أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - الثقافة والشرعية: الوعي الموروث















المزيد.....

الثقافة والشرعية: الوعي الموروث


عبد الحسين شعبان

الحوار المتمدن-العدد: 2989 - 2010 / 4 / 28 - 21:41
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


مثّلت فكرة الثورة حقبة مهمة من الوعي المعاصر، فقد كان الاعتقاد السائد أن بإمكان “الثورة” اختصار طريق التغيير والإمساك بالسلطة السياسية التي بإمكانها إنجاز التحوّل السريع والجذري، بإقصاء “العدو” والتحكّم بمسار الدولة لتحقيق مآل الثورة .

لقد حكمت هذه الفكرة نصف القرن الماضي كله تقريباً على المستوى العربي فشكلت أساساً متيناً وصلباً من أساسات الوعي العربي لشرائح وتيارات سياسية مهمة . ونسج القوميون العرب فكرهم “الانقلابي” حسب ميشيل عفلق واستناداً إلى ساطع الحصري بنقض الدولة القطرية، المستندة إلى التجزئة، في حين نقض الإسلاميون وبخاصة “الاخوان” والجماعات الإسلامية التي تلتها، العقيدة السياسية للدولة مثلما فعل حسن البنا وسيد قطب .

وتوجّه اشتراكيون عروبيون إلى نقض الدولة القطرية ذات التبعية الاستعمارية بالسعي لتلقيح الوحدة بالاشتراكية أو بالعدالة الاجتماعية، مثلما فعل قسطنطين زريق وياسين الحافظ وغيرهما بإعلان الثورة المزدوجة .

أما “الماركسيون” العرب وشيوعيو العالم الثالث عموماً فقد كانوا ورثة الثورة البلشفية التي وجدوا فيها الحل السحري لجميع المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والثقافية للمجتمع القطري كل على حدة، فكل شيء قابل للتغيير بالثورة، وبعنفها تلغي الطبقات المخلوعة، والعنف الثوري حسب ماركس هو قاطرة التاريخ، وحسب ريجيس دوبريه هو “مضخّة التاريخ”، وازدهرت هذه الفكرة خلال الموجة الجيفارية الرومانسية في الستينات .

وتأثر بهذا المنطق الثوري الكثير من القوميين العرب، سواء، الحركة الناصرية أو البعثية أو فروع المقاومة الفلسطينية وبخاصة الجبهة الشعبية بقيادة جورج حبش والجبهة الديمقراطية بقيادة نايف حواتمة وغيرهما وكذلك “ثوار اليمن” (الجنوبي) . وكانت تجربة ثورة ردفان قد سارت بقفزات وتطورات دراماتيكية بقياداتها “الثورية” والحالمة والانقلابية مثل سالمين وعبد الفتاح إسماعيل وعلي ناصر محمد وغيرهم، وبالإمكان إضافة البنبلية (بن بلا) والبومدينية (بومدين) الجزائرية أيضاً، من دون نسيان الحركة القذافية الجماهيرية الثورية و”كتابها الأخضر”، مع وقفة خاصة للتجربتين في العراق وسوريا، لاسيما وهما الأطول عمراً بين التجارب “الثورية” الانقلابية العربية، ويمكن إضافة التجربة الإسلاموية السودانية إلى ذلك .

الجامع الأساسي والمشترك لجميع هذه التجارب والتيارات الفكرية القوموية والإسلاموية والماركسيوية هو ازدراء فكرة التطور التدريجي والإصلاحي باعتباره فكراً يمينياً لا يرتقي إلى صعيد التغيير الجذري الذي تنشده هذه القوى، وصولاً للحداثة في فهمها الملتبس حسب تفسيرات القوى المختلفة . وأقامت جميع القوى شرعيتها على فكرة الثورة بإدعاء امتلاك الحقيقة والتعبير عن وجدان الشارع العربي ضد نظم التبعية والاقطاع والملكية الممالئة للاستعمار والامبريالية .

المرتكز الذي استندت إليه التيارات الثوروية الارادوية هو “الشرعية الثورية” الذي برّر أحياناً التجاوز على الشرعية الدستورية، بل ازدرى مضمونها أو حوّلها إلى شكلانية بتطويعها لخدمة المنطق الثوروي، وذلك بتأكيد أن طريق الخلاص الأساسي والانتقال إلى المجتمع المنشود يمرّ عبر السلطة السياسية التي بإمكانها وحدها وبقدرة خارقة تحقيق عملية التغيير وتثوير المجتمع، وذلك بالاستناد إلى أداة سياسية، أي حزب أو تنظيم ثوري ليقوم بالمهمة الجليلة .

وقد استعارت الحركات القومية والإسلامية شكل وهيكلية الإدارة ودورها من الفكرة الماركسية عن دور الحزب الطليعي الذي طوره لينين في كتابه “ما العمل” العام ،1903 حين تحدث عن “حزب من طراز جديد ذي ضبط حديدي شبه عسكري”، بدحض الفكرة التي نادى بها مارتوف والتي وصفها لينين “بالمائعة” وفي ما بعد الاتجاه التروتسكي الذي وصفه ب “المغامر” وبخاصة في العهد الستاليني .

وظلت أطروحتا “الحزب الفولاذي” و”العنف الثوري” اللتين اصطفّ حولهما الماركسيون والشيوعيون “الثوريون” إضافة إلى اليساريين القوميين والإسلاميين الراديكاليين بتمييز أنفسهم عن الاتجاهات “اليمينية” في الحركة الثورية، الأرجوزة التي تتردد على الأفواه بادعاء الأفضليات وامتلاك الحقيقة والتعالي على الآخرين .

وحسب وجهات النظر تلك يستحيل تحقيق فكرة التحوّل المنشود بالوصول إلى السلطة السياسية من دون العنف الثوري، تلك المسألة التي اعتبرها لينين جوهر كل ثورة وواجب كل حزب ثوري، سواء كانت ثورة شعبية أو كفاحاً مسلحاً، أو انتفاضة مسلحة أو انقلاباً عسكرياً . وهكذا لم يكن التيار الشيوعي وحده لينينياً، بل كان التيار القومي والإسلامي لينينياً أيضاً من حيث مفهوم الحزب والعنف الثوري .

هذه هي المرحلة الأولى من الثورة “السياسية”، إذا شئنا ترميزها، أما الخطوة التالية فتبدأ من لحظة الوثوب إلى السلطة بإيلاء الاهتمام المطلوب بالاقتصاد باعتباره “التعبير المكثف للسياسة”، وتقوم هذه المرحلة على فكرة السيطرة على وسائل الإنتاج وتجريد “العدو الطبقي” من مصادر نفوذه السياسية والاقتصادية، أي بالهيمنة والتحكّم بمسار الدولة من أصغر القضايا حتى أعقدها .

وكان وصول هذه الفكرة إلى طريق مسدود بل عسير، قد اضطر العديد من الماركسيين والقوميين والإسلاميين إلى إكثار الحديث، عن “التنمية المستقلة”، لاسيما في الفترة الأخيرة في عهد العولمة لتخطي عتبة التخلف، ولمواجهة الاستكبار العالمي حسب الإسلاميين، وذلك تعويضاً عن فكرة التأميم الشامل لوسائل الإنتاج التي طبعت الغالبية الساحقة من التجارب الثورية، رغم أن الأوضاع سارت باتجاه معاكس .

ويذهب المفكر المغربي عبدالإله بلقزيز في كتابه “في البدء كانت الثقافة” إلى القول إن القوميين نظروا إلى الثورة الاقتصادية كضرورة لوجود كيان قومي عربي في إطار المعركة ضد الاستعمار، في حين أرادها الماركسيون مرحلة انتقالية صوب الاشتراكية، ولذلك أطلقوا على البلدان التي أحرزت الاستقلال السياسي “بلدان التحرر الوطني” وأنظمة التطور اللارأسمالي أو “بلدان التوجّه الاشتراكي” .

وفي تجربة الأصل والفرع، فإن المشروع التنموي الاقتصادي الثوري، قام على فكرة التأميمات الشاملة أو الغالبة، وتعزيز دور الدولة وتحديد سقف الملكية الزراعية وتأكيد دور التنظيم السياسي “الطليعة” واستخدام الإعلام “وسيلة أساسية لنشر الايديولوجيا”، ولتصفية ايديولوجية الخصم الطبقي البرجوازي أو غير الوحدوي أو الكافر . . . إلخ، لكن فكرة التحوّل الثوري السياسي والاقتصادي حسب الأطروحات القومية والماركسية وفي ما بعد الإسلامية، رغم عدم اكتمال المشروع الإسلامي المعاصر، وصلت هي الأخرى إلى طريق مسدود، باستثناء سباحة باتجاه آخر ضد التيار، مثلما هي فكرة الحكومة الإسلامية والاقتصاد الإسلامي والبنك اللاربوي باستعارة كتابات الإمام الخميني وخصوصاً كتابه “الحكومة الإسلامية” ومحمد باقر الصدر وكتابه “فلسفتنا” وكتابات حديثة مثل فهمي هويدي وراشد الغنوشي وحسن حنفي ومحمد سليم العوا وطارق البشري وغيرهم .

وكشفت التجربة السوفييتية الماركسية وملاحقها ومصر الناصرية وتقليداتها وإيران الإسلامية وشبيهاتها الفارق الشاسع والهوة العميقة بين إرادة التغيير الثوري والواقع الثقافي القاسي بتضاريسه ومنعطفاته .



#عبد_الحسين_شعبان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثقافة التغيير وتغيير الثقافة
- الجواهري وسعد صالح: صديقان وثالثهما الشعر!
- العراق بعد لبنان: تجربة الحكم التوافقي-
- الوصل والفصل بين العالمية والخصوصية
- أرمينيا وسيمفونية المبارز!
- كاظم حبيب: النقد الشجاع والاختلاف الجميل*
- العالم الثالث وسلة المهملات
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (24) ملكوت السماء وملكوت الأرض
- فضاء الثقافة القانونية وحكم القانون
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (23) الاشتراكية والإيمان الديني
- الشراكة والتنمية
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (22) كاسترو والدين
- موسم القمة العربية والخيار العسير
- كوبا.. رؤية ما بعد الخمسين (21) «الشبح» والأسطورة: هل اختلط ...
- ليس لأي تيار شمولي مستقبل في العراق؟
- الموساد والجريمة والعقاب
- كوبا: رؤية ما بعد الخمسين (20) القبعات الخضر والصيد الثمين!
- الصوت والصدى
- المعرفة من أجل الحق
- ثقافة حقوق الإنسان في ندوة تخصصية في لاهاي/هولندا


المزيد.....




- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية
- اليوم الـ 50 من إضراب ليلى سويف.. و«القومي للمرأة» مغلق بأوا ...
- الحبس للوزير مش لأهالي الضحايا
- اشتباكات في جزيرة الوراق.. «لا للتهجير»
- مؤتمر«أسر الصحفيين المحبوسين» الحبس الاحتياطي عقوبة.. أشرف ع ...
- رسالة ليلى سويف إلى «أسر الصحفيين المحبوسين» في يومها الـ 51 ...
- العمال يترقبون نتائج جلسة “المفاوضة الجماعية” في وزارة العمل ...
- أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع ...


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - عبد الحسين شعبان - الثقافة والشرعية: الوعي الموروث