|
الانتخابات العراقية
ضمد كاظم وسمي
الحوار المتمدن-العدد: 2986 - 2010 / 4 / 25 - 14:46
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
يبدو ان الشعور الذي دخل به المواطن العملية الانتخابية .. وهو شعور قريب من الروح الوطنية وأراد لنفسه ان ينأى بها عن تلك الروح العرقية والطائفية التي لم يجن منها المواطن سوى الدمار والخراب والقتل والتهجير والبطالة وفقدان الأمن .. يبدو ان هذا الشعور يراد له ان يبدد ويعاد المواطن الى مربع العملية السياسية الاول والمبني على اساس المحاصصة الطائفية والتي تفضي بالنتيجة الى شرذمة المجتمع العراقي وتقسيم العراق الى اقاليم طائفية وعرقية واهنة ويكون فيها الجميع من الخاسرين .. وليس غريبا ان يكون ابطال هذا المشروع هم أنفسهم ابطال المشروع الاول .. صار واضحا ان مشروع العملية السياسية الطائفية قد انتهى الى تخلخل واضح نتيجة للفشل الذريع الذي منيت به العملية السياسية .. فداخليا قد انتكس الوضع الامني بشكل خطير حتى صارت الملاحقة والاعتقالات تنال اطراف بالعملية السياسية بهدف اقصائها واسقاطها اكثر مما كانت تستهدف العناصر الارهابية والاجرامية ومجاميع الفساد الاداري والمالي .. وقد اكتوت اهم واكبر القوائم والكتل الانتخابية بنار هذه الملاحقات كالقائمة العراقية والتيار الصدري .. لكن يبدو ان النتائج لم تكن لصالح اصحاب المشروع الطائفي وانما لاصحاب المشروع الوطني .. وهكذا فقياسات الحقل لم تطابق قياسات البيدر كما كانوا يمنون انفسهم . وليس سرا ان الفشل لازم العملية السياسية في جميع الاتجاهات الداخلية بدءً من سقوط ما يسمى بالمصالحة الوطنية الى عجز الحكومة في توفير مفردات البطاقة التموينية الى فشل في معظم الخدمات من ماء وكهرباء وتربية وتعليم واتصالات ومعالجة البطالة وحل مشكلات مثل كركوك والعلاقة بين الاقليم والمركز .. فضلا عن العجز في سن اهم القوانين كقانون النفط وقانون الخدمة المدنية وقانون حماية الصحفيين وقانون الاحزاب ... الخ . فضلا عن عدم معالجة الفساد الاداري والمالي اما عن عمليات التهميش والاقصاء لاطراف العملية السياسية فحدث ولا حرج حتى وصل الامر الى اقصاء حلفاء الحكومة والتي وصلت الى سدة الحكم على اكتافهم . اما اقليميا فلم تستطع الحكومة ان تستوعب الدور الاقليمي وتحوله من متعاط او ساكن سلبي الى فاعل ايجابي وتعرضت الحكومة في الاشهر الاخيرة الى عزلة اقليمية تجلت في ضعضعت الامن والا ستقرار في البلد الى درجة ان قامت احدى دول الاقليم باحتلال اراض عراقية فيها آبار نفطية وقامت اخرى بالتجاوز العسكري على اراض اخرى وهكذا .. كأن العراق بلد مستباح للاقليم مثلما هو مستباح للنظام الدولي الذي تقوده امريكا .. والسبب الاكبر لذلك ان العراق فاقد للسيادة اولا وثانيا ان اطراف العملية لايتعاطون مع دول الاقليم على اساس المصلحة العليا للعراق مع الاخذ بنظر الاعتبار مصالح تلك البلدان طبعاً .. وانما ينطلقون من مصالح فئوية طائفية وعرقية وحزبية وربما يستقوي بعضهم على البعض الآخر بدول الاقليم على حساب مصالح العراق وكرامته . اما دوليا فان المجتمع الدولي اخذ يشعر بانه متورط في هذا البلد ذلك ان المجتمع الدولي يتحدث بلغة حقوق الانسان والديمقراطية والمساواة وتكافؤ الفرص امام جميع الناس .. فيما تقوم العملية السياسية التي انتجها الاحتلال على الطائفية والعرقية والاقصاء والتهميش وديمقراطية القتل والجوع .. وبالتالي تتقاطع اللغتان رغم ان هناك من يتهمها بالاتفاق ضمنا من خلال لعبة المصالح الخبيثة . فلو عدنا الى انتخابات عام 2005 وسط المد الطائفي والاستقطاب السياسي كان من الطبيعي ان تتصدر النتائج قوائم الائتلاف الشيعي والتوافق السني والتحالف الكردي فيما تراجعت قوائم المشروع الوطني ولا سيما القائمة العراقية منها .. وتسنمت القوائم الثلاث الاولى مقاليد السلطة فيما اقصيت العراقية الى دور المعارضة .. لكن الحكومة انتهت الى اقصاء متبادل وكادت احدى الكتل تنفرد بالقرار السياسي وتقصي حتى حلفائها وبأعتراف الجميع بذلك .. اما في انتخابات عام 2010 فارادت تلك الكتل ان تبدل جلدها الذي صار ممجوجا لدى المواطن والذي ضاق ذرعا بالطائفية ونتائجها المؤلمة .. وهو يبحث عن ملاذ امن لايجده طبعا الا في المشروع الوطني .. فانشطر الائتلاف الشيعي الى الائتلاف الوطني وائتلاف دولة القانون مع تلميعه بوجوه من مكونات اخرى لاضفاء الصبغة الوطنية وطمس الطابع الطائفي .. فيما تقلصت التوافق السنية .. لتحييدها تماما من خلال نتائج الانتخابات لانها لم تقم حتى بما سمي بالتلميع الوطني للوجه الطائفي .. بينما ظهرت قوى ارادت ان تبرز وجهاً وطنيا لتنافس التحالف الكردي والذي هو الاخر تقلص بشكل واضح قياسا الى انتخابات عام 2005 .. فيما حقق المشروع الوطني متمثلا بالقائمة العراقية فوزا كبيرا والذي شكل صدمة مذهلة للقوى الطائفية والعرقية والتي سعت قبل الانتخابات باسقاطه او تحجيمه على الاقل من خلال استخدامها لعدة وسائل اهمها ان القائمة العراقية في المعارضة والاخرون في السلطة ، وخلال هذه الفترة كانت عرضة للتهميش والاقصاء والصاق التهم بها بل وملاحقة العديد من اعضائها وزجهم في السجن ومن طريف ما يذكر ان بعض هؤلاء المعتقلين قد حقق فوزاً مهما في الانتخابات الاخيرة .. بالاضافة الى استخدامهم لهيئة اجتثاث البعث (( المساءلة والعدالة )) الفاقدة للشرعية الدستورية لاقصاء قيادات مهمة من القائمة العراقية املاً في افشالها في الانتخابات فضلا عن رميهم للقائمة العراقية بكونها قائمة بعثية او الصاق تهم الارهاب ببعض اعضائها جزافاً ــ هكذا دفعاً بالصدر ــ ولما كانت تلك التهم من السخافة والسذاجة بمكان لذلك اعطت نتائج عكسية وحققت العراقية فوزها الساحق من الموصل الى البصرة ــ وقد خاب من افترى ــ رغم ما تعرضت له القائمة اثناء الانتخابات وما شابها من لغط حول الخروقات والتزوير الذي لابد من يقوم بهما ان يمتلك السلطة والمال الكافي وطبعا العراقية في المعارضة ولا تملك المال الكافي والا لتمكنت من تشغيل فضائية خاصة بها .. بينما غيرها يمتلك السلطة والمال والروح الثأرية والانتقامية والمليشيات فهو اولى بان يتهم بالخروقات والتزوير .. ولما كانت القائمة العراقية مستهدفة ومتهمة - وتاريخيا المعارضة دائمة متهمة - فقد حذرت من التلاعب في نتائج الانتخابات في عشية اجرائها فشنت القوى المنافسة حملة ظالمة عليها ونزهت المفوضية المستقلة للانتخابات وادّعوا انهم حتى لو حدثت بعض الخروقات ــ وهي من الهنات الهينات ــ فأنها لا تؤثر على نتائج الانتخابات ولكن بعد ايام وما ان تأكد تقدم العراقية فاذا هذا البعض الذي نزه المفوضية وامتدح العملية الانتخابية يشن حملة كبيرة مفادها حدوث تزوير لصالح العراقية حتى انهم ادعوا ان 750000 صوت للناخبين سرقت من قائمة معينة واهديت الى العراقية وهددوا وتوعدوا بان العنف قادم .. اذا فازت العراقية .. وحاروا في كيفية تفسير ماحدث مرة من خلال تدخل الامم المتحدة او بتأثير العامل الدولي وتهمة اخرى ان المخابرات السعودية ادارت الانتخابات ــ كلام يضحك الثكلى ــ ولما اسقط بأيديهم بعد ان تأكدوا ان المفوضية وعملها مراقب دولياً ولا يمكنها ان تسارع في هوى الاوساط المتنفذة كما حصل مع الهيئة التميزية لهيئة المسائلة والعدالة في سابقة قانونية وخرق للدستور خطير جداً .. لذلك وفي يوم اعلان النتائج وقبله بسويعات طار ممثلو تلك القوى الى الجارة المسلمة ايران وتداعوا ولعل تصريح بعضهم ــ على الاخوة الشيعة ان يوحدوا صفوفهم ــ وقد سبقه كلام اخر يدعو الاكراد للدخول كجبهة واحدة .. يشي باحياء التخندق الطائفي والتمترس العرقي للوصول الى التكتل الفئوي . اما دعوات البعض بضرورة اشراك العراقية في الحكومة القادمة وكأن العراقية ليست الكتلة الاكبر والقائمة الاولى .. فأمر يدعوا الى التأمل .. وما المناوارات التي تحاك خلفها من دسائس والتي صار واضحاً ان شخصية مهمة تلعب دوراً كبيراً في سبيل الاصطفاف الطائفي الشيعي والتخندق العرقي الكردي وذلك من اجل ان يضمن بقاءه في منصبه خشية ان يتم تنحيته لان حزبه مني بهزيمة ساحقة في عقر داره في الانتخابات .. لذلك تراه متعجلاً مستعجلاً لا يلوي على شيء في سبيل تحقيق هذا الهدف اما مستقبل العراق واما ما ينتظره الشعب بعدما ادى ما عليه املاً في التغيير فيبدو ان المهزومين في الانتخابات لا يهمهم قليلاً او كثيراً مستقبل البلد ومصالحه .. طالما انهم يعمدون الى اعادة العملية السياسية الى مربعها الاول المحاصصة ــ الطائفية السياسية ــ الامر الذي قد يمهد لمشاكل اجتماعية خطيرة تنذر بتفكك لحمة المجتمع وعودة العنف والارهاب وهذا مايسعى اليه العاملون على تقسيم العراق الى ثلاثة اقاليم عرقية وطائفية .. المطلوب من القائمة العراقية تلاحم اكبر وتكاتف وعدم الهرولة وراء المناصب لان أي تفكك يصيبها من اجل الكراسي يؤدي الى سقوط المشروع الوطني وسوف لن تقوم له قائمة ولعشرات السنين .. كما عليها ان تتمسك بحقها الدستوري باعتبارها الكتلة الاكبر لتشكيل الحكومة ولا تلتفت الى رأي المحكمة الاتحادية لانه غير دستوري .. ذلك ان ضوء الشمس في رابعة النهار لا يحتاج الى اثبات .. فالمسألة ليست خلافا قانونيا او دستوريا ، المسألة هل ان الضمير الحي حاضر ام لا ؟ .. وهل تؤمن الجماعة بالديمقراطية او لا ؟ وهل هم ديمقراطيون عندما تخدمهم وتخدم مصالح بينما عندما تخدم الاخرين يصبحون غير ديمقراطيين لان الديمقراطية بضاعة غربية تتعارض مع مبادئهم . لقد اختار الشعب العراقي الديمقراطية وصناديق الاقتراع حكماً فاصلاً بين الفرقاء السياسيين وعلى الجميع التسليم بذلك الفائزون والخاسرون على حد سواء .. ماذا والاّ .. فأقرأوا على العراق السلام .
#ضمد_كاظم_وسمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هذا العراق
-
أسرار الوردة
-
ثنائية الفلسفة والعلم 2
-
ثنائية الفلسفة والعلم ( 1-2 )
-
صمت العدم
-
الوردة البيضاء
-
البداوة السياسية
-
نقد الثقافة العربية
-
عطر القرنفلة
-
آيديولوجيا العولمة / من التوحيد التقني الى التشظي الثقافي
-
نقد المنطق التحويلي
-
ينام في الهوى قلبي
-
شيم الملاح
-
أبابيل شوق
-
الأمن المائي
-
تنهيدة العذر
-
موقد الاحلام
-
بوح
-
عيادات ايقاف التدخين
-
طائر الشوق
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|