أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عمر قشاش - وجهة نظر حول واقع قطاع الدولة ومعاناته وضرورة إصلاحه الإصلاح العام يبدأ بالسياسة وإطلاق الحريات الديمقراطية للشعب















المزيد.....


وجهة نظر حول واقع قطاع الدولة ومعاناته وضرورة إصلاحه الإصلاح العام يبدأ بالسياسة وإطلاق الحريات الديمقراطية للشعب


عمر قشاش

الحوار المتمدن-العدد: 906 - 2004 / 7 / 26 - 10:28
المحور: الحركة العمالية والنقابية
    


لا تزال ورشة الحوارات والندوات تعقد, وقد كتب ولا يزال يكتب مقالات في الصحافة حول واقع قطاع الدولة ومعاناته, وكيفية معالجته من أجل إصلاحه وتطويره, وتحديثه وتخليصه من معيقاته, وتوفير الجهاز الإداري العلمي الذي يتمتع بمستوى من العلم والمعرفة في الإدارة لأن نجاح أي مؤسسة أو مصنع يتوقف إلى حد كبير على قدرة الإدارة, والمدير هو الذي يقع على عاتقه الدور الأكبر في الإدارة, وتشخيص المشكلة التي ينبغي معالجتها بشكل علمي صحيح وفق دراسة ومنهج علمي , وقد أصدرت الدولة عدداً من المراسيم والقرارات التنظيمية والإدارية بهدف معالجة الوضع الاقتصادي والصعوبات التي يعانيها, وحتى الآن لم يتحقق لا الإصلاح الإداري ولا الاقتصادي والأزمة لا زالت تراوح مكانها.
إن أهم مسألة في نجاح أي مشروع هو في اختيار الإدارة الكفاءة والنظيفة والأمينة التي تتمتع بالمقدرة العلمية وترتدي أهمية خاصة وضوح الخطط الإنتاجية والبرامج وربط الإنتاج بالتسويق وتخفيض التكلفة.
عند دراسة أداء قطاع الدولة, يجب أن نأخذ بعين الاعتبار اقتراب التوقيع على اتفاق الشراكة الأوروبية ومتطلباتها في الميادين الاقتصادية والتبادل التجاري ...
إن الهدف من مناقشة هذا الموضوع هو عرض وجهة نظر من أجل معالجة وإصلاح واقع قطاع الدولة والتغلب على صعوباته المادية والفنية ..
إن أهمية الإدارة السليمة .. ينبغي أن تكون مبنية على أساس المقدرة العلمية في الخطة الإنتاجية وأهمها :
1. العلم , والمعرفة.
2. التحديث التقني والفني.
3. الإنتاج ـ تخفيض الكلفة.
4. التسعير , النوعية , والجودة في الإنتاج.
5. التسويق.
6. خطة اليد العاملة وتطويرها.
لكن التجربة بينت أن أكثر شركات ومعامل قطاع الدولة لم تكن على المستوى المطلوب, ولا تتوفر فيها الكفاءة والمقدرة العلمية اللازمة, بل بعضها كان أمياً بإدارة هذه الشركات.
إن الصناعات الناجحة والرابحة تحتاج إلى إدارة كفوءة قادرة على إدارة المؤسسة.
المدير الكفوء يتصرف في عمله الإداري بإيجاد التوافق والتلازم بين ثلاث وظائف أساسية في العمل هي:
1. إدارة الشركة.
2. المدراء الآخرون.
3. العمال.
إن اختيار المدراء يجب أن يكون مبنياً على أساس العلم والمعرفة والتقدم بالعمل والمهارة ..
وعند وضع خطة الإنتاج, يجب أن تكون الأمور واضحة تقوم على دراسة تحليلية تتضمن الخطة الاستثمارية .. رواتب وأجور, تسويق المنتجات, نفقات التصريف, دعاية, تكاليف مالية, تشريعات قانونية ..
إن حل المشكلة الإدارية هو أساس النجاح, ونرى أنه من الضروري, بل يجب قبل تعيين المدير إجراء اختبار له, وتكليفه بتقديم دراسة تفصيلية عن المشروع أو المؤسسة التي سيقودها ..
وعلى ضوء هذه الدراسة التي يقدمها, ومدى نجاحه في تقديم صورة واضحة عن آلية العمل والإنتاج والتصريف, وخطط الإنتاج, التسويق, التكلفة, الأجور, ضغط النفقات غير المنتجة, التخزين, التسعير, الإعلام, طريق تفعيل العمل وزيادة الإنتاج, يتقرر قبول تعيينه أو عدم تعيينه.
إن من أسباب فشل بعض الشركات والمعامل ووقوعها بخسائر مالية كبيرة مستمرة, هو تعيين مدراء سيئين وليس لديهم شعور بالمسئولية, تم اختيارهم ليس على أساس الكفاءة والمقدرة العلمية والنزاهة والأمانة, بل على أساس سياسي حزبي ومحسوبيات وتدخلات خارجية من أجهزة الأمن.
إن هذا الأسلوب في التعيين هو أساس الفساد الذي استفحل, وأدى إلى تعطيل فاعلية الجهاز الإداري, وإلى الأمية في الإدارة, وانعكس كل ذلك إلى تردي وضع قطاع الدولة, وإلى الجمود والركود وانخفاض ريعيته, وخسائر بعضها.
إن كل يوم يمر تثبت الوقائع والدراسات التي تنشر في الصحف أنه توجد فئة في موقع القيادة السياسية تعرقل أي إصلاح جدي للقطاع العام, وهي تقف وراء الفساد الإداري وتحميه, لأنها مستفيدة منه, وقد أثرت مالياً على حساب قطاع الدولة.
من الضروري البحث عن إدارة كفوءة, وأمينة وتتمتع بأخلاق عالية وغايتها زيادة الإنتاج وتحقيق الربح, وليس إرضاء المسئولين في الحزب وقيادة النظام السياسي, ومن الضروري أن يكون لدى الإدارة القدرة والمعرفة والثقة بالنفس, والحوار داخل المؤسسة, وسماع الرأي الآخر بهدف تحسين أداء العمل, ووضع خطة إنتاجية للعمل وتحقق الريعية في المؤسسة.
إذا لم ننجح في التخطيط, فإننا سنفشل ...
يوجد مفهوم شائع لدى البعض, أن التخطيط يتناقض مع اقتصاد السوق, ومع تدخل الدولة في الاقتصاد .. برأيي أن هذا المفهوم غير صحيح وخاطئ, وغير علمي لأن من يدرس ويتابع ما يجري في العالم الرأسمالي, يجد أن كل الدول تستخدم التخطيط سواء في قطاع الدولة أو في القطاع الخاص.
إن نجاح اقتصاد السوق يتوقف على نجاح الخطط الاقتصادية لدى قطاع الدولة وأيضاً القطاع الخاص, ومعرفة ماذا يجب أن ننتج وأين ولماذا ولمن, وما هي نوعية الإنتاج ...
التخطيط هدفه إشباع حاجات الناس, والسعي لزيادة الإنتاجية وزيادة القدرة التنافسية في ظل الانفتاح الاقتصادي, وتحقيق الربح, والسعي لتجنب الآثار السلبية للعولمة, والاستفادة من جوانبها الايجابية ..
يجب معرفة أن تدني ريعية قطاع الدولة أو الخسارة يؤدي إلى انخفاض قدرة الدولة على التوسع في بناء المشاريع الاقتصادية ..
إن دراسة ومعالجة وضع قطاع الدولة الإنتاجي يجب أن تعتمد على الأرقام التالية:
1. حجم ورأس مال المؤسسة.
2. نسبة العاملين لدى الجهاز الإداري
3. الاقتصاد في النفقات غير الضرورية
4. الاقتصاد في الطاقة الكهربائية.
5. السعي لزيادة الإنتاجية بطريقة منهجية. مدروسة علمياً.
6. الدراسة الدائمة لتحسين نوعية وجودة الإنتاج وفق متطلبات السوق.
7. يرتدي تصريف المنتج أهمية استثنائية, لأن عدم التصريف يؤدي إلى تخزين البضاعة, وإلى خسائر واختناقات مالية تؤثر سلباً على مردود عمل ونشاط المؤسسة ...
8. السعي لتوفير سيولة مالية لدى الشركة أو المعمل من أجل تجديد الآلات القديمة يرتدي أهمية استثنائية.
لقد أنفقت الدولة ولا تزال المليارات لدعم قطاع الدولة من أجل التغلب على صعوباته, ومع ذلك لا يزال يوجد عدد من المعامل والشركات الإنتاجية خاسرة أو مخسرة لأسباب عديدة وفي مقدمتها الفساد المستشري وتعاني اختناقات مالية ...
ماذا نريد من قطاع الدولة, وجد قطاع الدولة لكي يبقى, وبقائه مرهون بأدائه وفاعليته, وتحقيق الأهداف التي وجد من اجلها أصلاً لخدمة الشعب والوطن, ولكن لا يجوز السكوت عن الخطأ والأضرار, بل ينبغي معالجة الشركات الخاسرة وإيجاد حل لها, فهناك شركات رابحة يجب الدفاع عنها ودعمها وتوسيع مجالاتها الإنتاجية, أما الشركات الخاسرة أو المخسرة التي عجزت الدولة حتى الآن عن إصلاح وضعها لا يجوز الدفاع عنها, نورد بعضاً من هذه الشركات:

1. الشركات العامة لصناعة الورق بدير الزور.
2. المؤسسة العامة للسكر.
3. مؤسسة الكونسروة بالحسكة.
4. شركة النايلون للجوارب.
5. مؤسسة الخضار.
6. شركة زيوت حماه.
7. معمل إطارات أفاميا.
8. المؤسسة العامة للأبقار.
إن مقياس نجاح أي مشروع أو مؤسسة اقتصادية يقاس بالربح الذي يحقه, وأن النمو الاقتصادي والربح في الإنتاج ينعكس على النفقات الاجتماعية, التعليم ـ الصحة, الخدمات المختلفة, الأجور, وإن عدم تحقيق الربح ينعكس بصورة سلبية على الميدان الاقتصادي ...
إن قوة الوطن وصموده في مواجهة التحديات الإمبريالية التي يواجهها هي في قوة الاقتصاد الوطني, ومدى قدرته على المنافسة في الداخل والخارج في ظروف العولمة في هذه المرحلة من تطور المجتمع الإنساني ..
إن معالجة الدولة للصعوبات التي تعانيها بعض الشركات عن طريق دمج بعضها بشركة واحدة لن يحل المشكلة وسيزيد في الوضع تعقيداً وسوءاً ..
يطرح البعض أن اعتماد الدولة على التخطيط الاقتصادي يتناقض مع اقتصاد السوق هذا في وقت نحن مقدمون على إقامة العلاقة مع السوق الأوروبية هو مفهوم خاطئ .
إن التخطيط علم دراسة أيضاً ـ أن نعرف ماذا نريد وماذا ننتج, ومن أجل من, وكيف نسوق البضاعة, وقدرتنا التنافسية, ونعرف مردود عملنا وإنتاجنا ..

التخطيط هو المرشد لعملنا ...
ـ التخطيط موجود في كل الدول الرأسمالية, احتكارات العابرة للقارات لا تعمل بشكل عشوائي, فهي لديها خطط لإنتاج وللتسويق, وتعيد النظر بعملها وخططها الإنتاجية بين فترة وأخرى من خلال تطور التكنولوجيا, وحاجات السوق ...
في الخطة الإنتاجية يجب باستمرار متابعة ما يجري من تطور وتقدم تقني في العالم, نحن نعيش عصر القفزات الثورية التقنية السريعة .
فالآلة لها عمر تمر بمرحلتين في الإنتاج هي :
1. إهتراء مادي, تتقادم, تصبح غير منتجة, غير رابحة أو خاسرة تكلفة الإنتاج عالية ...
2. إهتراء معنوي ( الآلة لا تزال حديثة لكنها غير رابحة وربحها ضعيف ولم تعد قادرة في إنتاجها على المنافسة في السوق بسبب اختراع آلات أحدث وذات إنتاجية عالية وتكلفة أقل).
في هذه الحالة يجب التخلي عنها وتصريفها واستخدام الآلات الحديثة عالية الإنتاج وعالية الجودة, من أجل تخفيض التكلفة, لأن اقتصاد السوق يعتمد على المنافسة, من يقدم سلعة جيدة وأرخص من الآخر يربح في السوق وإلا سيواجه الخسارة والإفلاس .. أضرب مثالاً على ذلك :
في عام 1976 عندما كنت عضواً في مجلس اتحاد عمال حلب, قرر مجلس الاتحاد تشكيل لجنة لمراقبة الإنتاج في المعامل, كنت عضواً فيها من أجل القيام بجولات على معامل قطاع الدولة, وقد زارت اللجنة عدداً من المعامل في جولات متتالية, ولاحظنا وجود أخطاء عديدة في عمل بعض المعامل, أذكر منها واحدة, على سبيل المثال:
شركة الزيوت موقعها في طريق المطار بحلب, كان لديها معمل نصف آلي لصنع عبوات تنك, كلفة إنتاج التنكة /7.5/ ليرة سورية, وإنتاج هذا المعمل لا يكفي حاجة المعمل .
تعاقدت الشركة مع معمل قطاع خاص سعر العبوة الواحدة من التنك /3.5/ ليرة سورية وقد أبلغنا مدير المعمل, أن الشركة تخسر بإنتاج عبوة التنك مليون ليرة سنوياً, وقال أنه قدم شخصياً مذكرة لاتحاد عمال حلب وللاتحاد الصناعي بدمشق حول خسارة الشركة, وسألنا مدير المعمل, لماذا لا توقفوا إنتاج هذا المعمل عندكم وتتعاقدوا مع القطاع الخاص بأسعار هي أدنى من نصف قيمة التكلفة بمعمل التنك في الشركة, فأجاب أن هذا الأمر هو من صلاحيات مديرية الصناعة بدمشق.
وقد أوضح لنا المدير أن معمل صنع عبوات التنك هو نصف آلي منسق في تشيكوسلوفاكيا .
وهنا تبدو من الأهمية بمكان أن يكون لدى الإدارة صلاحية معينة ومرونة في عملها لتستطيع التصرف عند الضرورة, وأيضاً تبدو أهمية الخبرة والصدق والأمانة لدى لجان العقود في الدولة أو الوزارات المعنية, عند التعاقد على شراء آلات من الخارج, لأن الفساد والرشاوى تجري من خلال لجان المشتريات والعقود.
نحن الآن أصبحنا في عصر التحدي التكنولوجي السريع وينبغي في كل عملنا ونشاطنا الاقتصادي الاعتماد على المعرفة العلمية والخبرة المتراكمة عندنا والاستفادة من الآخر, من أجل الحصول على أحدث تكنولوجيا العصر من أجل الإنتاج, نحن نعيش في عصر العولمة, في عصر السباق والمنافسة, العالم هو قرية صغيرة, كما يقولون ...
ينبغي إعادة النظر في بنيتنا التحتية, في قطاع الدولة والقطاع الخاص وإعادة النظر في موضوع صادراتنا من المواد الأولية, صادراتنا الأساسية هي القطن والحبوب والبترول .. ومن المفيد بل من الممكن إنشاء صناعات مرتبطة بإنتاج مواد إضافية من المواد الخام .. وهذا في حال تحققه يؤدي إلى ربح مضاف للربح المحق من هذه المواد (القيمة المضافة), ويوفر فرص عمل جديدة لعمالنا ..
إن من أسباب زيادة الدخل القومي يعود إلى التقدم التكنولوجي, وبدوره إلى زيادة دخل الفرد العامل والموظف .
إن الدراسات الميدانية في سورية , توضح الفارق الكبير بين مستوى إنتاجية العمل عندنا المنخفضة, وبين إنتاجية العمل في أوروبا, هو /15/ ضعف , إنتاجنا هذا أحد أسباب انتشار البطالة عندنا, علماً أنه ينضم إلى سوق العمل عندنا سنوياً /250/ ألف عامل .
إن الإصلاح الإداري والاقتصادي سيساعد على تحسين ظروفنا الإنتاجية وتحسين نوعية إنتاجنا من السلع التي نطرحها في السوق بحيث تلقى قبولاً لدى المستهلك يؤدي ذلك إلى تعزيز قدرتنا الاقتصادية, وزيادة دخل الفرد من الدخل الوطني, إن زيادة الأجور مرتبط بزيادة الإنتاج.
توجد علاقة جدلية بين اقتصاد السوق وجودة الإنتاج وتلبية متطلبات وحاجات المواطنين ..
من أخطاء إدارات مؤسسات قطاع الدولة, أنه يوجد الآن مخزون كبير لدى بعض الشركات بدون تصريف, وبدون دراسة متطلبات السوق لأن حاجات المواطنين وأذواقهم تتغير باستمرار .
إن عدم رؤية ذلك أوقع عدداً من المؤسسات بأزمات واختناقات مالية نتيجة التخزين ..
بعض المؤسسات بلغ حجم المخزون لديها أكبر من قيمة رأسمال المؤسسة ذاتها, إن المنتجات يجب أن تلبي حاجات وذوق المستهلكين, وضعف التسويق يؤدي إلى نتائج ضارة وخطرة هي :
1. تراكم المنتجات والمخزون ..
2. زيادة التكاليف والنفقات, مصاريف الحراسة والتأمين والتلف .
3. بطلان الموضة .
4. البيع بأسعار أٌعلى من قيمتها .
5. خسارة مالية.
ولا بد من الإشارة إلى أن نفقات قطاع الدولة أكبر من نفقات القطاع الخاص, ذلك أن مؤسسات الدولة تدفع التزاماتها المالية القانونية تجاه العمل ( تأمينات اجتماعية , تعويض عائلي , وحقوق عمالية أخرى ) وتدفع الضرائب والرسوم المختلفة بكاملها, بينما القطاع الخاص متحرر من كل هذه الالتزامات , ويتهرب من دفع كامل الضرائب المستحقة ...
ونرى من الضروري تفعيل وتنشيط اقتصادنا الوطني بقطاعيه العام والخاص, وتوجد إمكانيات كبيرة في سورية للاستثمار ولزيادة الدخل الوطني, إن الدخل الوطني في سورية هو /16/ مليار دولار, لا يزال ضعيفاً دون المستوى المطلوب, وبالإمكان زيادة الدخل الوطني إلى درجة كبيرة, وتتوفر في سورية كل الموارد والمواد الطبيعية من أجل إنشاء مؤسسات ومشاريع للاستثمار.
ينبغي إزالة كل العقبات والمعيقات القانونية في وجه مؤسساتنا الوطنية, قطاع الدولة والقطاع الخاص والمساعدة في التغلب على صعوباتها وإنجاحها إن نجاح وفشل أي مشروع أو مؤسسة إنتاجية لا يرتبط بنوع ملكية وسائل الإنتاج, بل بإدارة الملكية ..
إن الحياة والتجربة التاريخية عندنا في سورية وفي العالم الرأسمالي دلت على وجود مؤسسات رابحة ومؤسسات خاسرة في كل من قطاع الدولة والقطاع الخاص . .
إن الخصخصة التي يدعو لها البعض ليست هي الحل لمشاكل وصعوبات قطاع الدولة, توجد في هذا الوطن كل الإمكانيات للقطاع الخاص وقطاع الدولة, للعمل والنشاط والمنافسة أيضاً في مجال الإنتاج, ومن الضروري إزالة كل المعيقات القانونية..
إن استمرار العمل من أجل الإصلاح الإداري والاقتصادي هو ضروري, ولكن المسألة الأساسية في حل أزمة الإصلاح هي في الإصلاح السياسي, بدون تحقيق الإصلاح السياسي سيبقى قطاع الدولة الإداري والاقتصادي يتعثر.
إن الفساد الإداري وغياب الديمقراطية والمحاسبة الجدية أدى إلى تردي وضع قطاع الدولة, وإلى اقتصاد تديره المافيا التي تنهب خيرات الوطن.
إن الهدف من الإصلاح الإداري والاقتصادي لقطاع الدولة هو التنمية الفعلية للقاعدة الاقتصادية في البلاد, والمساهمة في حل أزمة البطالة المستشرية ورفع المستوى المعاشي للمواطنين, وتحقيق ريعية أكبر لزيادة واردات الخزينة, وهذا يتطلب التحديث التقني والتوجه نحو جلب أفضل وأحدث التكنولوجيا.
قصور الدولة حتى الآن عن الاهتمام بإنشاء مشاريع صناعية حديثة (صناعات تقوم بوظيفة تحقيق القيمة المضافة) ترك أثراً سلبياً على تطور البنى التحتية من المراجع الرسمية لصادراتنا لم نجد شيئاً ذي وزن من صادرات المواد الطبيعية ذات القيمة المضافة ..
قصر نظر الدولة يعتمد في صادراتها على المواد الأولية (نفط خام ـ قطن ـ حبوب), وتشكل هذه المواد 90% من مجمل صادراتنا ...
الدولة تصدر المواد الأولية بأسعار متدنية, لأنها عاجزة عن إنشاء مؤسسات وصناعات متنوعة قادرة أن تحول المواد الخام إلى منتجات متنوعة للتصدير تسهم في خلق قيمة إضافية توفر دخلاً للخزينة, وتوفر فرص عمل جديدة للعمال العاطلين ..
بينما الدول الرأسمالية المتقدمة تخضع المواد الأولية المستوردة من بلادنا لإنتاج مواد متنوعة , وتعيد تصديرها لبلادنا بأسعار عالية, وتحقق لبلادها أرباحاً عالية ـ قيمة إضافية ـ لصالح دخلها الوطني.
مثلاً: لدينا فائض من بذور القطن السوري ذات نوعية عالية نبيعها بسعر الطن /187/ دولاراً إلى معامل تصنيع الزيوت في تركيا علماً أنه يوجد في سورية معامل عصر زيوت نباتية (قطاع دولة وقطاع خاص) ومع ذلك ما زلنا نستورد من تركيا الزيوت النباتية الناتجة من عصر بذور القطن السوري وبالقطع الأجنبي.
أحد أسباب معاناة قطاع الدولة هو قدم الآلات ـ الاهتراء المادي والفساد والرشاوى المنتشرة من الأعلى إلى الأدنى.
عدم التقيد بدفاتر الشروط للمناقصات في تنفيذ المشاريع والمعامل في أوقاتها المحددة ـ النقص في بعض المواد, وعدم المطابقة مع دفتر الشروط, أدى إلى أن بعض المشاريع استغرق تنفيذها سنوات عديدة, مما أدى إلى زيادة النفقات, التي تدخل في عملية التكلفة بصورة عامة .
يوجد قصور نظري في مفهوم الربح والخسارة وتكلفة الإنتاج, تكلفة إنتاج السلعة يدخلها فيها أو مكوناتها الأساسية ما يلي:
1. المواد الأولية
2. الأجور
3. نفقات الطاقة الكهربائية
4. النقل
5. التخزين
6. الصيانة
7. الضرائب
8. نفقات الصيانة
9. الاهتراء المعنوي والمادي للآلة
10. نفقات الدعاية والتسويق
في أي مشروع نريد إنشاءه, ينبغي أن تتوفر كل الشروط لإنجاحه, وإذا لم تكن الشروط مستوفية, فالمشاريع إما أن تفشل من خلال التنفيذ ويستمر العمل فيها سنوات عديدة يؤدي ذلك إلى مضاعفة التكلفة المقدرة في أساس المشروع ...
ومن المفيد بل من الضروري إجراء دراسة علمية حول حجم الجهاز الإداري الحالي, ويبدو أن هذا الجهاز قد تضخم كثيراً ومن الضروري إجراء دراسة جدية لحاجات الجهاز الإداري واختيار العناصر الكفوءة المخلصة والأمينة التي تتمتع بأخلاق وسمعة جيدة, والتخلص من الفائض, بعد تأمين عمل له في ميادين أخرى.
يجب أن يكون هدف الإصلاح الإداري والاقتصادي تنشيط الاقتصاد وزيادة معدلات التنمية في البنية التحتية, وتوفير فرص عمل للعاطلين عن العمل وزيادة الرواتب والأجور, ورفع المستوى المعاشي للشغيلة بصورة عامة ..
من خلال هذا العرض لواقع قطاع الدولة ومعاناته وخسائر بعض مؤسساته, يتضح من وجهة نظري أنه توجد أسباباً عديدة وأهمها ما يلي:
1. ضعف الخبرة والافتقار إلى الكوادر الفنية الكفوءة في الإدارة والتي يجب أن تتمتع بأخلاق عالية وإحساس بالمسئولية ..
2. الخطأ الذي ارتكب في الأساس في عدم وضع خطة مدروسة علمياً لبعض المعامل التي أنشئت ـ الموقع قربه أو بعده عن المواد الأولية ـ توفر المواد الأولية للإنتاج ـ حساب تكلفة الإنتاج ـ التسويق ـ معرفة إنتاج المادة نفسها في البلد المجاور أو دولياً ـ الأسعار.
3. إنشاء بعض المعامل كان خطأ , لأنها خاسرة أو مخسرة منذ نشوئها.
4. التأخر سنوات في إنشاء بعض المعامل والمؤسسات في الموعد المقرر لأنها كانت مخالفة لدفتر شروط العقد أدى أحياناً إلى ضعف تكاليف المنشأة, وهذا انعكس سلباً على أداء المعمل أو المؤسسة, وإلى زيادة تكلفة إنتاج السلعة وإلى الخسارة.
5. الفساد والإفساد مستشري من الأعلى للأدنى والهدر بالمال العام ومعروف أن الرشاوى تتم من خلال لجان المشتريات والعقود في شراء المواد الأولية والآلات من الداخل. وكافة أشكال التجهيزات وإصلاح الأدوات, أو من خلال العقود مع المؤسسات والشركات الدولية ...
وهنا يطرح سؤال أين دور أجهزة الرقابة ؟ ويبدو أن جرثومة الفساد تسللت أيضاً إلى داخل أجهزة الرقابة والتفتيش, ومؤسسة القضاء العادي والإداري.
6. عدم إنشاء صناعات تسهم في تكوين القيمة المضافة, وعجز الإدارة في التخطيط والبرمجة العلمية.
7. العمالة الفائضة ـ طبعاً هذا لا يعني تسريحهم بل ينبغي البحث عن وسائل لإيجاد فرص عمل لهم .
8. التخلف التقني, يرتدي أهمية استثنائية استخدام التكنولوجيا الحديثة, وتحديث الآلات باستمرار, وفق منهاج علمي مدروس, نحن في سباق مع الزمن, ينبغي الاستفادة القصوى من الآلة عن طريق العمل, وبطريقة علمية, وتوفير المال لتجديد الآلة.
إن الصعوبات التي يعانيها قطاع الدولة هي نتيجة للأزمة العامة والفساد والإفساد المستشري, ونهب المال العام, وكما تشير المعلومات أن المبالغ التي سرقت نتيجة الفساد تقدر بـ /150/ مليار دولار, أودعت في البنوك الأجنبية, وأضعف ذلك قدرة سورية على التنمية الاقتصادية.
إن هؤلاء الفاسدين والمرتشين الذين أثروا من خلال موقعهم في مراكز قيادية في الدولة وفي مؤسساتها على حساب إضعاف الاقتصاد الوطني, تنطبق عليهم ارتكاب جريمة الخيانة الوطنية العظمى لأنهم أعداء الشعب والوطن.
ومع ذلك يبقى قطاع الدولة الصناعي العمود الفقري للاقتصاد الوطني ينبغي العمل على إصلاحه, ودعم وتنشيط القطاع الخاص وتقديم المساعدة له ... إن تحقيق ذلك سيعزز قدرة سورية الاقتصادية ويسهم في تأمين فرص عمل جديدة للعاطلين, وينعكس ذلك أيضاً على تحسين المستوى المعاشي للعمال, وكذلك لمواجهة التحديات التي ستواجهها سورية في انضمامها إلى الشراكة الأوروبية ...
إن الطريق الصحيح لحل المشاكل والصعوبات التي يعانيها قطاع الدولة وتجاوز صعوبات أمر ممكن, ويتجلى قبل كل شيء في الإصلاح السياسي وذلك بإجراء التغيير الديمقراطي وإطلاق الحريات الديمقراطية للشعب ووقف العمل بقانون الطوارئ, وإصدار قانون ديمقراطي للأحزاب, وقانون ديمقراطي للصحافة, وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين ومعتقلي الرأي ..
إن تحقيق هذه المطالب هو ضروري من أجل الدفاع عن الوطن ومواجهة مخططات الإمبريالية الأمريكية والصهيونية ضد شعبنا.
انتهى..



#عمر_قشاش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الدفاع عن قطاع الدولة ومحاربة الفساد فيه والدفاع عن مطالب ال ...
- السادة رئيس وأعضاء المحكمة – محكمة أمن الدولة العليا بدمشق
- إصلاح الجمعيات السكنية ومحاربة الفساد فيها يتطلب إصلاحاً سيا ...
- هدف نشر ثقافة المقاومة هو ممارسة المقاومة من قبل الشعب..
- معالجة أزمة البطالة لا تحل عن طريق التقاعد الإلزامي المبكر
- عاش الأول من أيار يوم التضامن الأممي لجميع الشغيلة وقوى الحر ...
- حول فضيحة سجن أبو غريب في بغداد وفضيحة سجون الأنظمة العربية


المزيد.....




- نقابة الصحفيين الفلسطينيين تطلق حملة صحفيات بزمن الحرب
- الحكومة الجزائرية : حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين في الجزائر ...
- تأكيد المواقف الديمقراطية من الممارسة المهنية وعزم على النهو ...
- وزارة المالية العراقية : موعــد صرف رواتب المتقاعدين في العر ...
- “اعرف الآن” وزارة المالية تكشف حقيقة زيادة رواتب المتقاعدين ...
- مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا ...
- تعرف على موعد صرف رواتب الموظفين شهر ديسمبر 2024 العراق
- تغطية إعلامية: اليوم الأول من النسخة الأولى لأيام السينما ال ...
- النقابة الحرة للفوسفاط: الامتداد الأصيل للحركة النقابية والع ...
- مركز الفينيق: رفع الحد الأدنى للأجور في الأردن: استثمار في ا ...


المزيد.....

- الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح ... / ماري سيغارا
- التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت ( ... / روسانا توفارو
- تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات / جيلاني الهمامي
- دليل العمل النقابي / مارية شرف
- الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا ... / خميس بن محمد عرفاوي
- مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال / حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
- نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها / جهاد عقل
- نظرية الطبقة في عصرنا / دلير زنكنة
- ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟ / محمد الحنفي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الحركة العمالية والنقابية - عمر قشاش - وجهة نظر حول واقع قطاع الدولة ومعاناته وضرورة إصلاحه الإصلاح العام يبدأ بالسياسة وإطلاق الحريات الديمقراطية للشعب