|
أين نحن من توقعات مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيه ؟ .
حامد حمودي عباس
الحوار المتمدن-العدد: 2977 - 2010 / 4 / 16 - 21:29
المحور:
الادارة و الاقتصاد
من خلال موقع ( إسراج ) الالكتروني ، إطلعت على آخر تقرير صادر عن مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجيه ، والذي أصدره المركز المذكور بتاريخ 21 آذار عام 2010 .
التقرير تضمن توقعات معتمدة على احصاءات رقمية لحركة الخزين النفطي في العالم ، حيث يتضح للمتتبع الواعي ، ماهية المخاطر الحقيقية المحدقة بمنطقة الشرق الاوسط عموما ، ودول الخليج العربي على وجه الخصوص .
فبعد ان يثبت التقرير ارقاما سابقه للاحتياطي النفطي في منطقة الشرق الاوسط ، والمقدرة بنحو 56 % من احتياطات النفط العالميه ، 40 % منها في منطقة الخليج .. يخلص الى الحقائق التاليه :
أولا – سوف يتراجع نصيب منطقة الشرق الاوسط من احتياطي النفط ليبلغ 49 % بدلا من 56 %.. وكذلك نصيب دول الخليج العربي ليبلغ 36 % بدلا من 40 % .. وذلك بفعل الاكتشافات الجديده والضخمه الجاريه في دول امريكا اللاتينيه وخاصة في فنزويلا والبرازيل .
ثانيا – بموجب الزياده الحاصله في نصيب دولة البرازيل من احتياطي النفط ، والتي تخطت حدود 12.5 الى 50 مليار برميل ، وكذلك بالنسبة الى فنزويلا والتي تعدت حدود خزينها الاحتياطي مقدار 99 مليار برميل لتبلغ وبموجب الاكتشافات الجديده نحو 211 مليار برميل .. فان منطقة دول امريكا اللاتينيه سوف تبلغ المرتبه الثانية في العالم مقابل تراجع منطقة الشرق الاوسط في هذا المضمار .
ثالثا – هناك توقعات شبه مؤكده ، بان امريكا اللاتينيه ستقفز الى حدود المرتبة الاولى من حيث مقدار الاحتياطي النفطي العالمي ، لو تم التأكد من وجود حزام نفطي قرب السواحل الفنزويليه ، إذ من المتوقع ان يكون مقدار الخزين ضمن هذا الحزام هو 513 مليار برميل .. الامر الذي سيرفع نصيب امريكا اللاتينية الى نحو 673 مليار برميل ، وبذلك ستتقدم هذه المنطقه لاحتلال المركز الاول باحتوائها على نسبة 35.5 % من احتياطي العالم ، في حين تتراجع حصة الشرق الاوسط الى حدود 28.4 % لتكون في المرتبة الثانيه . إن المتابع وبشكل دقيق ، لسير الخطوط البيانية المرسومة وفق ما حددته حركة هذه الارقام ، سيجد نفسه أمام حقائق دامغة لما ينتظر شرقنا المتوسط من مصير، لو تركت الامور تسير على علاتها ، ولو بقينا مكتفين فقط باستنزاف الثروة الوحيدة ذات القيمة الفعلية في منطقتنا وهي النفط .. حيث أننا أمام غفوة لم يتم الاستيقاظ منها بعد ، ضاعت علينا من خلالها ، ومن خلال ذلك اللهو ذات النتائج الكارثية والتي تمرح به حكوماتنا ومؤسساتنا ذات الاختصاص ، دون الانتباه الى حركة مؤشرات الاقتصاد العالمي وباتجاهات توحي بتراجع واضح في طاقات الخزانات النفطية في العالم إزاء تقدم ذات المقادير عند مناطق اخرى .. وهذا معناه ، بأن سياسات الدول الصناعية الكبرى ، وهي صاحبة الكلمة الطولى شئنا أم أبينا ، في تحريك مصائر الشعوب ، سوف تتبدل وتغير من مساراتها هي الاخرى وفق هذه المستجدات الحاصله .
ما المتوقع فعلا لو صحت تلك التنبؤات الاستكشافية للاحتياطي من النفط في بقية دول العالم ؟ .. وما هو المتوقع مقابل ذلك ، لو بقيت ذات الوتائر المتدنية من مستويات الاكتشاف لبدائل الاعتماد الاقتصادي في بلداننا ، بحيث بقيت ركائز هذا الاكتشاف متوقفة عند حدود ما يقرره العالم المتمدن لنا فقط ، دون محاولة التحرك صوب خلق مجالات اخرى يستطيع الاقتصاد العربي من خلالها الخروج من أسره المزمن ؟ .
إن الكثير من الدراسات المتعلقة بهذا الجانب ، والمنعقده في جامعاتنا ومحافلنا الاقتصادية المعنية بشؤون التنمية عموما ، لم تخرج ولحد الان عن حدود السمة الاحصائية واعداد التقارير الحاوية على ارقام تشير الى واقع الحال فقط .. ولم تعمد جهات بعينها في بلداننا ، الى الوقوف مليا عند مفاصل الاخفاق التنموي ، والمتعلقه بتطور وتائر حياة الفرد ضمن مجتمعاتنا المتخلفة بفعل ذلك الاخفاق .. فراحت طاقاتنا المتطوره ، والمتمثلة باساتذتنا المعول عليهم في رسم السياسات الاقتصادية المستقبيلة ، تقتصر على الدوران في فلك الارقام المثبتة أصلا من قبل جهات علمية اجنبية ، والوقوف عند هذه الحدود الاستبيانية فحسب ، دون امتلاك الشجاعة الكافية على قول الحقائق كما هي ، والمتعلقة بفشل برامج التخطيط الرسمية في بلداننا وإصابتها بالشلل التام في الكثير من المفاصل .
نحن مكتفون الان ، ومنذ زمن بعيد ، بالاقرار بأن وتائر التنمية البشرية والاقتصادية في منطقتنا عموما ، هي في حدودها الدنيا ، ولا تبشر بما يجعلنا مقبلون على إحداث تغييرات تقربنا من حركة المجتمعات المتطورة .. غير أننا ولحد الان أيضا ، وسنبقى على ما يبدو والى أمد طويل ، في قصور وعجز تامين عن إبداء أي حراك يستند على المعرفة العلمية القادرة على شدنا الى أمام .. وبناء عليه ، وهذا مجرد إعتقاد شخصي ، فاننا أمام ظاهرة خطيرة تتجسد في ذلك الاصرار شبه المتعمد ، على عدم الخوض العلمي والتفصيلي الدقيق في الواقع الاقتصادي والتنموي لبلداننا ، بعيدا عن الاكتفاء بالاعتماد على عمليات الرصد المستمرة لما تفضي عنه دراسات احصائية تقوم بها هذه المؤسسة أو تلك ، فضلا عن عدم استشراف معالم المستقبل لنقرر اين نحن ماضون .. بحيث ان ما يجري الان من تصورات منبثقة من افكار يضعها المختصون بشئون الاقتصاد في بلداننا ، تبدو منقوصة إما بفعل ذلك التوجه الاكاديمي البحت ، والمقتصر على الجرد الاحصائي الجامد والمكرر ، أو أنه وفي حالات كثيرة اخرى ، يأتي مبتورا ومحافظا ، لا يستطيع اتخاذ القرار فيما يجب ان يكون ، مخافة الاضرار بهيبة الجهات الرسمية الفاعلة في مضمار رسم السياسات الاقتصادية للبلد المعني .
لقد برعت طاقاتنا الثقافية في تناولها لعوالم الفن والادب ، وأسهم المتخصصون بدراسة التاريخ والخوض في ملامح التراث ، بما يجعل الجميع من هؤلاء في حل من أمر المسؤلية ، باعتبارهم خاضوافي ميادينهم وبما لديهم من طاقات متاحه .. فأين هم حملة الفكر الاقتصادي من الاكاديميين المعنيين برسم معالم التنمية في بلداننا ؟ .. إن جلهم وللاسف راح منشغلا في خوض مضمار هو ليس بحاجة اليهم ، بقدر حاجته لطاقاتهم الفذة والهادفة الى كشف الخلل الحاصل في طبيعة المسيرة التنموية ، ومن ثم الاسهام في رسم آفاق مستقبلية واضحه تساعد المثقفين من غير المتخصصين ، وكذلك عموم المجتمع ، على الاسهام الجمعي في تحديد آفاق المستقبل ، والذي لا زال مجهولا وبشكل يدعو للفزع .
بكلمة واحده .. فاننا أمام ظواهر لا تقبل التأويل بغير ما تحمله من حقيقه ، وهي أننا نجابه وبشكل اصبح لا يقبل الاستخفاف ، حالات من التردي المرتقب فوق ما نحن فيه من تردي .. وما لدينا من ثروة نفطية لا زلنا نلطم وجه العالم بها كلما سنحت لنا فرصتنا بالتفاخر الكاذب ، هي في طريقها للتراجع .. ولا زالت سوانا من الامم تتحرك حثيثا لتزيحنا الى مواقع تتحدد بمستويات هي ادنى من مستوياتها الاقتصادية والاجتماعية .. ولانعلم بالضبط .. ماذا سنكون .. وكيف ستكون طبيعة حياة شعوبنا ، عندما تعلن سواحل فنزويلا بما لديها من ثروات .
#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألفرات وقربان المدينه .. ( قصة قصيره )
-
مشاوير شخصيه ، في ثنايا الماضي .
-
حينما تصر الجماهير على رفض مسببات خلاصها .. أين الحل ؟ .
-
أعمارنا ليست عزيزة علينا ، وحربنا معها مستمره .
-
لماذا هذا الإهمال المتعمد للكفاءات العراقية المهاجره ؟؟ .
-
ألواقع الاجتماعي العربي .. بين ثورة الجسد والعقل ، وعبثية رد
...
-
أفكار مهشمه !
-
أليسار في دول العالم العربي ، ومقاومة التجديد .
-
من ذاكرة الحرب المجنونه
-
بعيدا عن رحاب التنظير السياسي .. 2
-
ألحريه .. حينما تولد ميته .
-
الزمن العربي .. وسوء التسويق
-
حلوى التمر
-
سلام على المرأة في يومها الأغر
-
مراكز نشر الوعي في الوطن العربي .. الى أين ؟
-
بغداد ... متى يتحرك في أركانها الفرح من جديد ؟
-
أفكار تلامس ما نحن فيه من أزمه
-
نحن والتاريخ
-
بعيدا عن رحاب التنظير السياسي
-
حينما يصر أعداء العلمانية على رميها بحجر
المزيد.....
-
أسعار النفط عند أعلى مستوى في نحو 10 أيام
-
قطر تطلق مشروعا سياحيا بـ3 مليارات دولار
-
السودان يعقد أول مؤتمر اقتصادي لزيادة الإيرادات في زمن الحرب
...
-
نائبة رئيس وزراء بلجيكا تدعو الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات
...
-
اقتصادي: التعداد سيؤدي لزيادة حصة بعض المحافظات من تنمية الأ
...
-
تركيا تضخ ملايين إضافية في الاقتصاد المصري
-
للمرة الثانية في يوم واحد.. -البيتكوين- تواصل صعودها وتسجل م
...
-
مصر تخسر 70% من إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر
...
-
البنك الأوروبي: التوترات التجارية تهدد الاستقرار المالي لمنط
...
-
مصر.. الكشف عن خطط لمشروع ضخم لإنتاج الطاقة الهجينة
المزيد.....
-
الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق
/ مجدى عبد الهادى
-
الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت
...
/ مجدى عبد الهادى
-
ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري
/ مجدى عبد الهادى
-
تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر
...
/ محمد امين حسن عثمان
-
إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية
...
/ مجدى عبد الهادى
-
التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي
/ مجدى عبد الهادى
-
نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م
...
/ مجدى عبد الهادى
-
دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في
...
/ سمية سعيد صديق جبارة
-
الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا
/ مجدى عبد الهادى
المزيد.....
|