أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف المساتي - الميداوي..وماذا بعد؟؟














المزيد.....

الميداوي..وماذا بعد؟؟


يوسف المساتي

الحوار المتمدن-العدد: 2979 - 2010 / 4 / 18 - 21:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


قبل أيام قليلة خرج تقرير الميداوي إلى العموم، وهو التقرير الذي أماط اللثام عن أحد أشكال النهب المنظم وشبه العلني –إن لم نقل العلني- لثروات وأموال دافعي ضرائب هذا الوطن. بداية لابد أن نسجل أن مجرد خروج هذا التقرير إلى العلن وعدم اقتصاره على الديوان الملكي يعد خطوة ايجابية، لكنها قد تفقد ايجابيتها هذه إذا لم تتلوها خطوات أخرى، بل وقد تصبح نقطة أخرى تحسب على مغرب محمد السادس.
قبل أن نتحدث عن الخطوات اللازمة بعد صدور التقرير، لابد لنا أن نذكر أن ما نشهده اليوم –من نهب وسرقة للمال العام- هو إحدى نتائج سياسة الراحل الحسن الثاني، عندما قام بتحويل المغرب إلى إقطاعيات –صغيرة وكبيرة- قرسطوية، يسرح فيها المنعم عليهم، ويمدون أيديهم ليغرفوا من الصناديق السوداء والبيضاء دون حسيب أو رقيب، حتى قادوا المغرب إلى السكتة القلبية.
سكتة ساهم فيها "اللاعقاب" الذي كرسه المحزن في تعامله مع كل ناهبي المال العام، حيث كان العقاب وسيلة "لتأديب" من لا يقبلون بقواعد اللعب مع المخزن، أو لخلق طبقة "نهبوية جديدة" تعوض القديمة بقواعد لعب تفرضها المتغيرات الدولية والوطنية. لقد ساهمت هذه السياسة في خلق طبقة متملقة، طفيلية، انتهازية، تدين بالانتماء للمصلحة الشخصية، وتغيب عن قاموسها كل معاني الوطن والانتماء، ذلك أن الوطن الوحيد لهم هو الأبناك التي يضعون فيها الأموال التي نهبوها من قوت فقراء أجمل بلد في العالم، والانتماء هو انتماء لمن يوفر لهم الحماية، ويتستر على جرائمهم العلنية.
ولم ينتبه النظام السياسي آنذاك إلى أن هذه الطبقة هي أخطر عليه من كل معارضيه –على اختلاف مشاربهم- لأنها تهدد كل التوازنات الاقتصادية الهشة التي قام عليها النظام آنذاك، ولأنها لا تحمل أي ولاء حقيقي للعرش أو للوطن. ولعل هذا ما أدركه الملك محمد السادس حيث مافتئ يؤكد من خلال خطبه –تصريحا أو تلميحا- عزمه على محاربة مظاهر الفساد التي أطلقت أياديها العنكبوتية في كل أجهزة الدولة، ولا يمكن هنا أن ننسى الزوابع التي أثارتها تقارير بعض اللجان البرلمانية، حول بعض الصناديق السوداء.
لكن وبمرور الوقت أحس الكل أن تلك الزوابع كانت في فناجين صغيرة، إذ لم تتلوها أي عمليات مساءلة أو محاسبة –إلا ما دخل في إطار حسابات سياسية، أو خدمة لأغراض دعائية-، وهو ما عمل على ترسيخ مزيد من الإحباط واليأس، في صفوف الحالمين بوطن ديمقراطي توزع ثرواته بعدل بين أبنائه، كما عمل على ترسيخ –إن لم نقل شرعنة- ثقافة النهب والمافياوية، لدى عدد غير قليل من المسؤولين، مادام أن العقاب يكون -في أسوأ الأحوال- الإعفاء من المنصب، ليتمتع المفسد بافتراس ما اقتنصه من المال العام.
واليوم نصل إلى تقرير المجلس الأعلى للحسابات، ولا أحد ينكر أن المغرب يمر بظرفية حساسة على جميع الأصعدة والمستويات، وأنه الآن في عنق زجاجة خروجه منها قد يقوده إما إلى بداية انتقال ديمقراطي حقيقي، يضمن حدا أدنى من الكرامة لمواطنيه، وإما إلى ما لا تحمد عقباه من انفلاتات قد تجرف الأخضر واليابس.
إن على النظام السياسي أن يضع في اعتباره أنه لا يوجد أي نص أو كتاب –مهما كانت قدراته المقدسة أو السحرية- يستطيع أن يدفع الإنسان إلى التضحية بحياته،مهما كانت المغريات الأخروية. لكن الإحساس بفقدان الكرامة، وبان الإنسان يحيا في وطن ليس له، كفيل بان يجعل من الموت والحياة سيان، وأن يحول المواطنين إلى قنابل موقوتة تنفجر في أي وقت وأي مكان، لتهدد كل التوازنات السوسيواقتصادية و الأمنية للدولة.
من هنا إذا يصبح تحريك المسطرة القضائية ومتابعة ملفات الفساد التي كشف عنها تقرير قضاة المجلس الأعلى للحسابات، أمرا ضروريا لإقامة نوع من التوازن النفسي لدى مواطن بدأ يفقد ارتباطه بكل قيم هذا الوطن، وأصبح اليأس يغزو كل مواطن الحلم داخله بوطن الكرامة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فإن هذه المحاكمات تصبح ضرورية على اعتبار أن أغلب الذين ورد ذكرهم في تقرير الميداوي، تم تعيينهم بناء على ثقة ملكية، وما دام أن قضائنا حريص على تتبع كل من تسول له نفسه الإساءة إلى جلالة الملك، فمن باب أولى أن يتابع هؤلاء الذين خانوا ثقته، ووضعوه في موقف "محرج" أمام الرأي العام الدولي.
إن على القضاء –الذي لايتورع أن يشهر سلاح المس بالملك في وجه رجال الصحافة، وأن يفرض غرامات تكاد تفلس مؤسسات بأكملها- اليوم من منطلق الدفاع عن الملك أن يتابع هؤلاء المفسدين، وإلا وجب علينا أن نعتبره –القضاء- متواطئا في الإساءة للملك. كما يجب عليه أن يتابع سلطة الاقتراح التي لا تتوانى أن تقترح هذه الأسماء على جلالة الملك، لتضعه في مثل هذا الموقف، عندما يجد أن رجال ثقته يفقرون أبناء شعبه، الذي يطلق هو المبادرة تلو المبادرة لإنقاذهم من الفقر والهشاشة. إنهم بهذا يقفون في وجه المشروع الملكي، فكيف يصمت القضاء على هذا الأمر، إلا إذا كان متواطئا –ولو بالصمت على الأقل- في هذه الجريمة.
إن تقرير الميداوي قد يكون فرصة حقيقية لتقريب المسافة بين الدولة والمواطنين، بعدما بعد البون بينهم، وفقد المواطن ثقته في دولة تجيد تضييع الفرص التاريخية, وأخيرا لا ننسى أن نقول لكل المفسدين والمرتشين وسارقي المال العام ألا ينسوا -وهم يمارسون جرائمهم- المثل الفرنسي القائل "من يأكل الفقير يختنق بعظامه". وقد أكلتم فقراء هذا الوطن، فاحذروا يوما تختنقون فيه.



#يوسف_المساتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مطلعين الطوبية
- لا تتنازلوا .. لا تتنازلوا
- فانتازيا: -مجموع السر المعروف لبا عروف-. الحلقة الأولى:غضب ا ...
- دولة الرسول: دينية أم مدنية؟؟
- فتح مكة و الفصل بين السلطتين
- مدخل إلى تفكيك الجذور التاريخية للحجاب
- فتوحات إسلامية أم غزوات استعمارية
- الدولة الإسلامية و أساليب التمويه الإيديولوجي
- الآخر في الدولة الإسلامية : جدلية القرب و النبذ
- جذور التطرف الإسلامي


المزيد.....




- تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي ...
- الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ ...
- بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق ...
- مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو ...
- ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم ...
- إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات ...
- هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية ...
- مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض ...
- ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار ...
- العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - يوسف المساتي - الميداوي..وماذا بعد؟؟