كاظم حبيب
(Kadhim Habib)
الحوار المتمدن-العدد: 909 - 2004 / 7 / 29 - 08:26
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
حوار مع السيد إحسان خ. الراوي 3-6
العراق والهوية!
تشير التجارب التي مرت بها الشعوب المختلفة إلى أن الإنسان لا يحتاج باستمرار إلى تأكيد هويته القومية أو الثقافية ما دام يتمتع بوضع سياسي واقتصادي واجتماعي مستقر ولا يواجه تحديات تقلقه أو تثير لديه مخاوف معينة. ولكنه يبدأ بالبحث عن هويته وعن من يشاركه فيها ويسعى إلى إبرازها بأشد الأشكال قوة عندما يشعر بخطر يتهدده من طرف آخر أو منافسة تقض مضاجعه أو رفضاً للاعتراف به وحقيقة وجوده والقومية أو الثقافة التي ينتسب إليهما, فلو كان الحكام العرب في العراق قد اعترفوا منذ وقت مبكر من تشكيل الدولة العراقية بحقوق الشعب الكردي في منطقته, كما نصت عليه الرسائل المتبادلة بين الحكومة العراقية, بعد تأسيسها لرفع الانتداب عن العراق ومنحه عضوية عصبة الأمم, وعصبة الأمم حول حقوق الشعب الكردي في كردستان العراق, لما تطورت الأوضاع في العراق وفق الاتجاه الذي سارت عليه خلال العقود الثمانية المنصرمة. ولكن الحكومات العراقية المتعاقبة تعاملت مع الشعب الكردي وبقية منتسبي القوميات الأخرى على أنهم من مواطني الدرجة الثانية وسعيها إلى تهميش الشعب الكردي في الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية, في حين تعاملت مع العرب وكأنهم مواطنين من الدرجة الأولى, وبالطبع ليس كل العرب, إذ أن السياسية الطبقية كانت تتعارض مع هذا النهج وتلعب دورها أيضاً, يضاف إلى ذلك السلوك الطائفي للحكام. ولم يكن الحكام العرب وحدهم قد اتخذوا مثل هذا الموقف الشائن والتمييزي من الشعب الكردي والقوميات الأخرى غير العربية, بل مارسته بعض القوى القومية التي لم تكن في السلطة وتجلى في كتاباتها وتثقيفها, وفيما بعد في سياساتها الفعلية وهي في الحكم.
ابتداء يفترض أن أشير بوضوح إلى أن هناك خلافاً واضحاً بين الجماعات الديمقراطية والتقدمية أو اليسارية عموماً من جهة, وبين الأجنحة اليمينية من القوى القومية العربية والجماعات المحافظة والدينية المسلمة من جهة أخرى, إزاء مسألة المجتمع ومكوناته القومية وحقوق القوميات وبالتالي الموقف من هوية المجتمع والفرد ..الخ. ويمكن أن يقارن الإنسان بين موقفي وموقف الأخ إحسان الراوي حول هذه المسألة عند قراءة رسالته المفتوحة الموجهة لي ومقالاتي حول الهوية والمسألة الكردية, ومنها الحوار الذي جرى عبر الهاتف حول الهوية.
وهنا أود أن أشرح رأيي حول هذه المسألة المثيرة للجدل والتي أثارها السيد الراوي في حواره مع أفكاري ومواقفي السياسية والحقوقية.
لقد تسبب الحكام العرب والقوى القومية في العراق في خلق وضع سلبي في العلاقة بين القوميات في العراق من خلال طرحهم ثلاث مسائل سلبية تفاقمت بمرور الزمن, وأعني بها:
• رفض الاعتراف بالآخر غير العربي وبذل أقصى الجهود لصهرهم في المجتمع العربي باعتبارهم عرباً لا غير.
• معاملة بنات وأبناء القوميات الأخرى بصورة تمييزية تنطلق من ثنائية "الأنا" و "الآخر", وهي التي تؤكد على القومية العربية باعتبارها الأفضل والأرقى والأحسن والأكثر قدرة على قيادة الآخرين وترديد الأمجاد الزائفة والمشوهة من أجل الإساءة للآخر غير العربي, سواء أكان كردياً أم تركمانياً أم كلدانياً أم آشورياً, وينطبق هذا على الجانب الديني فالمسلم من جهة والعربي من جهة أخرى يعتبران الأفضل بالمقارنة مع بقية البشر من أتباع الديانات او القوميات الأخرى, وهي التجلي الفعلي لبروز وتبلور سياسات وممارسات التمييز العنصري والتعصب الديني الصارخين في العراق وفي الدول العربية.
• وهي التي شددت في المقابل سعي القوميات الأخرى إلى بلورة الهوية الخاصة بهم, فكما غالى العرب بهويتهم وسعوا إلى فرضها على بقية القوميات في هذه المنطقة من العالم, كلما أجبروا القوميات الأخرى بالدعوة إلى هويتهم, وهو مر منطقي وطبيعي.
إن بروز التآلف والتحالف والعيش المشترك في ظل دولة معينة كالعراق مثلاً يتطلب تأمين مجموعة من المستلزمات التي يمكن بلورتها في النقاط التالية:
• الاعتراف والاحترام المتبادل للقوميات والثقافات الموجودة في المجتمع, إذ لا يمكن أن يتم التعامل الإنساني المتكافئ بين مجموعات من البشر إن يتنكر أصحاب هذه القومية للقوميات الأخرى أو أتباع هذه الثقافة للثقافات الأخرى, والعكس صحيح أيضاً, إذ أن الخلاف والتناقض والصراع ثم النزاع يكون مبرمجا مسبقا. ومن هنا تأتي مخاطر الأحكام المسبقة التي يحملها البعض إزاء البعض الآخر والتي كانت وما تزال تقود إلى مشكلات كبيرة في عالمنا المعاصر.
• الحق المشروع لأتباع كل قومية وثقافة بممارسة حقوقها المشروعة والعادلة وممارسة مكونات ثقافتها وتطويرها دون أن تؤثر بالسلب على ممارسة أتباع القوميات والثقافات الأخرى أو النيل من حقوقها. فالحق للجماعات المختلفة بممارسة حقوقها وثقافاتها المتعددة وممارستها فعلا لا تشريعا فحسب, يقنع الأطراف الأخرى بحق الآخرين بممارسة ثقافاتها أيضاً وبتوفير مستلزمات تحقيق ذلك فعليا.
• إيجاد الفرص المناسبة للتبادل الثقافي بين ثقافات القوميات المختلفة والتفاعل المتبادل دون محاولة فرض إحداها على الأخرى. وفي هذا الاتجاه يمكن اعتبار الثقافات القائمة مصدر إغناء متبادل, مصدر أخذ وعطاء وتفاعل مستمر. لا يمكن انتظار حصول تبادل وتفاعل ثقافي عند وضع الحدود في ما بين الثقافات, إذ عندها ينشأ التمييز ويبدأ التناقض والصراع فالنزاع. ومن هنا تأتي أهمية ودور تلك القوى التي تريد التبادل والتفاعل في تنشيط هذه العملية وفي التصدي الديمقراطي الفعال للوجهة الأخرى التي تخلق الإشكاليات للمجتمع وللجماعات العديدة التي تعيش في بلد واحد.
عندما يدرس الإنسان واقع العراق من مختلف الجوانب سيرى بأن هذا البلد المعطاء مكون من إقليمين: إقليم وادي الرافدين ويتكون من 14 محافظة, وإقليم كردستان ويتكون من أربع محافظات. وإذ سأبحث موضوع كركوك في حلقة خاصة, فهنا أركز على الهوية العراقية.
يعيش في إقليم وادي الرافدين, موسوبوتاميا, العرب وجمهرة كبيرة من الكرد الفيلية, إضافة إلى جمهرة من الكلدان والآشوريين والتركمان من الناحية القومية, وأتباع الدين الإسلامي والمسيحي والصابئي المندائي من الناحية الدينية. ويعيش في إقليم كردستان الكرد والقومية الكلدانية والآشورية, إضافة إلى القومية التركمانية من الناحية القومية وأتباع المذهب الإسلامي والمسيحي والإيزيدي ومذاهب أخرى عديدة من الناحية الدينية.
ويقع الإقليمان في منطقة الشرق الأوسط وفي آسيا. وفي ضوء هذا الواقع تبرز لدينا هويات عديدة وليست هوية واحدة, إذ نجد في العراق هوية عربية وأخرى كردية وثالثة كلدانية وأخرى آشورية وخامسة تركمانية. ولكنها تشكل مجتمعة الهوية العراقية التي تشتمل على مجموع سمات وخصائص المجتمع العراقي التي تشترك بها كل الهويات. وفي مثل هذه الحالة لا يمكن اختصار الهوية العراقية إلى هوية عربية بسبب أن العرب يشكلون أكثرية السكان أو أن مساحة الإقليم العربي أكبر من مساحة إقليم كردستان العراق. وعلى العراقيين جميعاً الاعتراف بجميع هذه الهويات ومركبها العراقي.
فالهوية العراقية لها جانب عربي وآخر كردي وثالث آشوري ورابع كلداني وخامس تركماني من الناحية القومية, ولها من الجانب الديني أو المذهبي أتباع الديانات الإسلامية المسيحية بكل مذاهبها والصابئة المندائية والإيزيدية والكاكائية .. الخ من الناحية الدينية والمذهبية. وهي في الوقت نفسه هوية خليجية وزاغاروستية وشرق أوسطية وآسيوية من الجانب الجغرافي ...الخ. فأي خلل في هذا؟ ليس هناك أي خلل, فهو إغناء وتنويع بديع شريطة أن نفهم كيف نتعامل معه ونستفيد منه لصالح العراق والعراقيات والعراقيين.
وفي ضوء ذلك لا يمكن القول بأن العراق هويته عربية فقط, بل له هويات أخرى, ولكن من حقنا نحن العرب أن نقول بأن وادي الرافدين له هوية عربية, وأن الكرد لهم هوية كردستانية, ومن هذا المنطلق أيضاً لا يمكن القول بأن العراق كله جزء من الوطن العربي الكبير, بل يحق لنا القول بأن وادي الرافدين فقط يشكل جزء من الوطن العربي الكبير, في حين تشكل كردستان العراق جزء من كردستان الكبرى. وبهذا المعنى لن تكون الهويات قاتلة بل دافعة نحو التناغم والتفاعل والانسجام والتطور المشترك. كتب السيد أمين المعلوف في كتابه الموسوم "الهويات القاتلة يقول بصدق وحس سليمسن: "يفترض التقارب الحقيقي من الآخر أن يمدَّ المرء ذراعيه ويرفع رأسه, ولا يمكن أن يمدَّ ذراعيه إلا إذا كان رأسه مرفوعاُ. فإذا ما شعر المرء في كل خطوة يخطوها أنه يخون أهله ويتنكَّر لذاته, يكون التقارب من الآخر خاطئا. وإذا كان الشخص الذي أتعلَّم لغته لا يحترم لغتي, فالتحدث بلغته لا يكون دليلا على الانفتاح بل ولاءً وخضوعاً" (راجع: معلوف, أمين. الهوية القاتلة. ط 1.دار الجندي للطباعة والنشر والتوزيع. دمشق. 1999. ص 65/66). وهذا ما لا يريد أن يفهمه القوميون العرب اليمينيون المتطرفون.
يحمل الإنسان العراقي في يديه كل هذه المشاعل الثقافية المضيئة المرتبطة بقوميات عديدة وديانات متعددة وأفكار كثيرة, فلِمَ نحاول إطفاء أغلب هذه المشاعل والإبقاء على مشعل القومية العربية والثقافة العربية والدين الإسلامي أو أحد مذاهبه. واستناداً إلى الفكر الذي أحمله والمنهج الذي استخدمه لا يمكنني بأي حال التخلي عن هذا الاتجاه في فهم الأمور ومماستها. وإذ عليّ أن أحترم الرأي الآخر انطلاقاً من احترامي الكامل لحقوق الإنسان, فأن هذا لا يمنعني من النضال ضد الآراء والأفكار الشوفينية من أية قومية انطلقت, وفي حالتنا هذه تنطلق من مواقع الفكر القومي العربي اليميني, شريطة أن يكون هذا النضال بأساليب حوار ديمقراطي حضاري.
الهوية من حيث المبدأ ليست سوى إحساس الإنسان بارتباطه بأرض معينة وجماعة بشرية معينة ذات لغة وثقافة وفنون إبداعية وحضارة مشتركة, وتاريخ وأعياد وأحدث مشتركة. ويمكن لهذا الإحساس أن يتغير مع تغير الوقائع التي يمر بها الإنسان, ولكن فيها العديد من الثوابت التي تبقى تؤثر على الإنسان وترسم هويته, والتي لا يجوز تجاوزها أو الدوس عليها أو اختزالها, إذ ستكون العواقب سلبية وترتبط باحتمال وقوع كوارث لا مبرر لها. وإذا كان دفتر النفوس أو جواز السفر يعبران عن بعض جوانب وسمات هوية الإنسان, فأن جوهر الهوية لا يبدو واضحاً إذ أنه يسكن في داخل الإنسان وفي أحاسيسه الإنسانية.
إن اعتراف العرب بحقوق القوميات الأخرى مثل الكرد في العراق وسوريا والأمازيغ في المغرب أو في بقية دول شمال أفريقيا, وفي السودان سيساعد على تجنب الكثير من الإشكاليات ويساهم في تطوير العلاقات, والعكس صحيح أيضاً. ومن هنا تأتي أهمية الابتعاد عن اعتبار هوية العراق عربية لا غير وأن أرض العراق كلها جزء من الوطن العربي الكبير, إذ أن مثل هذا الادعاء لا يجلب الأضرار والكوارث فحسب, بل أنه يجافي حقائق الأمور والوقائع التاريخية أساساً. ومن يدرس تاريخ العراق سيدرك تماماً بأن الكرد كانوا يعيشون على هذه الأرض الطيبة منذ آلاف السنين, وأن العرب جاءوا مع الفتح الإسلامي وأن الآشوريين والكلدان جاءوا في وقت كان الأكراد موجودين أيضاً, وأن التركمان جاءوا إلى العراق في العهد العباسي, أي ما يقرب من ألف عام. وأن كردستان العراق جزئت مع نهاية معركة جالديران في عام 1514 وانتصار الدولة العثمانية فيها وإجراء أول تقسيم للمنطقة الكردية بين الدولة الفارسية والدولة العثمانية, في حين توزعت كردستان على أربع دول مع نهاية الحرب العالمية الأولى. فالشعب الكردي ليس شعباً طارئاً على المنطقة ولا يجوز التعامل معه بالطريقة التي تعاملت بها معه الحكومات الملكية والحكومات في الجمهوريات الأربعة. إذ أن مثل هذا التعامل لا يجر على البلاد سوى الكوارث والآلام والدم والموت, وهو ما يفترض أن نفهمه نحن العرب لا في العراق فحسب, بل في كل أجزاء الوطن العربي. ففي العراق هويات عديدة وليست هوية واحدة, وهي إغناء وليست إفقار أو جدب.
كلنا يعرف كيف عانى الكرد الفيليون من النظم البعثية والقومية في العراق. فهم ينحدرون من منطقة حدودية توزعت في نهاية الحرب العالمية الأولى مع تأسيس الدولة العراقية بين العراق وإيران. وقد عاشت هذه المجموعة البشرية الكردية في بغداد والعمارة وبدرة وجصان وخانقين ومندلي وبهرز وفي مناطق أخرى أيضاً. ولم يتحدثوا يوماً عن هويتهم الكردية, إذ كان الأمر واضحاً للجميع. ولكنهم بدأوا يبحثون بجدية عالية وتصميم عن هويتهم بسبب السلوكية المشينة والإجرامية التي مارستها حكومات كثيرة وخاصة في فترتي حكم البعث. ولا يمكن أن يمر الإنسان مرّ الكرام على مأساة التهجير المعروفة لهم ولغيرهم من عرب الوسط والجنوب. فعندما شكك البعث الحاكم بهوية هؤلاء وبدأ بتهجيرهم باعتبارهم من التبعية الإيرانية وليسوا كرداً عراقيين, وبرزت بشكل صارخ "الأنا" العربي الحاكم الظالم إزاء "الآخر" الكردي المظلوم, كان لا بد للكردي أن يستصرخ "الأنا" موضحاً أصله وهويته الكردية وارتباطه الوثيق بالشعب الكردي وبكردستان العراق. وهكذا كلما أوغل العرب ب "الأنا" الأنانية والمتعالية والشوفينية, كلما أضطر "الآخر" مناداة "أناه" أيضاً. فهل نتعلم من هذا الدرس وغيره من الدروس نحن العرب لا في العراق وكردستان العراق فحسب, بل وفي الدول المغاربية والسودان وسوريا, وهل سيتعلم الحكم الإيراني القومي الشوفيني والحكم التركي الشوفيني من تجربة العراق ودروس العراق ومن تجاربهم بالذات. يتمنى الإنسان ذلك .... !
برلين في 26/07/2004 كاظم حبيب
حوار مع السيد إحسان الراوي 6-4
كاظم حبيب
2004 / 7 / 27
كيف يفترض أن نفهم حقوق الإنسان وحقوق القوميات؟
يتساءل الأخ الفاضل السيد إحسان الراوي في حواره مع أفكاري ومواقفي إزاء مسألة كركوك والمسالة الكردية عموماً عند تطرقه إلى حرية التنقل والسكن, باعتباره حقاً من حقوق الإنسان الثابتة كما يطرح إلا ينبغي لنا أن نثقف بحقوق الإنسان الجديد في العراق الجديد. (راجع رسالته المفتوحة لي بتاريخ 25/07/2004 على موقع الحوار المتمدن على الإنترنيت.
لا شك في أن القراءة لمبادئ شرعة حقوق الإنسان, وليس اللائحة العالمية وحدها, يفترض أن تكون شاملة وجامعة وأن لا تفصل المبادئ بعضها عن البعض الآخر وتؤخذ منفردة, إذ أن شرعة حقوق الإنسان بكل جوانبها السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والقومية والتنموية والبيئية تشكل كلاً واحداً لا يتجزأ, إنها سلة واحدة متماسكة ومتطورة ومتسعة باستمرار. ولا أنوي هنا الحديث عن كل ذلك, وقد بذلت جهداً مستمراً لفهم هذه الحقوق منذ ما يقرب من 25 عماً تلت خروجي بشكل خاص من بغداد خلاصاً من محكمة الثورة الصدّامية بعد أن اطلعت بشكل جيد ومعمق على طبيعة وأسس عمل ونشاط منظمة العفو الدولية وشاركت في تكوين بعض منظمات حقوق الإنسان أو عملت وما أزال أعمل عضوا فيها.
عندما تتحدث لائحة حقوق الإنسان عن حرية التنقل والسكن لا تعني بأي حال من الأحوال يا سيدي الفاضل بأن يقوم نظام استبدادي عدواني بتهجير قسري لسكان المحافظة الأصليين وإسكان آخرين بالقوة أيضاً أو بالإغراء مكانهم وبالرغم من الطرفين. وفي كل الأحوال فقد كان التهجير من أرض كردستان, ومنها كركوك, قسرياً ظالماً وتجاوزاً فظاً وعدوانياً على الشعب الكردي وعلى كل من هجر منها من التركمان. ولم يكن هذا التهجير طوعياً. وفي مثل هذه الحالة فشرعة حقوق الإنسان تؤكد في مثل هذه الحالة على حلين أساسيين, وهما:
1. عودة كل المهجرين قسراً إلى ديارهم في ما عدا أولئك الذين لا يرغبون في العودة والذين يمكن تعويضهم.
2. إعادة كل المهجرين إلى المناطق التي هجر منها الكرد والتركمان إلى مناطق سكناهم على أن يتم ذلك بصورة إنسانية. وهذا يعني توفير إمكانية السكن ومصاريف النقل وما إلى ذلك.
نحن ما نزال نطالب بعودة الفلسطينيين إلى ديارهم وإلى موطن سكناهم, ونعتبره نحن العرب حقاً ثابتاً, فلماذا ننكره على الكرد؟ أليس في هذا ازدواجية في المعايير؟
لقد كتبت رأيي حول مسالة كركوك وسأعود إليها في الحلقة التالية, ولكني أقول هنا أيضاً بأن ترحيل العرب دون توفير مستلزمات مناسبة لهم لا يجوز أن يحصل, فما أارتكبه النظام من تجاوزات إجرامية على الكرد لا يفترض أن تحصل بطريقة مماثلة على العرب, رغم علمي بأن من تعرض إلى الإرهاب والقمع والتهجير القسري والعيش في المخيمات البائسة والمعدمة في أجواء متقلبة من شدة الحرب إلى قساوة البرد والثلوج التي رأيتها في ضواحي السليمانية وفي مناطق أخرى من كردستان التي يعيش فيها المهجرون الكرد من كركوك, يمكن أن يدفع بالبعض من سكان المخيمات الراغب في العودة إلى داره وموطنه ومزرعته أن يمارس أسلوباً عنفياً وخشناً لا نرتضيه ولا نؤيده ونطالب بإيقافه, رغم فهمنا لحيثيات الوضع والأجواء السائدة والعواطف المتأججة. ولا أشك بوجود مجموعة من شوفينيين أيضاً بين الكرد, كما بين العرب, يتعاملون بطريقة لا إنسانية وخاطئة بصدد هذه المسألة. ومع ذلك لا بد من حل المسألة بطريقة سلمية وديمقراطية هادئة, إذ أن المسئول الأول والأخير عنها هو النظام السابق المخلوع وكل القوى التي أيدته في إجراءاته أو سكتت عنها بذهنية شوفينية مقيتة. والساكت عن الحق شيطان أخرس!
لقد حرم النظام السابق على الكرد شراء أي عقار أو منزل أو دكان في كركوك, وفرض عليهم بيع دورهم بالتي هي أحسن وإلا تم طردهم بالقوة وبالحملات العسكرية. والآن تطالب وتتساءل: ألا يحق لغير الكرد شراء عقار أو منزل أو دكان في كردستان كلها وفي كركوك؟ أولاً أعد الحق إلى أصحابه الذي فرض عليهم التعامل الخاطئ. ومن ثم من حقك أن تتساءل: ألا يحق لنا نحن العرب شراء دور سكن في كردستان العراق؟ من منعنا نحن العرب من شراء دار سكن في كردستان, إن لم نكن راغبين في تغيير البنية السكانية للمنطقة؟ فالكرد ما زالوا يسعون إلى استعادة دورهم ومزارعهم في كركوك وفي غيرها. أعد إيها الأخ الكريم الحق إلى نصابه ومارس تطبيع الحياة العامة, عندها سترى كيف تصبح الأمور اعتيادية وسيتنقل العرب والكرد في كل أنحاء العراق دون وجل أو قوانين مانعة. ومع ذلك فلا بد من تنظيم الحياة والتنقل والسكن, والتنظيم لا يعني الحد من حرية السكان في التنقل والسكن.
بعض العرب يعتقدون أن لهم وحدهم الحق في التمتع بحقوق الإنسان كاملة, ولكن ليس لغيرهم مثل هذا الحق, وهنا تكمن المصيبة التي علينا أن ندركها. من يطالع أدب القوميين العرب السياسي باتجاهاته اليمينية المتطرفة سيجد العجب في فهم وتفسير حقوق الإنسان.
كم كنت أتمنى أن تقرأ بعناية ليس مبادئ حقوق الإنسان الواردة في اللائحة الدولية فحسب, بل وحقوق القوميات أيضاً في إطار مبادئ الأمم المتحدة والشرعة الدولية والقوانين الدولية. عندها سترى إن من حق الشعوب الانفصال وإقامة دولهم الوطنية المستقلة, وأن هناك حقوقاٌ ثابتة لشعوب البلدان الأصليين.
استجيب للنداء الذي تطرحه والقائل لنثقف بحقوق الإنسان الجديد في العراق الجديد. ولكن ما هي حقوق الإنسان الجديد في العراق الجديد؟ هنا أختلف وإياك, كما يبدو, في رؤية تلك الحقوق. فأنا أراها بأوجهها الثلاثة: فهي مرة حقوق المواطنة العامة, وهي مرة ثانية حقوق الإنسان بكل تفاصيلها وتفرعاتها منذ إعلان حقوق الإنسان في الثورة الفرنسية الأولى في عام 1789 إلى حين تطويرها في ثورة أكتوبر/تشرين الأول 1917 من حيث المبادئ, وإلى حين تطور حركة التحرر الوطني وتثبيت أسس جديدة في هذا الصدد ثم تكرسها في لائحة حقوق الإنسان التي أقرت في 10 ديسمبر عام 1948 (وكان العراق أحد المشاركين في وضعها وإقرارها والمصادقة عليها في حينها), والعهود والمواثيق اللاحقة في عام 1966 وما بعدها والإضافات التي جاءت عليها في مختلف المجالات, ومنها مجالات حقوق المرأة والطفل وتحريم التعذيب وحماية البيئة ... الخ, وهي مرة ثالثة حقوق القوميات والشعوب .,الخ. وإذا اتفقنا على ذلك عندها يمكن الحديث عن سبل التثقيف.
من أجل التثقيف بحقوق الإنسان يفترض أن نعترف بها أولاً ونحترم نحن المثقفين مع الآخرين هذه الحقوق ونسعى إلى تأييدها والنضال في سبيل تطبيقها. ومن أجل أن نثقف بحقوق المواطنة وبقية مبادئ شرعة حقوق الإنسان, لا بد أن نثقف أيضاً بحقوق القوميات لكي يعرف الشعب بأن هناك حقوقاً واضحة لكل قومية في العراق ينبغي أن تحترم وتصان لا أن تضطهد ويقتل أفرادها بالجملة كما فعل نظام صدام حسين والنظم التي سبقته ولكن ليس بذات العنف الدموي الذي مارسته طغمة صدام حسين مثل مجازر حلب?ة والأنفال والكرد الفيلية التي تدخل ضمن عمليات إبادة الجنس البشري, إضافة إلى ما لحق العرب من شيعة وسنة والقوميات الأخرى من إرهاب دموي وقمعي يصعب تصوره, ولا نتحدث عنه ونشجبه ونطالب بأنصاف من تعرض له. لا يمكن أن نثقف بحقوق الإنسان ونعطي للعرب في العراق حق النضال في سبيل الوحدة العربية مثلاً وتحرم الشعب الكردي من حقوقه القومية العادلة ونضاله في سبيل وحدته القومية, أو ترفض أن تعترف له بحقه في إقامة الفيدرالية. أنا لا أفهم مثلاً كيف لا يشجب الإنسان العربي عمليات التهجير القسري التي مارسها النظام السابق المخلوع ويريد التثقيف بحقوق الإنسان وحقوق القوميات. المسالة التي يفترض أن نفهمها بعمق ودقة ألخصها في الموضوعة التالية: إن لم نفهم ونهضم تاريخنا القريب على الأقل وأحداثنا القريبة, فلا يمكن قطعاً أن نندفع إلى الأمام على أسس ثابتة ورصينة وأمينة توصلنا إلى شاطئ السلامة سوية وموحدين ومتضامنين. إن لم يعترف الشعب العربي في العراق بحرية وحقوق القوميات الأخرى, فهو في هذه الحالة لا يمتلك حريته ولا يستوعب حقوقه أيضا ولا يمارسهاً.
من هنا أريد أن أقول بأن التمتع بالفيدرالية والحق في ممارسة اللغة الكردية في جميع المجالات باعتبارها لغة رسمية كالعربية والحق في التنمية والتمتع بخيرات البلاد وفق أسس عادلة ومتطورة, والحق في الوصول إلى المناصب المختلفة في الدولة العراقية المركزية حق مشروع ليس فقط لكل كردي عراقي, بل ولكل مواطنة ومواطن عراقي بغض النظر عن قوميته ودينه ومذهبه ورأيه الفكري والسياسي, إضافة إلى بقية الحقوق المعروفة للجميع.
أتمنى أن ندخل إلى مناهج مؤسساتنا التعليمية مبادئ شرعة حقوق الإنسان وتدريسها في جميع المراحل وفق المستويات المناسبة, وكذلك في المؤسسات الاقتصادية الإنتاجية منها والخدمية وفي أجهزة الإعلام الحكومية والخاصة وفي كل الحياة العامة, وهي مسالة لم تكن في يوم من اًلأيام كمالية بل ضرورية ضرورة الهواء للإنسان. برلين في 26/07/2004 كاظم حبيب
***************
حوار مع السيد إحسان الراوي 5-6
كاظم حبيب
2004 / 7 / 27
ما الموقف من مسألة كركوك؟
كم كان بودي لو كان الأخ الفاضل السيد إحسان الراوي قد اطلع على كل ما كتبته في هذا الصدد, أو لو كان قد عاد إلى كتب التاريخ لتعرف بشكل دقيق وتفصيلي عن تاريخ هذه المدينة القديمة ودرسها بعناية ليتعرف على التوزيع الجغرافي للعراق الحالي قبل تشكيل الدولة العراقية الحديثة في عام 1921 أو حتى قبل ذاك في فترات الحكم العباسي والعثماني, لوفر علينا حواراً من هذا النوع, رغم معرفتي بالصراعات الدائرة حول مسألة كركوك.لم يطلع السيد إحسان خ. الراوي على واقع منطقة سكن الكرد في زمن العباسيين مثلاً عندما كان هارون الرشيد حاكماً عليها في فترة خلافة الهادي وقبل ا، يصبح الرشيد الخليفة العباسي الخامس, أو عندما كانت منطقة سكن الكرد تدخل ضمن ولاية شهرزور وعاصمتها كركوك قبل أن تتحول إلى ولاية الموصل وعاصمتها مدينة الموصل, كما يبدو أنه لم يطلع على محاولات الإنجليز في إبعاد كركوك عن حكم الشيخ محمود الحفيد الذي كان رئيساً للسليمانية وثورته في عام 1919 معروفة للجميع. كما لا بد من الإطلاع على دور الحكومات العراقية الملكية المتعاقبة في تهجير عشائر عربية من موطنهم الأصلي وإسكانهم ضواحي وقرى ومدينة كركوك, بما فيها منطقة الحويجة (الحويزة كردياً).
يتحدث المؤرخون الترك عن مدينة كركوك على إنها مدينة كردية وأكثرية أهلها من الكرد, رغم أن سكانها كانوا يتحدثون التركية أيضاً بسبب خضوع الولاية كلها للدولة العثمانية وبسبب سياسة هذه الدولة المتخلفة والعنصرية التي كانت تسعى إلى تتريك بنات وأبناء كل القوميات, بمن فيهم العرب في الوسط والجنوب والموصل.
إن الأصل في كل قضية هو الإنسان وليس الأرض. وكان الإنسان الكردي يشكل غالبية السكان في لواء وبعد ذلك محافظة كركوك. وهذا ما تؤكده التقديرات للسكان في فترة عصبة الأمم في العشرينات من القرن الماضي ثم الإحصاءات اللاحقة. ولكن الحكام القوميين والبعثيين سعوا إلى تغيير البنية السكانية للمجتمع الكركوكي. ومنذ مجيء البعث الثاني إلى السلطة توجهت كل الجهود إلى تعريب كامل للمحافظة وإلى تنفيذ مجموعة من الإجراءات ضمن سياسة عامة واضحة المعالم, والتي يمكن تلخيص أهمها في النقاط التالية:
• تهجير قسري ظالم للعائلات الكردية بشكل خاص ومن ثم لمجموعة من العوائل التركمانية التي رفضت تسجيل نفسها كونها عربية إلى خارج المحافظة وبعثرتهم في مختلف أنحاء العراق, ومنها بقية محافظات كردستان وخاصة السليمانية.
• ترحيل عرب من سكان الوسط والجنوب إلى محافظة كركوك وإسكانهم فيها, وخاصة في مدينة كركوك. وقد تم ذلك بثلاثة طرق, وهي: أ) طريق الإغراء المالي وقطع الأرض ودور السكن التي كانت تابعة للعائلات الكردية؛ ب) طريق الإجبار على الترحيل إلى محافظة كركوك باعتبار أفراد تلك العوائل كانوا من المناهضين للنظام, كما حصل مع مجموعات من الرميثة وغيرها؛ ج) بعض القوميين الشوفينيين الذي كانوا يجدون في هذا الترحيل مكسباً وتغييراً لديموغرافية محافظة كردية لصالح العرب.
• تغيير التركيب الإداري للمحافظة من حيث عدد الأقضية والنواحي التابعة لها وسلخ بعضها عنها وربطها بمحافظات عربية, كما حصل بالنسبة لأقضية ونواحي ربطت مثلاً بصلاح الدين. كما جرى تغيير بعض أسماء تلك الأقضية والنواحي كما جرى تغيير اسم محافظة كركوك إلى محافظة التأميم.
• منع الكرد من شراء عقارات أو دور سكن أو دكاكين في محافظة كركوك ومنح العرب هذا الحق كاملاً, إضافة إلى فرض بيع الكرد لعقاراتهم ودور سكنهم ودكاكينهم إلى العرب وليس إلى غير العرب وبالقسر,
• إبعاد أكبر عدد ممكن من الموظفين والمستخدمين الكرد من دوائر الدولة ومن المؤسسات الاقتصادية والعمرانية ومن شركة النفط ومؤسساتها في كركوك ووضع محافظ عربي علي رأس المحافظة والأقضية.
• فرض التعريب القسري على الكرد والتركمان, فمن جرت الموافقة على بقائه في كركوك هو من وافق على تغيير قوميته إلى العربية بشكل عام. كما أن التدريس كان باللغة العربية.. الخ.
إن هذه الإجراءات غير الشرعية مارسها النظام البعثي الصدّامي في محافظة كركوك ويفترض في الحكم الجديد أن يعيد الأمور إلى نصابها من خلال ما أشرت إليه في الحلقة السابقة والتي يمكن تلخيصها في النقاط التالية:
1. إعادة كل المرحلين قسراً والمهاجرين بسبب ظلم النظام إلى مناطق سكناهم في محافظة كركوك في ما إذا كانوا راغبين في العودة.
2. إعادة كل المرحلين على محافظة كركوك منذ بدء نظام الحكم الجديد نظام البعث في عام 1968 إلى ديارهم في مناطق الوسط والجنوب والموصل, بعد توفير مستلزمات هذا الانتقال الهادئ والسلمي الذي يحفظ للإنسان كرامته.
3. تعويض العائلات الكردية عما لحقها من اذى وأضرار نتيجة تلك السياسة العنصرية لنظام البعث. وتعويض العائلات العربية عما لحقها من أذى وأضرار بسبب فرض الترحيل القسري عليها إلى كردستان العراق.
4. ضمان ممارسة آلية ديمقراطية لتحقيق هذه المهمات العادلة والمنصفة خلال فترة مناسبة, إذ لا يمكن تصور ترك العوائل التي تعيش في المخيمات البائسة فترة أخرى إضافية.
5. إعادة النظر بالتغييرات الإدارية التي أجراها النظام على جغرافية محافظة كركوك. إذ يمكن العودة على التقسيمات الإدارية لعام 1957 أو عام 1962 حيث أجري إحصاء حكومي حول هذه الإدارة.
لا أجد في هذا الحل الذي أطرحه أي خلل, بل يتماشى مع الحقائق الموضوعية التي كانت على الأرض قبل أن يمارس صدام حسين عنصريته المقيتة ضد الشعب الكردي,
دعنا نعترف أولا, بأن محافظة كركوك بحدودها الإدارية في زمن الملكية أو زمن الجمهورية الأولى في فترة حكم عبد الكريم قاسم, هي محافظة كردية تعود لكردستان العراق, ثم نبحث في كيفية تطبيق هذا الأمر إذا ما علمنا بأن هذه المدينة أصبحت مدينة متعددة القوميات يفترض أن تتعايش بأمن وسلام. اعتقد بأن هذا ممكن جداً حيث يمكن أن تمنح مدينة كركوك أو المحافظة ضمن كردستان صفة المدينة أو المحافظة الحرة, على أن تبقى في إطار كردستان. وهو أمر ممكن ومتبع في أكثر من دولة, أي أن يكون لها نظامها الخاص ولكن في الأطر الدستورية أي تبعيتها لكردستان العراق.
لقد شكلت هيئة حكومية في كركوك تشرف على عملية إعادة المهجرين والمهاجرين إلى مناطق سكناهم الأصلية, وهي تعمل بعد أو وضعت الأسس لذلك, ولكن عملها كما يبدو بطيئاً وهو ما يشكو منه الناس, وأملي أن تعالج هذه القضية بعناية وتوظف لها قوى إضافية قادرة على تسريع العملية لتجنب تفاقم المشكلات.
هذا هو رأيي بتفاصيله. واستناداً إلى هذا الرأي رفضت الأساليب غير الديمقراطية التي مورست من مجموعات من الكرد ضد العرب لإعادة تهجيرهم دون وضع الأسس الكفيلة بتنفيذ ذلك وحماية كرامتهم والعناية بهم.
يشير الأخ الراوي إلى أني تجنبت الحديث عن أحداث كركوك في عام 1959 في المقالة التي كتبتها بشأن كركوك. لا أدري إن كان الأخ يطالبني بأن أكتب كل وجهات نظري بشأن كركوك في مقال واحد. فهذا صعب حقا. لقد أنجزت كتاباً تحت عنوان "لمحات من نضال حركة التحرر الوطني للشعب الكردي في كردستان العراق" وتطرقت فيه إلى أحداث الموصل وأحداث كركوك في عام 1959 المؤلمة والمؤسفة وبحثت بصراحة مسؤولية الكرد والحزب الشيوعي العراقي في ذلك, إلى جانب مسئولية المتعصبين من التركمان أو دور القوميين العرب الشوفينيين في تلك الأحداث, وخاصة بعض الضباط العرب المعروفين بشوفينيتهم. كما أكتب ست مجلدات تحت عنوان "لمحات من عراق القرن العشرين" حيث بحثت هذه المسألة بتفصيل أكير. وانتهيت تقريباً من كتاب لي تحت عنوان "الاستبداد والقسوة في العراق كتبت فيه عن أحداث كركوك عام 1959 أيضاً وأملي أن أصدره قريباً. أقول بصراحة يا سيدي الفاضل "الساكت عن الحق شيطان أخرس", فأن سكت على ما حدث في الموصل وكركوك لن تبق لي مصداقية في كتابة القضايا الأخرى. لم أنس ذلك أبداً ولا يمكن أن أنسى ذلك, ومن هنا تأتي أهمية بحث قضية كركوك بكل موضوعية وعناية بما يسمح للكرد والتركمان والعرب والكلدان والآشوريين والأرمن أن يعيشوا بأخوة وصداقة وود كبير. هذه مهمة جليلة وعلينا أن نسعى لتحقيقها. ومطلوب من الكرد والتركمان والعرب تقديم نموذج إيجابي وفعال في هذا الصدد بعد زوال نظام الحكم الاستبدادي والعنصري من العراق, رغم أني أعتقد بان الفكر العربي الشوفيني والفكر الديني المتخلف ما زالا يعشعشان في رؤوس نسبة غير قليلة من العرب في العراق وربما في رؤوس مجموعات من الكرد والتركمان أو حتى في رؤوس غيرهم أيضاً.
الفكر القومي ليس طيفاً واحداً, بل فيه الكثير من الأطياف, فهناك الفكر القومي اليساري والفكر القومي الوسط والفكر القومي اليميني واليميني المتطرف ولهذا ليس من حقي إدانة الفكر القومي كله. فأنا عربي من العراق انتمي إلى القومية العربية وأحترمها, وبسبب احترامي لها أحترم القوميات الأخرى, ولكن لا أجد في قوميتي امتيازاً خاصاً تتميز به عن وعلى القوميات الأخرى, بل هي متساوية معها, ففيها الغث والسمين, وفيها الصالح والطالح, كما في القوميات الأخرى. ولكني اعتنق أيضاً الفكر ألأممي القائل بالمساواة بين القوميات والتآخي والنضال المشترك في سبيل حقوق كل منها وحريتها واستقلاليتها, وأنا ماركسي النهج والفكر لا باعتباره عقيدة جامدة أو نظرية حشبية متيبسة, بل منهجاً علمياً متطوراً ومتقدماً وقادراً على التطور باستمرار مع التغيرات الجارية في مختلف المجالات والعلوم والحياة. ومن هنا أنطلق في موقفي وفي تحليلاتي للأحداث والمشكلات القائمة.
ومشكلتنا مع الفكر القومي في العراق تبرز منذ بدايات تكونه حيث برز في موقعين وباتجاهين:
1. الجماعة القومية التي ناضلت في فترة الدولة العثمانية والتي تسلمت السلطة ومارست السياسة مع البريطانيين وسارت سيراً معوجاً,
2. والجماعة التي نشأت في فترة الثلاثينات وكونت نادى المثنى وارتبطت بالجيش والمجموعات القادمة من الدول العربية من مجموعة الفكر القومي النازي المتعصب والتي بدأت بانقلاب أو حركة مايس/أيار 1941 ونظيمت الفرهود ضد اليهود في عام 1941 وفي أعقاب فشل وانهيار الحركة والحكومة القومية, وما تلا ذلك من توجهات يمينية في سياسة حزب الاستقلال, ولكن بشكل خاص في سياسة حزب البعث وبعض الكتل القومية العربية اليمينية في العراق التي لعبت دوراً سيئاً في فترة حكم عبد الكريم قاسم وساهمت مع بقية القوى في ضياع تلك الجمهورية. إن الفكر القومي العربي في العراق بشكل عام فكراً يمينياً ومتطرفاً, ولكن هذا لا يعني غياب الفكر القومي الأكثر سلامة ووعياًً وهو الفكر القومي اليساري الذي تمثله بعض الحركات القومية مثل الحركة الاشتراكية العربية بقيادة عبد الإله النصراوي أو غيرها من الحركات القومية. ولا شك في اتجاهات قومية شوفينية ومتعصبة في صفوف الأكراد ونلمس هذا من كتابات البعض منهم, وبعضها ردود فعل للمواقف الخاطئة إزاء المسالة الكردية.
من طريقة معالجة السيد الراوي للمسائل المطروحة للحوار ينبين لي بأن هناك إمكانيات غير قليلة لنشوء حوار إيجابي حول مختلف القضايا التي يفترض مناقشتها, سواء أكنا قوميين ديمقراطيين أم ديمقراطيين تقدميين أو يساريين, مع أنه لم يكن محقاً حين كتب يقول: "أما قولك (وليس سكان العراق كلهم جزء من الأمة العربية), فلا أعتقد أنك ستجد من يختلف معك في هذا, فالعربي ينتمي إلى القومية العربية والكردي ينتمي إلى القومية الكردية وهكذا التركماني وبقية الأقليات القومية الأخرى", إذ ما يزال هناك من لا يعتقد بما يقره الأخ إحسان الراوي ليس في العالم العربي فحسب, بل وفي العراق أيضاً. ولكن إذا كان هناك اعتراف بالقومية الكردية, فِلمَ إذن عدم الاعتراف بالمنطقة الكردية كجزء من ارض كردستان, ولَمَ عدم الاعتراف بحق الشعب الكردي بحقه في تقرير مصيره, ولم الإدعاء بالهوية العربية لكل العراق, ولِمَ الادعاء بان العراق جزء من الوطن العربي أرضاً وشعباً؟
نعم أنا أقر للشعب الكردي الحق في التصويت وإبداء الرأي بشأن إقامة دولته الوطنية المستقلة وعلى العرب أن يعترفوا عندها بذلك ويقيموا أفضل العلاقات معها. وإذا قرروا, كما قرروا, إقامة الفيدرالية في إطار الدولة العراقية فعلينا أن نحترم هذا الرأي أيضاً ونقيم أفضل جمهورية عراقية اتحادية ديمقراطية. هناك دولاً قزمية أصغر بكثير من اتحادية وادي الرافدين العملاق في حضارته. وفي هذا أختلف مع السيد الراوي ومع من يؤيد وجهة نظره. ومن حق كل منا أن يناضل من أجل انتصار وجهة نظره متبعين الأساليب الديمقراطية في الحوار. ومع ذلك فالكرد قرروا الفيدرالية مع وادي الرافدين في عراق ديمقراطي فيدرالي, وهو أمر في صالح الجميع.
برلين في 26/07/2004. كاظم حبيب
***********
حوار مع السيد إحسان الراوي 6-6
كاظم حبيب
2004 / 7 / 27
محاولة للإجابة عن بقية أسئلة السيد إحسان خ. الراوي
وحول ادعاء وجود إسرائيليين في كردستان العراق
في آخر حلقة من هذه السلسلة أود أن أشير بما لا يقبل التفسير الخاطئ بان عواطفي كلها إلى جانب استمرار التآخي والود والوحدة الوطنية في العراق الراهن, وأن يكون ذلك ضمن دولة اتحادية عراقية ديمقراطية تضم اتحادية وادي الرافدين واتحادية كردستان العراق, تقوم على أساس دستور ديمقراطي يعترف للجميع بحقوقهم كبشر وكمجموعات أثنية أو قوميات متعددة. ويمكن أن تتواصل هذه الوحدة الوطنية أرضاً وشعوباً عقوداً وعقوداً طويلة, إذا التزم العرف أولاً وقبل كل شيء بمبادئ حقوق الإنسان وحقوق القوميات وبالمساواة بين البشر كمواطنات ومواطنين دون تمييز, سواء على مستوى الدولة المركزية وفي الوظائف من أعلى سلطة تشريعية في البلاد, المجلس النيابي ورئاسة الدولة, وأعلى سلطة تنفيذية,ومجلس الوزراء, والقضاء ومختلف الوظائف المدنية والعسكرية وفي الجامعات والمدارس وفي تدريس اللغتين والثقافة...الخ. فأنا من أصحاب الرأي القائل بأن شعب ما إذا ما تمتع بحريته وباستقلالية قراره وإذا ما وجد التعاون والتضامن والتآخي والمساواة في التعامل من الشعوب الأخرى التي تعيش معه, فسوف لن يطالب بمغادرة هذا الاتحاد الاختياري السليم.
إن إلقاء نظرة إلى الوراء سوف نجد أمامنا بانوراما حزينة وموجعة بسبب ما تعرض له الشعب الكردي, والحديث يدور هنا عن الشعب الكردي وليس على ما تعرض له الشعب العربي في العراق, من محن وكوارث مرعبة. وبدأ هذا المسلسل منذ الثلاثينات من القرن الماضي بشكل خاص في إطار الدولة الملكية العراقية. ولا يمكن لأحد أن يقول لي بان الحكومة المركزية في العهد الملكي استخدمت السلاح لصد المسلحين الكرد, إذ أن هذا خاطئ من الأساس. فالكرد لم يحملوا السلاح إلا بسبب رفض الحكومات العراقية المتعاقبة تلبية مطالبهم المشروعة التي أقرتها عصبة الأمم. وبالتالي كانت سياسات النظم المختلفة مناهضة للشعب الكردي ومطالبه العادلة. أما الحكم البعثي الدموي الصدّامي فقد تجاوز كل النظم السابقة في استبداده وعنصريته وشراسته. لقد عشت سنوات في كردستان العراق مناضلاً مع الكرد والعرب والآشوريين والكلدان والتركمان, مع الديمقراطيين والشيوعيين وغيرهم في سبيل إسقاط الدكتاتورية والخلاص منها وفي سبيل الديمقراطية للعراق والحقوق القومية العادلة والمشروعة لكردستان العراق بما في ذلك حق تقرير المصير. واطلعت على الخراب والدمار والموت الذي ألحقه النظام البعثي بإقليم كردستان, وعلي العرب ليس فقط أن يعترفوا بما تسبب به النظام العراقي, بل وأن يشجبوا ذلك بقوة وصراحة وإنسانية. وعلينا أن نتذكر مجازر حلب?ة والأنفال والهجرة المليونية في عام 1991 وقبل ذاك أحداث 1975 وبعد ذاك تدمير القرى الكردية بقنابل النابالم والعنقودية والأسلحة الكيماوية والقذائف الصاروخية والمدافع والطيران الحربي حتى زاد عدد القرى المهدمة على 4250 قرية. وعندما يكون الحديث عن القرى يعني الحديث عن البشر الذين قتلوا أو شردوا وعن العائلات التي جوعت وهجرت والأطفال الذين هلكوا والحيوانات التي نفقت والمزروعات التي أحرقت ...الخ. هذا ما رأيته بأم عني وأنا أتجول في طول كردستان العراق وعرضها لعدة سنوات. من هنا جاء تأكيدي على المصائب والعذابات التي تعرض لها الشعب الكردي. ولكن هذا لا يعني أن العرب لم يتعرضوا لعذابات أيضاَ من قبل كل النظم السابقة, وأن اختلفت طبيعة ذلك, خاصة وأن النظام البعثي كان عنصرياً معادياً لكل الشعوب غير العربية, وكان طائفياً مقيتاً. فالعرب عانوا من النظم الحاكمة بسبب كونها كانت استبدادية وطائفية فحسب, ولكن الكرد تعرضوا بسبب كونهم كرداً بشكل خاص.
يشير الأخ الراوي إلى أني أكرر لفظة "الفيدرالية الكردستانية" لكي أكرس وأرسخ هذه اللفظة, الفيدرالية الكردستانية" في أدهان وعقول الناس. وللحقيقة أقول لم يدر في بالي هذا الأمر, إذ أن الفيدرالية أو الاتحادية هي بالنسبة لي أمر طبيعي وليس أمراً غريباً. ومع ذلك ليس في تفسير الأخ الراوي ما يضيرني ولعلها تعلق حقاً بقلوب وأفئدة العراقيات والعراقيين لأنها الحل الأمثل لعلاقات المستقبل مع الشعب الكردي والقوميات الأخرى التي تقطن كردستان العراق بعد تجارب طويلة دامت ما يقرب من 89 عاماً, وربما سيكون ذا فائدة في تكريس الفكرة واللفظة ومضمونها بالأساس في فكر ورأس الزميل الراوي ذاته.
عندما أشير إلى الفصل بين السلطات على مستوى الدولة المركزية والاتحاديتين, وادي الرافدين وكردستان, فأنا أعني بذلك أن تمارس تلك الأسس فعلياً على المستويين ولا أعني غير ذلك, كما أطالب بالمجتمع المدني الذي يفصل بين الدين والدولة لكي لا يتم التمييز بين الأديان والمذاهب وتبقى الدولة حيادية ومستقلة ولصالح الجميع.
يورد السيد إحسان الراوي تجربة الهند, وينسى بأن الهند قائمة على أساس الولايات الاتحادية, وهي الصيغة التي قبل بها الهند وهي جيدة ومناسبة للهند. أما تجربة الاتحاد السوفييتي فينبغي أن تدرس بعناية كبيرة. فالمبادئ التي التزمت بها الدولة السوفييتية منذ نشأتها في عام 1917 كانت تشير إلى مبدأين وهما حق تقرير المصير والاتحاد الاختياري. وقد قررت في حينها فنلندا أ تنسلخ عن روسيا الجديدة أو الاتحاد السوفييتي واقر لينين هذا الحق وانفصلت فعلاً وكونت الجمهورية القائمة حتى الآن. وفي الفترات اللاحقة مورست سياسة غير عقلانية وغير اشتراكية ولا تستند إلى المبادئ الماركسية في الموقف من القوميات والجمهوريات السوفييتية, إذ فسح المجال في كل الجمهوريات لهيمنة الروس على بقية القوميات وأصبح التمييز واضحاً رغم تحمل الروس تبعات كثيرة بسبب تلك السياسة. وتراجعت العلاقات الودية بين الشعوب والقوميات رغم وجود 16 جمهورية اتحادية والكثير من مناطق الحكم الذاتي. والاتحاد السوفييتي لم يقدم النموذج الذي يحتذى به في هذا الصدد. قد لاحظنا كيف انهار كل شيئ من الداخل وكأن النظام السوفييتي كان مهوراً من الداخل وقابل إلى السقوط في كل لحظة.
وأود أن أثير هنا مسالة اخرى لم ترد في ملاحظات الأخ الفاضل السيد إحسان خ. الراوي, وأعني بها موضوع التغلغل الإسرائيلي في كردستان العراق.
يواجه الشعب العراقي في المرحلة الراهنة هجمة عدوانية شرسة من فلول النظام السابق ومن قوى إرهابية "إسلامية" أصولية متطرفة تعمل على الساحة الدولية. ويتحمل المجتمع العراقي مسئولية التصدي لها وإفشال مخططات تحويل العراق إلى ساحة للصراع الدولي على حساب الشعب واقتصاده الوطني ومستقبله. وفي الآونة الأخيرة بدأت هذه القوى الإرهابية بحملة إعلامية واسعة ومخطط لها لتشويه اتجاهات التطور الحر والديمقراطي في العراق مدعومة من ثلاث قوى أساسية في الساحة السياسية الشرق أوسطية, وأعني بها القوى القومية العنصرية والشوفينية العربية في مختلف الأقطار العربية, والدولة التركية باتجاهاتها الشوفينية والعنصرية التي تخشى التطور الإيجابي للأوضاع في كردستان العراق والعراق عموماً, وكذلك الدولة الإيرانية وقواها المحافظة الأكثر شراسة في مكافحة القوى الديمقراطية والتقدم الاجتماعي. والحملة الإعلامية تدعي وجود قوات إسرائيلية أو جواسيس إسرائيليين في العراق, وخاصة في كردستان العراق. وهذه الحملة الظالمة والخبيثة, التي لا يشترك فيها الأخ إحسان الراوي في كل الأحوال ولم ترد كلمة واحدة في كل ماكتبه, ليست سوى محاولة جادة وملعونة تستهدف الوقيعة بين العرب والكرد واستثارة العرب في كل أنحاء العالم ضد الشعب الكردي, وكأن الكرد يشكلون حصان طروادة في المنطقة العربية!
كما أرى, فليس من مصلحة الكرد, شعباً وأحزاباً وإدارة حكومية, أن تقام علاقات بين الأحزاب الديمقراطية الكردية وإسرائيل أو بين حكومتي الإقليم في أربيل والسليمانية من جهة, وإسرائيل من جهة أخرى في هذه المرحلة الحرجة من تطور العراق وكردستان العراق, وليس المسئولين الكرد في كردستان بحاجة إلى مثل هذه العلاقة لا من الناحية السياسية والعسكرية ولا من الناحية الاقتصادية والاجتماعية. والحدود التي يمكن عبور الجماعات الإسرائيلية منها إلى العراق هي تركيا وإيران وسوريا والأردن والكويت, والرقابة على هذه الحدود ليست كلها بيد القوى الكردية, بل بيد قوات تلك البلدان والعراق. ويتمكن لإسرائيليون الولوج إلى كل الأقطار العربية وإلى العراق بجوازات سفر غير إسرائيلية مثل الجوازات الأمريكية والبريطانية والاسترالية وغيرها كثير, فكيف في مقدور حكومتا الإقليم التعرف على هوية تلك العناصر مثلاً. ويمكن أن يكون الإسرائيليون ضمن قوات الاحتلال باعتبارهم يهود لهم ولاء خاص لإسرائيل غير مواطنتهم غير الإسرائيلية. وهو أمر خارج إرادة الجميع في الوقت الحاضر. ومع ذلك ووفق معلومات حكومتي الإقليم ليس هناك من قوات إسرائيلية أو جواسيس إسرائيليين في كردستان العراق ومن يؤكد على هذا الوجود فليقدم الدليل القاطع, وليس الحديث العام غير المسئول, كما يجري اليوم على ألسنة بعض الصحفيين الذين يمكن أن يقبضوا الأموال ليبثوا مثل هذه الإشاعات الخطيرة والسيئة والمقصودة في آن واحد.
إذا كان هناك يهود في القوات المسلحة الأجنبية, وخاصة الأمريكية والبريطانية, في العراق, فهي موجودة أيضاً في القوات الأمريكية المعسكرة في قطر وفي السعودية وفي غيرها, وهي موجودة في القاهرة وعبر السفارة الإسرائيلية في القاهرة, وهو أمر لا يمكن التغلب عليه إلا بإخراج قوات الأجنبية, من الأقطار العربية وكذا السفارة الإسرائيلية من مصر. وسيتم إخراج كل القوات الأجنبية من العراق في كل الأحوال, إذ كلنا يعرف موقف العراقيين من ذلك, ولكن كيف الأمر مع الوجود الأمريكي في قطر والسعودية مثلاً.
إن الوضع في العراق بالرغم من نشاط القوى الإرهابية يتحسن وسيتحسن أكثر فأكثر في المستقبل غير البعيد, وأملي أن يلعب الشعب العراقي دوراً كبيراً في هذه العملية للوصول إلى شاطئ السلامة. ولن تنفع مثل هذه الإشاعات. وإذا كانت حدود العراق من الأردن مفتوحة أمام الإسرائيليين للدخول إليها ومنها إلى بغداد ومن بغداد إلى كردستان فليست هي مسئولية كردستان العراق بل مسئولية الحكومة العراقية التي تحرس الحدود العراقية الأردنية. وهو ما يفترض أن نعرفه.
برلين في 27/07/2004 كاظم حبيب
#كاظم_حبيب (هاشتاغ)
Kadhim_Habib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟