أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - الطيب آيت حمودة - الإديولوجية القاتلة في شمال افريقيا.















المزيد.....

الإديولوجية القاتلة في شمال افريقيا.


الطيب آيت حمودة

الحوار المتمدن-العدد: 2987 - 2010 / 4 / 26 - 08:31
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
    


سعت كل الإديولوجيات العابرة لأرض تامزغا ( شمال افريقيا) والمحتلة لها إلى دمجها في كيانها وإلحاقها به ، بدأ من الفنيقيين ، وصولا الى الفرنسيين ،مركزة على التفاضل ، أو الفصل بين الأهالي المحليين والغزاة الوافدين ، فكانت الفينقة ، والرومنة ، جليتان في سياستهما الاستحواذية ، وسايرها العثمانيون ، وعمقها الفرنسيون تحت تأثير المدرسة اليعقوبية الفرنسية ، التي كانت جامعة الجزائر المركزية منذ تأسيسها 1909ووكرا خلفيا لها ، وهو ما جعل هوية البلاد الأمازيغية الأصلية محل مزايدات ، وتفرعات ، وانقسامات ، بين الشرق تارة وبين الغرب الأوربي أخرى ، وكنا نأمل في الإسلام خير منقذ بعد أن وصلنا إشعاعه عبر أمير مغراوة الزناتي صولات ناث وزمار Sulat n’ath Wezmer في بداية انتشاره ، غير أن الأحداث المتلاحقة التي تذكرها الحوليات العربية بالفتح تبرز بجلاء الطبيعة الحقيقية للفعل ، باعتباره غزوا مركزا ، تخللته فترات مد وجذب استمرت قرابة القرن من الزمن .
قد يحاول بعض الدارسين اليوم من أمثال محمد المختار العرباوي في بحثه( النزعــة البربريــّـة وتشويه التاريخ ) http://www.awu-dam.org/book/05/study05/329-M-A/book05-sd006.htm التملص من حقائق التاريخ التي يسردها مؤرخو العرب أنفسهم في صفحات المصادر والمراجع المعتمدة ، وهي في غالبها منحازة للعرب وحكامهم ، أكثر ما هي مبرزة لحال عامة المسلمين في دار الحرب أو دار الإسلام ، وعرفت الخلافة الأموية والعباسية تمردات عديدة في بلاد ألأمازيغ، أثمرت بفوز الأمازيغ بالحكم السياسي لبلادهم ، فكانت دول الزيريين والحماديين والمرابطين والموحدين ، أمازيغية في ساستها وسياستها وإدارتها ، وحقق المرابطون والموحدون زخما حربيا في المغرب والأندلس كان محل تقدير وإعجاب ، فالحوادث والوقائع واحدة غير أن تفسيرها كثيرا ما يخضع لتوجه دفين ، وإديولوجية وافدة ، توجه العلم لصالح وجهة خارجية ، وتسوق فكرا مغشوشا ظاهره إيمان وخفيه كفر ونفاق ، فالإديولوجية البعثية التي يسوقها المختار العرباوي لا تختلف في كثيرها وقليلها عن اديولوجية مؤرخي المدرسة الفرنسية التي سعت إلى إثبات أوربية ومسيحية شمال إفريقيا ، بنفس الحدة التي يسعى إليها الطابور البعثي في إطار ما يعرف بالأصول الحميرية اليمنية للأمازيغ ، وهي اديولوجيات انمحت وانفسخ لونها تحت وطأ التطور العلمي ببحوثة الإنتربولوجية ، ولا غرو أن هذا التنافس على الطريدة ( هوية شمال إفريقيا) بين تياري التغريب والتشريق ، له مبرراته النفعية ، وأن انطمست فكرة الانتماء الغربي وأفل بريقها بفعل العلم والعقل والتحرر، فإن فكرة الانتماء للمشرق والانضواء تحت رايته مازال مهيمنا ، بمساندة مركزة من الدين الذي لا يفصل بين العرب والإسلام من جهة ، والمدرسة العروبية التي كونت أجيالا من المعربين لسانا( الأرابوفونيون) ، والمسلوبين ثقافة ، وهؤلاء هم الذين أصبحوا في الصفوف ألأمامية دفاعا عن العروبة على شاكلة طارق بن زياد الذي فتح الأندلس بجيشه الأمازيغي ، ولحق به موسى بن نصير لجني ثمار النصر قبل سقوط منافعها في أيدى الفاتحين الحقيقيين .
فالباحث محمد المختار العرباوي ينظر من خلال ثقب العروبية بمنظار يليق بتوجهه المُدعم ماديا ومعنويا ، على غرار صنوه عثمان سعدي ، في محاولات يائسة وبانتقائية بارزة في البحث عن كل ما يقوي وسائج القربى والمنشأ بالعروبية ، وكلما نعق نعيق مستنكر كافر بالهوى ، إلا وازداد القذافي في اغداقه على البحوث الموجهة التي تسعى إلى ربط الأبناء بالأجداد ، ولو بما يخالف العلم والتاريخ ؟؟. وقد يكون صاحب ( وليمة أعشاب البحر) محقا عندما قال: المحرمات هي مصالح أشخاص أو فئات أو طبقات، قبل أن تكون قداسة أوحاجة تعني الأمة .
أهم المرتكزات التي اعتمدها الباحث في إثبات أصول الأمازيغ المشرقية لم تستند على بحوث علمية جادة ، ولا على مكتشفات اركولوجية وانتربولوجية ، وإنما ارتكزت أساسا على فكر الهوى و قراءات موجهة ، أو أقوال يغلب عليها طابع النكوصية والتماهي مع الوافد الغريب ، وحُب التناغم مع كل آت وأجنبي ، وها هو أحد شعراء العرب يذكر طبائع قومه وعنفوان نرجسيتهم قائلا :
وما الأرض إلا ملعب لجيادنا **** ولا الكون إلا عائدات لنا تجبى
وما الناس الى منشدون لمجدنا */*** الم يجدونا الدين والعلم والحربا
وما مجدهم إلا تلاوة مجدنا *** سلو كل ذي مجد ، فلا ننطق الكذبا .
استنفر كاتبنا المحترم كل جياده وجهده في بلوغ المرمى ، فوزن وقلّب ، وطوى كتب الأولين والآخرين ، لعله يجد شاردة أو واردة ، تجعل من الأمازيغ عربا أقحاحا ، وكلما ارتفع مطلب الهوية الأمازيغية إلا واتسعت الطموسات ، وجدَّ المجدون في غلق الشقوق التي ينبثق وينبث منها نور الحقيقة العلمية ، إن هؤلاء يريدون إبقاء الحال على حاله ، دون أدنى تفكير في الأضرار الملحقة بالغير من شركاء الوطن ، واهتدى كاتبنا أخيرا( بعد عناء جهد ) في بحثه الى أحكام سوقها جزافا منها أن الثورات الأمازيغية ليست ضد الوجدود العربي ، وإنما هي ثورات ضد الإستبداد والطغيان ، وأن المغرب الإسلامي هو صورة نمطية للمشرق ، وزعماؤه ينشدون الإنتماء العروبي عن طواعية وحب ، وسرد في ذلك أمثلة عن المجاهد يوسف بن تاشفين ، والمهدي ابن تومرت ، والسعيد الزاهري... .وأنا لا ألومه في قراءته لأحداث تاريخنا ، لأنني أدركت من خلاله أن التاريخ سلاح بحدين ، يمكن قراءته تبعا لتوجهات الكاتب ، وإخضاعه للتبعية ، فالحادثة واحدة ، إلا أن الكاتب هو الذي يقرأها القراءة التي ترضي توجهاته وميولاته ، وقد يصدق القول ها هنا (أن الدول السعيدة هي الدول التي ليس لها تاريخ تماما.).
لست مطالبا بتفنيد ما يراه الكاتب من توجه ، لأن التاريخ والأنتربولوجيا وعلم الجينات ، أثبت قدم تعمير الشمال الإفريقي ، والوافد دائما هو المطالب بالذوبان في المجتمعات التي وصلها ، لأنها ليست صفحة بيضاء يكتب عليها الوافد ما يشاء ، كما أن تذويب المجتمع الأمازيغي إثنيا في المجتمع العربي غير مقنع ، فذوباننا كان ثقافيا ولغويا وبنسب متفاوتة ، والتناغم الملاحظ بيننا وبين المشارقة يفسره وحدة الدين واللغة ، وتفرقه العادات والتقاليد والإثنيات ، فنحن في شمال افريقيا أمازيغ ، نحب اللغة العربية باعتبارها لغة ديننا ، لكننا نرفض وبشدة وصفنا بالعرب ، وكثيرا ما استهجننا صفة ( العربي) على شمال إفريقيا، باعتبارها دعوة صريحة للتشرذم وبعث العصبيات التي يستنكرها الواقع ويرفضها الشرع ، على غرار ما وقع للدولة العثمانية بسبب الحركتين الطورانية والعربية .
فلو عدنا للمصادر التاريخية العربية لوجدنا أنها تحمل فكرا عنصريا ضد الأمازيغ ( باعتبارهم بربر ) ، وأفرزت الأحداث، وعلى لسان المؤرخين ، أن الميز بين العربي والأمازيغي ( البربري) جلي بائن، ولو قرأنا ما قيل عنَّا ، وما ألصق بمجتمعنا من غليظ القول ، لظهر الصواب ( بأن العربي عربي، والأمازيغي أمازيغي ) وبتتبع ما دوناه في مقالنا حول ثورة الأمازيغ على الرابط // http ://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=174103h يتضح الجواب، كل ما في الأمر أننا معشر الأمازيغ نرنو دائما إلى التقرب من هالة العرب ، باعتبارهم من آل البيت ( دون التمييز بين الهاشميين وغيرهم) ، مقتنعين بفقه السنة ، الذي يرى بأن الإمامة في العرب ؟ غير أن الفكر الخارجي الصفري وجد رواجا بين الأجداد باعتباره أكثر ديموقراطية من غيره ، وبمختصر القول يمكن الرجوع إلى كتابات الذين دونوا الأحداث ولو بعد أزمان ، استنادا إلى روايات متناقضة أحيانا ، يغلب عليها الطابع السردي ، ويغيب عنها الدليل المادي والوثيقة المكتوبة ، وكان الأمازيغي فيها مجرد متاع ، تائه بين ماقيل ولم يقال ، لأنه محكوم عليه بالإستماع والسكوت ، فكان الأجداد عبر تاريخهم أمة لا تكتب بقدر ما تقرأ ، إنها سماعة وغيرهم قوال ، وعاشوا أزمانهم وهم في غفلة من أمرهم ، تُبعا للغير متماهين معه ، لا يَظهرون إلا مذيّلين في الترتيب ، يبحثون دائما عن ظل ظليل قصد الإحتماء والإنتساب .
خلاصة القول أن صاحبنا محمد مختار العرباوي في مقاله يريد إثبات أن ألأمازيغ هم عرب ، وفي نفس السياق الجدلي يمكن القول بأن العرب ماهم في الأصل إلا أمازيغ تعربوا لسانا ، و ما يرسخ فكرة أمازيغية شمال إفريقيا ليس حكم القرابة الدموية ، وإنما حكم الأرض التي تأوينا جميعا بمختلف مللنا ونحلنا ، وإن اختلفت زمر دمائنا ، وتلونت جلودنا تحت تأثير حرارة صحراء الهقار ، أو ابيضت إلى الشمال منه ، ففي زمن اليوم يصبح اللون ،والدم ، واللغة ، لا قيمة لها ، أمام زخم التناغم البشري بين الأجناس ، وأفضلية البشر حاليا لا تقاس بالياض والسواد ، ولا بشرف الإنتساب ، وإنما تقاس بما يقدمه الفرد من نفع مادي ومعنوي لذويه ومجتمعه وأمته والإنسانية جمعاء .



#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جدل حول تسمية / المغرب العر بي؟ أم بلاد تمازغا ؟
- يوسف بن تاشفين والمعتمد بن عباد، صراع عقيدة أم صراع منفعة ؟
- الإسلام... دين وحدة أم فرقة ؟
- يزيد زرهوني العلماني ،في صراع مع السلفيين
- زكية الضيفاوي ... أو نضال المرأة التونسية.
- التيهان بين العروبة والإسلام .
- هل العرب أحسنوا تمثيل الإسلام ؟
- فتنة قرطبة الأندلسية. 403 هج/1013م ، هل هي فتنة أمازيغية أم ...
- جريمة فرنسا النووية في الجزائر.
- خراب القيروان!!!
- عقبة بن نافع الفهري (بين القيل والقال والحقيقة والخيال).
- انتشار الإسلام في شمال إفريقيا ( بين الفتح والغزو).
- عقيدة الولاء والبراء بين الشريعة والحياة .
- الأمويون صناع المذهب الجبري .
- عروبة شمال إفريقيا في الميزان .
- الأمير عبد القادر الجزائري بين العلم والدين .
- تكفيرات ابن تيمية .
- الأفناك والبافانا بافانا والتحدي .
- العلمانية بين الإختيار والإضطرار .
- بين العلم والدين ( بين غاليليو وابن باز)


المزيد.....




- -عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
- خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
- الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
- 71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل ...
- 20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ ...
- الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على ...
- الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية ...
- روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر ...
- هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
- عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز ...


المزيد.....

- عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية / مصطفى بن صالح
- بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها / وديع السرغيني
- غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب / المناضل-ة
- دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية / احمد المغربي
- الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا ... / كاظم حبيب
- ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1) / حمه الهمامي
- برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب / النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
- المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة / سعاد الولي
- حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب / عبدالله الحريف
- قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس / حمة الهمامي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي - الطيب آيت حمودة - الإديولوجية القاتلة في شمال افريقيا.