|
بين الميشيلين عفلق وكيلو... هل ثمة قواسم مشتركة...؟
نوري بريمو
الحوار المتمدن-العدد: 908 - 2004 / 7 / 28 - 11:30
المحور:
اخر الاخبار, المقالات والبيانات
يبدو أنـه لمجرد إقرار السيد رئيس الجمهورية بشـار الأسد بحقيقة وجود القومية الكوردية في سوريا ، كموقف موضوعي وبادرة إيجابية من سيادته ، حينما أكد في حديثه المتلفز عبر قناة الجزيرة في أوائل أيـار مـن هذا العام ، على أنّ : القومية الكوردية هـي جزء أساسي مـن النسيج الوطني والتاريخ السوري ...، هذا الاعتراف الصريح يبدو أنه قـد أغاظ ولا يزال يُغيظ الكثيرين ممّنْ لا يحلو لهم مجرّد سماع مثل هكـذا حقائـق تاريخية لا مفرّ من الاعتراف بها وإعطائها حقها اللائق بـها ، وقـد أثار حفيظة البعض مِمّنْ يحملون فيروس ثقافـة الفكر الأكثري أي الفِكر الـذي يُشَرْعـن وجوب وجـود (قومية ذات أكثريـة سكانية غالبة ) و ( قوميات ذات أقليـة سكانيـة مغلوب على أمرها ومستَحْكَم بمصيرها بالمطلق ..!؟. ). ويبدو أيضاً أنّ هكذا جرأة واضحة وصريحة من قبل رئيس الجمهورية ، قد كشفت مؤخراً زيف إدعّاء الكثيرين مِمّنْ كانوا يُغازلون الكورد ، بل ويُسايرونهم (( لغايةٍ في نفس يعقوب.... كما يُقال )) متسترين خلفَ شعاراتهم التي يبدو أنَّها كانت مُفَبْرَكة أو مصلحجية : كالإسلامية تارة والشيوعية تارة أخرى والديمقراطية وحقوق الانسان تاراتٍ أخرى وكثيرة ....الخ ، حيث تَبّين بأنَّ البعض منهم كان يغرّر بالكورد ويأخذهم على قدّ عقولهم... كما يقال ، وذلك حينما كانوا يغمزونهم ويدعونهم إلى الالتقاء والحوار والحراك المشترك على أرضية البحث عن القواسم الوطنية المشتركة لخلق (( الاندماج الأممي أو الإسلامي أو الديموقراطي أو ...الخ )) ، في حين أنّ الكثيرين منهم كانوا يخفون نوايا وأفكار إقصائية ودونية حيال الكورد وقضيتهم العادلة ...!؟، ليس هذا فحسب بل راح العديد منهم إلى التشكيك بوطنية ودور ومكانة الكورد لمجرّد تبنِّي حركتهم السياسية لتوجهات قومية ديموقراطية تُنادي بالحقوق المشروعة للشعب الكوردي في سوريا ضمن إطار الوحدة الوطنية للبلاد ، وراح البعض الآخر – الأكثر شوفينية - إلى قذف الكورد بمختلف التُّهم الزائفة من قبيل : (( خطر على أمن الدولة ..!؟ ، تشكيل دولة أو جيب كوردي في شمال سوريا..!؟ ، وجود نفوذ لجهات إسرائيلية في المربع الكردي ..!؟ )) ، ....في حين يَعتَبر الكورد بأن كل هذه التُّهم بغض النظر عن خلفياتها وتداعياتها هي خطوط حمراء لا يسمحوا لأنفسهم بتجاوزها ، كونها أي قضيتهم هي قضية وطنية ديموقراطية سورية ، لا يمكن حلُّها إلا من خلال الدخول في حوار مباشر مع الجانب العربي في السلطة أو خارجها ، للبحث جمعاً عن الحلول كشركاء في هذا البلد الذي لا ننوي له أي تقسيم أو ضرب أو طرح ، بل بالعكس نسعى به نحو الجمع الديموقراطي بين مختلف مكوناته القومية ، وذلك وفق أسس مواطنية سليمة بعيداً عن كل مظاهر التمييز وبكل أشكاله وألوانه ...!؟. ولما كان أبناء الشعب الكوردي في سوريا قد اعتادوا على التعرّض بشكل دائم لمختلف أشكال التعامل الفوقي كالتهميش والشطب والاتهام ... وما إلى هنالك من أساليب التنكّر والتقزيم والصهر للشعب والقضية معاً ، من قبل أوساط مهيمنة كثيرة لا يمكن تسميتها سوى بأصحاب العقليات الشوفينية التي تُريد أن تسير بالمعادلة السياسية السورية وفق منحى فتنوي ينعكس سلباً على ما تقتضيه مصلحة سوريا التي هي بحاجة ماسة إلى التعامل الديموقراطي مع مواطنيها من مختلف الأطياف والأعراق ، وإلى لمّ الشَّمل الوطني على طريق تعزيز وتمتين الداخل والخارج معاً...، وإنَّهم أي الكورد قد اعتادوا أيضاً على المثول قسراً في قفص الشَّك و الاتهام ، فإنَّهم قد ملّوا من الشروحات والنقاشات وتقديم الدفوعات التي خاضوها مع هذه الجهة العربية أو تلك ، بهدف تبرئة أنفسهم وذمتهم من جملة التُّهم القومجية الباطلة الموجهة ضدهم . وصحيح أننا كنّا ولا نزال كثاني أكبر قومية في البلاد عُرْضة لمختلف السياسات والتدابير والقوانين الاستثنائية من قبل الجانب الآخر وخاصة من قبل تلك الحكومات التي تعاقبت على مقاليد الحكم منذ مرحلة ما بعد الإستقلال وحتى اليوم ، لكننا كنّا نحاول دوماً أن نُخفِّف من وطأتها فنَصفُها بأنَّها حالة استثنائية مؤقتة ستزول بالنضال الديموقراطي مع مرور الزمن من خلال دخول الطرف الكردي في حوار وطني صادق مع الطرف الآخر ليتفهم عدالة قضيتنا وليقرّ بحقيقة وجودنا ، مُراهنينَ في مسعانا البنّاء هذا على أنّ هنالك ثمة عقول وأدمغة وأحزاب سياسية ونخب ثقافية ومجتمعية كثيرة منتشرة هنا وهناك في بلدنا ، ستقوم ـ عاجلاً أم آجلاً ـ بأداء دورها الوطني المطلوب منها وستقف من منطلق إنساني الى جانب الكرد والتالي ستتقبل الشأن الكردي بشكل موضوعي ينعكس إيجابياً على الشأن السوري العام . نعم هذا ما كنّا نريده ونرسم له ... لكن ما كل ما يتمنَّاه المرء يُدركه ...!؟ ، إذ كان من المفروض علينا أن نتَّعظ ونستفيد من المقولة الشهيرة للقائد والمفكر البلغاري ديميتروف في إحدى كتاباته التي يقول فيها : (( ينبغي على الانسان أن ينظر إلى الأمور كما هي عليه تماماً ، لا كما كان يوّد أن يراها عليه من زاويته الشخصية ، أو كما تقتضيه مصلحته ورؤيته الخاصة )) . فقد جرت الرياح بما لا تشتهيه السفن...!؟، وهذا ما يدعو الى التشاؤم وخيبة الأمل ...،حيث اصطدمت وتصطدم في كل الأحيان نوايانا الصادقة ببعض النوايا الأخرى غير الصادقة مع الأسف الشديد ، ففي الحين ذاته الذي نُعاني فيه من أذى وتداعيات أفكار ونفوذ وتوجهات مؤسس البعث ميشيل عفلق وأمثاله الكُثُرْ المنتشرين حولنا ،... يُفاجئنا الأستاذ ميشيل كيلو العضو المؤسس في لجان إحياء المجتمع المدني والذي يعتبره الكورد صديقاً لهم ، وهو أحد أبرز حَمَلة الفِكر الديموقراطي وسط النُخَبْ الثقافية في المجتمع السوري ، بموقفٍ تحامُلي مُسيء للشعب وللقومية الكوردية معاً ، في مقالة تم نشرها في جريدة النهار اللبنانية في عددها الصادر يوم 16/7/2004 م ، تحت عنوان (( كم أمة يوجد في سوريا ..؟!.)) ،والتي استهلها بالمقدمة الغريبة التالية : (( ما أن اعتبر الدكتور بشار الأسد الأكراد السوريين قومية حتى سارعت أحزابهم جميعها إلى إصدار بيانات توافق على الوصف وتشكر صاحبه على هذه السابقة ، التي لا مثيل لها في تاريخ السياسة السورية في حقبة ما بعد الثامن من آذار ، وتتناقض مع كل ما قاله البعث عن الأكراد منذ ذلك التاريخ .)). لقد أراد الأستاذ ميشيل – مع احترامي لأفكاره وتوجهاته العامة – كما يبدو في هذه المقدمة ، أنْ يُظهِر عدم قبوله لأشياء كثيرة وردت في الحديث المذكور ، ويُفهم أيضاً وكأنَّه لا يُعطي الحق للسيد الرئيس فيما أدلى به ، خاصة وأنَّه يذكّرهُ بأنَّه قد وقع في تناقض كبير مع نفسه ومع منطلقات ومبادئ حزب البعث حول الكورد والقضية الكوردية ، ولا يتوقف عند هذه الحدود فحسب بل يحمّل الكورد منيّة على أنَّ السيد الرئيس اعتبرهم (( قومية )) ، واستغرب من أنّ أحزابهم سارعت بشكل انتهازي إلى إصدار بيانات نفاقية وإرسال رسائل تشكر الرئيس على هذه المكرُمة التي منحها لهم ...!؟. عجيبٌ أمرك يا أستاذ ميشيل ...!؟ ، كيف تفكر وفق هذه الطريقة التي لم نعرفك بها من قبل ، إذ أنّ الانطباع الذي نقلناه عنك للوسط الكردي هو أنَّك مثقف ديموقراطي منفتح وتحمل فكراً وجدانياً ، ولذلك كنّا نتصور أن تبادر أنت قبل الأحزاب الكوردية إلى تقديم الشكر إلى الرئيس بشار الأسد على هذا التحول الديموقراطي في فكره وتوجهه ، ... لكن يبدو أنه كما يُقال : فاقد الشيء لا يعطيه ...، فقد أثبتت بأنك لا تستطيع أن تصغي لا لنصيحة ديميتروف ،ولا لما يشورونه عليك زملائك العرب والكرد ممّن يعملون معك في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان ، ولا للجديد الذي أدلى به الدكتور بشار الأسد ، ولا حتى لموقعك الثقافي ـ السياسي الذي تشغله حالياً والذي يفرض عليك احترام حقوق وآراء الآخرين سواءً أكانوا في نظرك قومية أو شعب أو أقوام أو لاشيء ...الخ !؟ . حتى أنت يا أستاذ ميشيل الذي ظننتُ بأنني أعرفه كما أعرف نفسي ...!؟، لقد خيّبت أملي وأمل كل مَن يعرفك ويتعامل معك مِنْ زملائك الكورد ...!؟، في حين كنْتُ على حق مائة بالمائة عندما ذكرتُ في مقالٍ سابقٍ لي ، نَشَرَتْهُ عدة مواقع على شبكة الانترنيت تحت عنوان : أن تأتي متأخراً خيرٌ من أن لا تأتي ...!؟ ، حين أكدتُ فيه بأنَّ السيد بشار الأسد هو أول رئيس جمهورية سوري أو بالأحرى أول مواطن عربي سوري يطرح المسألة الكوردية على بساط البحث بمنتهى الجرأة والصراحة . وبعيداً عن هذا المأخذ الشخصي من قبلي... وفي جانب آخر من المقالة يتعرّض الأستاذ ميشيل إلى مداخلة الأستاذ فيصل يوسف – عضو لجان إحياء المجتمع المدني وعضو المكتب السياسي للحزب الديموقراطي التقدمي – في لقاءٍ ضمن وفد كوردي مع لجان إحياء المجتمع المدني حيث قال الأخ فيصل : (( إنَّ أساس المشكلة الكوردية يكمن في عدم الاعتراف بوجود الشعب الكوردي في سوريا ...)) ...، وهنا لا بد من توجيه سؤال للسيد ميشيل أين يكمن الخطأ في كلام الأستاذ فيصل ...؟!، ومن قال لك بأن الكورد ليسوا أمة أو قومية أو شعباً عريقاً له جذوره التاريخية وامتداداته الجغرافية ...؟!، ألم تسمع بأن للشعب الكوردي في سوريا أخوة وأشقاء في كل من كردستان العراق وإيران وتركيا و روسيا وفي الشتات أيضاً...؟!، ألا تدري بأنّ الشعب الكوردي هو جارٌ تاريخي مخلص للشعب العربي في سوريا والعراق ...؟!، ثم بأي وجه حقّ تسمح لنفسك بالسؤال من الأستاذ فيصل أو غيره :( هل تعتقد أن الكورد شعب أم قومية أم قومٌ أم أقوام ...؟! ) ، أهذه حزورة أم فزورة من قِبَلِك أم لعب بالألفاظ والمصطلحات من خيالك أم هو سؤال جدّي تريد منّا الإجابة عليه حقاً ...؟، ثم ألا ترمي من وراء ذلك خلط الحابل بالنابل لإخفاء الحقائق التاريخية الدامغة والتي لا مفرّ أمامك وأمام غيرك سوى إبرازها بالشكل المطلوب وبأسرع وقتٍ ممكن ...!؟ ، ثم ألا يحق للمواطنين الكورد السوريين الذين يشكلون جزءاً مهماً من الشعب السوري بالانتماء إلى القومية والأمة الكوردية المجزّأة إلى أربعة أجزاء أو أكثر...، مثلما يحق للمواطنين العرب السوريين الذين يشكلون الجزء الأكبر من الشعب السوري بالانتماء إلى القومية والأمة العربية المجزّأة أيضاً إلى اكثر من /22/ دولة لكلٍ منها حكام ورعايا من أمثالي وأمثالك..؟!. ثمة سردٍ آخر أراد به الأستاذ ميشيل تزيين مقالته أو بالأحرى دعمها بالأدلة يقول : ((...كان رأيي آنذاك ـ أي في اللقاء بين الوفد الكوردي واللجان ـ أنّ في سوريا شعب واحد يتكون من أقوام – والقوم والأثنية تكوين سابق للشعب ، حركته إقوامية وليست قومية ، ما دامت القومية حركة تعبر عن أمة ، والأمة تكوين لاحق للشعب...إلخ )) ، وهنا أسأل صاحب المقال لماذا هذا اللف والدوران واللعب بالمعاني والكلمات ...؟! ، وماذا يُفهم من هذه الفلسفة التي هي ليست سوى من قبيل خلق البلبلة والتشويش لدى القرّاء الكورد والعرب معاً ...؟!، وماذا يقصد من وراءها كاتبها...؟!، هل يريد ميشيل ( العربي جداً ) الوصول إلى أنّ كل من يعيش في سوريا منْ غير العرب ليسوا قوميات وإنَّما هم فٌتات أو شتات أو أقوام أو علوج كما كان يدعوها صحاف العراق حينما كان يلفظ أنفاسه الأخيرة في أيام نظام صدام الأخيرة ...؟!، ولماذا يريد الكاتب تقزيم مكانة ودور القوميات الغير عربية ... هل لكونه ينتمي إلى القومية ذات الأكثرية السكانية ...؟!، وهل كان سيكون له نفس الموقف والتفسير فيما لو كان ميشيل ينتمي إلى قومية ذات أقليّة سكانية كالكوردية مثلاً ...؟!. كلا يا أستاذ ميشيل ...ما هكذا تورد الإبل... ؟!، ولا هكذا يتم إطلاق الأحكام على الشعوب والقوميات الأخرى كونها من غير بني جلدتك ...؟! ، ولا هكذا تعلّمنا نحن وأنت في مدرسة الديموقراطية وحقوق الانسان ...؟! ، ولا هكذا تتم تسمية الأمور بهكذا مُسمَيات ومغالطات ، بل ينبغي أن تُسمّى بأسمائها الحقيقية ، خدمةً للصالح السوري العام الذي يقتضي منّا جميعاً أنْ نلتقي معاً كشركاء فعليين وأنْ نتحاور كديموقراطيين لنتوصل الى تلاقيات و قواسم مشتركة بين قوميتينا أو شعبينا أو أقوامنا ـ سمها كما تشاء وكما تمليه عليك إنسانيتك ـ ... دون أن ينسى أحدنا شرط أن يعترف كل طرف بالأخر كما هو موجود وقائم ، لا كما كان يود أن يراه عليه هو من زاويته الخاصة أو كما تتطلب مصلحته الشخصية أو القومية أو الحزبية ...إلخ !؟ ، أو كما ترتئيه ضروب خياله التي ليس لها لا حدود ولا خطوط . وفي جانب آخر من المقالة يقول السيد كيلو : (( ...شاركت في حوار آخر أجرته اللجان مع ممثلي أحزاب كوردية ) ، ويقول ـ متفاخرا ًـ اعترضت على رأيٍ طالبَ بـ " الحقوق القومية الديموقراطية للأكراد " على النحو الآتي : تعني الحقوق القومية الانفصال عن الدولة السورية ، أما الحقوق الديموقراطية فتعني الاندماج فيها ، فهل تريدون الانفصال أم الاندماج ، أم تريدون الانفصال والاندماج معاً في آن واحد كما يقول شعاركم ؟ إنَّ ما تطلبونه من حقوق قومية ديموقراطية لا يقبل التحقيق ،...إن شعاركم متناقض ويقود إلى نتيجتين متعاكستين ، فمن الضروري أن تقرروا ما ترغبون به : أهو حقوق قومية وانفصال أم حقوق ديموقراطية واندماج ...؟! .)) ...!!!!!؟. وهنا أترك للقارئ حرية التعجّب و تفسير ما كتبه السيد ميشيل...، ألا يُعْتَبَر هذا إجحافاً بحق الحركة السياسية الكوردية التي يتعامل معها ميشيل كما يتم التعامل مع تلاميذ المدارس حين يُسألُ منهم في الامتحان أجب بكلمة صح أو خطأ...؟! ، وألا يُعطي الحق لنفسه ويطلق الأحكام وكأنَّه واقفٌ على قمة الهرم في القيادة السياسية في البلاد ليقول للكورد : أنَّه ليس أمامهم إلإّ أن يختاروا إما الانفصال المطلق أو الاندماج المطلق حيث لاخيار ثالث...؟! ، هل يُعقل يا أخ ميشيل أن تطلب منَّا أن نجاوب بأبيض أو أسود ولا لون ثالث..؟! ، أ نسيت أنك ديموقراطي و مؤسس في لجان إحياء المجتمع المدني ...؟! ، كيف تسمح لنفسك بتشريح وتفسير شعاراتنا وأمانينا وتطلّعاتنا كما تشاء و ترغب ...؟! ، رغم أننا ككورد قد أكَّدنا مراراً وتكراراً عبر برامجنا وشعاراتنا وصحافتنا ومواقع الانترنيت وفي اللقاءات معك ومع غيرك ، على أننا والله العظيم وبالله الكريم ...!؟، لا نريد الانفصال عن سوريا ، لكننا في الوقت نفسه نرفض الانصهار في أية بوتقة كانت ، كوننا لسنا مجرّد لُقَطَاء بشريِّين مقطوعين من شجرة لا جذور لها بل نحن شعب عريق عاش وسيبقى يعيش في هذه المنطقة إن شاء البعض أم أبى ...، وإنّ كلّ ما نريده هو نيل حقوقنا القومية المسلوبة منَّا عِبر الزمن ( كالثقافية والسياسية والاجتماعية..الخ )، وإزالة المشاريع العنصرية المطبقة بحقنا وإلغاء كل مظاهر التمييز القومي والكف عن اعتبارنا مواطنين من الدرجة الثانية أو الثالثة ...الخ ، وإنّ جلّ ما نبتغيه يا أ. ميشيل هو أنَّنا نُريد إنصافنا كسوريين نقوم على أكمل وجه بكل واجباتنا اتجاه الوطن ، أي أن نعيش شركاء في الحقوق والواجبات ، نؤدي ما علينا ونأخذ ما لنا ...في بلد كنّا وسنبقى فيه طرف فاعل يؤمن بحل كل المسائل العالقة بالَّلاعنف والديموقراطية . ثم يضيف أ. ميشيل ...(( بعد أيام قليلة ، التقيت ببعض الأخوة الأكراد في مقهى الروضة ، فتحدثت محذراً إياهم عن وجود اتجاهين كرديين : اتجاه أول يُراهن على ضعف العرب ، يتسلى بالمسألة الديموقراطية ريثما تكون الضربة الأمريكية قد نزلت بالعراق وخلقت ظروف جديدة في المنطقة ، تجعل لكل حادث حديث ...، وقلت إن الرهان على هذا الاحتمال خطأ جسيم...)) . هنا لا بد من القول لميشيل : جزاك الله خيراً على هذه النصيحة التي تكرّمت بها على أناس كورد كانوا قاعدين معك في المقهى...!!؟ ، بالله عليك هل هذا منطق رجل يقوم في مقامك الثقافي والسياسي والقيادي ...؟! ، كيف تسمح لنفسك بنشر مثل هذا الكلام والتأويل والتعويل سواء أكان على الداخل أو على الخارج ، جرى بينك وبين بعض أهل المقاهي في سهرة خاصة في مقهى الروضة وتعتبره صادر عن مصدر كوردي ...؟!، لماذا لا تأتي بمثال آخر بعكس هذا المثال ؟!، فقد جلستَ مراراً وتكراراً مع قادة الحركة الكوردية ولم تسمع منهم أي كلام من هذا القبيل ، بل أُؤكد لك بأنك سمعت مني شخصياً وفي لقاء رسمي جرى بين وفد من التحالف الديموقراطي الكردي ولجان إحياء المجتمع المدني ، حيث قلتُ لكم في حينه : (( يا إخوان إسمعونا جيداً إن كان هنالك ثمة رهان لدينا أي لدى الجانب الكوردي فهو رهان على الداخل السوري أي على القوى الديموقراطية في المجتمع السوري ، أي عليكم أنتم بالذات ... )) ، ألا تتذكر هذا الكلام وهذا التأكيد الواضح والصريح من قبلنا كجهة كوردية رسمية وفي إجتماع رسمي وليس في المقاهي ...؟! ، إذاً لماذا تتنكر له ولا تستشهد بما سمعت من شهادات وأقوال قادة الكورد وتأتي بدلاً عنها بشهادات أناس عاديين أو دعني اسميهم روّاد مقاهي...؟! ، أ لأنك تريد إبراز ما هو سلبي عن الجانب الكوردي في هذه المرحلة الحساسة جداً من تاريخ سوريا والشرق الأوسط عموماً...؟! ، أم لأنك تريد أن تستغل الوضع الكوردي الصعب وخاصة بعد أحداث القامشلي الدامية وفي ظل قرار القيادة السورية بحظر نشاط الأحزاب الكوردية ، وذلك بغاية تأليب الشارع العربي ضد الكورد ...؟!. أليس في هذا الفعل السلبي انتقاص أو بمعنى آخر فقدان لشخصيتك ولتوازنك الديموقراطي و لصوابك الوطني ..؟! ، أين غاب نَفَسُك وضميرك المجتمعي البنّاء..؟! ، هل المرحلة التي نعيشها كسوريين هي بحاجة إلى البحث عن الإيجابيات أم أنها بحاجة إلى التفرقة والإحتراب الداخلي وإبراز السلبيات ..؟! ، ومَنْ المستفيد من هكذا أسلوب يُفرّق فيما بيننا نحن (الديموقراطيون)...؟! ، كيف يُملي ضميرك أن تُمارس الأسلوب الشمولي الأكثري في الطرح والفكر والمساءَلة وأن تسمح لنفسك بمحاسبة الكورد على ما قد ينوون على القيام به في المستقبل ...؟! ، أ أصبحت مثل غيرك تُحاسب الآخرين وتحكم عليهم بجرم النية على الإقدام على الذنبْ الفلاني الذي لم يرتكبوه بعد ...؟! ، ثم مَنْ سمح لك بتحريف مضمون شعارات الأحزاب الكوردية كما تشاء ...؟! ، ومن قال لك بأنك الوصية أو المرجعية في مثل هكذا مسائل هامة وحيوية تخص حاضر ومستقبل أكثر من مليوني إنسان كوردي يناضلون بشكل ديموقراطي من أجل حقوقهم القومية المشروعة ...؟! ، أرجو أن تُراجع نفسك على ما أقدمت عليه كي يدوم احترام الآخرين لك ...؟! ، فقد انتهى زمن حكم الشعب الواحد والحزب الواحد والقائد الواحد و المفكر الواحد والفلسفي الواحد أحد... الخ !!. ثم يضيف أ.ميشيل ((... واتجاه ثان يبالغ في تجاهل قوة التيار القومي الكوردي وفي التأكيد على انفراد التيار الديموقراطي بالساحة ، وقد أكدت لهم أن من واجب القوى الديموقراطية الكوردية العمل لكسب غالبية الأكراد... ، خاصة وان موازين القوى في الشارع الكوردي تخضع لاعتبارات إقليمية ودولية وداخلية متحركة ، يمكن أن تغيره بصورة جدية ومفاجئة في أي وقت لمصلحة التيار القومي المتشدد ، وهو تأكد ـ للأسف الشديد ـ خلال أحداث القامشلي ودمشق ...)) ،... أعود وأكرِّر بأنَّك يا أستاذ ميشيل تعتبر نفسك فوق الجميع ولذلك تغمرنا بالنصيحة تلوَ الأخرى ، فمن أوحى لك مثلاً : بأن الاتجاهات الكوردية السورية قد اختلفت فيما بينها في أحداث القامشلي...؟! ، ولعلمِك فإنّ الكورد جميعاً قد أدُّوا أداءً جماعياً حينها وعقدوا اجتماعات عديدة و متتالية لمجموع الأحزاب الكوردية ضمَّت (12) طرف أو حزب كوردي سوري ، وكان قرارهم حيال الأحداث قراراً واحداً ، وقد ساهم ذلك القرار الجماعي والموضوعي بشكل كبير في تهدئة الأوضاع وإيقاف حملة العنف التي لو استمرت أكثر من ذلك الأسبوع الساخن ، لحدثت أمور ومشكلات كثيرة لو تطورت سلباً لما كان أحداً يحمد على نتائجها وعواقبها...، وهنا لا بد من التذكير بأن الحركة الديموقراطية الكوردية لها نفوذ لا بأس به والحمد لله في الساحة والشارع الكوردي وذلك رغم عيش ورضوخ الكورد كما العرب تحت ظل قانون الطوارئ والأحكام العرفية منذ أكثر /40/ عاماً . وأما بالنسبة لسؤال الأستاذ ميشيل حول : (( كم قومية يوجد في سوريا ..؟!. )) ، و( هل الشعب السوري متعدد الأقوام أم أن سوريا متعددة الشعوب أم أنّ في سوريا شعب واحد ...؟! ) ، ...فيبدو أنه متأكد من صحة فلسفته التي أوردها في مقالته ببراعة ، وللإجابة عليه لا بد من السؤال التالي : إذا كان كل من يعيش في سوريا شعب سوري وكل من يعيش في الأردن مثلاً شعب أردني وبالتالي كل من يعيش في السودان شعب سوداني..الخ ، فأين هو إذاً الشعب العربي وأين هي القومية العربية وأين هي الأمة العربية في نظرك ..؟!، وإذا كنت صادقاً فيما تطرح فلماذا تؤمن بوحدة الشعب العربي وتسعى إلى بناء قوي للأمة العربية وإلى توحيد الوطن العربي المجزأ من قِبَل ( الاستعمار الغربي) ...؟!، فالعرب إذاً هم أمة واحدة مهما حاول أن يفرقهم المستعمر ...أليس كذلك يا أستاذ ميشيل ...؟! وإذا كان الأمر كذلك فلماذا لا ينطبق هذا الحكم على الأمة الكوردية التي جزّئها الاستعمار أيضاً بموجب نفس اتفاقية سايكس ـ بيكو المشؤومة بالنسبة لنا ولكم في آن واحد . ثم لماذا يَعتبر كل المواطنين العرب من مشرق الوطن العربي إلى مغربه ، أنّ القضية الفلسطينية هي قضيتهم المركزية وأنّ إسرائيل هي عدوهم المشترك و الأول ...؟! ، وهذا حسب قناعتي أمرٌ مشروع وحق طبيعي لكل مواطن عربي أينما وحيثما يسكن في اليمن أو سوريا أو تونس أو الخ ... ، وإذا كان هذا الكلام ينطبق على العرب الذين تقسّموا قسراً و توزعوا نتيجة التجزئة إلى مواطنين مصريين وسعوديين ...الخ وإذا كانوا رغم هذه التجزئة لا يزالون يصرّون على بل ويعتزّون بانتمائهم إلى القومية أو الشعب أو الأمة أو الوطن العربي ، فلماذا يتم النظر إلى القوميات الأخرى بنظرة قزمة ويجري حرمانهم من التفكير بحقهم كما غيرهم بالانتماء إلى شعبهم وقوميتهم وأمتهم كمثل انتماء الإنسان المصري أو الجزائري العربي إلى الأمة العربية...؟! ، أليس هذا تخبطاً فكرياً لا بعده تخبط وخاصة إذا ما تم كيل الأمور بمكيالين أو أكثر ...؟!. يا أ. ميشيل... أرجو أن لا يتشكل عندك أي سوء فهم أو رد فعل على كلامي هذا وأرجو أن لا تصفني بالشعوبية أو الانفصالية لأنني لست كذلك كما تدري أنت والآخرين معك ، بل أنا من دعاة أن تصبح سوريا فضاءً ديموقراطياً رحباً تتعايش في ظلاله مختلف القوميات دون أي تمييز أو تفرقة ...، ودعني أهمس في أذنك همسة أخوية مفادها ما يلي : الشعب الكوردي هو من الشعوب الشرقية القديمة قدم التاريخ ، كانت له حضارة وكانت له إمبراطوريات وديانات وطقوس وأعراف خاصة به ، وقد عاش بحكم الجغرافيا والتحولات التاريخية جاراً للشعب العربي ، ولعلمك فإنه كان جاراً مخلصاً للعرب أكثر من غيره من الجيران ، حيث قاتل الكورد إلى جانب إخوانهم العرب ضد الفرس والعثمانيين والبيزنطيين في أكثر من زمان ومكان وفي أكثر من حرب وموقعة ،ولم يذكر التاريخ أية معركة كبيرة أو صغيرة بين العرب والكورد سوى مرحلة الفتوحات الإسلامية التي اعتنق بنتيجتها الشعب الكوردي للدين الإسلامي الحنيف وأصبح منذ حينها حليفاً لجاره الشعب العربي المسلم ، ناهيك عن خوضه للحروب ضد التتار والمغول والصليبيين والإنكليز والفرنجة وحتى ضد جيرانه الترك أثناء الثورة العربية الكبرى التي قادها الشريف حسين في الجزيرة العربية ، وهو يدفع ثمن تلك الوقفة مع العرب حتى هذه اللحظة وإلاّ لماذا يُعادي الأتراك الكورد ويضطهدونهم ...؟! ، المهم كي لا نطيل الحديث فالكورد يمتلكون مقومات الشعب والقومية والأمة معاً وفق كل المقاييس والمعايير، فلهم تاريخهم ولغتهم ومصالحهم وإرادتهم المشتركة...الخ ، إلاّ أن جغرافيتهم كما هي عليه الجغرافية العربية قد جرى تقسيمها بموجب عدة اتفاقيات (التقسيم الأول :بموجب اتفاقية قصر شيرين بين العثمانيين والصفويين ، والتقسيم الثاني : بموجب اتفاقية سايكس بيكو عام 1916 )... ، فهل هذه التجزئة ومن ثم إلحاقهم بخمس دول هي (تركيا –إيران- العراق-سوريا- روسيا )، يحرمهم من صفتهم كشعب أو قومية أو أمة...؟! ، وإذا كان هذا صحيح فهل تسمح لنفسك بأن تطبقه على الأمة العربية...؟!، أم ترفض ذلك لأنك تنتمي إليها أي إلى أمة العرب ..؟! ، وهل يجوز أن نُسمي القومية ذات الأكثرية السكانية في أي بلد كان بأنَّه شعب له كل الحقوق أما القوميات ذات الأقلية التعدادية فهي أقوام ليس لها أية حقوق أو مواصفات قومية...؟! ، ثم ماذا تعني باندماجها في النسيج الوطني العام والدولة ...؟!، أتعني مثل العفالقة بوجوب الانصهار في بوتقة القومية العربية ...؟! ، وعن أي إندماج أقواموي تتحدث يا ميشيل ...؟! أ أصبحت تحذو حذو المفكرين القومويين الذين خَلَقُوا مختلف الاختلافات بين الأمم والشعوب ...؟! . وفي الختام ... كان من الأجدر والأجدى بك يا أستاذ ميشيل أن تطرح القضية بشكل آخر تماماً ، كأن تدعوا بالضرورة إلى التآخي والتعاون الديموقراطي بين القوميتين العربية والكوردية وغيرهما ، كفرقاء متوافقين ومتآلفين في سوريا التي هي بلد الجميع ، وأخيراً لا بد من التأكيد على أنَّ الطرف الكوردي لا ولن يتذرّع وراء أية شعارات ديموقراطية كي يُمرِّر مقولات خاطئة ، كما ادّعيت أنتَ ذلك زوراً وبهتاناً ...!؟ ، فالجانب الكوردي هو طرف وطني سوري ديموقراطي بامتياز بعيداً عن أي مظهر من مظاهر الانتهازية الشعاراتية أو العملية ، ومعاً نحو وطن حر وسعيد لكل شرفاء هذا البلد الذي يمر في هذه الأيام بمرحلة سياسية حساسة وحرجة للغاية.... ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ *- عضو اللجنة السياسية لحزب الوحدة الديموقراطي الكردي في سوريا (يكيتي ).
#نوري_بريمو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المجلس العام للتحالف يجتاز عتبة عامه الرابع رغم الصعوبات
-
لماذا هذه المعزوفة ..؟!
المزيد.....
-
الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي
...
-
-من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة
...
-
اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
-
تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد
...
-
صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية
...
-
الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد
...
-
هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
-
الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
-
إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما
...
-
كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟
المزيد.....
-
فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال
...
/ المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
-
الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري
...
/ صالح ياسر
-
نشرة اخبارية العدد 27
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح
...
/ أحمد سليمان
-
السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية
...
/ أحمد سليمان
-
صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل
...
/ أحمد سليمان
-
الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال
...
/ مركز الآن للثقافة والإعلام
-
جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م
...
/ امال الحسين
المزيد.....
|