|
التعليم القسرى وصناعة العنف في وزارة التربية والتعليم
عبد الناصر أسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 2980 - 2010 / 4 / 19 - 08:23
المحور:
التربية والتعليم والبحث العلمي
يشتد الجدل داخل وسائل الإعلام هذه الأيام مع بداية تولى وزير التربية والتعليم الدكتور أحمد زكى بدر وتصريحاته التي أثارة حفيظة المجتمع بشأن الضرب في المدارس وتأيده لها ، وما أعقب ذلك من حوادث ضرب وقتل الأمر الذي أدى بالرجل إلى أن يتراجع عن تصريحاته ويتحسس كلامه لوسائل الإعلام ، ويهاجم بعض الصحف لما أثارته بشأن مسالة العقاب البدني داخل مدارس وزارة التربية والتعليم. والحقيقة أن تبسيط القضية أو تضخيمها على النحو المثار- سواء بتحميل المعلم تبعة تفشى العنف أو تحميل الوزير تبعة هذا العنف بتصريحاته التي جانبها الصواب - حالياً أشبة بقنابل الدخان التي تخفى ورائها حقائق شديدة القسوة ولا يريد المجتمع والدولة مواجهتها بصورة صحيحة، فقراءة متأنية لوضع التعليم في مصر يكشف بما لا يدع مجال للشك أن العنف صناعة يومية فى المدارس المصرية ( مدارس الفقراء )ولهذه الصناعة أدواتها التى تمارس يوميا وبآليات تقرها الدولة ووزارة التربية والتعليم الأمر الذى يكشف بجلاء أن الرجل عندما صرح أن الضرب هو أحد وسائل التربية وأنه هو شخصياً كان يضرب ، وأن هيبة المعلم لابد أن تسترد عن طريق العصا ( هكذا فهم الكثير )كان حقاً متسقا مع ذاته ومتسقا مع السياق التعليمي فى مصر بعد الثورة وحتى الآن ، لكن الهجوم عليه جعله يتراجع عن قولة حق أعلنها الرجل بسلامة نية يحسد عليها. وإذا عدنا إلى آليات صناعة العنف فى وزارة التربية والتعليم نجدها تتمثل فى عدة محاور : المحور الأول : المناهج المدرسية يعتبر المنهج أحد أهم الوسائل التى تصيغ علاقة المعلم بالطالب ، فمن خلال المنهج يفترض أن يصل المعلم والطالب لما يمكن أن يسمى شراكة معرفية يتبادل فيها الطرفين آراءهم بحرية ، ومن خلال المنهج يشعر الطرفين أنهم على قدم المساواة فى صناعة المعرفة الأمر الذى يفرض قدر من الاحترام المتبادل، يضاف إلى هذا أن المنهج يجب أن يتيح للمتعلم حق الاختلاف والنقد وبالتالى يعلى من قيمة التواضع والتسامح لدى المعلم إذا بالإمكان أن يتعلم المعلم من المتعلم . هنا يكون المنهج منظم فعال لعلاقة إيجابية بين المعلم والمتعلم . ولان المناهج المصرية تعتمد فى فلسفتها على امتلاك المعرفة من جانب المعلم فهو الملحن والموزع والمغنى وهو المنوط به ضبط أوركسترا القمع، فأحساس المعلم من خلال المنهج المصرى هو أحساس الممتلك للحقيقة ،كما أن المنهج يضع المعلم فى مرتبة أعلى من المتعلم وهى مرتبة شكلية حيث لا يسمح للمعلم نفسه بالخروج عنه أو مجرد التفكير خارجه لأن محاولة التمرد تقمع فى النهاية عن طريق الامتحانات النهائية ،وبالتالي أي أفكار خارج المنهج حتى لو كانت صحيحة أو جيدة يتم حذفها اومعاقبة كاتبها أو مروجها بالرسوب أو الخصم من الدرجات ( قصة الطفلة أسماء التى كتبت موضوع تعبير تحررت فيه من الخوف قليلاً ) ، وبالتالى تأتى منظومة القهر من المنهج الذى يضع المتعلم فى مرتبة أدنى ومتلقى وغير فاعل وخانع لأرادة المعلم القاهر، كل هذا يحول المعلم فى حقيقة الأمر إلى شرطي يقوم بمراقبة المتعلم الذى يخرج عن أطار المنهج الذى وضعته وزارة التربية والتعليم ، وتستلزم هذه الوظيفة التى تريدها الدولة أحيانا درجة من درجات العنف من أجل السيطرة على المتعلم وضمان خضوعه للمنهج وبالتالى للمعلم، فأحياناً يلتزم المعلمين فى مصر فى بعض المواد الدراسية بطريقة واحدة للتعامل مع المنهج وأى طريقة آخرى يعتبرها المعلم خروج على المقدس وعلى شرعيته الزائفة وأحيانا تقليل من شأنة وهيبته ، وهو ما يواجه بقسوة شديدة، ويصبح المتعلم مليء بالخوف الذى يكبت حريته وإمكانية التعبير عن نفسه والتحقق ، انه يتحول تدريجياً إلى أمين على بضاعة صرفت إلية لا يجوز لمسها أو التفكير فى تغيرها يسلمها يوم الأمتحان ،إذاً أحد أهم أسباب صناعة العنف داخل المدارس هو المنهج المدرسى المتخلف والرجعى والذى يحول المعلم إلى شرطى يقمع المتعلم معرفياً تمهيداً لقمعه بدنياً ،كمقدمة لقمع مجتمعى شامل يشعر فيها المتعلم أن أهم أسلحته فى مواجهة اى قضية هو الخوف فالمعلم يؤهل المتعلم من خلال المنهج إلى فكرة الخنوع الكبير، وهنا يحول المتعلم التمرد على هذا الشرطى ،لكن هذا التمرد لا يأتى فى هذا السياق القامع إلا باستخدام العنف ضد المعلم وهنا يجب أن نطرح سؤالاً .هل الدولة تريد معلماً قاهراً ومقهوراً ومتعلماً خانعاً وهل هؤلاء هم المواطنون الذين تريدهم الدولة !!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! المحور الثانى: الثقافة المجتمعية تعتبر الثقافة المجتمعية المنهل الذى ينهل منه الأفراد فى علاقتهم بعضهم البعض وهى مرجع أساسي للأفكار المجتمعية المتداولة بين الناس ،وهى تلقى احتراما يصل لدرجة القانون غير المعلن بين الأفراد كاحترام الأب وتوقير الكبير........إلخ وما يميز ثقافتنا هو الخلط الشديد بين ماهو أخلاقي وبين ما هو تربوى وعلمى، بل أنها تعلى من شأن الأخلاقي على أى شأن أخر،فالأب أهم من المعلم ، فالمجتمع يتقبل كونك أب للطالب أكثر من كونك معلماً ، وقد يتقبل الخلط بينهم لأن هذا يتسق وثقافته. وفى هذه الثقافة تعتبر فكرة الضرب وأحيانا استخدام العنف البدنى واللفظى أحد وسائل التربية التى تلقى قبولاً مجتمعياً شعبياً فى المناطق العشوائية والريفية- على الأخص - وهى المناطق التى ينتشر فيها معظم حوادث العنف المدرسى ،وهى الأماكن التى ينتمى إليها المعلم والطالب معاً فهما أبناء ثقافة تعتمد الضرب والعقاب البدنى بشكل منهجى ومنظم، ولا غضاضة لديهم فى هذا لأن الثقافة المجتمعية تدعم هذا، ونحن كمعلمين نقابل يومياً تشجيع من أولياء الأمور على ضرب أبنائهم ، فليس غريباً أن نجد ولى أمر يقول( كسر وأنا أجبس، وميهمكش موته المهم يتعلم، شوف كسر أيديه ده جنني ، أنت أبوه موته) وهى كلمات تدعم بكل تأكيد فكرة الشرطى الموجودة لدى المعلم والتى يغذيها المنهج بالأساس، وهذا ليس غريباً على ثقافة أكسر للبنت ضلع يطلع أربعة وعشرين ، وأضربهم عند يتموا عشر، ثقافة تقوم على الطاعة المطلقة للأب، ثقافة الأدب قبل العلم،ثقافة تعطى للمعلم سلطات الأب القامع والمستبد العادل، وهذا الثقافة التى تريد أن يخرج المعلم من كونه معلماً إلى كونه أب يفعل ما يريد فيم يملك ،وهو أمر خطير لأنه يمثل دعما مطلقاً لفكرة العنف، كما تعتبر من زاوية أخرى دعماً لفكرة الفساد داخل المدارس إذا لا يقبل الأب أن يتخلى عن أبنه أثناء الامتحانات النهائية إذا يجب عليه مساعدة أبنه أثناء الامتحان وتسهيل حصوله على الإجابة النموذجية لما لا يعرفه أبنه ،وهذا بالضبط أحد أسباب ظاهرة الغش الجماعى المستشري فى مدارس الفقراء والمناطق العشوائية، إذا لا يتفهم مطلقاً ولى الأمر قيام المعلم بعمله ومنع هذا الظاهرة ، وأحيانا يواجه بسيل من العتاب ( معندكش ولاد ، دنته أبوه تعمل كده ،مفيش رحمه فى قلبلك............إلخ) وأحياناً يواجه المعلم بموجة من الشتائم لأنه حاول الخروج على ثقافة المعلم الأب وفى بعض الأحيان يضرب المعلم على أبواب المدرسة فى اليوم الأخير للامتحان من الطلبة أنفسهم . نقول إذاً أن هذه الثقافة المشوهة والتى ينتجها المعلم والطالب وولى الأمر يومياً داخل وزارة التربية والتعليم هى الداعم الخفى للعنف المدرسى. المحور الثالث: بيئة العمل لا أحد ينكر أهمية بيئة العمل وتأثيرها على جودة العمل نفسه داخل أى منشأة فما بالنا إذا كانت هذه المنشأة مدرسة تضم بين جنابتها معلمين وأطفال فى عمر الزهور أو فى مرحلة المراهقة، فمن المفترض أن تكون المدرسة مكاناً مبهجاً يتيح للطالب أمكانية الاستمتاع بممارسة الأنشطة المدرسية وإخراج إمكانيتهم وتتيح للمعلم العمل بكفاءة وإخراج كل ما لديه من طاقة ، فبيئة العمل هى التى توفر مناخاً ملائماً للعمل المراد إنجازه. وإذا نظرنا لبيئة العمل داخل مدارس الفقراء نجدها تندرج تحت مسمى بيئة العمل الخطرة والمرشحة للانفجار والمليئة بدوافع العنف ، فمن ناحية الطالب نجد أن الطالب لا يجد أى شيء يفجر فيه طاقته سوى العنف ضد زملائه وضد أساس المدرسة وأحيانا ضد المعلم ، فمعظم المدارس لا تتمتع بـأى بنية أساسية لممارسة الأنشطة المدرسية التى تتغنى بها الوزارة يومياً، فلا يوجد نشاط موسيقى أو نشاط فنى أو تربية رياضية وبدنية فمدارس العشوائيات لا تجد فيها أى آلة موسيقية حتى لو بسيطة بل أنك لا تجد حتى كوز للعزف منفرداً ، ولا تجد كورة ليلعب بها الأطفال ، ولا تجد غرفة للرسم والأعمال الفنية ، بل المؤسف أن مدرس الأنشطة تحول إلى تدريس المواد الرئيسية تحت وطأة سد العجز و تحسين دخله من خلال المجموعات المدرسية والدروس الخصوصية ومن ثمة ماتت الأنشطة المدرسية فى كثير من مدارس العشوائيات، والحجرة الوحيدة المجهزة هى حجرة المكتبة لكن مع هذا عندما تبحث عن حجم الاستعارة نجده يقترب من الصفر، ويضاف إلى هذا إلغاء الفسحة المدرسية فى بعض المدارس لأن الوقت المتاح لها لا يتجاوز الربع ساعة فى مدارس الفترتين وبالتالى فمن غير المعقول أن يسمح مدير المدرسة بنزول ما يزيد على ألف طالب من أمكانهم وعودتهم فى هذا الوقت الضئيل بدون حدوث أصابات بين الطلاب واستخدام قدر من العنف للسيطرة على هذه الأمواج البشرية المتدفقة عبر السلم المدرسى إلى مساحة صغيرة ( الحوش المدرسى ).فى كل هذا يصبح الطالب أقرب لممارسة العنف منه إلى ممارسة الأنشطة التى سدت منافذها بفعل تراجع مستوى التعليم وسيادة التعليم الورقى الذى يظهر كل شيء تمام وبالتالى ليس علينا أن نندهش بطريقة بلهاء عندما يمارس الطالب العنف ضد معلمه أو ضد زميله والتى تصل فى بعض الأحيان إلى القتل، فكل شيء يجرى فى بيئته الطبيعية. ومن ناحية المعلم نجد الأمر ليس أفضل حالاً من الطالب فالمعلم محمل بجدول حصص مرهق فالمدرس الأول الذى تجاوز سنه الأربعين عاماً مازال جدوله 22حصة أسبوعياً ،وهو جدول ثقيل لا يتيح للمعلم التنفس، ووزارة التربية والتعليم تلجأ إلى هذا لتغطية العجز المستفحل فى عدد المدرسين ، كما تلجأ إلى هذا لضغط النفقات المالية للوزارة ، بمعنى أن المالى والسياسى يتحكم فيما هو تعليمى، كذلك تحميل المعلم مهمات تثقل كاهله كالوحدة المنتجة التى حولت المعلم إلى بائع و التقويم الشامل الذى حول المعلم إلى دكان من الأوراق المتنقلة والتى لا تعبر عن تطوير حقيقى لمنظومة التعليم ،يضاف إلى كل هذا الكثافات المرتفعة فى الكثير من المدارس والتى تصل فى بعض الأحيان إلى 142 طالب فى الفصل الواحد!!!!!!!!!!!!!!!!!!!!! الأمر الذى يجعل من المستحيل السيطرة على هذا العدد داخل حيز أشبة بعنابر العزل والسجون بدون استخدام قدر من العنف سواء البدنى أو اللفظى. هذا العنف هو عنف صنعته الدولة بفعل تخليها عن التعليم ووفرت له البيئة الصحية التى ينمو فيها بوتيرة متسارعة وحولت المعلم إلى كبش فداء لجريمتها تجاه التعليم ، وفى نفس الوقت لا يجب أن نعفى المعلم المستسلم لدورالشرطى الذى رسمته له الدولة واستمرئه فى أحيانا أخرى. المحور الرابع :التعليم وغياب المشاركة المجتمعية تعتبر المشاركة المجتمعية ضرورة ملحة لإنجاح ودعم منظومة التعليم فى أى مجتمع ،لكن يجب أن يفهم أن المشاركة المجتمعية لا يعنى ما تقصده وزارة التربية والتعليم وما يفهمهوا بعض المعلمين فى المدارس وبعض مديري الإدارات التعليمية من أن المشاركة المجتمعية تعنى تقديم الدعم المالى للتعليم ، أي فهم المشاركة المجتمعية بمعنى الجباية أو توسل بعض الأفراد لدعم المدرسة مالياً ،ولأن هذه الرسالة هى التى تصل إلى الأفراد فأنهم يرتابوا عندما يتحدث احد معهم عن المشاركة المجتمعية ، وأحيانا يتخذوا منها موقفاً سلبياً ، لأن الرسالة تعنى ببساطة تحويل الناس إلى كيس من المال يمكن الأخذ منه وقتما نريد . والحقيقة أن المشاركة المجتمعية تعنى كما نفهمها دوراً أكبر للناس فى العملية التعليمية ،وأن يتحمل المجتمع مسؤلية ما يتم تدريسه لأبنائهم والكيفية التى يتم بها هذا التدريس ،كما أن لها دوراً رقابيا إيجابياً حيال حق أبنائهم فى الوصول إلى تعليم جيد ، وكذلك التحقق من أنجاز المدرسة للأهداف التعليمية المعلنة من البداية ، كما يجب أن يفهم أن المشاركة المجتمعية تمكن المجتمع من محاسبة القائمين على تعليم أبنائهم ( مديري المدارس ) فى حالة التقصير فى القيام بواجبهم ، ولايعنى هذا أغفال الشق المالى فى المشاركة المجتمعية ، لكن يعن أن يوضع الشق المالى فى سياقه المجتمعى الصحيح ، فالمجتمع قادرعلى المشاركة وتفعيل دوره كاملاً والناس يمكن أن تنجح فى هذا شريطة أن تتيح لها لعب دوراً حقيقياً ،وليس دور كيس النقود. والحقيقة أن غياب المشاركة المجتمعية وفكرة المحاسبة المجتمعية جعل العنف داخل المدارس يستفحل وسيستفحل أكثر طالما تصر وزارة التربية والتعليم والدولة على فهم معنى وحيد لما يسمى المشاركة المجتمعية ، فالوزارة تريد لامركزية مالية وإجرائية، وتبتذل مفهوم المشاركة المجتمعية لكى تظل لها السيطرة الحقيقية على منظومة تخدم أهدافها من التعليم ، وتريد تعليماً للقهر وليس تعليماً للتحرر، تريد تعليماً يقدس الأحادية فى التفكير ولايقدس الحق فى الاختلاف ،فالدولة تريد مواطنين بشروطها وبمواصفتها تريد تعليم أمن لا يسبب أى مشكلة لاستقرار الوطن . وبالطبع ستكون النتيجة مزيداً من العنف فى كافة الاتجاهات،عنف يدمر ما تبقى من مجتمع ووطن. المحور الخامس: الأوضاع الاجتماعية والأدبية والعلمية للمعلم . يعتبر المعلم ركن أساسي فى تطوير أى منظومة تعليمية ،وكذلك يعتبر تطوير قدراته العلمية حجر الزاوية فى أحداث أى تغيير إيجابي فى منظومة التعليم المصري، ويحتاج المعلم المصرى إلى أشياء أساسية حتى يمكن أن نتحدث عن وجود معلم بالمعنى يمكن الاعتماد عليه فى عملية تطوير حقيقية: أولا : الأجر العادل. قضية الأجر العادل قضية محورية تمس حياة المعلم بشكل مباشر والتغاضى عنها تسبب فى أحداث فجوة كبيرة بين المجتمع والمعلم من ناحية وبين المعلم والطالب من ناحية أخرى ، فالمعلم يتحصل على الفارق بين احتياجاته الحياتية والمعيشة وبين أجره الضعيف من جيوب الفقراء من خلال سوق الدروس الخصوصية والمجموعات المدرسية وبالتالى تحول الطالب إلى مشروع زبون وتحول المعلم إلى مشروع تاجر يريد أن يخضع زبونه ويدخله منظومة الدروس والمجموعات المدرسية ، وأحيانا يستخدم المعلم فى هذا أساليب العنف البدنى و بعض الأساليب الأخرى التى يندى لها الجبين ، والحقيقة أن المعلم يعترف كثيراً أنه خجل من هذا الأسلوب ،ويتمنى أن يحصل على أجر عادل يكفيه شر السؤال كما يقول، لكن الأمر يظل فى أطار التمنى . نقول إذاً أن قضية الأجر تتسبب فى تزايد وتأصيل ظاهرة العنف المدرسى . ثانياً، التدريب وتطوير القدرات العلمية للمعلم. طوال تاريخ عملنا بالتدريس لم نتلق تدريباً عن كيفية التعامل مع الطالب بل الأكثر من هذا لم نتلق تدريباً ذو قيمة مضافة لتطوير قدراتنا العلمية لأنه ببساطة ترى وزارة التربية والتعليم أن أسلوب التلقين وإلقاء العلم على مسامع الطالب هو ما يحتاجه الطالب والمنهج معاً ،كما أن عجز الوزارة عن توفير تدريب جيد للمعلم عن كيفية التعامل مع الطالب جعل العلاقة بين المعلم والطالب تنحصر فى ضرورة الإنصات لما يقول المعلم وفى الأخير الإذعان له والخضوع دون مناقشة ، وبالتالى يجب أن توضع هذه العلاقة فى أطار من العنف حتى يمكن السيطرة على عقول وأبدان الطلاب. ويضاف إلى عدم توفير تدريب علمى راقى ، تحول المعلم إلى ما يشبه شريط الكاسيت دون تغيير على مر السنين ،بل أن بعض المعلمين يتفاخر بكونه حافظاً للمنهج عن ظهر قلب ، وفى الحقيقة لا يدرى المعلم أن التكلس العلمى يدفعه دفعاً لاستخدام العنف فى ظل عدم قدرته على مواجهة سيول التغيير فى المعلومات يومياً ، وهذه الحالة تجعل المعلم أقل تقبلاً للنقد ومن ثمة حاد الطباع، فمن البديهى أن التطوير العلمى للمعلم يجعله أكثر تمكناً من مادته العلمية شاعراً بالثقة فى علاقته بالطالب . أننا إذ نتوجه بهذا الموقف لا نعفى مسؤولية المعلم الكبيرة والتى لا تقل عن مسؤولية الدولة ممثلة فى وزارة التربية والتعليم فى تدهور التعليم فى مصر وتدهور العلاقة بين المعلم والطالب من ناحية وبين المعلم والمجتمع من ناحية أخرى ، ولإيقاف هذا التدهور فى منظومة التعليم والعنف الذى يستشرى فى مدارسنا يجب على المعلمين رفض دور الشرطى الذى تفرضه عليه طبيعة المناهج المتخلفة و منظومة التعليم الفاشلة وذلك من خلال المطالبة والضغط على وزارة التربية والتعليم من أجل تغيير هذه المناهج وتوفير مناهج يتشارك فيها المعلم والطالب فى صنع المعرفة ، كما يجب على المعلمين النضال من أجل أجر عادل توفره الدولة للمعلم وليس فقراء هذا المجتمع ، فليس دورنا نزع أجورنا من جيوب الفقراء والبسطاء بل نزع أجورنا من الدولة ، كذلك يجب المطالبة بتدريب حقيقى وليس تدريب يهدر فيه المال العام ، يضاف إلى هذا حق المعلم فى المشاركة فى أى مشاريع تستهدف تطوير التعليم فلا يعقل ان يلعب المعلم دور المتلقي لأوامر الوزارة دون تفكير. أن مطالبنا هذه تستهدف بالأساس تحرير المعلم من دور الشرطى الخفى وتحرير عقل الطالب فلن يتحرر المجتمع بدون تحرير الطالب والمعلم، كما أن دفاعنا عن الطالب هو دفاع عن أنفسنا فى الحقيقة ، والوقف وراء حق الطالب فى تعليم جيد وممارسة الأنشطة المدرسية و فصل آدمى هو دفاع عن المعلم وعن المجتمع . عبد الناصر أسماعيل 25-3-2010
#عبد_الناصر_أسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحوثيون يصدرون بيانا عن الغارات الإسرائيلية: -لن تمر دون عق
...
-
البيت الأبيض يتألق باحتفالات عيد الميلاد لعام 2024
-
مصرع 6 أشخاص من عائلة مصرية في حريق شب بمنزلهم في الجيزة
-
المغرب.. إتلاف أكثر من 4 أطنان من المخدرات بمدينة سطات (صور)
...
-
ماسك يقرع مجددا جرس الإنذار عن احتمال إفلاس الولايات المتحدة
...
-
السجن مع وقف التنفيذ لنشطاء مغاربة مناهضين للتطبيع مع إسرائي
...
-
OnePlus تودع عام 2024 بهاتف مميز
-
70 مفقودا بينهم 25 ماليا إثر غرق قارب مهاجرين قبالة سواحل ال
...
-
ضجة في إسرائيل بسبب صدور أمر بالتحقيق مع زوجة نتنياهو
-
-هذا لا يمكن أن يستمر-.. الجنود الأوكرانيون يأملون في التوص
...
المزيد.....
-
اللغة والطبقة والانتماء الاجتماعي: رؤية نقديَّة في طروحات با
...
/ علي أسعد وطفة
-
خطوات البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
إصلاح وتطوير وزارة التربية خطوة للارتقاء بمستوى التعليم في ا
...
/ سوسن شاكر مجيد
-
بصدد مسألة مراحل النمو الذهني للطفل
/ مالك ابوعليا
-
التوثيق فى البحث العلمى
/ د/ سامح سعيد عبد العزيز
-
الصعوبات النمطية التعليمية في استيعاب المواد التاريخية والمو
...
/ مالك ابوعليا
-
وسائل دراسة وتشكيل العلاقات الشخصية بين الطلاب
/ مالك ابوعليا
-
مفهوم النشاط التعليمي لأطفال المدارس
/ مالك ابوعليا
-
خصائص المنهجية التقليدية في تشكيل مفهوم الطفل حول العدد
/ مالك ابوعليا
-
مدخل إلى الديدكتيك
/ محمد الفهري
المزيد.....
|