أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - زكرياء الفاضل - الدين وطموحات الجماهير














المزيد.....

الدين وطموحات الجماهير


زكرياء الفاضل

الحوار المتمدن-العدد: 2990 - 2010 / 4 / 29 - 14:04
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    



من الأمور التي يؤاخذ عليها الأصوليون الماركسية اتهامها للدين بتخديره الشعوب وجعله لها خانعة راضية بالظلم والاستغلال وتفسير كل مصائب الدنيا التي تحل بالمستضعفين في إطار القضاء والقدر واختبار إيمان المؤمن. ويعتمد الأصوليون في ردهم لاتهامات الماركسية على أن الإسلام غير المسيحية أي ليست له مؤسساتية تقوم بدور الوساطة بين العبد وربه وأن الإسلام لم يلعب ذاك الدور السلبي في تاريخ البشرية الذي تميزت به المسيحية، وأنه دين جاء لتحرير البشرية. كان من الممكن الاتفاق معهم فيما ذهبوا إليه من تفسيرات لو لا ثلاث وقائع وحقائق تاريخية تثبت أن الدين الإسلامي يستغل من طرف الحكام كقرص منوم للشعوب، رغم أنه،أي الإسلام، من ناحية أخرى قد يطلع علينا، من حين لآخر، في دور مؤطر الجماهير المناضلة ضد استبداد الحاكم:
1. أكبر وهم يقع الأصوليون ضحية له كونهم لا يفهمون أن الإسلام له مؤسساتية مقنعة تتجلى في ما يسمى بمجالس العلماء التي من شأنها وحدها فقط الإفتاء في القضايا المهمة والمصيرية. هذه المجالس العلمية تعين من طرف سلطة البلاد وتتقاضى راتبا على وظيفتها، مما يجعلها مؤسسة حكومية تابعة للحاكم وإحدى ركائزه المهمة والخطرة، لنتذكر فتاوي الأزهر تحت مشيخة الراحل الطنطاوي ولا أعتقد أن الأمر سيتغير في ظل الشيخ الجديد.
2. علماء الإسلام،خلال العصرين الأموي والعباسي، لعبوا دورا مهما في توجهات سياسة الخلافة وعلاقتها مع المفكرين والعلماء ذوي الفكر الحر مثل الحلاج مثلا. كما كان لهم دور بارز في تحويل نظام الحكم من شوري إلى وراثي. وهم على عهدهم إلى اليوم، فمن دونهم ما استطاع أي نظام وراثي الصمود في وجه إرادة شعبه طيلة هذه القرون.
3. كل الديانات التي ظهرت في عالمنا، على الأقل في بدايتها مع انطلاقة أصحابها من أنبياء ورسل، جعلت تحرير البشرية، من الظلم والاستبداد، استراتيجيتها الأساسية سواء كانت اليهودية أوالمسيحية أوالإسلام أوالبوذية أوالبهائية..، لكن مؤسساتيتها ساندت فيما بعد الطبقة الحاكمة وعملت على تنويم المستغلين وإخضاعهم للاستبداد: "وأطيعوا الله والرسول وأولي الأمر منكم" (النساءن الآية 4). نرى هنا أن طاعة أولي الأمر، أي الحكام، مرتبطة بطاعة الله والرسول.
كما أنّ الإسلام والمسيحية تميزا بكونهما انحازا إلى صف الطبقة الحاكمة وعملا على تنويم المستضعفين وانصياعهم للإقطاعية إلى أن ظهر من رفض هذا الوضع وثار على المؤسسات التيوقراطية الرسمية وأعلن العصيان في وجهها تحت قناع الإديولوجية السائدة ونعني الدين. على سبيل المثال البروتيستانية في أوروبا والخوارج بطوائفهم مثل الأزرقية والإباضية والصفرية..، ثم في عصرنا الراهن حركة الإخوان المسلمين المنبثقة عن الشق الثوري، إن صحّ التعبير، للصوفية والخمينية في العالم الإسلامي. لكن تجربة هذه الأخيرة، في إقامة دولة المستضعفين تحت راية دينية، أظهرت أنّ مجتمع الحرية والعدالة، الذي طالما وعد به الخميني الجماهير الكادحة، بقي فكرة فرضية في ذهن المجتمع. فإيران اليوم أشد قمعا للحريات منها بالأمس في ظل سيطرة الدغمائية الخمينية على مؤسسات الدولة وحصر حقل الحريات والفكر داخل إطارها الضيق.
هذا الوضع يدفع بنا إلى استنتاج ما يلي:
ا – أنّ الدين وعاء خُزنت به تصورات البشرية حول محيطها البيئي والاجتماعي على، و مرآة عاكسة لطموحاتها الاجتماعية على نحو متكافئ مع مستوى نموها الفكري في حقبة تاريخية معينة.
ب - الدين غير قادر على استيعاب التحولات والتطورات التي طرأت على المجتمع البشري في عصرنا الحالي وعاجز على مسايرتها. وبالتالي لن يستطيع تحقيق ذاك المجتمع المدني والديمقراطي الذي يحترم تعددية الفكر ويضمن للمواطن حق المشاركة في تسيير شئون البلاد. فالسلطة في إيران، على سبيل المثال، تحولت من شخصية إلى مرجعية وبقيت ممركزة في قمة الهرم بعيدة عن الشعب.
ج - الدين كتصور فلسفي للمحيط الاجتماعي اُستغل ولا زال يُستغل لترصيخ وتوطيد سلطة الفرد أو الجماعة في الدولة. وبذلك يكون الدين يعمل على ترسيخ الشكل التقليدي للسلطة داخ المجتمع، والمقصود هرميته التي تجعل المستضعفين بعيدين عن موقع القرار السياسي.
ه – الدين لا يمكنه تخليص الكادحين من الاستبداد والاستغلال لكونه نتاج فكر تشكل وتكون في مرحلة القبيلة، ثم تطور ونما تاريخيا في عصر الدولة الإقطاعية لذلك من الناحية الفكرية يبقى قاصرا مقارنة مع ما وصل إليه المجتمع البشري اليوم من فكر حديث. وهذا يبدو جليا من خلال عجز الحركات الأصولية عن استيعاب وهضم الفلسفة المعاصرة والحديثة وبالتالي رفضها لها جملة وتفصيلا.
د – الدين، كتصور فلسفي نابع عن موهبة الإنسان الفكرية، يبقى أرضا خصبة لأصحابه كل يزرع بها ما تشتهيه طموحاته وما تمليه عليه نظرته للأمور المفعمة بالتوجهات الإقطاعية للدولة. فليس إذا من الغريب أن نرى ثورة شعبية، قامت من أجل الحرية والديمقراطية، تبني دولة شمولية لا تسمح بحرية الفكر والاعتقاد إلا بداخل إطار دغمائيتها السائدة كما هو الشأن بإيران.
بناء على هذه الرؤية، القابلة للنقاش، فإنه لا سبيل لانعتاق الجماهير الكادحة وتكسير قيودها إلا اعتماد المناهج الفكرية العلمية في مقاومتها للإقطاع. لكن هذا أمر صعب في مجتمعات تشكل الأمية بها الأغلبية الساحقة، إن لم نقل مستحيل. لذلك يبقى خيار استغلال جوانب تلك الأرضية الخصبة المتماشية مع طموحات الشعوب هو الحل الأنسب للظروف الراهنة شريطة تلقيحها بالفكر العلمي المعاصر. أي التركيز على الجانب الإقتصادي والسياسي والابتعاد عن الروحانيات لأنها أمر شخصي وحميمي لا حق لأي كان التدخل فيه إلا في حالة ارتكاب صاحبة جنحة.



#زكرياء_الفاضل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قرغيزيا: ثورة شعبية أم مؤامرة خارجية؟
- الدرة المفقودة
- حوار مع الرفاق السلفيين
- أصرخ أين شهامتكم..؟
- أهل القرية وابن الشهيد
- هو وهي
- Tyrannosaurus
- أسباب فشل اليسار المغربي كما أراها
- واعتصموا..
- زيرو دولة المغرب
- المنصب
- حول موضوع روسيا البيضاء بموقع الجزيرة
- مغرب العهد الجديد
- الحسناء والمفتي المتقي
- الطائفية: جماعات دينية أم تنظيمات سياسية
- الاتحاد السوفياتي لا زال قائما
- وحدتنا الترابية: قضية انفصاليين أم قضية غياب الديمقراطية؟
- حرية التعبير في المغرب المخزني: إلى أين؟
- فطرتنا الحقيقية: سياسة المعيارين
- عيد مبارك سعيد و كل عام و أنتم ديمقراطيون


المزيد.....




- مارك زوكربيرغ يلتقي ترامب في منتجع مار إيه لاغو.. و-ميتا- تو ...
- مقاتلو المعارضة السورية يتقدمون سريعا ويصلون مشارف حلب
- ترامب: الرئيسة المكسيكية وافقت على وقف الهجرة عبر حدودنا
- اتفاق وقف إطلاق النار.. هل يمثل فرصة لعودة الاستقرار في لبنا ...
- المرصد السوري: مقتل عشرات من جيش النظام والفصائل في ريف حلب ...
- الرئيس الفلسطيني يصدر إعلانا دستوريا لتحديد آلية انتقال السل ...
- عاجل | سرايا القدس-كتيبة طولكرم: مقاتلونا أطلقوا النار على ق ...
- مبعوث ترامب لأوكرانيا.. مع إنهاء الحرب أم استمرار الدعم لكيي ...
- فريق ترامب يوقع مذكرة تفاهم مع البيت الأبيض لنقل السلطة
- هجمات وقنابل.. فريق ترامب يتعرض لـ-تهديدات مجهولة المصدر-


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - زكرياء الفاضل - الدين وطموحات الجماهير