|
تديين السياسة أم تسييس الدين ( 1 )- اليهودية نموذجا ً .
سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 2990 - 2010 / 4 / 29 - 01:59
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
مقدمة .
الإنسان كائن إجتماعى لا يستطيع أن يعيش منفردا ًوحيدا ً فهو يجد وجوده فى المجموع والجماعة ..يجد أمانه وسلامه فى الإنصهار داخل الجماعة مستمدا ً منها القوة فى مواجهة الحياة والطبيعة . الإنسان يجد ذاته فى المجموع يستمد منها وبها كل مقومات الحياة ولا يعتبر هذا ميزة تفاضلية عن سائر الكائنات الحيوانية فهكذا تكون الحياة .
الجماعات الإنسانية على مدار التاريخ تحتاج لرابط ومنظومة تحدد ملامحها وهويتها , وتجعل للإنتماء وجود مادى يحدد إطارها وسماتها تميزها عن الجماعات البشرية الأخري فيغدو الإرتباط كناموس يلف الإنسان ويحتضنه ويحتويه . مع حجم الضألة المعرفية وإنعدام وجود مفردات ثقافية تصيغ العلاقات الإجتماعية إبتدعت الجماعات البشرية الأولى فكرة الإله كمظلة تحتوى المجموع ويصبح بمثابة علم وراية تلتف الجماعة حوله وتنصهر فى داخله كرمز للإنتماء والهوية ..ويتم إستحضار رموز إضافية لتوثيق الهوية فيتحول النبى أو زعيم العشيرة كقائد الجماعة إلى تجسيد مادى لفكرة الإله وتوثيق وحدتها . من هنا لا يكون غريبا ً أن نجد هذا التعدد الهائل للألهة والطواطم فى العصور الأولى للبشرية ..فكل إله هو رمز لكل جماعة تميزها عن الجماعات الأخرى وتطفى عليه ملامحها الخاصة مستمدة من الطبيعة والجغرافيا إستلهاماتها ..كما لا تكون الطقوس والشعائر كالرقص والغناء أو الطواف حول معبوداتها إلا كرموز تكمل بها هويتها وتجعلها متميزة ومتفردة عن جماعات بشرية أخرى . أعتقد أن إبتداع فكرة الألهة لم تكن لحاجة معرفية فى الأساس بقدر ماهو رمز توحيدى للجماعة البشرية يحدد ويؤطر هويتها وتأتى الإحتياجات الإنسانية من الألهة كمطلب تالى بعد ذلك ...وقد تحتاج هذه النقطة المزيد من التوثيق أحيله لمبحث لاحق .
بظهور الجماعة لم يلغى من داخلها الصراع ..هى توحدت بالفعل كإطار عام ولكن لم يُلغى الصراع ولن يُلغى طالما هناك حياة ليكون البقاء للأقوى وذو السطوة ..ومن هنا ظهر القائد أو السياسى الذى يعبر عن مصالحه الفئوية فى الأساس ولا بأس من أن يحمل مشروعا قوميا ً يخدم مصلحته والجماعة .
يعتقد الكثيرون أن الدين تم إستغلاله على مدار التاريخ من قبل الساسة والقادة لفرض هيمنتهم وسطوتهم على الشعوب وتحقيق مصالحهم الذاتية تحت مظلة المقدس . لاشك أن هذه الرؤية صحيحة والتاريخ شاهد على أن كثير من الحروب والصراعات تمت ممارستها بتطويع الدين فى خدمة الأهداف الإستراتيجية وأن العلاقة بين الساسة وحاملى أختام المقدس لم تنفصم عراها بل كانت وحدة تعضد بعضها بعضا ً .
ولكن رؤيتنا التى نحن بصددها تتجاوز هذه الرؤية الكلاسيكية لتحاول أن تتلمس البدايات الأولى لنشأة النص المقدس لتؤسس بأن السياسى والقائد الأول ( النبى ) هو من صاغ وسطر النص ليخدم أهدافه ومشاريعه ..أى ان السياسى هو السابق على النص فكرا ً وإرادة ً لذا لم يتورع فى أن يشكل النص ويصيغه كما يريد ليخدم أجندته السياسية . وإذا كان هناك من إستفاد بالشكل النهائى للنص فى مراحل لاحقة بتوظيفه لخدمة أغراضه ومصالحه فهذا تم بالفعل بعد أن إكتسبت نصوص السياسى الأول صفة القداسة والتأثير .
ما نود إثارته وألح عليه هو أن الأديان والمعتقدات لم تأتى ولم تتكون لبناتها إلا من أجل بناء مشروع قومى سياسى وإجتماعى محدد الهوى والهوية يلح على الوجود والتواجد .
وعندما نخوض فى الأديان والمعتقدات على مر العصور سنجد هناك مشاريع قومية وذات أهداف سياسية لم تخفى هويتها ..يظهر هذا الأمر بجلاء وفجاجة فى التراث العبرانى التوراتى لنجد مشروع الأرض الموعودة طارحا ً نفسه بقوة منذ البدء ليكون هو القضية المحورية و الأساسية لتدور كل التوصيات والقصص والمشاهد حول هذا الهدف . ولا يبخل علينا المشروع الإسلامى أيضا ً فى إمدادنا بكم ثرى من القصص والأيات والأحاديث لتقدم وتؤسس مشروع سياسى له أهدافه فى التوحد والتمدد لتكون فكرة التوحيد الإلهى خادمة للتوحد السياسى . المعتقدات الأخرى تحمل نفس المضمون والمعنى فى تبنيها لمشروع سياسى لتأتى النصوص كصياغة من قبل السياسى لجعل المشروع ذو هوية ووجود ..وسنجد أن المعتقدات التى لم يخلقها السياسى لا تلبث أن تنقرض أو تظل حبيسة الغرف المغلقة فلا تجد لها وجودا ً وإنتشارا ً لأنها لم تكن حينها سوى فلسفة وتأملات ...وحتى التى بدأت كنظرة فلسفية للوجود لم تنجح إلا عندما إحتضنها السياسى . من يريد أن يتعامل مع الفكر الميتافزيقى كفلسفة فلن يكتب له الإنتشار مالم يكن للفكر أرض فى الواقع ..وما لم يكن هناك مصالح وأهداف مادية يترجمها السياسى .
الأديان هى مشاريع إنسانية جاءت لتلبية إحتياجات تبناها الساسة والقادة لتعبير عن أحلام وأمال جماعة بشرية محددة أو لتحقيق أهداف طبقية وفئوية خاصة ...ولا تكون الأمور أكثر من هذا .
أأمل بدءا ً من هذا المقال تقديم سلسلة من المقالات التى تؤكد أن الأديان والمعتقدات ماهى إلى مشاريع سياسية وجدت من يتبناها ليسطر قصصها وأحداثها وشرائعها كفكر يخدم أجندته السياسية .
*** التوراة كمشروع حلم قومى بالأرض .
عندما نخوض فى التراث العبرانى نكتشف أنه يقدم نفسه من أول وهلة كهوية إجتماعية ومشروع سياسى لا يخجل فى أن يطرح نفسه بشكل فج وساذج ...وتكون قراءته وفقا ً لمعطياته شديدة الوضوح ولا ترهق أذهاننا عن بساطة الهدف والمغزى .
فى تعاملنا مع التراث التوراتى لن نجد صعوبة فى أن نخرج بحمولة دسمة من الأساطير والميثولوجيا القديمة علاوة على تركة كبيرة من العنصرية والحقد والعنف والوحشية. ما يهمنا فى بحثنا هذا هو قراءة النصوص والقصص كما هى ليحق لنا أن نسأل سؤالنا البدئى ..هل جاء الدين ليمرر فكر وأجندة سياسية أم أن السياسة هى التى قفزت وصاغت الدين ؟
يوجد لدينا هنا مجموعة من القبائل الرعوية عاشت فى منطقة الشرق الأوسط ولم تحظى بتواجد حقيقى على الأرض وسط حضارات قوية إمتلكت القدرة على الهيمنة والسيطرة ... هذه القبائل أحست بتهميشها الشديد وعدم قدرتها على خلق وجود حقيقى لها بحكم ضعفها وتشرذمها وسط جيران إمتلكوا الحضارة بكل مقوماتها ..لتتحرك الأمال فى تحقيق أحلامها فى أقل الحلقات ضعفاً حيث التواجد الكنعانى ...لتبنى أحلامها فى إغتصاب هذه الأراضى وتأسيس مملكتها المأمولة ..من هنا نشأت الفكرة المحورية فى التراث العبرانى وهو تحقيق حلم الأرض ... أن تكون الأرض هى الحلم الذى يوحد الجماعة اليهودية ويمنحها التماسك والتواجد .
تُخلق على هذا الأساس فكرة الإله يهوه الذى يوعد أحبائه من اليهود بهذه الأرض الموعودة ..ولتندهش لماذا هذه قطعة الأرض الضيقة التى وعد الإله المزعوم العبرانيين بها ..فألم يكن قادرا ً على منحهم الأمريكتين حيث الأرض الواسعة الثرية والتى لم يطأها بشر وبعيدا عن كل المشاكل والصراعات .! لأنه ببساطة لا اليهود ولا إلههم على علم بأمريكا تلك .!! ولكن هو تاريخ واقع إنسانى بعيد عن الخرافة والوعود الإلهية المختلقة ..فسقف الأحلام و الأمنيات كان ينظر إلى الجوار متأملين فى القفز عليه ولتخلق فكرة الإله المانح والواعد كمظلة للغوغاء فى تنفيذ غزوهم .
دعونا نتأمل الأحداث والقصص التى كتبها السياسى ليمرر مشروع الأرض الموعودة ويجعل لها وجود فى التراث العبرانى . بدايات التكوين الأسطورى تبدأ بقصة نوح الذى يعتبر الأب البطريركى للإنسانية حسب المنظور الميثولوجى الدينى لتحمل القصة الكثير من السذاجة الشديد ولكن الكثير من الدلالات أيضا ً التى يراد تمريرها . تقول القصة .. وابتدأ نوح يكون فلاحا وغرس كرما. وشرب من الخمر فسكر وتعرى داخل خبائه. فأبصر حام أبو كنعان عورة أبيه، وأخبر أخويه خارجا. فأخذ سام ويافث الرداء ووضعاه على أكتافهما ومشيا إلى الوراء، وسترا عورة أبيهما ووجهاهما إلى الوراء. فلم يبصرا عورة أبيهما. فلما استيقظ نوح من خمره، علم ما فعل به ابنه الصغير. فقال: ملعون كنعان! عبد العبيد يكون لإخوته. وقال: مبارك الرب إله سام. وليكن كنعان عبدا لهم. ليفتح الله ليافث فيسكن في مساكن سام، وليكن كنعان عبدا لهم. ] التكوين، 9: 20-27
إذن نحن أمام فرز أولى للجنس البشرى بناء على حادث يبدو لنا شديد السذاجة والعبثية فيتم إقصاء شعوب بأكملها لتخرج من المحبة والرعاية الإلهية بناء على أن الجد الأكبر حام شاهد عورة الأب السكير !!..ولكن هى هكذا كانت ثقافة وخيال التوراتى القديم ...بينما لو وضعنا القصة أمام مقاييس فكرة الإله المطروحة بعدله وحكمته ورحمته نكون أمام شكل عبثى فى الطرح وصورة مشوهة لفكرة الإله .
الذى يدعو للدهشة أن مسطر القصة لم يتقن حرفيتها وتعامل بعصبية شديدة جعله يخرج عن المنطق والحبكة الجيدة فتجد أن اللعنة أصابت كنعان بالرغم من عدم وجوده فى المشهد !!..ولكن تزول دهشتنا عندما ندرك أن الأرض المشتهاة هى أرض الكنعانيين .
هذه القصة الغريبة هي مفتاح مهم لفهم ما سيجري لاحقا ً من وعد إلهى لإبراهيم يتم نقله لإسحاق من بعده لينتهى المطاف بيعقوب .. وبالطبع فليس لكنعان ذنب على الإطلاق، سوى كونه ابن حام الذي غضب عليه نوح وفقا لهذا النص ، وهذا ما جعل نوح يتوعده بالعبودية وذريتهما من بعدهما .!
ولو تتبعنا بقية هذا المسلسل اللطيف سنصل إلى حلقة النبى إبراهيم والذى جرى على يديه عملية فرز أخرى لا تقل سذاجة ولكن تكتسى بالبدوية والوحشية والغلظة . فإبراهيم هو من نسل سام حسب القصة الدينية وهو النسل الذى جاء نتيجة مباركة نوح له على أثر تغطية سام لعورة أبيه كما ذكرنا سابقا ً . تقول القصة .. وكان اسمه إبرام قبل أن يغيره الرب له فيجعله إبراهيم (التكوين، 17: 5 [ ) وقال الرب لإبرام: اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك. فأجعلك أمة عظيمة وأباركك وأعظم اسمك، وتكون بركة وأبارك مباركيك، ولاعنك ألعنه. وتتبارك فيك جميع قبائل الأرض. التكوين، 12: 1-3 [. واجتاز إبرام في الأرض إلى مكان شكيم إلى بلوطة مورة. وكان الكنعانيون حينئذ في الأرض. وظهر الرب لإبرام وقال: لنسلك أعطي هذه الأرض. ] التكوين، 12: 6-7
ثم تعين التوراة حدود أرض اليهود في وعد الرب لإبراهيم: وقال الرب لإبراهيم: لنسلك أعطي هذه الأرض، من نهر مصر إلى النهر الكبير، نهر الفرات. ] التكوين، 15: 18 [. ثم ظهر الرب لإبراهيم فقال له: وأقيم عهدي بيني وبينك وبين نسلك من بعدك في أجيالهم، عهدا أبديا، لأكون إلها لك ولنسلك من بعدك. وأعطي لك ولنسلك من بعدك أرض غربتك، كل أرض كنعان ملكا أبديا. وأكون إلههم. ] التكوين، 17: 7-8 [. وهذا العهد ليس لإسماعيل منه نصيب، بل هو لإسحاق... فوفقا لنص التوراة : وقال إبراهيم لله: ليت إسماعيل يعيش أمامك! فقال الله: بل سارة امرأتك تلد لك ابنا وتدعو اسمه إسحاق. وأقيم عهدي معه عهدا أبديا لنسله من بعده. ] التكوين، 17: 18-19 . إذن نحن أمام إسقاط شعوب بأكملها من المحبة والوعد الإلهى ليس بسبب محترم سوى أنها رغبة السياسى الذى جعل فكرة الإله تأخذ شكلا ً مزاجيا ً عنصريا ً فى لفظ ابن الجارية هاجر . مما جعل إبراهيم لا يتوانى أن ينفى إبنه وزوجته فى الصحراء تحت رغبة الإله يهوه وزوجته الغيور ليسقط من المشهد شعوب وقبائل يراد لها أن تخرج لترسم فكرة الشعب المختار وتبلور مشروع الأرض الموعودة خالصة للكيان العبرانى كرغبة إلهية خالصة .!
لن يستوقفنا هنا هذا المشهد الدرامى الذى لا يخلو من الوحشية والقسوة المتمثل بتشريد هاجر فى الصحراء هى وإبنها على يد أبو الأنبياء ..ولكن لن يلهينا عما قصده كاتب القصة فى عملية الفرز العنصرى الذى يبتغيها فى الأساس .
يستكمل المسلسل طرافته وسذاجته عندما نصل إلى مسلسل يعقوب وعيسو الورثاء الشرعيين لإسحاق الذى حظى بالكعكة لوحده على أكتاف إسماعيل ..فتنبأنا القصة بخروج عيسو من المسلسل على أثر بيعه لبكوريته نظير وجبة عدس تافهة .!! ولتخرج مع وجبة العدس شعوب وقبائل من الوعد الإلهى بالمحبة والأرض ويكون الخروج أيضا مصحوبا ً بلعنة له ولنسله وممجدا ً لنسل الوريث الشرعى بالضرورة ..والطريف أن الخروج من المنخل الإلهى هذه المرة جاء عن طريق وجبة عدس ..فهنا علينا أن لا نندهش فهكذا كان خيال التوراتى القديم وليس عليك سوى أن تتلمس الشفقة لهكذا فكر وخيال ..كما عليك ألا تسأل مرة ثانية عن عدل وحكمة ورحمة إلهية مرة أخرى ..فهكذا تمت صياغة الألهة . نلاحظ فى المجمل العام أن منح الأرض جاء بشكل مزاجى بحت ولا توجد أسباب محترمة تبرر عملية الفصل والإستقصاء سوى رغبة السياسى فى فرز الشعوب بهذا الشكل الإستقصائى لتجعله يمرر فكرة شعب الله المختار لجماعته ليحفزها على تحقيق الحلم الإستيطانى الأول مصحوبا ً برؤية عنصرية قميئة .
[. ثم دعا إسحاق لابنه يعقوب من بعده: ليُستعبد لك شعوب، وتسجد لك قبائل. كن سيدا لإخوتك، وليسجد لك بنو أمك. ليكن لاعنوك ملعونين، ومباركوك مباركين. ] التكوين، 27: 29 [وخرج يعقوب من بئر سبع وذهب نحو حاران ... واضطجع في ذلك المكان فرأى حلما قال له الرب فيه: أنا الرب اله إبراهيم أبيك واله إسحاق. الأرض التي أنت مضطجع عليها أعطيها لك ولنسلك. ويكون نسلك كتراب الأرض، وتمتد غربا وشرقا وشمالا وجنوبا، ويتبارك فيك وفي نسلك جميع قبائل الأرض. ] التكوين، 28: 13-14
هذه القصص الطريفة التى صاغها سياسى توراتى قديم جاءت نتاج ثقافته البسيطة وسذاجته فى إعداد السيناريو والإخراج ممزوجا بحقده وعدوانيته وعنصريته البغيضة . لن يهمنا حجم العنصرية والوحشية التى تفيض من النص التوراتى فسيأتى بحث أخر للإستفاضة فيه ..ولكن يهمنا هنا أن نستشف الوضوح الشديد فى القصص التوراتى والتى لا تتوانى عن إبراز المشروع اليهودى الإستيطاتى بشكل فج .
الواضح أن لدينا تكوين هوية إجتماعية لجماعة بشرية لها أحلامها فى الأرض لتجد الساسة الذين هم الأنبياء فى ترجمة المشروع الإستيطانى إلى واقع لتُختلق القصص السابقة ولتكون الأحلام لها أقدام تدوس بها فى الواقع ..وتتحقق وحدة الجماعة اليهودية و تُمنح الأيدلوجية التى تجعلها تتشبث بالأرض وتخوض فى سبيل ذلك غمار معارك ومذابح نحو تحقيق الحلم فى الوجود والأرض . لقد مارس السياسى ( النبى ) دور بلورة الحلم وخلق الإله الذى يُسخر لخدمة المشروع السياسى القومى لتحاك القصص لخلق إطار مادى لهذا الحلم فيكون حافز لهذه القبائل الهمجية فى المزيد من التوحد والإصرار على تحقيق أجندة السياسي .
هنا يظهر أسبقية الساسة والسياسة فى إختلاق النصوص والقصص فى أطار ما تريده وتخططه ..و يكون الساسة هم الأنبياء وفقا لمنظور مجتماعتهم والذين أبدعوا النص وفقا لمشروعهم السياسى التوسعى .
لا يجب علينا أن نغرق فى رسم ملامح الصورة لننسى رؤيتها بعد إنتهائها .! فإذا كنا تلمسنا مشروع الأرض الموعودة وشعب الله المختار كنسج للساسة ( الأنبياء ) لصياغة أحلام جماعة بشرية هكذا كانت هويتها وسقف أحلامها فلايجب أن يلهينا على إشكالية إستحضار التاريخ فى الواقع . فنحن مازلنا نئن من إسقاط تاريخ أطماع الأقدمين على واقعنا ..لنجد كيان صهيونى إستيطانى عنصرى يجسم على أرضنا وأحلامنا مستدعياً التاريخ القديم ولكن بعد أن ألبسه رداء مقدس .
لقد تحصن التاريخ بالمقدس ليتسلل إلى عقولنا وليس لعقولهم فقط فكرة شعب الله المختار وأفضل أمم العالمين والأرض الموعودة وكل هذا الهراء . فيتحصن التاريخ أكثر وأكثر عندما يتلحف بعدة مقدسات متعددة ليجعل لها أراضى كثيرة فنجد المسيحية تقر بقصة شعب المختار والأرض الموعودة وكل التاريخ القديم صحيح أنها تجاوزتها بالضرورة بحكم أنها تقدم شئ جديد ولكن هى لم تنفيها ولم تلغي تاريخيتها. والإسلام الذى يعتبر فى حالة عداء مع اليهودية لم ينفى فكرة أن اليهود كانوا أفضل الأمم وقصة الأرض الموعودة ورعاية الله لهم ..هذا لا ينفى أيضا أن الإسلام تجاوز التوراة وإن كان النسيج التوراتى حاضر فى القرأن بشخوصه وأحداثه وقصصه وأسطورته الأساسية .
هنا نجد أن التاريخ والأطماع السياسية عندما تلحفت بالمقدس تحصنت وإزدادت رسوخا ً لنجدها تسقط بحمولتها البغيضة على الواقع فتمزقه وتخلق صراعات ..وتحقق أطماع .
من هنا يكون عدائنا للفكر الدينى عندما يرتدى ثيابه التاريخية القديمة وأطماع ساستة القدماء ليكون جاسما ً على صدورنا... حاضرا ً على واقعنا لينتزع الحب والخير منا ويمارس توحشه وهمجيته القديمة مرتديا أثواب مقدسة .
خالص مودتى وعذرا ً على الإطالة .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ثقافة المراجعة والإعتذار المفقودة .
-
نحن نخلق ألهتنا ( 6 ) - الله رازقا ً .
-
تأملات فى الإنسان والحيوان والبرغوث .
-
تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 4 )
-
تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 3 )
-
تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 2 ) .
-
تأملات سريعة فى الله والدين والإنسان ( 1 ) .
-
الأديان كتعبير عن مجتمعات عبودية الهوى والهوية .
-
الجنه ليست حلم إنسان صحراوى بائس فحسب .. بل حلم مخرب ومدمر .
...
-
سأحكى لكم قصة - شادى - .
-
بوس إيد أبونا .!!
-
الدين عندما ينتهك إنسانيتنا ( 7) _ فليدفعوا صاغرون .
-
ضيقوا عليهم الطرق .
-
فلنناضل أن يظل حسن ومرقص فى المشهد دائماً .
-
نحن نخلق ألهتنا (5) _ الله مالكا ً وسيدا ً .
-
ثقافة الطاعة والإذعان .
-
خواطر فى الوجود والإنسان والله _ ما الجدوى ؟!
-
نحن نخلق ألهتنا (4) _ الله باعثا ً
-
خواطر فى الوجود والإنسان والله _ الأرض حبة رمال تافهة .
-
نحن نخلق ألهتنا (3) _ الله عادلا ً .
المزيد.....
-
144 مستعمرا يقتحمون المسجد الأقصى
-
المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية: مذكرة اعتقال نتنياهو بارقة
...
-
ثبتها الآن.. تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 علي كافة الأقم
...
-
عبد الإله بنكيران: الحركة الإسلامية تطلب مُلْكَ أبيها!
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الأراضي
...
-
المقاومة الإسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
المقاومة الاسلامية العراقية تهاجم هدفا حيويا في جنوب الاراضي
...
-
ماذا نعرف عن الحاخام اليهودي الذي عُثر على جثته في الإمارات
...
-
الاتحاد المسيحي الديمقراطي: لن نؤيد القرار حول تقديم صواريخ
...
-
بن كيران: دور الإسلاميين ليس طلب السلطة وطوفان الأقصى هدية م
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|