جورج فارس
الحوار المتمدن-العدد: 2982 - 2010 / 4 / 21 - 16:45
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
عندما تتحطم قارورٌة من الطيب فمن البديهي أن تفوح رائحة هذا الطيب وبالمقابل فإن القمامة ستنشر رائحة قاذوراتها إن عاجلاً أو آجلاً.
غالباً ما يُعتبر التحطّم هو الإختبار الحقيقي الذي يُظهر حقيقة ما في الداخل، فالقلب المليء بالمحبة سينزف محبةً حتى عندما يُجرح، وأما القلب المملوء غلاًّ وكراهيةً فهو لن يحتاج إلاّ لثقبٍ صغيرٍ كي يفجّر هذا الحقد الدفين في وجه الآخرين.
إنّ من يستخدم عطراً معيناً سيعتاد عليه مع مرور الوقت وربما لن يعود قادراً على الشعور به وهذا ما ينطبق أيضاً على من يعيش وسط النفايات إذ أنه مع الوقت سيعتاد على رائحته العفنة ولن يشعر بها، وهذا ما يفسّر الوهم الذي يعيشه البعض ظناً منهم أنهم في أفضل حالاتهم في الوقت الذي تفوح رائحتهم الكريهة تنشر موتاً وجهلاً وظلاماً. ومما يزيد الطين بلةً هو تسويقهم لهذه الرائحة باعتبارها الوحيدة القادرة على إرضاء ذلك الكائن الجبّار العالي المتعالي والويل كل الويل لمن يتعطّر بغير هذا العطر العفن.
إن أجمل ما يمكن أن يفوح من الإنسان هو المحبة والإنسانية فكل إناءٍ ينضح بما فيه لذلك لا يمكن لشجرةٍ رديةٍ أن تعطي ثماراً جيدةً والعكس أيضاً صحيح.
لن تستطيع أقوى أنواع العطور أن تخفي رائحة العفن المنبعثة من إنسانٍ ما مهما حاول هذا الإنسان التجمّل لأن الجمال الحقيقي والنقاء الطبيعي ينبعان من الداخل، وليس الخارج إلاّ انعكاساً لما هو في الداخل، لذلك فإن ما يظهر من كل واحدٍ منا سيحدد بالضرورة ملامح الجمال أو الخراب الداخلي الذي يعيشه.
ستبقى المحبة هي القادرة على توحيدنا كبشرٍ على اختلاف معتقداتنا وأجناسنا وألواننا، لذلك دعونا نملأ دواخلنا بها كي نعيش معاً بروعة الحياة.
#جورج_فارس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟