أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء الفزاع - مش كاين هيك تكون 2/3














المزيد.....

مش كاين هيك تكون 2/3


علاء الفزاع

الحوار المتمدن-العدد: 907 - 2004 / 7 / 27 - 09:47
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


تشكل هذه الأغنية في أحد جوانبها إضاءة على إشكالية من أهم إشكالياتنا: الأصالة والمعاصرة، أو النظرة إلى الماضي، و(الماضوية)، أو الأصولية في تعابير أخرى. (مش كاين هيك تكون) تلامس القاع النفسي العميق لتلك التيارات الأصولية: الحنين المرضي إلى الماضي، وإضفاء هالات من القداسة عليه، في مواجهة حاضر تعجز عن فهمه وتقبله، وفي مواجهة تحديات ليست هي في ذهنية تسمح لها باستيعابها.
ف (الليمون) و (الصابون) و (اليانسون) لم تتغير. ولكن رؤيتها على أنها كانت يوما ما (غير شكل) هو جزء من نظرة ترى الماضي كله أجمل وأحلى. فالحبيب كان (غير هيك) و(البلكون) كان (أشرح) و(الصالون) أوسع والأنغام أعذب والألحان أهدأ...حتى الحب يبدو أنه (كان جنون) وإخلاصا...
وزياد الرحباني لا ينجر بسهولة إلى هذه السذاجة العاطفية، ولا إلى الرثاء والبكاء على الماضي، ولكنها غمزة ساخرة من ذلك الحنين إلى (أيام زمان)، ذلك الحنين الذي يتلبس الكثيرين حتى لا يعودون يرون شيئا في الحاضر أو المستقبل...وزياد يحيلنا هنا إلى ما يعرف في علم النفس بالنكوص، حيث يزداد التعلق بمراحل الطفولة الأولى بسبب عدم النجاح في مواجهة عالم الكبار، عالم النضج والحياة الحقيقية. فبطل هذه الأغنية –أو بطلتها- غير قادر على فهم حقائق الحياة الجديدة، تماما كما يعجز الأصولي الكلاسيكي عن فهم واقعنا المعاصر، وطبيعة التحديات الاقتصادية والسياسية والفكرية التي نواجهها. وكما يلجأ بطلنا المفترض إلى الماضي بصورته الخيالية، ويضخمه ويضفي عليه طابع الجمال، كذلك يلجأ الأصولي إلى ماضينا-الذي هو أصلا عظيم ومشرف-فيدخله في نطاق المقدسات، ويرفعه فوق الحاضر والمستقبل، ويجعل تقليده هدفا، ويعلن أن ذلك الماضي هو منتهى النقاء، ومنتهى الكمال، ويغض الطرف عن كل سلبياته، والتي هي طبيعية، لأنه ماض صنعه بشر يخطئون ويصيبون. وهكذا فإننا يجب أن نقلده، حتى في شكلياته. فكما ركز بطلنا على الليمون واليانسون والزيتون...إلخ، نجد أن صديقنا الأصولي ركز على شكليات الماضي في محاولة لتعويض عدم القدرة على استحضاره. ويوازي ذلك تماما في حالة النكوص قيام البالغين باستعادة حرفية لمتعلقات الطفولة، في محاولة يائسة لاستعادة جو الطمأنينة الطفولية التي تم فقدها بعدم التكيف مع عالم الكبار، مع ما في هذه الصورة من تبسيط لمفهوم النكوص (الارتداد). وكلاهما –الأصولي وصديقنا بطل الأغنية- (مش سامع غنية راحو)، لا يدرك أن الزمن تغير وأن الماضي (راح).
لقد أطاح عصرنا بالكثير من الثوابت، وأثار العديد من الزوابع الفكرية، فترك حيرة وعدم قدرة على فهم ما يجري. ففي خضم العقلنة سادت القيم المادية المفرطة، وتراجعت القيم الروحية في مجتمعات كانت تبالغ في الروحانية. العلاقات الإنسانية تشوبها النفعية والشكلية، والحب لم يعد ذلك الشعور الرومانسي غير الواقعي والساذج، وكل شيء تغير، وليس بالضرورة إلى الأحسن. تطورت الحياة في نواح، وازدادت المشاكل في نواح. كل هذا يترك فئات كبيرة مهيأة لتكون أصولية، خصوصا مع تزايد الضغوط الاقتصادية على الطبقات الفقيرة في غمرة هجوم العولمة. ولعل هذا الجو أفقد الإنسان بريق الحياة (كان عندك غير عيون)، فالحبيب لم يعد في عينيه ذلك الألق والبريق وحب الحياة، فقد فقدها جميعها في ظل ميكانيكية عصرنا.
وتلقي موسيقى هذه الأغنية إضاءة أخرى على المسألة. فالإيقاع الذي تبتدئ به المقدمة الموسيقية يجعلك تعتقد أنك أمام لحن عصري، تماما كما يقنع الأصولي نفسه وغيره بأنه قد وجد حلولا لكل مشاكل عصره. ولكنك تكتشف تدريجيا أن الخط اللحني-الذي يصبح أكثر وضوحا- مكرر لا جديد فيه. إنه الحدس الفني لدى زياد الرحباني، فهذا الانتقال اللحني يشكل محاكاة ساخرة لخيبة أمل من يتعمق في دراسة التيار الأصولي فلا يجده يضيف شيئا جديدا، بعد أن يكون مبهورا بدعاواه عن العصرية، وعن الفهم الجديد للدين.



#علاء_الفزاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مش كاين هيك تكون 1/3
- القاعدة والاستثناء: ابن لادن والغوييم
- بروميثيوس خلف هويمل
- موسيقى الجنازير
- نشيد وتحدي
- تفاؤم
- أرض الآلام
- ما بعد الحداثة: مقاربة سوسيولوجية
- الفقسة
- دور الأحزاب في تعطيل الديموقراطية


المزيد.....




- هوت من السماء وانفجرت.. كاميرا مراقبة ترصد لحظة تحطم طائرة ش ...
- القوات الروسية تعتقل جنديا بريطانيا سابقا أثناء قتاله لصالح ...
- للمحافظة على سلامة التلامذة والهيئات التعليمية.. لبنان يعلق ...
- لبنان ـ تجدد الغارات الإسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت ...
- مسؤول طبي: مستشفى -كمال عدوان- في غزة محاصر منذ 40 يوما وننا ...
- رحالة روسي شهير يستعد لرحلة بحثية جديدة إلى الأنتاركتيكا
- الإمارات تكشف هوية وصور قتلة الحاخام الإسرائيلي كوغان وتؤكد ...
- بيسكوف تعليقا على القصف الإسرائيلي لجنوب لبنان: نطالب بوقف ق ...
- فيديو مأسوي لطفل في مصر يثير ضجة واسعة
- العثور على جثة حاخام إسرائيلي بالإمارات


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - علاء الفزاع - مش كاين هيك تكون 2/3