أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - هكذا اختفى مفهوم الرجعية من أدبيات اليسار















المزيد.....

هكذا اختفى مفهوم الرجعية من أدبيات اليسار


يعقوب ابراهامي

الحوار المتمدن-العدد: 2991 - 2010 / 4 / 30 - 13:46
المحور: القضية الفلسطينية
    


باولو بازوليني (1922-1975) ، كاتب، شاعر ومخرج سينمائي إيطالي : "أية دولة في العالم لم تولد بخطيئة؟"

سؤال: " لماذا اختفى مفهوم الرجعية من أدبيات معظم حركات اليسار العربي؟" (سيمون خوري، "الحوار المتمدن"، 7/4/2010).
الجواب يقدمه المفكر العربي عبد الحسين شعبان: "خلقت بريطانيا طبقاً لتصريح وعد بلفور بؤرة نزاع دفعت منطقة الشرق الأوسط أثماناً باهظة بسببها، من مواردها البشرية والمادية، فضلاً عن ذلك أصبحت هذه البؤرة سبباً في شن الحروب والعدوان وتهديد السلم والأمن الدوليين وفي المنطقة، ناهيكم عن تعطيل التنمية والديمقراطية، بالانشغال بالتسلح، وتبديد الثروات، الأمر الذي جعل المنطقة مرجلاً يغلي باستمرار ويهدد بالانفجار."

من يحتاج إلى "رجعية عربية" إذا كانت هناك "بؤرة صهيونية" يعرف كل "مفكر" عربي (ناهيك عن كل مشعوذٍ ودجال) أنها هي السبب في كل ما تعانيه شعوب المنطقة؟
من يحتاج إلى "رجعية عربية" إذا كانت هناك "بؤرة صهيونية" هي مصدر الامية والجهل والخرافة، هي سبب البطالة والعنف والطائفية، وهي منبع الفساد المالي والاداري؟
لا "الرجعية العربية" بل "البؤرة الصهيونية" هي المسؤولة عن "تعطيل التنمية والديمقراطية"، عن " الانشغال بالتسلح وتبديد الثروات" وعن التأخر الإجتماعي والإقتصادي الذي تعاني منه الشعوب العربية.

لماذا إذن يستغرب سيمون خوري من اختفاء مفهوم الرجعية من أدبيات معظم حركات اليسار العربي؟ اليسار العربي "مشغول" بمحاربة الصهيونية فلماذا يريد أن يثقل عليه بمحاربة الرجعية العربية أيضاً؟ كل طفل (وكل جاهل) يعرف إن الصهيونية هي حركة استعمارية رأسمالية رجعية عنصرية فاشية نازية دينية ظلامية متطرفة (وكل ذي عقل مريض يستطيع أن يضيف ما يشاء من النعوت. أقسم لكم أنني قرأت لأحد "الباحثين" إن الصهيونية ماسونية أيضاً. وفي جريدة الإتحاد "اليسارية" الإسرائيلية كتب المدعو وليد الفاهوم يقول : "إن النازية تبدو لعبة أطفال بالنسبة للصهيونية بيمينها ويسارها". ما رأيكم؟ ألا كنتم تنصحون الأطفال بالإبتعاد عن هذا الرجل؟) . وفي الحرب ضد "الأخطبوط الصهيوني"، إذا وجد اليسار العربي نفسه جنباً إلى جنب، وفي صف واحد، مع الرجعيين أعداء التقدم ومع من تطاردهم العدالة الدولية، ما العيب في ذلك؟ اليسار العربي يميز بين "التناقض الرئيسي" و"التناقض الثانوي" ، والتناقض بين الرجعية والتقدمية، كما يعلم كل من انتحل لقب الماركسية، هو "تناقض ثانوي"، أما التناقض بين القومية العربية والصهيونية (الصهيونية الرحعية العنصرية. . . الخ) فهو "تناقض رئيسي". ("إخواننا" في الحزب القومي السوري، يقول عمار بكداش من الحزب الشيوعي السوري، يعادون الإشتراكية ولكنهم صلبون في موقفهم من الصهيونية.)

يخدعون أنفسهم ويخدعون شعبهم:
ولكي لا يظن القارئ إن هذه "البؤرة الصهيونية" هي دولة ككل الدول، فيها يمين ويسار، تقدميون ورجعيون، رإسماليون وعمال، فاشيون ومناوؤون للفاشية، فيها اتقياء ورعون يخافون الله وآخرون زنادقة يعبدون الشيطان (كان البروفسور المتدين يشعياهو لايبوفيتش يدعو إلى رفض الخدمة العسكرية في الأراضي المحتلة ويقول إن المستوطنين هم عبدة أوثان)، دولة فيها دعاة حرب وأنصار سلام، وفيها على خلاف معظم جيرانها، ويا للعجب، قضاء مستقل وبرلمان منتخب بانتخابات حرة، دولة فيها حكومة شرعية (يمينية متطرفة) ومعارضة (ضعيفة) ، فيها أحزاب وصحافة حرة وحياة سياسية ، (وفيها، من ضمن ما فيها من عجائب الدنيا وغرائبها، نواب عرب يسافرون إلى ليبيا لكي يكيلون التزلف والتملق، بلا خجل، للزعيم القائد ، ملك الملوك وسلطان السلاطين، كما وصفه أحدهم، وإلى جانبهم نواب يهود حمقى يطالبون بإقصاءهم من البرلمان بحجة الإتصال بالعدو بدل أن يرحبوا بكل اتصال بين إسرائيل ودولة عربية)، وباختصار لكي لا يتوهم القارئ العربي إن دولة إسرائيل هي دولة ككل الدول ، يخدع عبد الحسين شعبان نفسه، ويخدع شعبه، بأن هذه "البؤرة" هي عبارة عن "اسرائيل" (دويلة بين قويسين) وقد يمنحها مشكوراً ، شأن معظم اليسار العربي، لقب "الكيان" ("كيان صهيوني" طبعاً)، صداً هزيلاً ل"إسرائيل المزعومة" التي كانت تملأ أبواق الدعاية العربية في الخمسينات والستينات من القرن الماضي إلى أن استفاق عرب فلسطين ذات يوم ورأوا أن هذه "الدولة المزعومة" قد ابتلعت غزة وسيناء وكل الضفة الغربية.

"لم ينسوا شيئاً ولم يتعلموا شيئاً" – كان "الشيطان الأعرج" شارل موريس تاليران يقول في مثل هذه الحالات.

خطاً فظيع:
يخطئ اليسار العربي خطأً فظيعاً إذا ظن أنه يستطيع أن "يبرهن" على وطنيته عن طريق محاربة الصهيونية، أو أن يبني مشروعه التقدمي الحضاري على "أنقاض الكيان الصهيوني". هناك في هذا الميدان من هم أكفأ منه في ذلك وأكثر حنكةً. وسيجد اليسار العربي نفسه، في نهاية المطاف، إذا سار في هذا السبيل، لاعلى رأس المدافعين عن التقدم ضد الرجعية ، بل في ذنب أحمدي نجاد والسيد المعمم، وذيلاً للقوميين الفاشيين. (يذكر السيد اسكندر منصور في "الحوار المتمدن"، 21/4/10 ، إن الحزب الشيوعي اللبناني أبرز قوى اليسار اللبنانية شارك في الذكرى الثالثة لصدام حسين بشخص رياض صوما، الذي قال إن تكريم صدام حسين هو «تكريم لمواقفه الوطنيّة والقوميّة وإصراره على خيار المواجهة للقوى الاستعماريّة المتغطرسة في العالم». لا شك إن إطلاق الصواريخ على اسرائيل كان أوج هذه "المواقف الوطنيّة والقوميّة").

تصفية القضية الفلسطينية هي مصلحة اليسار العربي:
لا "تصفية" اسرائيل بل "تصفية" الفضية الفلسطينية هي المصلحة العليا لليسار العربي.
لا "كيان صهيوني" ولا "اسرائيل بين قويسين" (وبالتأكيد لا "اسرائيل المزعومة") هو ما يحتاجه الشعب العربي الفلسطيني (والشعب الإسرائيلي) بل "اسرائيل وفلسطين جنباً إلى جنب". وكل من يقول غير ذلك يخدع شعبه.
الصهيونية، بمساوئها ومحاسنها، بتقدميتها ورجعيتها، هي حركة "الإنتعاش القومي" للشعب اليهودي، هي واحدة من حركات عديدة أخرى حاولت، وتحاول، أن تجيئ بحلول ل"المشكلة اليهودية".( أحد هذه "الحلول" عرف باسم "الحل النهائي"). الصهيونية ليست "مؤامرة" حيكت في الخفاء لتمزيق الشعوب العربية وإبقائها في حالة من الجمود والتأخر. التاريخ لا يتألف من سلسلة مؤامرات تحاك في الخفاء بل من حركات اجتماعية واقتصادية كبيرة، من اصطدامات قومية عنيفة ومن تيارات فكرية جارفة. و"نظرية المؤامرة" تخفي وراءها في أغلب الأحيان العجز عن فهم حركة التاريخ الخقيقية.

(نظرية المؤامرة، لا سيما "المؤامرة الصهيونية العالمية"، تدفع بعض المؤمنين بها أحياناً إلى فقدان القدرة على التفكير السليم. عندما كنت أبحث في "الإنترنيت" قبل بضعة أيام عن مواد حول زينوفييف (لكي أرد عن نفسي تهمة الجهل التي ألصقها بي فؤاد النمري) عثرت على مقال بقلم جورج حداد. في هذا المقال يقول هذا "الباحث"، الذي لا يبدو من كتابته أنه يعاني من اضطرابات نفسية، إن الثوريين الذين شاركوا في عملية اغتيال القيصر الكسندر الثاني عام 1881 في روسيا كانوا " "يهود" صهيونيين، او حركتهم الاصابع الصهيونية، لتسعير التناقضات الداخلية واعطاء القيصرية المبرر لتشديد الخناق على القوى الثورية الروسية. . . وكانت الحلقات العمالية والاشتراكية الاولى على رأس قائمة المستهدفين." مما يؤكد أن الجنون فنون.
ولكي يوحي للقارئ أن لينين كان على علم بكل خيوط "المؤامرة الصهيونية" يتفوه هذا "الخبير" بالكذبة التالية ظناً منه إن أحداً لن يمسكه متلبساً بالجريمة: وقد صرح لينين حينذاك (أي عام 1881 عندما كان لينين في سن العاشرة !!) "كلا! لن نسير في هذه الطريق" ).

قصتان:
النزاع الإسرائيلي-العربي هو في جوهره صراع قومي بين شعبين على قطعة أرض واحدة، وكل شعب يقول : هي أرضي.
في هذا الصراع ارتكب كلا الجانبين كل الأخطاء الممكنة واقترفا العديد من الجرائم المنكرة. إزاء كل خطأ عربي هناك خطأ اسرائيلي (يهودي)، ومقابل كل جريمة اسرائيلية هناك جريمة عربية. (وللسيد نزيه الزياني الذي قال لي يوماً : " بيننا وبينك دماء اطفال فلسطين" ، كنت أستطيع أن أقول بسهولة، لو كنت فاشياً يهودياً : " بيننا وبينك دماء اطفال معالوت". ولكني لست فاشياً وأنا لا أتاجر بدماء الأطفال).

في كلا الجانبين قوى ظلامية تحاول أن تقلب هذا الصراع، القومي في جوهره، إلى صراع ديني حول "المقدسات" والقبور، ولا يمكن القول أنها لم تحرز نجاحات كبيرة بهذا الخصوص، لكن اليسار يجب أن لا يساعدها في ذلك.
في الصراع الإسرائيلي-العربي "قصتان" متوازيتان: "قصة" يهودية (اسرائيلية) و"قصة" عربية (فلسطينية).
اليسار الإسرائيلي، بأكثريته الساحقة، يتبنى "القصة" الإسرائيلية ويعترف في الوقت نفسه بشرعية "القصة" الفلسطينية.
اليسار العربي، بأكثريته الساحقة، يتبنى "القصة" الفلسطينية ولكنه لا يعترف بشرعية "القصة" الإسرائيلية.
وهذه هي المشكلة.

حول "الدم البارد" و"الدم الحار" :
عبد الحسين شعبان: "إن الإقدام على اغتيال المبحوح بدم بارد يعني أن “إسرائيل” لا تزال غير مكترثة بالقانون الدولي."
أما المبحوح فقد أقدم على اغتيال ضحاياه (أطفالاً وشيوخاً ونساءً) بدم حار. وشتان بين من يقتل ضحاياه بدم بارد ومن يقتل ضحاياه بدم حار.
هناك حقيقة واحدة لم يذكرها المحامي عبد الحسين شعبان: المبحوح لم يتسلل إلى دبي بهوية مزورة من أجل أن يجمع كتباً مدرسية لأولاد غزة.



#يعقوب_ابراهامي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدقة العلمية، الخيال الخصب والديالكتيك الإلهي
- فؤاد النمري ودفاعه عن -فناء الضدين-
- نحو فهم أوضح للستالينية (2)
- نحو فهم أوضح للستالينية (1)
- على -أنقاض الدولة الصهيونية-
- اليسار العربي و-الكيان الصهيوني-
- حل منصف لا عدالة مطلقة
- إبتذال الماركسية
- ماركسيو -ألف ليلة وليلة-
- بين ماركس وانجلز
- اليسار والصراع العربي-الاسرائيلي (2 وأخير)
- اليسار والصراع العربي-الاسرائيلي (1)
- الستالينيون (اخيرة) : يعيشون في الماضي
- الستالينيون (5) : تزوير التاريخ
- الستالينيون (4) : حسقيل قوجمان ضد فريدريك انجلز
- الستالينيون (3) : الكذبة المفيدة
- الستالينيون (2) : فقر الفلسفة (كطول المقال)
- الستالينيون (1) : دكتاتورية البروليتاريا بين المأساة والمهزل ...
- الديالكتيك المستباح (أخيرة) : ما للماركسية ولنشأة الكون؟
- الديالكتيك المستباح (4) : الأنفجار العظيم


المزيد.....




- لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور ...
- -لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا ...
- -بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا ...
- متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
- العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
- مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
- وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما ...
- لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
- ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
- كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب ...


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - يعقوب ابراهامي - هكذا اختفى مفهوم الرجعية من أدبيات اليسار