|
الاحتلال منشئ العنصرية والعبودية
جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 2980 - 2010 / 4 / 19 - 11:13
المحور:
القضية الفلسطينية
بعد حرب 1967 مباشرة أصدر الحاكم العسكري الإسرائيلي أمرا عسكريا رقم/ 2 / بتولي الجيش الإسرائيلي السلطة والقضاء وتنص الفقرة الثانية على ما يلي: القوانين التي كانت قائمة في المنطقة بتاريخ 7 حزيران 1967 تظل نافذة المفعول بالقدر الذي لا يتعارض مع المنشور أو أي منشور وأوامر تصدر عني أو تتعارض مع المتغيرات الناجمة عن احتلال المنطقة. وتدفقت الأوامر العسكرية حتى أصبح من غبر الممكن الاستناد إلى قانون ما، فالحاكم العسكري جاهز لإصدار أية أوامر لها قوة القانون حال تعارض أية قوانين مع إجراءاته، وشملت الأوامر كافة مناحي الحياة، خاصة فيما يتعلق بالدخول إلى الضفة والقطاع، أو السفر للخارج والعودة منها حيث نظموا كل ذلك بنظام تصاريح عجيب مرهق، منها ( لم الشمل ) والتنقلات الداخلية والدخول إلى إسرائيل، وعدم المبيت فيها، وتصاريح خاصة للمدة التي يمكن أن يمكث المواطن بالخارج وجرى تحديدها لمدة 3 سنوات، وإن زادت فقد حق العودة للوطن، وأصدرت نظام تصاريح للحواجز، ونظام للمعابر، ونظام للزيارات، ومن أقام أطول من المدة المحددة أصبح متسللا ويحاكم، مع أن كثيرين استمروا مقيمين في البلاد خاصة النساء وتزوجن فيها واستمرت إسرائيل بملاحقة الجميع وفق ذلك وأصدرت بعد أوسلو أوامر تمنع إصدار (هويات) بطاقات شخصية بتغير عنوان السكن بدون موافقتها، وتقيدت السلطة بذلك، حيث أن وزارة الداخلية الفلسطينية وهي الجهة التي تصدر البطاقات لا تتمكن من تغيير أي معلومة دون موافقة إسرائيل، وإن فعلت فإن حامل البطاقة لن يجد له اسم على المعابر أو حين السفر، وفي حال التعديل يعتبر أنه مزور ويعتقل ويحاكم بالسجن، وهكذا ومنذ الانتفاضة الثانية لم يسمح بتغيير مكان السكن للغزيين ومن يتم القبض عليه في الضفة يحاكم ويعاد للقطاع. هذه الأوامر نافذة ومستمرة، وليس الأمر العسكري الأخير إلا تأكيدا لحقائق قائمة وممارسات نافذة، لم يعالجها الذين عقدوا اتفاق أوسلو أو أغفلوه كما أغفل غيره، ولم يستطع المفاوض تغييره أو إسقاط الضوء عليه تركيزا وتحشدا أو اعتراضا. إن التنبه بين حين وآخر إلى قرار عسكري، وممارسة قهرية، أو مصادرة للأرض، أو اعتقالات تعسفية، أو منع أجيال من حقها في حرية التحرك، والتعليم والعمل والعودة إلى وطنها، هو أبشع أشكال الاحتلال والذين سيظل الأصل في الأشياء هو رفض الاحتلال الذي يشكل التناقض الرئيسي لشعبنا والعالم المتحضر، أما التحرك الجزئي لتلك الإجراءات والأوامر فليس أكثر من تشكي لا معنى له، فهل إن شطب الاحتلال هذا الأمر أو ذاك نقبل به أو نرتاح؟ فقد حطم استمرار الاحتلال مستقبل أجيالنا ودفع الآلاف إلى الهجرة خاصة أصحاب الكفاءات. يتركز العمل المقاوم هذه المرحلة على الأشكال الشعبية وهي حالة مارستها اللإنتفاضة الأولى، وكان أحد أسرار نجاحها، أنها أصبحت تحظى بتأيد دولي عارم وتضامن شعبي من قطاعات واسعة في المجتمع الإسرائيلي، وهذا ما يدركه المحتلون حتى لا يجدوا أنفسهم تماما في حال عنصرية جنوب أفريقيا، خاصة وأن العالم مل ن استمرار الاحتلال العنصري والعصبوي والخرج عن القانون!!! ولمواجه ذلك وكما هي العادة منذ1967 تعود إسرائيل إلى أدراجها لاستخراج أوامر وإجراءات تقيد حركة الاحتجاج وتحاول الحجر عليها من الامتداد للخارج، وهنا نلاحظ أن هذا التصرف يعبر عن ضيق الاحتلال وتلمسه لمدى أهمية هذه المقاومة التي تحاول ولا زال ليدفعها نحو العسكرة، ليضعها ضمن محاربة الإرهاب أولا، ولأنه يتمكن في هذه الساحة التي سحقها وضربها بتأييد داخلي وخارجي. إن أشكال النضال، وحسب تجارب الشعوب، عملية دقيقة ومدروسة وليست مجرد خطوات عملية، إن النضال مراحل تتخذ خلالها الأشكال، وغن للزمن احتساب خاص في العملية النضالية فهو البعد الرابع والمركزي، فالاحتلال الآن يواجه عزلة، وإسرائيل أزمة في علاقاتها مع العالم، فالديماغوجية الكبيرة والمتميزة التي يتبعها (نتنياهو) لم تعد تقنع أحد، خاصة بعد أن انتفتح العالم واتسعت فرص المعلومة، فضاقت الشعوب وحتى الأنظمة في العالم بتلك الممارسات الممجوجة للاحتلال، وتلك الأسانيد المستنبطة من مجاهل التاريخ، فلا يمكن أن يعيش احتلال يستند إلى أكفان الموتى، ويرفض الحياة مع شعوب الأرض بادعاءات أصبحت مملة، فالعالم يرى عذابات الشعب الفلسطيني( بالجيتو) والسجن والجدار، والقمع والحواجز أو ليس هذا نظام تمييز عنصري، حتى أصبحت هناك شوارع يمنع الفلسطيني من المرور عليها. إننا جزء من مسير البشرية نحو نماء العالم والدفاع عن البشرية وإن رفض الاحتلال هو سبيل شرعي لإفساح المجال لشعبنا للانضمام للأسرة البشرية في الحفاظ على البيئة وحقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، وهذا سبيلنا للتحالف مع العالم لإنهاء الاحتلال باعتباره آفة تستحق المقاومة حتى ينتهي هذا (الفيروس) من الحياة الإنسانية ويفتح الطريق نحو الحرية بدل القمع والاضطهاد، وإن إصرا شعبنا على انتزاع حقه بالمقاومة المستمرة يقترب أكثر من تحالفات شعبية عالمية، وما ردات الفعل العصبي الإسرائيلي إلا تعبير عن أزمة للاحتلال، ولقيادة سياسية استعلائية لا تعيش بالزمن الراهن وتصر على أن ( يشوع بن نون) أوقف الشمس عن المغيب حتى يستكمل هدم أريحا وسحق الفلسطينيين.
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نحو حركة نهضوية عربية
-
خيارات القمة وخيارات م ت ف
-
هل الخيارات الفلسطينية والعربية محدودة ؟
-
لماذا المفاوضات خيار فلسطني وعربي نهائي؟
-
عاش الثامن من آذار يوما للمساواة
-
لا يستقيم الاحتلال مع شريعة الحياة
-
حتى لا ننفخ في الصور
-
مرة اخرى عن السياسة الامريكية
-
عن السياسة الامريكية
-
الشيوعيون الفلسطينيون تحت الاحتلال - الجزء الاخير
-
الشيوعيون الفلسطينيون في الحركة الوطنية تحت الاحتلال
-
الشيوعيون في الحركة الوطنية الفلسطينية سنوات الاحتلال
-
لا للوصاية الدينية نعم للديمقراطية
-
الواقع والازمة والمستقبل
-
من يلتقط الكستناء من النار ؟
-
المرحلة والمتطلبات والمهام الراهنه
-
لا تنازل للاحتلال
-
الرهان فقط على الجماهير العربية وقواها التقدمية الوطنية
-
حتى لا نقاد الى الجنة بالسلاسل
-
لا يجوز لقوى اليسار والديمقراطية الانتظار والنقد فقط
المزيد.....
-
فيديو جديد يظهر لحظة الكارثة الجوية في واشنطن.. شاهد ما لاحظ
...
-
عملية سرقة مجوهرات -متفجّرة- في متحف.. كيف نفّذها لصوص الفن؟
...
-
-قلق من جيش مصر-.. سفير إسرائيل يثير تفاعلا بحديث عن القوة ا
...
-
حماس وإسرائيل.. إطلاق سراح الرهينتين عوفر كالديرون وياردين ب
...
-
-واشنطن بوست-: ترامب يطهر FBI.. إنذارات بالاستقالة أو الفصل
...
-
الرئيس الصومالي يعارض اعتراف واشنطن بأرض الصومال
-
رسوم جمركية جديدة يفرضها ترامب على الصين، فما تأثيرها؟
-
جدل في ألمانيا - هل سقط -جدار الحماية- من اليمين الشعبوي؟
-
تقرير: أكثر من 50 ألف مهاجر قاصر مفقود في أوروبا
-
مظاهرة في ساحة الأمويين بدمشق تطالب بإنهاء سيطرة -قسد- على ش
...
المزيد.....
-
اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني
/ غازي الصوراني
-
دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ
...
/ غازي الصوراني
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
المزيد.....
|