|
البابا في صحيفةThe Times
محسن ظافرغريب
الحوار المتمدن-العدد: 2979 - 2010 / 4 / 18 - 18:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
إنجيل أحد حواريي السيد المسيح الاثنى عشر "يهوذا الاسخريوطي"، الذي سلم المسيح للروم مقابل 30 من الفضة، حسب الأناجيل الأربعة، وثيقة ينطوي على شهادة يهوذا يبرئ فيها نفسه، ويعتبر نفسه أقرب حواريي المسيح، وأنه سلم المسيح للروم بناء على رغبته لإتمام مشيئة الرب، حتى يصلب ويكفر عن ذنوب البشرية. وجهة النظر تبناها المتصوفة وعلى رأسهم منصور الحلاج (ت 305هـ)، في كتابه " الطواسين "، عن دور (الشيطان) في حضّ (الناس) على (الغواية) وتلقي منهم اللعن. مع كون العالم لا يأبهُ لزيارة البابا إلى مالطا، بيد أن ما يجري في أروقة الفاتيكان جعل من هكذا زيارة مدار اهتمام كأول نشاط بابوي خارجي منذ كشف فضيحة الانتهاكات الجنسية التي عصفت بالكنيسة الكاثوليكية، على مرأى ومسمع وسائل الإعلام، التي اتهمها بعض أنصاره بشن حملة ضده وضد ديانتهم.
إن لعبة إلقاء اللوم على الآخرين التي انتهجتها دويلة حاضرة الفاتيكان خلال الأزمة - بعد أن نسب كل ما يمر به مِن مشاكل إلى المثليين، ومحرقة اليهود، والإيرلنديين، وحتى الشيطان - تشف عن أزمة أوسع في سبل تعامل الكنيسة مع اتهامات تآمرها للتستر على ممارسة الجنس مع الأطفال مِن لدن رجال دين. أن مسؤولي الفاتيكان سارعوا على مدى الأيام القليلة الماضية لإيجاد إستراتيجية تضامنية، لإحتواء الفضيحة التي ألحقت ضِرارًا لا حد له بالمؤسسة الدينية.
في ذاك كاتب سيرة البابا بينيديكتوس 16 والأحبار الآخرين الجدد "أندريا تورنيلي"، يقول:" لا يتمثل المشكل في التداعيات المؤسفة التي نجمت عن النهج الذي تعامل من خلاله الفاتيكان مع تلك الأزمة. بل إن المشكل يكمن في عدم وجود ذاك النهج أصلاً". ولدى مواجهة البابا اتهامات التستر على انتهاكات جنسية قام بها كهنة بحق مجموعة من صبية صغار، وكان رئيسًا لأساقفة "ميونخ" بين عامي 1977 - 1982، وبعد أن أصبح في وقت لاحق رئيسًا لمجمع عقيدة الإيمان في الفاتيكان على مدى ربع قرن من الزمن، لم يكن ثمَّت ردّ منسق على تلك المزاعم. وفي حال حدوث كارثة في العلاقات العامة بعالم الشركات ( كتلك التي شهدها توًا الفاتيكان)، عادة ما يتم اللجوء إلى إنشاء قسم خاص بإدارة الأزمات، بيد أن بيروقراطية الفاتيكان القديمة، وثقافة السرية المتبعة هناك منذ قرون، غير مجهزة لتلبية المتطلبات الخاصة باستراتيجيات الاتصال.
وقال الناطق باسم البابا، الأب "فيديريكو لومباردي"، في تصريح أدلى به بهذا الصدد مؤخرًا:" لسنا جهة متعددة الجنسيات. فلا يعتقد الكرسي الرسولي أنه مِن الضروري الردّ على كل وثيقة يتم انتزاعها من سياقها". ولدى سؤاله خلال مؤتمر صحافي فريد مِن نوعه مع الصحافيين عمَّا إن كانت ثمّت اجتماعات عاجلة في الفاتيكان حول فضيحة الانتهاكات الجنسية، بدا لومباردي مربكًا. وبسؤاله عما إن كان يشعر بأن الفاتيكان محاصر، ردّ بقوله :" نصدر توضيحات عندما يتطلب الأمر".
الحق أن الأخبار المتعلقة بالانتهاكات الجنسية تلك تظهر بصورة يومية تقريبًا، وأن الأب لومباردي، 68 عامًا، يزاول مهام عمله بصعوبة، في الوقت الذي لا يمتلك فيه أي إستراتيجية واضحة أو توجيه من القيادات العليا في الكنيسة. وعوضًا عن ذلك، تُرفَض الأخبار التي تتحدث عن وقوع انتهاكات على يد كهنة باعتبارها "قيل وقال تافه" أو "لغو". وقد شهدت الضجة التي أثيرت حول الفضيحة أبعادًا أخرى، في أعقاب التصريحات الجدلية التي أدلى بها الكرادلة والأساقفة (بربطهم تلك الأخبار على سبيل المثال بوجود مؤامرة يهودية). وقد اعترف هذا الأسبوع مدير تحرير صحيفة (أوبسرفاتوري روماني)، الناطقة باسم الفاتيكان، "جيوفاني ماريا فيان"، بأن الفاتيكان يعاني من مشاكل في تبادل المعلومات.
تصريح أدلى به الأب لومباردي، عندما عُيِّن ناطقًا باسم البابا، إذ قال:" لا أظن أن مَهَمَتي إيضاح فكير البابا أو الأمور التي يُصرِّح بها حقًا بأسلوب جلي ثر تمامًا". و" إن ذاك النهج الهاديء يبدو بشكل خطير غير كاف". أيضًا في غضون ذاك: أن الأب لومباردي واجه نوازل في علاقات عامة، في ظل البابا، ما سبب إمتعاض المسلمين، واليهود، والأنغيليكيين، على مدى نصف عقد من زمن ولايته حتى اللآن.
وأقر لومباردي بعدم تطرقه للبابا بشأن فضيحة الانتهاكات، إنما تطرق للموضوع مع الكاردينال بيرتوني. وإن البابا لا يتواصل بشكل سوي، كما كان سلفه، يوحنا بولص الثاني، ولم يبدأ ككاهن أبرشية، على اتصال بشؤون الحياة اليومية. ويُعد نهجه خلاف أستاذي، ويستمع لعدد قليل من المستشارين، وليس لديه أناس من جميع مناحي الحياة لتناول الغداء أو العشاء، كما كان يوحنا بولص.
وأن مزيدًا من الرحلات الصعبة إلى كلٍ من البرتغال وقبرص وبريطانيا وإسبانيا، بانتظار البابا، بعد زيارة مالطا. ولن يقوى على الارتقاء لمستوى التحدي الذي واجه كنيسته. ويشير صديق البابا السابق الزميل اللاهوتي، "هانز كونغ"، إلى أن لا يظن أن يستطيع الفاتيكان إنجاز الإصلاح اللازم.
#محسن_ظافرغريب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حملة تضامن مع الأديبة التركية سيليك
-
قصة سريالية قصيرة جدا
-
ذاكرة جمهورية الإرهاب
-
البابا - صدام!، مقاربة
-
و أذن في ٱلنَّاسِ
-
هذا العراق، وهذي بعض صولته
-
لفظ ومسمى وسلوك استخدامهما
-
سيناريو ما أشبه تكراره !
-
مسيرة النجف وخطبة جمعة كربلاء
-
التغيير شعار أوباما في العراق وKyrgyzstan
-
كيفما تكونوا يولى عليكم
-
على حكومة العراق إعادة العراقيين
-
ربيع مثير للعواصف والجدل
-
مبادلة النفط بإبادة!، بدم!
-
تعقيد ميديا كرد
-
أوفياء وعض بعض كلاب لابسة بعض ثياب
-
أحزاب وميليشيا شوفينية
-
بيان
-
هامش مساءلة وآراء
-
من العرف الإيجابي في اللفظ والسلوك
المزيد.....
-
طلع الزين من الحمام… استقبل الآن تردد طيور الجنة اغاني أطفال
...
-
آموس هوكشتاين.. قبعة أميركية تُخفي قلنسوة يهودية
-
دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه
...
-
في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا
...
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|