أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي حميد الدين - إمبراطورية بني أمية والوطن العربي














المزيد.....

إمبراطورية بني أمية والوطن العربي


حمدي حميد الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2981 - 2010 / 4 / 20 - 23:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


استمر الرجل المريض في الإنعاش مدة طويلة استغلها جهابذة الفكر الأوربي في التخطيط لما بعد وفاته، وكانت فكرة القومية (هكذا عرّبت كلمة Nationalisme) في عزّ انتشارها وسطوتها واشتغل دهاقنة المنظرين ودهاتهم في الموضوع، وما كاد جثمان الرجل المريض يسجى في نعشه حتى كانت الطبخة قد استوت مع أنّ الأمر تطلّب شيئا من التوابل والبهارات فكانت وعود إقامة الدولة العربية بزعامة آل هاشم أشراف مكّة وما ترتب عنها مما تعرفون.
كانت فكرة القومية في منطقة تعج بالمذاهب والطوائف حلا وجيها يبعد الانتماء المذهبي من الساحة السياسية بحيث يلتقي الجميع على كلمة " نحن عرب " كأمتن قاسم مشترك، لكن سُحِب البساط من تحت أقدام آل هاشم الذين فقدوا عرشهم في الحجاز، كما أنّ فكرة القومية العربية لم تتمكن كثيرا من أهالي الخلال الخصيب في دمشق وبغداد إلى حدّ القبول باستقدام ملوك من شبه الجزيرة العربية، وأكثر من ذلك ما كادت الفكرة تنتشر بين مؤيد ومعارض ومتردد حتى كشفت فرنسا وبريطانيا عن الوجه الحقيقي للاستعمار الذي تعلو مصلحته دائما ولا يعلى عليها ولم يبق لآل هاشم من الشاة إلا أذنها (شرق الأردن) كما يقال.
كان آل هاشم في مملكتهم الجديدة التي اقتطعت لهم من بلد الأنباط التاريخي يجتهدون بمعونة سخية من التاج البريطاني على ترسيخ قدمهم في شرق الأردن مع صرف النظر نهائيا عن أي مطلب إقليمي وعن أيّ ترويج دعائي لهذه الأيديولوجية أو تلك والحقيقة أنّ بريطانيا أقامت وطنين أحدهما لآل هاشم أولا والثاني لآل إسرائيل لاحقا وهذا شرقي وغربي نهر الأردن، وهو ما لا يدركه الكثير.
ظل كهنة القومية العربية يعملون في الخفاء وفي العلن مع تناقض كبير بين ما يدور في الخفاء وما يجهر به في العلن وكانت تلك الأيديولوجية القومية مفصلة في الأساس لحماية الطوائف المسيحية من احتمال قيام نظام بخلفية ومرجعية إسلامية في شكل خلافة أو إمارة أي عودة نظام ينزع الطربوش العثماني ويضع بدله عقالا عربيا والمضمون واحد، وتلك مقدمة لانتكاسة ونكوص يذكّر بالذمّية والجزية والصَّغار واستقطب هذا الفكر جماهير الهلال الخصيب بعد ان عرف عرّابوه كيف يدمجون فيه شعارات الحداثة والمساواة وباقي المثل التي انبثقت من عصر الأنوار خلال القرن XVIII في أوربا.
إلى هنا يبدو الأمر عاديا ... ، واستقلت سوريا ولحقت بها بلدان المنطقة وصعد نجم القومية العربية وهاجت الجماهير بفعل خطابات النشطاء في عواصم المنطقة التي اختزل تاريخها في تلك اللحظة الراهنة دون الالتفات إلى عنصر التاريخ الذي ينبغي أن يكون ماضيا مشتركا في التاسيس لأي قومية، لكن المؤطّرون والمنظّرون ضربوا عرض الحائط بمصر الفرعونية وسوريا السريانية الفينيقية والعراق السومرية البابلية الآشورية .... بل اعتبروا الهلال الخصيب هو مهد العروبة وأن الجزيرة العربية هي امتداد للعروبة وليست مهدها الأول ...
أخذت حركات التحرر في المنطقة تتسع وأطلق العنان للخطب العاطفية ووقع الانزلاق نحو الشوفينية واسترجاع "تاريخ الفتوحات المجيد" وتأسست الجامعة العربية لتكون إلى جانب الأنظمة القومية في دمشق والقاهرة وبغداد طليعة لاكتساح الفضاء الشاسع الذي كانت سيوف جنرالات بني أمية قد صنعت منه إمبراطورية ذات يوم وذات تاريخ وتحولت مقدرات بعض الدول "العربية" التي تديرها أنظمة مؤدلجة بالقومية العربية في نسختها الشوفينية الإمبراطورية إلى آلة في خدمة مشروع إحياء إمبراطورية بني أمية تحت مسمى الوطن العربي ولتكن أداة تحقيق هذا المشروع هي أنظمة انقلابية تفرض المشروع فرضا وقسرا وعنوة وصنعت من التتريك سيّئ الذكر نسختها باسم التعريب وتحول كل الذين ينادون بالهوية الكوردية والأمازيغية والمارونية ... إلى عملاء استعمار وخونة وووو.
يا أصدقاءنا في العالم المسمى عربي ليست إمبراطورية بني أمية وطنا عربيا بل هي أوطان فيها شعوب وأمم - يمكن أن تقيم تحالفا أو تكتلا لكن دون طمس أو محو طرف لطرف آخر- ومن هذه الشعوب الأقباط والسريان والأنباط والأشوريين والكورد والأمازيغ وخاصّة العرب وكل شعب له خصوصياته وحقه في بناء دولته بصيغة الدولة – الأمة Etat-Nation لا بصيغة الدولة – الإمبراطورية Etat-Empire لأن الصيغة الأولى كانت ثورة على الصيغة الثانية.



#حمدي_حميد_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رب ضارة نافعة
- اللغة الفرنسية: الدرع الواقي للجزائر
- بعد الإسلام السياسي ها هو الإسلام الرياضي
- الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها
- الظاهرة السعدية في الجزائر : المنطق لا يستقيم مع الأغلوطة
- قراءة نقدية في كتاب مواقع -و-حضارات ما قبل التاريخ في المغرب ...


المزيد.....




- أمريكا تكشف معلومات جديدة عن الضربة الصاروخية الروسية على دن ...
- -سقوط مباشر-..-حزب الله- يعرض مشاهد استهدافه مقرا لقيادة لوا ...
- -الغارديان-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي ل ...
- صاروخ أوريشنيك.. رد روسي على التصعيد
- هكذا تبدو غزة.. إما دمارٌ ودماء.. وإما طوابير من أجل ربطة خ ...
- بيب غوارديولا يُجدّد عقده مع مانشستر سيتي لعامين حتى 2027
- مصدر طبي: الغارات الإسرائيلية على غزة أودت بحياة 90 شخصا منذ ...
- الولايات المتحدة.. السيناتور غايتز ينسحب من الترشح لمنصب الم ...
- البنتاغون: لا نسعى إلى صراع واسع مع روسيا
- قديروف: بعد استخدام -أوريشنيك- سيبدأ الغرب في التلميح إلى ال ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي حميد الدين - إمبراطورية بني أمية والوطن العربي