|
هل الطائفة العلوية آثمة ؟
ثائر الناشف
كاتب وروائي
(Thaer Alsalmou Alnashef)
الحوار المتمدن-العدد: 2986 - 2010 / 4 / 25 - 19:34
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي
مهما ارتفع منسوب الرفض النخبوي لمدلول الطائفية ، إلا أنها باتت أمراً واقعاً في سوريا ، لا بد من تثبيته واستمرار الحديث عنه بموضوعية لا تبخس من حق أطرافها شيئاً . أطراف القضية هنا ، أبناء الطائفة العلوية ، الذين هم في شراكة وثيقة مع السلطة أو على خصومة معها ، أومَن هم على حياد منها ، وأياً كانت نسب مَن هم مع أو ضد السلطة ، إلا أنه لا يمكن بأي حال من الأحوال القول ، إن مَن يحكم سوريا اليوم ، الطائفة العلوية بقضها وقضيضها . والسبب أن في ذلك ظلماً على الطائفة نفسها وعلى الطوائف الأخرى ، لا يرضى فيه أي عاقل ولا يقبله أي منطق قويم ، فالتوصيف السليم لواقع الطائفية السياسية في سوريا ، يشير بما لا يدع مجالاً للشك ، أن مَن يحكمها اليوم ، هم أبناء الطائفة العلوية ، وليس كل الطائفة ، فالجزء في حالتنا السورية لا يتمم الكل ، وهذا مخالف لأي منطق ، لأننا أمام واقع معكوس ، يراه البعض كجزء من الكل ، والبعض الآخر كجزء منفصل عن الكل . فحكم أبناء الطائفة العلوية ، أياً كانت مساوئه وأخطاءه ، يبقى في سياق الحكم الفردي أولاً ، وفي سياق الحكم المصطبغ طائفياً عن طريق المشاركة القسرية والحتمية للطوائف الأخرى ، مقابل حصولها على جزء يسير من فتات السلطة ، على أن تبقى صناعة القرار ، بيد أبناء الطائفة وحدهم ، وقرار توريث السلطة لنجل الأسد ، أوضح مثال رغم ما صاحبه حينها من مظاهر سياسية مبالغ فيها ، كقرار ترشيح القيادة القطرية وتصديق البرلمان السوري على طلب حزب البعث ، وجميعها أمور معلوم بها لأي متابع للشأن السوري ، لكننا قصدنا التذكير من خلالها ، وطرحها كمثال لتوضيح كيفية تمركز القرارات المصيرية ، وآلية اتخاذها من قبل أبناء الطائفة وحدهم . والسؤال الأساس هو، ما الذي يدعو أبناء الطائفة العلوية إلى الإمساك بالسلطة والحيلولة دون انتقالها أو تداولها سلمياً، أهو الخوف من المصير المجهول، أم هو فقط حب السلطة الذي يعتمل في قلوب كل العرب ؟. السؤال السابق يستبطن الإجابة ، فهو من جهة يجيب عن الخوف الذي لا يخفي نفسه ، ومن جهة أخرى يجيب عن الحب الذي يستقتل على السلطة ويتشدق بها ، لكن كما سبق وأشرنا ، أن السلطة ليست سلطة الطائفة ، وأن الطائفية المعمول بها ، طائفية سياسية يشترك فيها كل أبناء الطوائف مرغمين ، وليست بأي حال طائفية مذهبية ، وبالتالي فإن الخوف ، الذي ينتاب أبناء الطائفة الممسكين بزمام السلطة ، لا ينبغي له أن ينشر رعبه في صدور كل أفراد الطائفة ، فخوف أبناء الطائفة ممن يتحكمون في السلطة ، شأن يعينهم ، بسبب سلوكياتهم الخاطئة في الحكم ، ولعدم وجود قانون يردعهم ، ولا يعني خوف كل الطائفة . إن المبدأ الأساس لتوصيف واقع الطائفية في سوريا ، أنه لا يجوز قانوناً ولا عرفاً أن تحمل الطائفة العلوية مسؤولية ما يقترفه أبناءها باسمها ، وإذا ما خبرنا أن الطائفة مكون أساسي من مكونات المجتمع ، وكيان لا يستقيم المجتمع دونه ، فكيف للبعض أن يعتقد خاطئاً ،أن أخطاء السلطة ، إنما تعم على كل الطائفة ؟. لقد نجح أبناء الطائفة الذين يشكلون النظام الراهن ، في أن يغرسوا ثقافة الخوف والرعب في عقول وقلوب الطائفة ، وأن يرسموا المستقبل المظلم الذي ينتظرها ، وهذا الحس بالخوف ، لم ينشأ مع وصول أبناء الطائفة إلى سدة الحكم ، بل أنه حس قديم ، عبر نفسه أبان الانتداب الفرنسي ، رغم التضحيات الكبيرة التي قدمتها الطائفة آنذاك في سبيل جلاء القوات الفرنسية عن وطنها سوريا ، وقبل ذاك عبر عن نفسه بصمت أيام السلطنة العثمانية، ومع ذلك حافظت الطائفة على كيانها عبر قرون طويلة من الزمن ، دون أن تتأثر بالحروب والنزاعات بين القوى العظمى آنذاك ، أسوة بالطوائف الأخرى ( المسيحيين في لبنان ) التي حافظت على انتمائها المذهبي ، وقد كانت واقعة تحت حكم الإمبراطورية العثمانية ، كأقوى إمبراطورية قبل قرنين من الزمن ، والسؤال مرة أخرى ، هل باستطاعة أي مكون سوري أن يلغي مكون آخر ، لمجرد أخطاء سلطة زائلة ، بعد أن عجزت القوى العظمى على إلغائه ؟. هذا الخوف غير المبرر ، هو ما يعيق دوران عجلة السياسية في سوريا ، ويضع ستاراً حديدياً عازلاً بين كل طائفة وأخرى ، فحب السلطة والتشدق بها ، قد يبدو مفهوماً ، حتى لو كان هذا الحب وذاك التشدق على يد أبناء الطائفة ، أسوة لما هو حاصل في محيطنا العربي . لكن ما هو غير مفهوم حتى الآن ، الحراك السياسي الذي يحصل في المحيط العربي وما يقابله من جمود وركود في سوريا ، والخوف الذي نجح النظام في بذره ، كما نجح أيضاً في إيقاظ الحس المذهبي لدى أبناء الطائفة في محاولة يائسة لتمييزهم مجتمعياً ومذهبياً عن باقي أفراد المجتمع ، وإطفاء صبغة هوياتية مخادعة ومخاتلة تعلي من شأنهم ، للحد الذي وصل فيه بعضهم ، أن يجاهر بعلويته مستخدماً في ذلك لسانه كدلالة على تميزه . كل ذلك يجري في سبيل التفاف الطائفة حول أبناءها الآثمين ، خشية أن يأتي اليوم الذي يلفظهم ( الأبناء) فيه أبناء المجتمع السوري ، فالطائفة بنظر النظام حصنه الأخير ، وحصن الطائفة هو الوطن ، الذي لم يسبق له أن تخلى عن إحدى طوائفه أو تنكر لها . ونذكر في هذا المقام ، أن الصراع الأهوج بين النظام والإخوان المسلمين ، لم يمس شرره أحداً من أفراد الطائفة ، ولا من الطوائف الأخرى ، فقد كان صراعاً محصوراً بين النظام والإخوان ، ولم يكن صراعاً بين طائفة وأخرى ، وهذا ما يؤكد على أن الجزء ( النظام ) لا يمثل الكل ( الطائفة ) كما في الحالة السورية . فلا النظام مثل الطائفة العلوية في صراعه مع الإخوان المسلمين ، ولا الإخوان مثلوا الطائفة السنية في صراعهم مع النظام ، وإذا كانت ثمة جرائم وأخطاء اقترفها النظام بحق بعض الأبرياء في أوج صراعه مع الإخوان ، فإن ذلك لا يعني مطلقاً ولا بأي حال من الأحوال ، أن الطائفة العلوية مجرمة ، والشيء نفسه ينطبق على الإخوان أو على أي فصيل آخر من أي طائفة كانت ، فما الذي يدعو إلى الخوف مجدداً ؟. الأكيد أن هذا الخوف مصطنع، وسيزول بمجرد أن تزول الهواجس التي تنتاب الطائفة، بفعل عبث النظام، أما إذا كان هذا الخوف حقيقياً ( لا دلائل عليه) فإن ذلك يدعونا للدفاع عن الطائفة العلوية كمكون أساسي للمجتمع كدفاعنا عن أنفسنا.
#ثائر_الناشف (هاشتاغ)
Thaer_Alsalmou_Alnashef#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الطائفية السورية كتاريخ سياسي لا مذهبي
-
حوار ثائر الناشف مع قناة النيل حول تنظيم القاعدة في اليمن
-
طائفية السلطة أم سلطة الطائفة في سوريا ؟
-
طائفية السلطة ومدنية المجتمع في سوريا
-
مكتسبات الطائفية في سوريا
-
طائفية الطائفة في سوريا
-
سوريا بين الطائفية السياسية والمذهبية
-
تطييف السياسة والإعلام في سورية
-
الطائفية الحزبية في سورية
-
إلى طل الملوحي في أسرها
-
طل الملوحي وهستيريا القمع
-
علونة الدولة في سورية
-
طل الملوحي / ندى سلطاني : وأنظمة الظلام
-
النظام السوري(الطائفي) وقتل الأكراد
-
وشعب الديكتاتور/القائد ( صدام ) لازم يموت - ينتصر حتماً !
-
السطو الإيراني في دمشق
-
دمقرطة الإسلام أم أسلمة الديمقراطية؟
-
وجوه الإصلاح الديني
-
الغرب وحواره المشروط مع الإسلام
-
شبح الأصولية الإسلامية
المزيد.....
-
-نحنا ولاد البلد-.. يارا صبري في صورة عائلية من جبل قاسيون
-
اصطدمت بحاجز ثم شجرة قبل انقلابها.. إنقاذ شخصين من مركبة تلت
...
-
إعلام عبري: إصابة إسرائيلية بجروح حرجة في عملية طعن بهرتسليا
...
-
مدفيديف يدعو لمعاقبة أوروبا وتجاهل أمريكا ومسامحة الضعفاء
-
10 أخبار كاذبة شغلت الشرق الأوسط والعالم سنة 2024
-
ما السرّ في تحول سناجب كاليفورنيا من عاشبة إلى آكلة لحوم ؟
-
القضاء الروسي: السجن 15 عاما لمواطن أمريكي بتهمة التجسس
-
روسيا.. بدء الاختبارات السريرية للقاح مضاد للمكورات السحائية
...
-
سفينة نرويجية ترفض إنقاذ طاقم سفينة شحن روسية تعرضت لهجوم إر
...
-
مقاتل حمساوي يفجر نفسه في عملية مركبة للقسام بمعسكر جباليا ت
...
المزيد.....
-
المسألة الإسرائيلية كمسألة عربية
/ ياسين الحاج صالح
-
قيم الحرية والتعددية في الشرق العربي
/ رائد قاسم
-
اللّاحرّية: العرب كبروليتاريا سياسية مثلّثة التبعية
/ ياسين الحاج صالح
-
جدل ألوطنية والشيوعية في العراق
/ لبيب سلطان
-
حل الدولتين..بحث في القوى والمصالح المانعة والممانعة
/ لبيب سلطان
-
موقع الماركسية والماركسيين العرب اليوم حوار نقدي
/ لبيب سلطان
-
الاغتراب في الثقافة العربية المعاصرة : قراءة في المظاهر الثق
...
/ علي أسعد وطفة
-
في نقد العقلية العربية
/ علي أسعد وطفة
-
نظام الانفعالات وتاريخية الأفكار
/ ياسين الحاج صالح
-
في العنف: نظرات في أوجه العنف وأشكاله في سورية خلال عقد
/ ياسين الحاج صالح
المزيد.....
|