|
كيف نغلق طريق الفساد المستشري في العراق ؟
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2984 - 2010 / 4 / 23 - 16:55
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
ان لم يكن لاي حدث او ظاهرة ما جذور متعمقة في المواقع التي تحدث فيها فلا يمكن ان تدوم او تقاوم المعوقات التي تجابهه و الارضية التي تريد ان تنمي فيها دون ان تواجهه العقبات، مهما كانت اعمدتها و اسنادها و المنتفعين منها و المحافظين على ادامتها، ان لم تكن اصلا مترسخا و اصيلا و نابعا من الظروف الذاتية التي ولدتها فسيكون مصيرها الفناء ولو بعد حين. من هذا المنطلق يمكن ان نحلل و نستقرا الواقع و المستقبل العراقي و ما يشغل الناس في الوقت الحاضر من عدم الاستقرار و القلق الدائم. و ما يهمنا هنا و الذي يغطي على الامور الاخرى هو الفساد و تداعياته و كيفية توغله في كافة مفاصل الحياة العامة للشعب العراقي . لم نلق احدا الا و ينتقد الوضع القائم و يصفه بالالفاظ المختلفة و ينعته كما يشاء، و في بداية كل حديثه يعلن عن سيطرة الفساد على مفاصل الحياة ويدعي بانه هو الذي يشل الحركة للمجتمع و السلطة على حد سواء، اي الجميع ينعت الاخر و ينكر، و لم نعرف من هو هذا المقابل الفاسد لنفرقه عن النزيه وفق معيار النزاهة المعلومة لدينا. هذه الظاهرة الخطيرة لم تنفلق في لمحة بصر و كأنها من صنع هذه المرحلة ، والسبب الوحيد هو الوضع السياسي و غض الطرف عن الواقع الاجتماعي و الانساني و الثقافي و الانساني بشكل عام عبر التاريخ، و ان تخفف الحالة في بعض المراحل نتيجة اما التعتيم او اتباع السرية على اقل تقدير في ممارسة الفساد ، او عن طريق الضغوطات و العقوبات الصارمة التي فرضت من دون اية تعبئة او تثقيف لبيان سوء الحالة و اضرارها ربما اخفت الفساد عن الاعين فقط و لم ينهيه . لماذا لم يطرح هذا الموضوع طيل التاريخ و كانه من صنع هذه المرحلة فقط، و المعلوم ان بذرة الفساد منبوتة في عقلية الانسان منذ الازل كما يذكرها كل الاعراف و الاديان و الروايات، وهو ناشيء جراء الضغوطات الطموحات و الغرائز و ما يتوارثها الانسان و حبه للتملك و السيطرة و الاستعلاء كعوامل رئيسية لاقدامه على هذه الطريق و استغلاله اية فرصة من اجل المصالح الشخصية و الملذات و الرفاهية المكتسبة باية وسيلة تضمن له الاستمتاع به. من دون اي شك، ان كان الهدف الرئيسي لاي فرد هو التلهف و التلهث و التهافت من اجل الوصول الى الرفاهية و الفوز بالملذة في الحياة دون اي رادع فكري او عقيدي او مبدئي يذكر، فهذا يسهل عليه الغوص في عالم الفساد دون تردد. من التناقضات التي تظهر الى العيان و المفارقات التي نلمسها في هذا الجانب بالذات و عبر التاريخ و كما توسعت في الفترة الحالية هو وجود الفساد المزمن بين من يعتبرون انفسهم من المبدئيين و حامي حمى الارض و الشرف و القدسية الدينية و المذهبية و العرقية و الفكرية و المنظرين و السياسيين كما هو حال المواطن البسيط على حد سواء، و الذي من المتوقع ان يكون الفساد منتشرا بينهم هم من المصلحيين و الانتهازيين و البعيدين عن الالتزام بالمباديء و المصالح العامة، و المخيف في المرحلة الحالية انه يشمل الجميع دون استثناء. للبحث في طبيعة الدولة العراقية و بيان وجود الثغرات و الفجوات الكبيرة التي تمنح هذه النفسيات الدخول منها لتحقيق مرامهم و الوصول الى غيهم ، يجب ان نضع امام اعيننا التاريخ المعقد للعراق من كافة الجوانب و مدى تجسيد روح المواطنة و الالتزام بالوطن و وحدة الصف للمكونات و الاعتماد على تنفيذ القوانين المعنية ، و انخفاض مستوى العدالة الاجتماعية و المساواة كاهم الدوافع الموضوعية لتوجه الفرد بهذا الاتجاه. من الواضح ايضا، ان النظام الذي يستند على القمع و الشمولية يدفع بالمواطن الى ممارسة كافة الحيل و يطرق كافة الابواب من اجل مصالحه، و هنا لا يمكن حصر العملية بالفساد المالي فقط، بل الاستاثار بالمناصب و استغلال المواقع لاي هدف كما هو حال العراق الان يعتبر في قمة الفساد الذي يؤذي المواطن و حياته باستمرار . اما المراد من الجميع هو التعاون في سبيل غلق هذه الطريق او على الاقل اعادة التنظيم للذات و النفس سوى كان للفرد او المجتمع بالتعبئة و التعليم و التثقيف، ويتم ذلك بوسائل و سبل عدة، الاستناد الكلي على الديموقراطية الحقيقية كمفهوم و التعددية و التوجه و توجيه البلد نحو المؤسساتية مع الاحترام و الالتزام بالقوانين و الاعتبار لهيبة البلد و اعلاء شانه في المحافل الدولية لزرع بذرة المحبة في قلب اي فرد تجاه البلد كما هو حال المواطن البسيط في الدول المتقدمة ، و هذه عملية طويلة دائمية لا تحدث في لحظة ما وانما تكون متداخلة مع مسيرة بناء الدولة على الاسس السليمة، و ضمان الامن و الاستقرار و عدم العودة الى سلبيات التاريخ و الاصرار على المصالحة و ابعاد التخوف من الماضي و الحاضر و المستقبل عن فكر كافة المواطنين، من المتطلبات الضرورية لمحاربة الفساد قبل اي شيء اخر. ضمان توزيع الثروات بالتساوي بين المكونات و تامين حياة الجميع و محاربة البطالة من العوامل المانعة للفساد بشكل قاطع. اما سد و اغلاق الطريق بشكل نهائي سيبدا بترسيخ الوضع النهائي للعملية الديموقراطية و فصل السلطات و الاعتماد على المؤسساتية و اعلاء شان القانون و احترام الدستور من قبل الجميع و استقرار الاوضاع الامنية و رفع المستوى الاقتصادي و دخل الفرد و محاولة ازالة ترسبات التاريخ و اتباع الطرق العلمية و ضمان الخدمات العامة كاسباب رئيسية لدحر الفساد و قطع دابره.
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يحدد هوية العراق ؟
-
ما يحتاجه العراق هو الحوار ام المفاوضات ؟
-
اهم نقاط التحول في تاريخ العراق الحديث
-
التحزب و الثقافة السياسية في العراق
-
هل مجتمعاتنا تتقبل الحداثة كما هي بشكلها الصحيح؟
-
انفال انفال و ما ادراك ما الانفال
-
هل ديموقراطية العراق في الاتجاه الصحيح ؟
-
كيفية تدخل الاكاديميين لايجاد الحلول السياسية لما وقع فيه ال
...
-
الحداثة و تاثيراتها على الهوية الثقافية في منطقتنا
-
ماذا يقدم الاعلام لما يحتاجه العراق في هذه المرحلة
-
بعد ترسيخ المواطنة تتفاعل العقلية المدنية
-
هل بالامكان اختزال الديموقراطية في العملية الانتخابية فقط؟
-
من يتحمل مسؤولية عبور المرحلة القادمة في العراق؟
-
ما يرن باستمرار في اذاننا هو العراق الى اين ؟
-
الى متى تطول مخاض ولادة الديموقراطية الحقيقية في هذه المنطقة
...
-
هل ما نحن فيه ازمة ام صراع مصالح القوى؟
-
هل هناك ازمة الشرائح المؤثرة في تنوير المجتمع ؟
-
الامن القومي لمجتمع موزائيكي الشكل و التركيب
-
مابين الاصلاح و التغيير في اقليم كوردستان
-
احذروا تبجح البعث باسم العلمانية
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|