|
العلمانية وأسس تحرير الإنسان العراقي وانعتاقه الفكري والسياسي
جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 2990 - 2010 / 4 / 29 - 12:21
المحور:
العمل المشترك بين القوى اليسارية والعلمانية والديمقرطية
يزداد الحديث عن (مفهوم العلمانية) على نطاق واسع في بلادنا ، في هذه الأيام ، وبالذات منذ سقوط الدكتاتورية عام 2003 خصوصا بعد ظهور العديد من المشكلات المحيطة ببناء الدولة العراقية الجديدة ، مما أدى إلى نشوء مفاهيم كثيرة وربما مواقف أكثر حول التحول نحو الديمقراطية وعلاقته بالعلمانية . جدل واسع جرى ويجري ويبحث من قبل مفكرين عراقيين ، داخل العراق وخارجه ، عن حقبة السنوات السبع الماضية وما أحاط بها وبالسياسة العراقية من مشكلات فكرية ، معقدة وملحة ، أدت بدورها إلى تنامي فعاليات المنظمات الإرهابية المحلية مستجيبة في تناسقها مع فعاليات منظمات الإرهاب الدولي ، التي وسعت اهتزاز الاستقرار السياسي مثلما وسعت تنوع الأطروحات السياسية حول علاقة الديمقراطية بالعلمانية وحول علاقة العلمانية بالخطاب الديني الأصولي و السياسي وغيرهما جعلت بعض النخب تخضع جميع مكونات وسلوكيات تلك العلاقة الى رغبات من نوع خاص هدفها السياسي والعاطفي قطع العلاقة بين العلمانية والديمقراطية . هذا الواقع المختلف ينعكس جديا على الواقع السياسي العراقي وهو يدفعنا ، اليوم ، للحوار حول معاني ومفاهيم العلمانية وتأثيرها على إنقاذ المجتمع العراقي من مظاهر الانشطار والتجزئة في داخله ، خاصة بعد صعود مظاهر الطائفية خلال نفس الفترة كان من ابرز نتائجها هو هزيمة وفشل قوى الديمقراطية العلمانية من تحقيق فوز في انتخابات 2010 ترك الكثير من شعور بالعزلة النفسية لدى المناضلين الديمقراطيين رغم أن هذا الفشل كان تبعيدا مقصودا استجابة لرغبة بعض قوى الإسلام السياسي . نواجه الآن سؤالا كالتالي : هل كانت هذه النتيجة بسبب الوهن الانتخابي في صفوف القوى الديمقراطية ..؟ أم أن أحلام الديمقراطيين قبل الانتخابات سمح بتخدير المشاعر ، تخديرا كليا أو جزئيا ..؟ أم الرابط الحميم بين الديمقراطيين والجماهير الشعبية (الناخبين) كان ضعيفا ومصدوما بسبب نهوض الطائفية ومقدرتها على جذب الأصوات لصالحها ..؟ . ربما يكون جواب كل هذه الأسئلة بكلمة (نعم) من خلال الرؤية الثاقبة لأوضاع ما قبل الانتخابات وما بعدها أيضا ، التي يشعر فيها المواطن العراقي أن جميع الأوضاع الانتخابية لم تكن عادية أو طبيعية . يوجد اعتقاد شامل في خطابات بعض كتابنا في هذه الأيام أن العلمانية تعني أولا وأخيرا انه مجرد (فصل الدين عن الدولة) . هذا المعنى إن ظل من دون تعميق وتفصيل ومن دون علاقته بالحرية والتعددية الفكرية فأنه يظل نقطة باهتة لا تحقق رؤية متكاملة عن مستقبل الإنسان العراقي ، أي أن بقاء مفهوم العلمانية غير ذي صلة بالواقع الديمقراطي ومن دون تعامله مع حقوق جميع المواطنين على اختلاف عقائدهم فأنه لا يكون هناك أي متسع لتحميل العلمانية مظاهرها الحقيقية ومهامها الأصلية . هذا يؤدي إلى نزع الكثير من صمامات الأمان من العلمانية الحامية للديمقراطية ولحقوق المواطنين . اليوم أحاول إعادة التذكير بأن تجارب العلمانية الغربية في دول مثل هولندا والسويد وألمانيا وفرنسا وبلجيكا ، كلها ساعدت بصورة رئيسية الديمقراطية والحرية في هذه البلدان ، على إزاحة كل عقبة تعترض تقدمهما ، كما أنها ساعدت الديمقراطيين على التخلص من الحنق على الرأي المعارض ومن أية حساسية وتأثيرات سلبية بين القوى السياسية في البلد الواحد . كما أن العلمانية ساعدت على نشر مبادئ الشفافية والمساواة والإنصاف المتبادل ، مبعدة عن مناضد العلاقات الوطنية الكثير من مظاهر الخداع والزيف والكذب . حتى غدت مثالا يقتدى به لحل الانقسامات الدينية داخل البلد الواحد جعل الكثير من العلمانيين في العالم العربي يحملون مشاعر حميمية نحو العلمانية بوصفها النموذج القادر على انجاز بعض الوظائف الديمقراطية داخل المجتمعات التعددية مثل الآتي : (1) تنوير المجتمع المصري بأن العلمانية علاج للانقسام الإسلامي- المسيحي ليس فقط داخل جمهورية مصر ( مجتمع قبطي ـ إسلامي ) وليس فقط داخل لبنان ( الإسلامي ـ الماروني) بل داخل العالم العربي كله . (2) كما وجد الديمقراطيون العراقيون أن العلمانية هي مساهمة رئيسية من مساهمات ليس فقط الوظيفة الرمزية لتوطيد وتطوير شعبية أقوى مكونين من مكونات الشعب أي الاتحاد العربي ـ الكردي ، بل لتطوير كل وسائل معالجة الانقسام السني ـ الشيعي . وهو انقسام ليس محصورا في العراق فقط ، بل نجد غرائزه المحرضة على تدمير الوحدة الوطنية موجودة في كل من سوريا ولبنان والسعودية والبحرين والكويت بل وحتى اليمن كما ظهر في العاميين الماضيين ؟ (3) هناك من يعتقد ، وهو على صواب ، بأنّ العلمانية هي دواء حتى داخل (الإسلام السنّيّ) نفسه . كذلك يمكن أن تحمل العلمانية طاقة دافعة لحل إشكاليات كثيرة داخل الإسلام الشيعيّ أيضا ، في العراق على وجه التحديد . القيم التي أشرت لها في النقاط الثلاث السالفة الذكر لا يمكن أن تكون قوة حقيقية مقبولة اجتماعيا إلا بتوفر ما يلي : (أولا) تحريك العقل الإبداعي لتفكيك العقائد القديمة والعصبيات الطائفية والمذهبية كما فعل فلاسفة التنوير في أوروبا. (ثانيا) التفاعل الايجابي المتواصل بين الأفكار العلمانية والأفكار الديمقراطية . (ثالثا) الابتعاد تماما عن استخدام القوة والانقلابات العسكرية لفرض إجراءات سياسية معينة على العقل الشعبي. (رابعا) المحافظة دائما على عدم بلوغ المجتمع وضعا من التوتر السياسي أو الاجتماعي بين أبناء الشعب الواحد من مختلف الاثنيات والمذاهب . (خامسا) أن يكون هدف ووسيلة تغيير المجتمع معتمدا على تحويل أحلام الجماهير إلى واقع . لا بد من القول أن العلمانية مثل الديمقراطية ليست وصفة جاهزة تباع وتشترى في الأسواق ، بل هي نماذج لتطبيقات في العمل الثقافي – الاجتماعي – السياسي تبتعد عن التسويق ، تقترب من الممارسة الحرة الجريئة للنخب الثقافية داخل المجتمع وفي أعماقه ، ومن الممارسة للنخب السياسية الواعية في بناء الدولة الجديدة وفق عملية أصلاح جذري ، لا يترك أية مؤسسة من مؤسسات الدولة لا يدخل إليها . يعني هذا القول أن العلمانية تفرض نفسها كحل وحيد للمشاكل الطائفية وفي حل معضلة الأقليات كافة ، في العراق وفي المنطقة العربية وفي البلدان التي تحررت من الدكتاتورية الحزبية والفردية مثل العراق ولبنان أو التي مؤمل خلاصها من هيكلية الاستبداد والدكتاتورية . من ناحية أخرى أن تجارب جميع البلدان والشعوب الديمقراطية تعلمنا أن التحرر من الاستبداد يحتاج إلى حزمة كبيرة من العمليات والخطوات ، في الإصلاح الفكري وفي التطبيق العملي . هذا بحد ذاته يحتاج ليس فقط إلى وقت طويل بل أن العلمانية تحتاج إلى حرية واسعة ، في التحرك والعمل ، تشارك فيه وتسهم كل قوى الديمقراطية الساعية إلى تغيير المجتمع أي أنها تحتاج إلى تمهيد طويل عريض كي تروق في عقول الناس ، خاصة في مجتمع متخلف مثل مجتمعنا . إن العلمانية كوسيلة فكرية لإزالة الكثير من القيود أمام تطبيق الديمقراطية الحقيقية لا يمكن فرضها عن طريق القوة أو الضغط أو الإكراه ، بل لزاما على العلمانيين الديمقراطيين العراقيين أن يثروا تجاربهم ، الفكرية العامة والسياسية اليومية ، بما يمكنهم من إقناع الناس بالفكر العلماني والديمقراطي اعتمادا على فضائل العلم والحقيقة . إن دراما الخلاص من العوامل المعيقة لتقدم مجتمعنا ، لا يمكن اعتبارها وسيلة سهلة التطبيق في ظروف لم تنضج لها بعد ، خاصة في ظل انتشار السحب السوداء في سماء الواقع الأمني المتردي ، في ظل وجود أجسام صلبة أمام عجلة التقدم الاجتماعي والاقتصادي والثقافي ، مما يحتم استقطاب جميع وسائل التنوير الفكري واستخدام قياسات إضاءته كما فعل التنويري الأوربي في بلدان القارة الأوربية كلها ثم جاءت العلمانية كتحصيل حاصل . بالنسبة للديمقراطيين العراقيين فأن خطواتهم بالنسبة للتنوير الفكري ما زالت ضعيفة ، وفي بعض الأحيان وبعض الحالات والموضوعات والمواقف ما زالت ضعيفة جدا أو مترددة أو خائفة ، خاصة ما يتعلق منها بالنشاطات الدينية والمذهبية التي مارستها وتمارسها بعض القوى الدينية بواسطة الميليشيا المسلحة . كذلك نجد في بعض الحالات أن قوى ديمقراطية تحاول (استرضاء القوى الدينية) في المحافظات الجنوبية والوسطى على وجه التحديد ، مما جعل العراق المضطرب يعيش في عصور وسطى وليس في عصر الثورة العلمية ـ التكنولوجية . ورغم أن الحقيقة المجربة في البلدان الأوربية الديمقراطية أثبتت أن لا ديمقراطية بلا علمانية ، إلا أن التجربة الديمقراطية العراقية خلال سبع سنوات أعادت إنتاج (الطائفية السياسية) وفرضت سيطرتها في ظل الدستور ربما إلى خمسين سنة قادمة عن طريق صناديق الاقتراع ، التي استخدمت مرتين بين أعوام 2005 ـ 2010 حيث تفرد الطائفيون في البرلمان والحكومة . لا استبعد أن هذه النتائج المثيرة للقلق جاءت نتيجة واقعية بسبب ضعف التجربة والدليل المنهجي لدى القوى الديمقراطية العراقية . بعض المفكرين العرب يكرسون بعض أفكار العلمانية كعامل مساعد لنشوء وتبلور خبرات تاريخية حول حقوق الأقليات في عدد من بلدان العالم العربي ومنها العراق . مثلا هناك فكرة يطرحها جورج طرابيشي هي ( أن الأقلّيات اقرب إلى العلمانية لأنها تتيح لها التساوي مع الأكثرية أمام القانون). هذا صحيح إلى حدّ كبير وقد تقدم مثل هذه الفكرة حين مناقشتها بين السياسيين العراقيين إذ تقدم نتائج واقعية سمحت في جمهورية العراق بأن تلتهم قوى الأقليات من ثمار الشجرة الديمقراطية المزروعة حديثا في الأرض العراقية ، التي كان الديمقراطيون العراقيون جوعى لها خلال القرن العشرين كله . هناك الكثير من التقاليد الغربية تقدم لنا أمثلة في موضوع حقوق الأقليات . أول وابرز مثال يمكن أن نذكره بهذا الصدد هو ما قدمته فرنسا حيث أن العديد من مبلوري العلمانية الفرنسية كانوا ينتمون إلى (الأقلّية البروتستانتية) التي حصلت على حقوقها كاملة بفضل انتشار الوعي والمعرفة والفهم والحكمة . لكن يجب أن نعرف أنه لولا انضمام العديد من قادة ( الرأي العام الكاثوليكي ) إلى تيار العلمانية ، باعتبارها الحل الصحيح لأصل مشاكل الأقلية ، لما نجحت وترسخت في الدساتير والممارسات العملية والقوانين. اكبر مفكر فرنسي حارب الأصوليّة الكاثوليكية بكل عنف وضراوة وشق الطريق أمام العلمانية كان كاثوليكيا ينتمي إلى مذهب الأغلبية: انه فولتير الذي لم يكن لا فضوليا ولا مطيعا لواقع الحال الانقسامي بل متحركا لصنع الأهمية الإنسانية المركزية لدعم حقوق الأقليات . يمكن أن نذكر ديدرو أيضا وآخرين عديدين . وحده جان جاك روسو كان ينتمي إلى الأقلّية البروتستانتية المعتبرة ، آنذاك ، أنها خارجة على الطريق المستقيم للديانة المسيحية. اكبر سياسي رسخ العلمانية في فرنسا هو جول فيري الكاثوليكي المنتمي أيضا إلى الأغلبية المذهبية لا إلى الأقلّية. وقد خاض حربا ضروسا ضد زعماء طائفته. تقول قصص الطرافة الفرنسية بهذا الصدد ان جول فيري تزوج فتاة (بروتستانتية) من عائلة كبيرة. لكن أخته المتدينة جدا والمتعصبة كاثوليكيا رفضت مصافحتها عندما دخلت إلى البيت لأنها (كافرة) بنظرها وقد تنجسها..! هذا حصل بعد التنوير والثورة الفرنسية بقرن كامل لا قبلهما . الحقيقة العراقية تقول ان (نظرة النجاسة) إلى الأقليات العراقية كان موجودة عندنا بأشكال متعددة ، كما ظل شكلها السياسي كحقيقة قاسية شاهدها العراقيون بألم في فترات كثيرة من أعوام القرن العشرين لدى المتشددين الإسلاميين إزاء الصابئة والمسيحيين . كنا ننظر إليها سابقا كخرافة منذ منتصف القرن العشرين حتى كادت أن تزول نهائيا في أواخره ، غير أن هذه الخرافة عادت إلى الوجود في البصرة والعمارة وبغداد مثلا بقتل المسيحيين والصابئة وتفجير كنائسهم ومعابدهم من قبل عصابات تنظيمات " القاعدة " ومن قبل قوات الميليشيا المسلحة بالجهل التام لمعنى الحياة الإنسانية . الآن بعد العام السابع من التغيير نرى العلامات التالية : (1) إن القوى والأحزاب الدينية تخجل من الاعتقاد بأن الكون مصنوع من اجل الناس كلهم ، لفائدتهم كلهم ، وللتمتع بخيراته كلها من قبل جميع الناس بلا استثناء . (2) ما زال أغلب العلمانيين العراقيين لا يملكون من العلمانية غير مؤهل واحد يتعلق بكونها (فصل الدين عن الدولة) بينما يرى فيه الكثير من المتدينين الجاهلين بأن القوى الديمقراطية والعلمانية هي ضد الدين والمتدينين . (3) البرلمان بأغلبية أعضائه مبتهج بالانقسام والطائفية . كما يبدو خلال سبع سنوات من وجوده أنه مبتهج فعلا بالمنفعة الناتجة عن الحصص الطائفية. (4) بقاء المجتمع العراقي مثقل بالمشاكل والأعباء وأن الحكومة بغالبيتها ذات التركيبة السياسية الطائفية لم تستخدم الجوهر الديمقراطي في معالجة الأعباء والمشاكل المتعلقة بحياة الشعب خشية أن يعزز هذا الاستخدام مكانة الفكر العلماني. (5) لا يفوتني أن أشير إلى أن الباب المسحور، الذي يعبر منه مصطلح العلمانية بكونه (فصل الدين عن الدولة) يظل بابا مغلقا أمام عيون كل الطائفيين مهما ظهر بعضهم بأنهم ينظرون بأمان وسلام إلى العلمانية والديمقراطية . اليوم أتحدث عن الفعل الذي يمكن أن تنتجه كل صورة غير واضحة في قول أو مقولة وربما تؤدي إلى إفساد علاقة الديمقراطيين العلمانيين مع الناس ومع المجتمع . هذا اعتقاد خاطئ وهو الذي يفسر لنا أسباب انحسار الخطاب العلماني وتقهقره عن الجماهير الشعبية . أقول هنا أنه من الضروري التأكيد أن الخطاب العلماني ليس موجها ضد الدين بل هو خطاب يعتمد اعتمادا رئيسيا على مبادئ العقل والعقلانية وعلى العلم ومنجزاته التكنولوجية التي حققت تقدما هائلا في حياة الإنسان وتلبية مطالبه وحاجاته المتنامية باتساع . في العراق الحالي نشاهد انحسارا للخطاب العلماني . بل أصيب التيار الديمقراطي العلماني بضربة قاسية نتيجة انتخابات البرلمان بتاريخ 7 – 3 – 2010 التي كانت بالغة القسوة على الحرية العراقية وعلى الديمقراطيين العراقيين وعلى بعض فصائل الجماهير الشعبية الكادحة لأن تلك النتائج تعني بأخطر علاماتها سقوط المشروع الوحيد الذي يتحدى الطائفية السياسية ويحرر الناس من مساوئها أعني مشروع الفكر العلماني . من المسئول يا ترى عن هذا الانحسار .. هل تغلب عليه الخطاب الديني .. أم تغلب عليه الخطاب المحافظ ..؟ لا شك أن الجواب المنطقي الصحيح يتعلق بالعلمانيين العراقيين أنفسهم لأنهم لم يملكوا ، حتى الآن ، تناغما في علاقتهم مع الجماهير الشعبية بحيث يولد عند هؤلاء أملا كبيرا بالتحرر من كل أشكال التخلف والعبودية . إن نقاشات العلمانيين العراقيين لم تتخلص بعد من ضيق الأفق ولم تتخلص من مواجهة الصعاب بلا انفعال . لم يتضمن خطابهم نشر الفوائد العملية العميقة من الوعي بالعلمانية وضرورة ارتباطها بالديمقراطية . بصورة عامة يمكن تحديد أسباب انحسار العلمانية بالأسباب التالية : (1) إن الخطاب العلماني ليس لديه ما يركز عليه غير مقولة ( فصل الدين عن الدولة ) وإعادة تكرارها ، بسذاجة ، في وقت تحمل هذه المقولة المكررة تجاهل الارتباط بين الدين والمجتمع ، بين الدين والاقتصاد ، بين الدين والثقافة ، بين الدين وحقوق المرأة ، بين الدين والجنس الخ. (2) لا يملك الخطاب العلماني العراقي حتى الآن تحديدا في الفرق بين ارتباط الدين مع (الفرد) وارتباطه مع (المجتمع) ليصبح هذا الأخير قانونا اجتماعيا . مثال استخدام التلفزيون وسيلة لنشر المفاهيم الدينية . (3) ليس من الصحيح تهجين الخطاب العلماني بمفردات دينية أيا كانت . بل حتى أن تهجين الكتب المدرسية والجامعية بالمفردات الدينية يصبح أمرا ضارا للجميع . صحيح أن كل إنسان حر بمعتقداته الدينية لكن ليس من الصحيح أن يتحول (الإيمان الفردي الخاص) إلى (قانون اجتماعي عام) لأن هذا الشيء يعني المتاجرة بالدين هدفه إضعاف الخطاب العلماني . (4) الفهم عقيم للعلمانية الذي يظهر أحيانا في فهم بعض العلمانيين هو فهم قاصر عن استيعاب الظروف والمستوى الفكري والتعليمي للجماهير ، لذلك فهو فهم مسئول عن حصر الصراع الفكري في (الجانب السياسي) بينما يكتسح بقية جوانب الحياة خطاب ديني مسيَّس من دون منافس..! (5) يعني فهم العلمانية كونها (فصل الدين عن الدولة ) رغم صوابه لكن الكثير من العلمانيين(القاصرين) يريدون للعلمانية أن تكون تعبيرا عن (شكل للدولة) بينما العلمانية يجب أن تكون (حركة ديناميكية) نحدد بواسطتها (شكل المجتمع) . هذا الواقع العلماني الضعيف في عمليات الاقتراع الانتخابي في البرلمان ، وفي مجالس المحافظات ، يفرض على المثقفين العلمانيين والديمقراطيين واليساريين عموما أن يراجعوا التاريخ العراقي ، بل عليهم أن يراجعوا تاريخ تطور العلمانية الغربية ، خاصة مراجعة كل تاريخ فرنسا ، منذ القرن الثامن عشر وحتى بدايات العشرين ، الذي كان مليئا بالصراع بين القوى الدينية الرافضة للعلمانية وللنظام الجمهوري ، وبين القوى العلمانية الرافضة للأصوليّة المسيحية والعهد الملكي القديم. بعد أن تحرّر المجتمع الفرنسي في شرائحه العريضة من هيمنة الكنيسة ورجال الدين انتصرت العلمانية في فرنسا . بالتالي لا أرى أي فرق بين تجربة العلمانية في الغرب وما قد يحصل عندنا في العراق أو ما نرجوه أن يحصل من تقدم وحداثة وعلمانية. العلمانية إما أن تكون كاملة متكاملة تشمل (الدولة والمجتمع) كما في الدول الغربية المتطورة أو لا تكون..ولأنها لم تشمل (المجتمع) في تركيا حتى الآن ، أو قل أنها لم تتغلغل في الشرائح الشعبية بما فيه الكفاية ، فأن الأصوليّة عادت إلى المسرح من جديد خلال السنوات الخمس الماضية . أما في فرنسا فلا يعقل حصول نفس الشيء ( أي عودة رجال الدين إلى الساحة وانتكاسة العلمانية ) .. بالتأكيد كلا . إذ من المستحيل أن نشهد يوما ما عودة رجال الدين المسيحيين إلى السلطة الفرنسية لأن العلمانية أصبحت مرسخة في كافة شرائح الشعب الفرنسي . لأن الصيرورة الاجتماعية في النظام الإقطاعي أو شبه الإقطاعي في العهد الملكي الفرنسي كانت تستمد قوتها من الدين لذلك نشأ تضاد بين البورجوازية الناشئة والنظام الإقطاعي القديم. تبلورت على اثر هذا التضاد ( رؤية جديدة ) للعالم تناقض ( الرؤية القديمة ) التي سادت طيلة قرون متكئة على الدين. كانت العلمانية في صلب هذه الرؤية الجديدة. وفقا لهذه الرؤية ولما لحقها من تطور فكري واسع وعميق لم تعد الدولة هي (أداة الله على الأرض ) أو أنها منفذة لإرادته، كما كان يدّعي رجال الدين المرتبطين بقادة السلطة الإقطاعية وملوكها ، بل أصبحت الدولة البورجوازية نابعة من إرادة المواطنين الناخبين في الاقتراع العام . وهو ما أسس لنشوء القوانين المدنية والتعليم المدني ، الأمر الذي عنى فصل الدين عن الدنيا، أي فصل الدين عن الدولة. وبالتالي فصل الدين كطقوس عنه كأيديولوجينا تتضمن تشريعاً «ألهياً»، وصيغة للدولة والسلطة، ولطبيعة العلاقة بينها وبين الرعايا. لتقرّ ممارسة الطقوس الدينية بكل حرية، لكن دون أن تعنى بالسياسة والدولة. في هذه المرحلة من تطور العراق واتجاهه نحو الديمقراطية تهيمن بعض الافكار الاخرى التي لا تعمق مفاهيم العلمانية بل تضعفها اذا ما تم اغراق العلمانية في مياه الطائفية السياسية التي تمخر اليوم كل مجال من مجالات الحياة السياسية والاجتماعية في العراق خصوصا عند مشكلة الاقليات العراقية والكوتا وتشكيل الوزارة وتفاصيل الجان ومؤسسات الدولة جميعها تقريبا التي يراد منها البرهنة على ان منح الحقوق السياسية والاجتماعية للاقليات العراقية باعتباره من مكارم الاغلبية وليست استجابة لضرورات حداثة الفكر الانساني حسب متطلبات التطور التاريخي الذي يفرض شكلا جديدا للدولة يتلاءم مع روح وسياق العصر الحالي . بعض العلماننين العراقيين يتعلمون المشي بالسياسة نحو العلمانية بل الاكثر من هذا يعتقدون العلمانية هي طموح سياسي وليس ثقافي لذلك فهم يدعون الى رفع قامة العلمانية على اكتاف رجال السياسة انفسهم وليس على اكتاف رجال الثقافة والعلم والابداع هذا امر غاية في الصعوبة يلحق الاذى بالعلمانية نفسها لأنه (عندما نسلك طريق السياسة لإقامة دولة علمانية، فإننا نكون قد سلكنا أطول الطرق وأكثرها تعرجاً، ذلك أن الطموح السياسي لا يتبنى سوى القضايا التي تحظى بشعبية، وبما أن مفهوم العلمانية لا يتمتع بالقدر الأدنى من الشعبية، فإن تبني مثل هذا المفهوم هو بمنزلة انتحار سياسي! عندما يتعلق الأمر بمشروع فكري يتطلب صبراً طويلاً وطول نفس، فإن من الحماقة أن نعلق آمالنا في تنفيذ مثل هذا المشروع على رجال السياسة، فهؤلاء يبحثون عن أقصر الطرق إلى السلطة والنفوذ والشهرة، وبأقل خسائر ممكنة على المستوى الشخصي..) من هنا فان مشروع العلمانية يجب أن يعد من المثقفين العراقيين . ليس ثمة شك في أن الخطاب الديني «المعتدل» يلقى تشجيعاً واسعاً بين أنصار الخطاب العلماني العراقي ، وهذا أمر يسهل فهمه في ظل وجود خطاب ديني متطرف، لكن هناك مع الأسف من يخلط بين تشجيع الخطاب الديني المعتدل وتبنّي أبجديات هذا الخطاب، إلى درجة أصبحنا فيها عاجزين عن رصد الخط الفاصل بين الخطاب العلماني العربي والخطاب الديني المعتدل .. أنا أبارك خطوة الحكومة الكردية في 20 – 4 – 2010 بتحديد وقت الخطب الدينية في مساجد كردستان (خطب الجمعة ) بنصف ساعة فقط . كذلك لا بد من مباركة قرار وزير التربية والتعليم المصري المعلن قبل يومين حول نقل 60 ألف رجل ملتح وامرأة محجبة من (صفوف التدريس ) في المدارس المصرية إلى مراكز (الأعمال الإدارية) كي تسلم مجموعات الطلبة من التأثير الديني . اعتقادا من وزارة التعليم بأن هؤلاء الملتحين والمحجبات لا يعرفون من عوالم الدين غير اللحية والحجاب وترديد الكلام المكرر البعيد عن عصر العلم والنيوترون ، مما يضع قيودا على ثقافة وتطور الأجيال الجديدة ومحاولة وضعها في بيئة بعيدة عن الذكاء والدين معا ، عبر تمسكها بفجاجة العصور القديمة المظلمة . شجاعة حكومة كردستان ووزير التربية المصري تذكرنا بجبانة البرلمان العراقي الذي عجز خلال سبعة أعوام من إلغاء علم صدام حسين المجرم ، الذي حاول تغطية جرائمه تحت ظل اسم الجلالة بخط يده على خرقة تكتلت فوق كل جيوش حروبه الخارجية والداخلية لتضليل القوميين العرب والمسلمين في داخل العراق وخارجه . مع الأسف أن الفلك في سفارات العراق بكل أنحاء العالم يرفرف عليه علم صدام حسين وليس علم العراق . أتساءل ماذا يكون موقف رجال الأعلام الرسمي إذا ما اقترح مثقفون عراقيون عن ضرورة تخلي التلفزيونات عن رفع الأذان وقراءة القرآن وذلك لتحرير الدين نفسه من سلبيات التلفزيون وحصر الدعاية الدينية في مكانها الصحيح أي في رحاب الجوامع والحسينيات والمساجد . ما أكثر القضايا الحياتية والاجتماعية التي تتبناها وتخلقها أوروبا لشعوبها لكننا لا نجد أي جذر لها في ثقافة الإسلام . لا توجد في ثقافة التلفزيونات الأوربية أي برامج لقراءة مواد توراتية أو انجيلية ومع ذلك فأن التقدم في بلدانها يتــّقد كل يوم بإشعاعات مذهلة توفر حياة هانئة لشعوبها، بل أن إشعاعاتها صارت كونية توفر الهناءة الكبرى حتى للدول الإسلامية ، التي تختفي وراء الدين متفاخرة بتخلفها رغم أن كثيرا منها موهوبة بعطاء أرضها أكثر بما لا يقاس مما وهبه الله لأوربا . ما أكثر قضايا الإسلام السياسي المعادية للتطور التاريخي ومن أصول هي ضمن الجاهلية العربية. لذلك يبقى خطأ بعض العلمانيين العراقيين فادحا إذا ما تضمن خطابهم العلماني بعض المفردات الدينية الغيبية أو غير الغيبية ، كأنما هي ضريبة يجب دفعها ، كي يسهل وصول مفردات العلمانية إلى الجماهير . ليس من الصواب أن يتعلم الخطاب العلماني من مفردات الخطاب الديني، بل الصواب هو العكس ، لأن الخطاب العلماني هو خطاب ثقافي ليس جامدا وليس مركزيا . لا علاقة له بالذات الإلهية ، بل علاقته الرئيسية بالبحث عن حلول المشاكل الكثيرة المستعصية المؤذية للإنسان الموجود في العالم كله . لا علاقة للخطاب العلماني بتناول لحم البقر أو لحم الخنزير . ليأكل وليشرب كل إنسان ما يشتهي . لا علاقة للخطاب العلماني العراقي بمن يؤمن أو لا يؤمن فتلك علاقة بين العابد والمعبود ، كما قال جان جاك روسو ذات يوم : (إنهم لم يقنعوني ، وإنما أصابوني بالاضطراب . لقد هزتني حججهم دون أن يقنعوني ابدا ويصعب أن يمنع الإنسان نفسه فيما يرغب بشدة ) . ان اختيار مفردات اي خطاب سواء كان علمانيا او دينيا هو من فنون الكتابة واللغة . الخطيب نفسه يحتاج الى اختبارات كثيرة تنبئه عن دقة اختيار المفردات وصوابها وأهميتها في مناسبة من المناسبات أو في ظرف من الظروف لكي يتم التجاوز على التضاريس الصعبة الموصولة بالمتلقين من القراء أو السامعين . هذه القواعد الخطابية ما الم بها الشخصية الوطنية العراقية الصديق العزيز السيد أياد جمال الدين الذي رشح نفسه على رأس قائمة كبيرة في الانتخابات البرلمانية لعام 2010 لكنه مع الأسف لم ينال الفوز لعضوية البرلمان. لماذا ..؟ لأنه لم يكن حذرا من خطر الوقوع في فوضى تهجين الدين و العلمانية ، معا ، بخطاباته التلفزيونية . طالب بفصل الدين عن الدولة لكنه ربط بين الدولة والشركات الأجنبية في خطابه الانتخابي . بذلك جرى تشويه الخطاب العلماني دون أن يدرك . كما انه ظل متمسكا بكل شموس ومظاهر العوالم الدينية من خلال تمسكه بالزى المصنوع خصيصا لرجال الدين وليس للعلمانيين وهذا من أشكال التدجين الديني ، خصوصا أن جميع الناخبين في دائرته الانتخابية يعرفون طريقة تربيته الدينية ويعرفون نشأته الطفولية في عائلة دينية تحظى باحترام كبير ونشأته الشبابية توفرت له في مدارس الحوزة الدينية . ظن اياد جمال الدين ان وقوفه امام كاميرا التلفزيون واعلان علمانيته ودعواته المكررة عن فصل الدين عن الدولة سياتي له بالفوز البرلمان ناسيا التغير الضخم في المناخ السياسي العراقي في دائرته الانتخابية التي تلتقط مفردات الطائفية وليس مفردات العلمانية كما انه لم يدرك انه لا يوجد أي مكيف لتعشيق العلاقة بين العلمانيين من أمثاله وبين الطائفيين من أمثال الناخبين في دائرته الانتخابية . من هنا وقف الناخبون الواعدون أمام صندوق الاقتراع كالروبوت ثم منحوا أصواتهم لمرشحي الطائفة . جوهر الفرق الخطابي بين العلمانيين وبين بعض رجال الدين كان وما زال متركزا على (حرية الإنسان) في تفكيره واعتقاداته واختياره للتشريعات حسب ما يراه أصلح لحياته. وقد كانت هذه الحرية دوما منطلقا لتصدي فكر العلمانيين لفكر الدينيين، بغض النظر إن امتلك هؤلاء الأخيرون كنيسة أو جامع أو كنيست أو أي معبد أو مؤسسة دينية أخرى ، أو بقوا ضمن سلطات مبعثرة، تقوى حينا وتضعف حينا آخر حسب النظام السياسي القائم في كل بلد. هناك أمر واحد يجب أن نتذكره باستمرار وان نقوله باستمرار وان نضمنه في خطاباتنا باستمرار هو أن هناك أمرا واحدا أمام العلمانيين يتوقف عليه البقاء الفعلي للنوع الإنساني كله بكل قومياته وأديانه وفرقه . يجب على العلمانيين أن يؤكدوا أقوالهم بأفعال مباشرة ببرهان أنهم يعملون ويناضلون بصورة حاسمة من اجل الإنسانية جمعاء وأن وسيلتهم هي أعمار العوالم كلها حيث يمكن بها توحيد المجموعات العرقية الإنسانية ويمكن بها ربط الأجيال بعضها ببعض ، بكل حرية. (بينما تقتصر رؤية الدينيين للحرية على أنها في أحسن أحوالها (حرية الاختيار بين الخير والشر ) حسب ما هو مُنزل في النصوص الإلهية المفسرة من قبل ناس يرتدون أزياء خاصة هي أزياء رجال الدين ، يعتقد العلمانيون أن الإنسان يستحق أن يمتلك (حرية مطلقة) في ما يتعلق بالتفكير والاعتقاد والضمير، ويمتلك (حرية نسبية) مقننة على صعيد السلوك الاجتماعي، محدودة بحدود حرية الأفراد الآخرين المتساوية. فإن كان بالإمكان إيجاد تسوية، ولو صعبة، بين هذين الفريقين ، الاجتماعيين والسياسيين ، على صعيد ممارسة الحرية العامة والشخصية بموجب القانون) . إن الحرية التي يريدها العلمانيون هي من صنع أبناء الشعب وتفكيرهم . العلمانيون لا يحتاجون إلى توجيه أو رعاية إلهية خاصة ، على اقل تقدير أن العلمانيين لا يلقون على الدين ولا على رجاله أي عبء بشان شوقهم و تطلعهم وكفاحهم من اجل حياة أفضل للناس العراقيين . إن الحرية في مختلف مراحل تطورها وممارستها تخضع لشرطين أساسيين : الأول . أن تكون القوى الوطنية خاضعة تماما لمجمل التكوين السياسي الديمقراطي في كل أنحاء العراق . الثاني أن تكون ممارسة الحرية قادرة على خلق ظروف وشروط تغيير المجتمع ، تغييرا شاملا ومتوازنا . بمعنى أن لا تكون ممارسة حرية هذا الشخص من أصحاب عقيدة معينة مسببة لأذى شخص آخر من عقيدة أخرى . وان لا تكون ممارسة هذه القوى لحريتها مسببة الأذى لقوة وطنية أخرى . كما لا تكون ممارسة الحرية أو القرار الحر لهذه المحافظة أو ذاك الإقليم مسببة للأذى في محافظة أخرى أو في إقليم آخر. ينبغي أن ينظر المواطنون والأحزاب ومؤسسات الدولة بالتساوي التام بين حقوق المجتمع وحقوق الإفراد وحقوق المركز وحقوق المحافظات والإقليم ، اي النظر والممارسة المتساوية إلى أسفل المجتمع العراقي وأعلاه وأطرافه ومركزه في وقت واحد . هذا هو مبدأ أساسي من مبادئ الديمقراطية العلمانية يحمي الكيان الاجتماعي العراقي التعددي بما يوفر النقاش المتواصل بما فيه النقاش الساخن لتوفير الحرية الحقيقية أمام عقيدة المواطن بما فيها العقيدة الدينية والسياسية حتى ولو في ظروف الصراع شرط ان يكون سلميا في أجواء ليس فيها ميليشيات ولا أي دور للمنظمات العسكرية السرية . ليس من طبيعة العلمانية الديمقراطية التهرب من القبول بواقع تفرزه نتائج التصويت الانتخابي العام حول كل شكل من أشكال الحرية التي تتسع لجميع المواطنين الدينيين والعلمانيين أن يتمتعوا بجولاتها . كما أن العلمانيين العراقيين ، يتمنون ويناضلون ، بذات الوقت ، من اجل تبلور الفكر الديني في ظروف التطور الاجتماعي ، في ظروف تطور الديمقراطية ، لكي يكون ذلك الفكر قادرا على ممارسة العقلانية السياسية من دون وضع الوصايا المقدسة التي لا تتقبل حوارا ديمقراطيا ، بل يخضعونها لتفسيرات نخبة دينية واحدة لا تقبل النقاش . رغم هذا وغيره من أمور مقيدة أو مطلقة فأن الخطاب العلماني الأصيل يواصل التفكير ، دون قيد أو شرط ، دون خوف من القانون ، وهو يناضل من اجل رفع الوصاية على العلمانية والدين ، على حرية العلمانيين والدينيين ، معا . أي رفع الوصاية عن علمانية المجتمع وعن علاقة الإنسان مع ربه . تماما مثلما لا توجد أي وصاية على حرية رجال الفضاء الروس والأمريكان في السفر إلى الفضاء الخارجي والعمل على استكشاف الكواكب وهم لا يخافون الظلام الدامس ولا ضوء الشمس الشديد . في الضد من هذا أن الخطاب العلماني غير الأصيل ، أي الخطاب الخائف من الظلمة ومن النور ، هو خطاب يقود إلى المجهول . بمعنى أن إجبار العلمانيين على الخوف من الآخرين ، أو إجبارهم على تبني الخطاب الديني وفق رؤية (التقية واجب) هو تشويه للعلمانية ، التي تحترم كل العقائد ، كما تشوه الدين الذي يقول القرآن أن لا إكراه فيه . العلمانية ليست عقيدة للمجتمع أو إيديولوجية للدولة، لكنها إجراء عقلاني يضمن العيش المشترك، بعيداً عن الغيبيات التي تفرق الناس وتوزّعهم إلى شيع وطوائف. أن العلمانية هي تعاقُد مدني لصالح العقلانية، يمنع الآراء الدينية والغيبية من أن تكون حجّة لأيّ قرار سياسي. لكن الواقع الحالي في الديمقراطية العراقية كما يلخصها شاكر النابلسي بقوله (أصبحت الديمقراطية في العراق اليوم، ككرة النار الملتهبة، التي لا يريد أحد من السياسيين العراقيين اللاعبين الآن أن يحتفظ بها، أو يُضحي من أجلها. فهم يتقاذفونها من الواحد للآخر، قبل أن تحرق أيديهم، منذ إعلان نتائج الانتخابات التشريعية العراقية الأخيرة في الأسبوع الماضي. بل دعونا نقول، منذ أن خفّت أعمال الإرهاب الديني والطائفي العراقي، بعد انتخابات عام 2005، وتأكد أعداء العراق الجديد بأن لا سبيل إلى الرجوع إلى الوراء. وأن عجلة التاريخ تسير دائماً إلى الأمام، ولا ترجع إلى الخلف. وأن تقرير مصير الشعوب يتمُّ في المستقبل، وليس في الماضي أو الحاضر، كما يؤكد لنا المفكر التنويري المصري مراد وهبه، في كتابه "مُلاّك الحقيقة المطلقة" ) . حاول الخطاب الديني العراقي أن يجعل من ( الديمقراطية ) دليلاً على سعيه إلى نشر مفاهيم جديدة عن حاجة الإنسان إلى يقين ديني معين ، وظل يُحاجج بأن العراق بحاجة إلى ( ديمقراطية دينية ) تسهل عملية صعود القوى الدينية وانفرادها بالسلطة من خلال نصوص قانون الانتخابات التشريعية لعام 2010 ومن خلال الالفباء الدينية التعبوية في تحريك وتعبئة (القوى الطائفية) ذات الملايين الستة المقترنة بالأمية الأبجدية ، حيث تفك عن عقولها ، التي لا تقرأ ولا تكتب ، أي معرفة لما تحويها برامج انتخابية طائفية مغلفة نفسها ببعض ( غلاف ديمقراطي ) . الحضارة المُعاصرة نجحت ليس فقط في مجالات العلم والتقنية، بل أنها نجحت في تطبيق الديمقراطية العلمانية التي أصبحت أداة متجهة نحو بناء الحياة الأفضل للمواطنين في البلدان المتقدمة . هذا الشيء لا يحاول الخطاب الطائفي العراقي أن يضعه أمام المواطنين . بل أن بعض القوى تربط بين الانتخابات النيابية الديمقراطية وبين بطاقة الدخول إلى جنة السماء بعد الموت ، لأن هذا البعض من القوى الدينية يؤكد لمواطنيه أن (الحياة في الدنيا ) لا معنى لها إن لم تكن وسيلة لكسب ( الخلود في الآخرة ) من خلال صندوق الاقتراع البرلماني والتصويت للطائفة . كما أن الكثير من مضامين الخطاب الديني – الطائفي يحاول إقناع المواطنين السذج أن ( الطائفية ) هي هبة ممنوحة من السماء قبل الولادة وبعد الممات . منذ أحداث 11 سبتمبر ظهرت آراء في الغرب انتقلت إلى الشرق تجسد الآراء والوقائع الفكرية التالية : (1) يؤكد بعض المفكّرين ، أنّ الإرهاب كامن في جوهر الإسلام وعند الإسلاميين الأصوليين ( تنظيم القاعدة وتفرعاته المختلفة الأنواع ) وهو جوهر يقوم بالضرورة على إقصاء الآخر أو إلغائه، ويشير هؤلاء إلى أنّ الإسلام لا يقبل التعدّدية ولا يمكنه التعايش مع قيم الحداثة والمعاصرة بكلّ أشكالها . (2) هناك إسلاميون يدّعون الاعتدال لكنهم يردّدون بأنّ الإسلام هو (الحلّ الوحيد) لمشاكل الناس والحياة. (3) آخرون لا يجدون من يردّ عليهم سوى القول بأنّ (الإسلام هو المشكلة) أو أنّ التخلّص من الإسلام هو الحل . (4) هناك قوى تحمل خطابا يعتقد بأنّ للأديان جوهرا ثابتا، وأنّها تمثّل قوّة حاسمة ونهائية في حركة التاريخ ، فهي قوّة نهضة وتقدّم لمن يرفعون شعار الدين هو الحلّ، وهي كذلك قوّة تخلّف وتأخّر لمن يزعمون أنّ تخلّي الناس عن الأديان أو عن دين معيّن هو الحلّ . (5) خلاف ذلك فإنّ هناك رأيا يقول بأن الديمقراطية العلمانية هي الحل لكل المشكلات الاجتماعية والاقتصادية . هذا الحل برهنت نجاحاته العملية كل الشعوب المتطورة في أوربا وأميركا واليابان وغيرها مما يستلزم دراستها بعمق والاستفادة منها طالما أبواب الحرية والحياة الكريمة والأفضل فيها مفتوحة لكل إنسان مستيقظ في هذه الدنيا من دون خوف أو ارتباك وطالما الإنسان يحترم الإنسان الأخر ولا يراه شبحا مخيفا ، طالما الإنسان يحترم عقيدة الإنسان الآخر . إنّ معركة الديمقراطية ليست مع الدين أو ضدّه، بل هي معركة ضد الإرهاب بكل أشكاله ، ضد خوف الإنسان من أخيه الإنسان ، إنها معركة الإنسان ضد التخلف الفكري والاجتماعي . إن نضال الديمقراطية العلمانية الحقيقية هو من أجل تحسين نوع الحياة بالنسبة لملايين العرب والمسلمين وغيرهم من الذين يوجدون اليوم في البلاد العراقية ، ومواصلة النضال اليومي من اجل خلاصهم من الفقر المدقع في ضواحي المدن العراقية وفي أعماق الوديان الجبلية وأعماق الاهوار . أما غير ذلك من الصفات الموجهة للعلمانية الديمقراطية فليست سوى قرقعات في هواء من دعايات النزعات المحافظة غير المتنورة . لا بد هنا من التأكيد على الحقائق التالية كما أكدها الكثير من العلمانيين العرب : (1) العلمانية ليست عقيدة للمجتمع، ليست إيديولوجية للدولة، العلمانية إجراء عقلاني، لا يضمن فقط التعايش، وإنما يضمن العيش المشترك لجميع المواطنين في البلد الواحد ، لا يضمن فقط التفاهم، وإنما يضمن الفهم المشترك للأمور، بعيداً عن الغيبيات التي تفرق الناس وتوزعهم إلى شيع وطوائف (2) العقلانية السياسية ليست مجرد عقلانية ذاتية، وإنما هي عقلانية توافقية، قائمة على أن الحقائق ليست كوصايا وإنما هي ثمرات توافق بين مواطنين مستيقظين، من أجل بناء الإرادة العامة والمصير المشترك، إنها ثمرة بناء ديمقراطي تشاركي . (3) إن عدم فهم العلمانية باعتبارها وسيلة لامتلاك المواطنين لمصيرهم ولتحكمهم فيه، قد جعل الناس يتوجسون منها ويترددون في قبولها . الواقع أن العلمانية لا تبرر أية إجراءات سلطوية أو تسلطية ولو باسمها، ولا تضع نفسها موضع العقيدة الدينية، كما حدث في بعض التجارب السابقة في البلدان الاشتراكية مثلا . (4) العلمانية تعاقد مدني لصالح العقلانية، إنها تعاقد يمنع الآراء الدينية والغيبية من أن تكون حجة لأي قرار سياسي ولأي تفرقة بين المواطنين (5) العلمانية تدعو إلى فصل الدّين عن القانون كما انها تدعو إلى أنّ الآليّة القانونيّة السّياسيّة للعلمانيّة في الدّول الدّيمقراطيّة لا تعني فصل الدّين عن السّياسة بل فصله عن القانون. فقوانين الأحوال الشّخصيّة المستلهمة من الدّين الإسلاميّ أو من الدّين المسيحيّ الشّرقيّ لا تحلّ مشاكل النّاس بل تخلق لهم مشاكل مؤبّدة : عسر الطّلاق أو عسر الزّواج الثّاني، وتعدّد الزّوجات، وقوانين الإرث التّمييزيّة… لا بد أيضا أن نقول أن العلمانية تحتاج إلى نهوض المثقفين العراقيين بمسئولية التنوير بها ، خاصة إذا لو عرفنا أن العلمانية تقتل نفسها إذا ظل مفهومها قائما فقط على فصل الدين عن الدولة في بلدنا الذي يتوقع فيه ردود فعل دينية كثيرة ضد هذه المقولة . لا بد من ضرورة التاكيد على ان العلمانية هي حداثة فكرية . لا توجد أسبقية لمن يقوم بها : السياسي أم الثقافي . لكن الثقافي هو المسئول الأول والأنشط لأن العلمانية هي ، أساسا ، ثقافة فكرية ، بل هي حداثة فكرية ، تستوجب خطواتها رحلة ثقافية واسعة النطاق في أعماق المجتمع . إنها رحلة سريعة رغم وجود مصاعب كثيرة أمام المثقفين العلمانيين حيث مكونات المجتمع العراقي ليست منبسطة وحيث التاريخ القديم لا يخلو من تعقيدات مذهبية وحيث الطريق الفكري ـ الثقافي ليس معبدا في العراق حيث الشكوى مستمرة ومتواصلة في جميع نواحي الحياة . هناك أيضا إشكالية أخرى تتعلق بموضوعة الأسبقية بين العلمانية والديمقراطية، أيهما أولا العلمانية أم الديمقراطية ..؟ أول تأكيد هنا : انه لا ديمقراطية من دون علمانية ولا علمانية من دون ديمقراطية . أما موضوعة السبق فتتعلق بما يحتاجه التغيير السياسي والاجتماعي . فإذا كانت المرحلة الحالية من التغيير في العراق الجديد أن تكون الديمقراطية سابقة للعلمانية فأن الحوار اللاحق والخطوات اللاحقة ينبغي الإسراع بعملية التنوير العلماني . بإمكاني القول بهذا الصدد أننا نفتقد إلى وجود رأي جماعي أو رأي بالأكثرية عن موقع الديمقراطية في تأسيس الدولة العراقية الجديدة ، بالتالي لا نعرف شيئا عن موقع العلمانية في هذا التأسيس . لكن توجد رؤية عامة بعيدة المدى لدى أوساط شعبية كثيرة عن احتمالات ظهور دولة مستبدة أو إجراءات مستبدة في بعض مراحل بناء الدولة الجديدة حيث أن سقوط نظام صدام حسين لا يعني سقوط احتمال نهاية الاستبداد في بلادنا ، خاصة إذا ما عرفنا أن وضع الأفكار الاستبدادية في زاوية حرجة تمهيدا للقضاء عليها لا يمكن أن يتحقق بدون ديمقراطية علمانية كما علمتنا تجارب الشعوب الديمقراطية المتقدمة . أما تحصين المجتمع العراقي ببعض اللقاحات الديمقراطية فأن ذلك لا يقود إلى انتشار الضوء الديمقراطي على السلطة ، كما أن ذلك لا يفجر جدارتها ، خاصة إذا ما عرفنا ان السلطة التي أعقبت سقوط الدكتاتورية في 9 نيسان 2003 لم تتسم حتى الآن بكفاءة عالية وبإخلاص تام . كأنما السلطة بمعناها وممارساتها ليست مسئولية لتقريب الشعب ومساهمته في بناء الدولة الجديدة بكل مستوياتها ومؤسساتها لكن السلطة تحولت خلال السنوات السبع من (سلطة المسئولية) إلى (سلطة الغنيمة) . من داخل هذه السلطة أو على مقربة منها ظهر ديناصور الفساد المالي والإداري قابضا على كل شيء في السياسة والاقتصاد حتى تولد انطباع ، في كل البلدان ، بأن العراق صار البلد الثالث من البلدان الفاسدة في العالم بعد أن انتشرت بقع الفساد في أعلى المستويات الوزارية والإدارية ، كما يتبين من تفاصيل بيانات وقرارات لجنة النزاهة العراقية نفسها . هذا الواقع يضع النخب العراقية خصوصا نخب الديمقراطيين والعلمانيين موضع المسئولية التاريخية وإنقاذ مجتمعنا من المستوى المنحدر إليه ، المغلف ببعض الشعارات الديمقراطية ، التي تستهدف تطييب خاطر الشعب ولا يؤدي إلى استبعاد احتمال عودة الاستبداد الشامل أو الجزئي ، خاصة إذا افتقد (نظام السلطة الغنيمة) ضوء الديمقراطية العلمانية وهو شيء غير مستبعد ، وفقا للثغرات الكبرى الموجودة في الوضع الأمني وفي الطريق المتعرج الذي تسير فيه العملية السياسية ، التي تنهض بفعالياتها الرئيسية ليست القوى الثقافية النخبوية بل الإسلام السياسي حامل الهوية الأحادية الإسلامية، واختصار هوية الشعب العراقي إلى هوية دينية وليست مدنية. من هنا يأتي اعتقادي بالحاجة لإيفاء موضوع النخبة والشعب حقهما من البحث الجاد في الخطة التنويرية الشاملة لإخراج العراق من مأزقه التاريخي بكبح جماح كل مسعى من مساعي عودة أي شكل من أشكال الاستبداد أو عودة أي شكل من أشكال خلفياته اعتمادا على تحويل الدين من علاقة الفرد مع ربه إلى دين سياسي . من الطبيعي إذن أن حديثنا لا يدور عن الدين بمعناه المطلق أو الدين الفردي، أي دين العبادات والأخلاق وقيم التعامل بين الأفراد بما هم أفراد . تلك امور يحترمها العلمانيون أشد الاحترام . بل الحديث يدور عن دين الجماعات، أي الإسلام الذي يريد أن ينظم المجتمع ابتغاء لتحقيق سيطرة أولياء الله على الأرض، وهذا ينشط الأسس التي تغذي الاستبداد وتضمن إعادة إنتاجه مستمدة بالضرورة من ثقافة التراث وقيمه، وبالتالي من ضعف الوعي لدى فصائل شعبية كثيرة معطلة إرادتها عن الاشتراك في المسيرة الديمقراطية . هذا بالنتيجة يؤدي إلى حراك طائفي سياسي لا يمكن أن ينجو من الصراعات الطائفية ، بل حتى من الحروب الطائفية حين تتحول الجماعة السياسية إلى جماعة طائفية تغذي ، بالتالي ، ظهور طائفية سياسية عن طريق الاقتراع البرلماني وعن طريق انتخابات مجالس المحافظات التي استكشفت عوالمها في انتخابات عم 2010 حيث كان اغلب نتائجها هو التكوين الطائفي في ظل أفق من آفاق الديمقراطية العراقية غير المتبلورة حتى هذه الساعة . لهذا السبب بالذات فأن العلمانية الديمقراطية تشكل جزءا لا يتجزأ من الوسائل ، التي تضفي الشرعية على التعددية السياسية ، التي تقوم الديمقراطية على كفالتها وتحقيقها في الممارسة العملية. خلاصة القول أن مشروع العلمانية والعلمانيين يتضمن تحقيق ما يلي : (1) المساهمة والمشاركة مع جميع القوى والأحزاب الديمقراطية في عملية تنوير المجتمع لبناء دولة ديمقراطية . (2) المساهمة اليومية ، فكريا وعمليا ، لتأسيس هيكل اجتماعي تعددي يشمل خلق وتطوير جميع سلطاته المنفتحة على الآداب والفنون والموسيقى والسينما والمسرح وبناء الشخصية المعرفية المحاورة كي يكون المجتمع العراقي كله متفوقا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا . (3) مساهمة العلمانيين في التأكيد على مزايا الأخوة والتضامن الوطني . (4) تزويد الإنسان العراقي ببريق ثقافي جديد ومتواصل لفهم أبعاد التطور الاجتماعي . (5) التأكيد على أن مجتمع الحريات هو مجتمع متطور. (6) التثقيف العلماني يؤكد أن المجتمع التعددي يجب أن يستبعد الجمود ، كما أن علاقات قواه تستبعد الانفعال ، بل ممارسة التفكير الناضج والممارسة الناضجة . (7) العلماني ينظر إلى المجتمع التعددي باعتباره ليس جاهزا ولا متكاملا بل هو مشروع في طور الصياغة المتصاعدة . (8) مشروع الثقافة العلمانية ونشرها داخل المجتمع هو مشروع تفصيلي كبير يعتمد على تنويع الحريات والمسئوليات . (9) لا تقع مسئولية بذل الجهد المار ذكره على عاتق السلطة السياسية أو على الأحزاب الديمقراطية ، بل على المثقفين العلمانيين بالدرجة الأولى . (10) إرساء قواعد العلمانية يحتاج دائما إلى نضج سياسي والى إرادة قوية والى صبر طويل في الحوار والنقاش . بكلمة واحد ان العلماني العراقي يحتاج إلى قوة الأسد وصبر الإبل ودهاء الثعلب . ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بصرة لاهاي في 24 – 4 – 2010 محاضرة القيت في لاهاي يوم 24 نيسان في قاعة منظمة الحزب الشيوعي العراقي .
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى خلفاء بغداد الثلاثة
-
صدمتان سياسية ونفسية بين الوزيرة ورئيس الوزراء ..!
-
عودة العراق إلى عصر صناعة الأحذية يدويا ..!
-
عن المعجزات والمستحيلات في السوق الانتخابية الحرة ..
-
رسالة مفتوحة ثانية من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي
-
الراقصون على انغام الوزارة العراقية المرتقبة
-
رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي رئيس الوز
...
-
صفات الإبصار في عقل النائب الحمار ..!
-
هل يكون الفرح الانتخابي جوهر الحياة الديمقراطية ..؟
-
الموت تفخيخا ووعد خمور الجنة وحور العين ..!
-
مشاغل الفائزين بالانتخابات تضخم فعاليات الإرهابيين
-
أبو مجاهد فوق القانون وهزال الادعاء باستقلالية القضاء / القا
...
-
البرلمان الطائفي أفيون الشعوب ..!!
-
تماثيل صدام حسين في طرابلس ..!
-
ضحايا وجلادون في شركة مصافي الجنوب بأرض الجن ..
-
تحية إلى وزارة الثقافة بمناسبة يوم المسرح العالمي ..!
-
سيدي الشاعر : إنهم يفضلون السماء الغائمة ..!
-
حمدية الحسيني هيكل انتخابي غامض وعاجز..!
-
دعوا مستشار الرئيس المالكي في نومه العميق ..!
-
مياه العراق عام 2222 كما أنبأتني العرّافة..!!
المزيد.....
-
الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
-
متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
-
نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
-
اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا
...
-
الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
-
اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
-
مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع
...
-
رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51
...
-
العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل
...
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
المزيد.....
-
مَشْرُوع تَلْفَزِة يَسَارِيَة مُشْتَرَكَة
/ عبد الرحمان النوضة
-
الحوكمة بين الفساد والاصلاح الاداري في الشركات الدولية رؤية
...
/ وليد محمد عبدالحليم محمد عاشور
-
عندما لا تعمل السلطات على محاصرة الفساد الانتخابي تساهم في إ
...
/ محمد الحنفي
-
الماركسية والتحالفات - قراءة تاريخية
/ مصطفى الدروبي
-
جبهة المقاومة الوطنية اللبنانية ودور الحزب الشيوعي اللبناني
...
/ محمد الخويلدي
-
اليسار الجديد في تونس ومسألة الدولة بعد 1956
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
من تجارب العمل الشيوعي في العراق 1963..........
/ كريم الزكي
-
مناقشة رفاقية للإعلان المشترك: -المقاومة العربية الشاملة-
/ حسان خالد شاتيلا
-
التحالفات الطائفية ومخاطرها على الوحدة الوطنية
/ فلاح علي
-
الانعطافة المفاجئة من “تحالف القوى الديمقراطية المدنية” الى
...
/ حسان عاكف
المزيد.....
|