أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسام محمود فهمي - بُركانُ أيسلندا..














المزيد.....

بُركانُ أيسلندا..


حسام محمود فهمي

الحوار المتمدن-العدد: 2979 - 2010 / 4 / 18 - 17:52
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


ثارَ بركانٌ في أيسلندا، تعطلَت الطائراتُ، حُجِزَ المسافرون، صورُهم وهم مفترشين الأرضَ ملأت الفضائياتِ، ضُرِبَت السياحةُ، خسرَت شركات الطيران ورَبِحَت شركاتُ النقلِ البري والبحري. اختلَفَ تعاملُ الغربِ مع تلك الظاهرةِ مع ما في دماغِ أهلِ الشرقِ، في الغربِ اعتبروه ظاهرةً طبيعيةً وضعوها في إطارِها وحجموا بالعلمِ تَعَديها علي الأرواحِ البشريةِ. في الشرقِ أُقيمَ علي مصراعيه سوقٌ للفتاوي والمواعظِ والتخويفِ والترهيبِ، البركانُ نتيجةٌ للعلاقاتِ الجنسيةِ غيرِ الشرعيةِ، تحذيرٌ من مصيرٍ مظلمٍ ينتظرُ العُصاةَ، نتيجةُ حتميةٌ للحكمِ بما لا يرضي الله؛ نماذجٌ لحِمَمِ بركانٍ مستعرٍ في فضائياتِ وميكروفوناتِ التكفيرِ والتحريمِ.
مع تقدمِ العلمِ ينفتحُ ما كان مغلقاً، كثيرٌ منه، تتضحُ الرؤيةُ، تنكشفُ الخبايا. العلمُ يدفعُ للمزيدِ من العلمِ والجهلُ لا يؤدي إلا إلي ظلامٍ دامسٍ، من الجهلِ والخرافاتِ والأوهامِ. العلمُ ممارسةٌ، أسلوبُ حياةٍ لا تعترفُ إلا بالحقيقةِ المجردةِ، بالعملِ المتواصلِ، بالطموحِ للمزيدِ من التقدمِ. الجهلُ اِعتيادٌ، ركونٌ إلي الخرافاتِ، إلي تعطيلِ العقلِ، إلي الانقيادِ وراء الخزعبلاتِ وعالمِ الدخانِ والسحرِ ومعسولِ الكلامِ. العلمُ حياةٌ، الجهلُ فناءٌ، ولو كان بطيئاً، ولو كان في الظاهرِ بعض الحركةِ.
ما كان من المعجزاتِ في أزمانٍ سحيقةٍ مضَت يستحيلُ أن يظلُ مُعجزاً، ما كان بلا تفسيرٍ علميٍ وُجِدَ شرحُه وتعليلُه وإيضاحُه. الزلازلُ، البراكينُ، الأعاصيرُ، الفيضاناتُ، المَدُ والجَزرُ، الكسوفُ والخسوفُ، لم تعد غضباً من السماءِ، إنما ظواهرٌ طبيعيةٌ مفهومةٌ، مُبررةٌ، مُتوقعةٌ، مَحسوبةٌ. الطبيعةُ فيها الهدوءُ والدعةُ، فيها العنفُ والتقلبُ والهياجُ؛ كذلك الكائناتُ الحيةُ، الإنسانُ منها. التقلبُ والتبدلُ والتغيرُ، سُننُ الحياةِ، لم تَعُدْ مفاجئةٌ إلا لمن غابَ عن الوعي.
مضي زمنٌ كانت السيطرةُ فيه بالتخويفِ من غضبِ الطبيعةِ، مستحيلٌ، إنه غضبٌ كاسحٌ، يأخذُ الأبرياءَ مع المخطئين، يستحيلُ أن يكون عادلاً، لا تأديبَ ولا إصلاحَ فيه؛ الاِنتقامُ الجماعي، التدميرُ، الإبادةُ، صفاتٌ يستحيلُ أن تكون عُليا. من واجبِ كلِ عاملٍ بالوعظِ البحثُ والتفحصُ والتدقيقُ، الرجوعُ إلي التاريخِ، دراسةُ ما اِعتُبِرَ معجزاتٍ، مراجعتُها، هل هي فعلاً من الخوارِق، أم مجرد ظواهرٍ لم تُفَسَرَ لعجزِ زمانِها. مَهَمةٌ صعبةٌ، أسهلُ منها التهديدُ والوعيدُ، الوعظُ بلا قراءةٍ، بالسمعِ دون التفكيرِ، بالنمطيةِ دون الابتكارِ.
الكسوفُ ولو طلعَت نجومُه في عزِ الظهيرةِ، وكذلك البركانُُ مهما عَلَت حِمَمُه، ظواهرٌ طبيعيةٌ تستحقُ الإعجابَ والتأملَ، مثل أي مشهدٍ خلابٍ، لا أكثر. اِعتبارُها من المعجزاتِ أو العقوباتِ لا يكون إلا لإلغاء العقولِ، لجرِ أجسادٍ خاويةٍ، دوابٌ كَبُرَ حجمُها واِنعدَمَ فكرُها، إلي هوةٍ سحيقةٍ منزلقةٌ، وهي مغيبةٌ متبلدةٌ ضاحكةٌ.
الفتاوي والمواعظُ، بانتهازيةِ استغلالِ الظواهرِ الطبيعيةِ للدخولِ إلي استنتاجاتٍ بعينِها، هي من طينةِ الآراءِ التي تُروجُ لما يعودُ علي البَشرةِ من فائدةٍ لارتداءِ النقابِ والملابسِ السوداءِ ولو في عزِ القَيظِ والحرِ أو في دامسِ الظُلمةِ،،



#حسام_محمود_فهمي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- امتحان اللغة العربية للثانوية العامة لعام 2010
- الإدارةُ بالأرضياتِ والفضائياتِ...
- هل فوزُ الأهلي فرضٌ؟!
- الزواج ليس مِِنة..
- الإدارةُ بالشراسةِ...
- لا لتدميرِ التعليمِ الهندسي .. كلاكيت ثاني مرة
- الصحيانُ من الحلمِ...
- في اختيارِ القياداتِ الجامعيةِ...
- عادل إمام ونجع حمادي ...
- وزراءٌ من الجُبِ...
- جامعاتُ الحكومةِ والاستمرارُ المستحيلُ...
- الكنائس هنا والمآذن هناك ...
- لا لتدميرِ التعليمِ الهندسي..بلا كللٍٍ
- مصر والجزائر...
- وزاراتُ الفكِ والتركيبِ...
- وزير النقل وحده؟!
- كله إلا مؤتمرات التعليم ..
- دراسة تحليلية لتقرير صحيفة Times الصادر في الأول من أكتوبر20 ...
- عن الجودةِ..والله عيب
- فاروق حسني...وما نيلُ المطالبِ بالتمني


المزيد.....




- دراسة: السلوك المتقلب للمدير يقوض الروح المعنوية لدى موظفيه ...
- في ظل تزايد التوتر المذهبي والديني ..هجوم يودي بحياة 14 شخصا ...
- المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه ...
- عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
- مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال ...
- الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي ...
- ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات ...
- الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
- نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله ...
- الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - حسام محمود فهمي - بُركانُ أيسلندا..