته في المواجهة مع المعسكر المضاد حيث ادى غياب دور هذا الراعي الى هذا التراجع الخطير والمفجع لوضع الطبقة العاملة سواء على صعيد العالم اوفي منطقتنا العربيه كما ان لظهور الحركات السياسية الدينيه في العراق وبعض دول الاقليم اثره على وضع قوى اليسارحيث استطاعت هذه الحركات سحب الجماهير من ساحة الاحزاب اليسارية الامر الذي ادى الى ان تتضرر الطبقة العاملة نتيجة هذه التحولات الدراماتيكيه لكون هذه الاحزاب الدينيه لاتتبنى التنظير الطبقي وغير مؤمنه بأن هناك طبقات في المجتمع بحيث انها تخاطب الرأسمالي والعامل على انهم اخوة في الله والدين والوطن وجل همها وتنظيرها هي كيفية حفظ اموال الرأسماليين الحلال من ان تصبح حرام . كما ان الامر الذي ساعد على عدم نمو الطبقة العاملة واتساع مساحة تواجدها في المجتمع هو كون اغلب الاقتصاديات العربية هي اصلا اقتصاديات ريعيه وليست انتاجيه فهي في اغلب بلدان الخليج والعراق وليبيا والجزائر حيث يكون النفط الدخل الاعظم من اقتصادياتها اما بقية الدول كمصر ولبنان وسوريا والاردن فهي في احسن الاحوال بلدان زراعية اويغلب النشاط السياحي والخدمي على اقتصادياتها كل هذا لم يتح نمو طبقة عاملة قادرة على الحضور بفعالية في الواقع الاجتماعي كما ان هناك تعمدا واضحا من قبل الانظمة العربية وخصوصا النفطية منها والتي عملت على تهميش القطاع الصناعي حيث انها سعت وتسعى بكل ما أوتيت من امكانيات الى تشتيت الموارد المتأتية من النفط وصرفها الى قطاعات استهلاكية وخدمية للحيلولة دون نشوء صناعات وطنيه الامر الذي لو قدر له ان يحصل فأنه سيؤدي الى تعزيز دور الطبقة العاملة وهو ما تتحسب له هذه الانظمة من ان يحصل لانه قد يؤثر على التركيبة الاجتماعية و تغيير الخارطة السياسية في بلدانها وهذا مانراه حاصلا فعلا في بلدنا العراق حيث يتم تدمير علني ومقصود ومبرمج للثروات الهائلة وتعطيل او عدم مد يد العون للمشاريع الصناعية القائمة فعلا والمتعثرة بحكم الظروف التي مرت بها البلد للحيلولة دون اتاحة الفرصة للطبقة العاملة للنمو لكون نموها سيخلق مناخات سياسية غير مرحب بها من قبل السلطات الحاكمه . وبرغم النظام البرلماني الذي يحكم العراق غير ان الطبقة العاملة وبعد مرور سبع سنوات على نهاية نظام صدام لم تحظى هذه الطبقة بأي تشريع قانوني لتتحقيق مطالبها اضافة ان نقابات واتحادات العمال هي الاخرى لم تحظى بذاك الدعم لكي تستطيع ان تنهض بواقع جماهيرها العمالية البالغ السوء . كما ان وضع الطبقة العاملة في بقية دول الاقليم هو الاخر بائسا وخصوصا في دول الخليج لان نظرتها للطبقة العاملة نظرة متوجسة و غير مطمئنة فهي تتخوف من نشوء تركيبات اقتصادية حقيقيه من الممكن ان تنشىء وضعا طبقيا غير مرحب به اضافة الى ان الهاجس الامني لدى القيادات السياسية لهذه البلدان دفعها الى الاعتماد على العمالة الوافدة لتشغيل مشاريعها الفاشلة اقتصاديا وصرف الكوادر الوطنية الى قطاعات اخرى للحيلولة دون تعزيز دور الطبقة العاملة في بلدانها حيث انها تعمدت جلب مئات الالوف من العمال الاسيويين للعمل في هذه المشاريع لكون هكذا عمال يسهل التعامل معهم فهم مع اول بادرة للمطالبة ببعض الحقوق سيتم الاستغناء عنهم وترحيلهم الى الخارج كما حدث مع عمال البناء الاسيويين في دولة الامارات اثناء الازمة الاقتصادية الاخيرة . هذا هو واقع الحال المؤلم الذي الت اليها الطبقة العاملة سواء في العراق اوفي بقية بلدان الاقليم حيث تمر ذكرى عيدها العالمي وهي متلفعة بهمومها مجترة ذكريات مجد ذاوية وناظره الى المستقبل بعين الترقب عسى ان تحمل اليها رياح التغيير شيئا .
#قاسم_السيد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحن والحمير
-
مع كامل النجار وتأملاته في القرآن المكي
-
كلام في الحب والصداقة
-
هل في الطريق تفجير قبة اخرى
-
كلام رجاله
-
ماذا جرى ياهل ترى ؟؟؟؟
-
ماذا يعني قرار اعادة الفرز اليدوي في بغداد / هذا القرار له م
...
-
الهلكوست ... نموذج صارخ للارهاب الفكري
-
المليحة ذات الخمار الاسود والموبايل
-
ايران هل ستضرب بالسلاح النووي ام ستمتلكه
-
قصيدة {{ نعي وط-----ن }}
-
كوتا المرأة في البرلمان العراقي مالها وما عليها
-
الديمقراطية العراقية والقمة العربية وأشياء اخرى
-
وأد البنات - بين العامل الاقتصادي والشرف القبلي - الحقيقة أي
...
-
القذافي وأمومة الشعب العراقي
-
اذهبوا فأنتم الطلقاء
-
الهاشمي بين شهوة السلطة والذرائعية القومية
المزيد.....
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
المزيد.....
|