جواد كاظم إسماعيل
الحوار المتمدن-العدد: 2975 - 2010 / 4 / 14 - 16:02
المحور:
الطبيعة, التلوث , وحماية البيئة ونشاط حركات الخضر
قبل الولوج في البحث عن أسباب حدوث وأنواع التلوث البيئي لابد من تعريف موجز عنه لكي يتسنى لنا البحث في عناصر تشكيل وحدوث ظاهرة التلوث البيئي , فالتلوث البيئي يعد من الظواهر التي أخذت قسطا ً كبيرا من اهتمام حكومات دول العالم منذ النصف الثاني من القرن العشرين. وتعتبر مشكلة التلوث احد أهم المشاكل البيئية الملحة التي بدأت تأخذ أبعادا ً بيئية واقتصادية واجتماعية خطيرة. خصوصا بعد الثورة الصناعية في أوربا والتوسع الصناعي الهائل والمدعوم بالتكنلوجيا الحديثة. حيث أخذت الصناعات في الآونة الأخيرة اتجاهات خطيرة متمثلة في التنوع الكبير وظهور بعض الصناعات المعقدة والتي يصاحبها في كثير من الأحيان تلوث خطير يؤدي عادة إلى تدهور المحيط الحيوي والقضاء على تنظيم البيئة العالمية .
مفهوم التلوث البيئي
_أختلف علماء البيئة والمناخ في تعريف دقيق ومحدد للمفهوم العلمي للتلوث البيئي , وأيا ً كان التعريف فأن المفهوم العلمي للتلوث البيئي مرتبط بالدرجة الأولى بالنظام الأيكلوجي حيث إن كفاءة هذا النظام تقل بدرجة كبيرة وتصاب بشلل تام عند حدوث تغيير في الحركة التوافقية بين العناصر المختلفة فالتغير الكمي أو النوعي الذي يطرأ على تركيب عناصر هذا النظام يؤدي إلى خلل في هذا النظام , ومن هنا نجد إن التلوث البيئي يعمل على إضافة عنصر غير موجود في النظام البيئي أو انه يزيد أو يقلل وجود احد عناصره ُ بشكل يؤدي إلى عدم استطاعة النظام البيئي على قبول هذا الأمر الذي يؤدي إلى إحداث خلل في هذا النظام ,
درجات التلوث البيئي
يمكن تقسيم التلوث البيئي إلى ثلاث درجات أساسية هي :
1_التلوث المقبول
لاتكاد تخلو منطقة من مناطق الكرة الأرضية من هذه الدرجة من التلوث حيث لاتوجد بيئة خالية تماما ً من التلوث نظرا ً لسهولة نقل التلوث بأنواعه المختلفة من مكان إلى أخر سواء كان ذلك بواسطة العوامل المناخية أو البشرية.
والتلوث المقبول هو درجة من درجات التلوث التي لايتأثر بها توازن النظام الأيكلوجي.
2_ التلوث الخطر
تعاني الكثير من الدول الصناعية من التلوث الخطر والناتج بالدرجة الأولى من النشاط الصناعي وزيادة النشاط التعديني والاعتماد بشكل رئيسي على الفحم والبترول كمصدر للطاقة وهذه المرحلة تعتبر مرحلة متقدمة من مراحل التلوث البيئي حيث إن كمية ونوعية الملوثات تتعدى الحد الحرج .
3_ التلوث المدمر
يعتبر التلوث المدمر المرحلة التي ينهار فيها النظام الأيكلوجي ويصبح غير قادر على العطاء نظراً لاختلاف مستوى الاتزان بشكل جذري ولعل حادثة ( تشرنوبل) التي وقعت في المفاعلات النووية في الاتحاد السوفيتي السابق هي خير مثال للتلوث المدمر. حيث إن النظام البيئي أنهار كليا ً وأحتاج إلى سنوات طويلة لإعادة اتزانه بواسطة تدخل العنصر البشري وبتكلفة اقتصادية باهضة .
أشكال التلوث البيئي
1_ التلوث الهوائي:
يحدث التلوث الهوائي عندما تتواجد جزئيات أو جسيمات في الهواء وبكميات كبيرة عضوية وغير عضوية بحيث لاتستطيع الدخول إلى النظام البيئي وتشكل ضررا ً على العناصر البيئية, والتلوث الهوائي يعتبر أكثر إشكال التلوث البيئي انتشارا ً نظرا ً لسهولة انتقاله وانتشاره من منطقة إلى أخرى وبفترة زمنية وجيزة نسبياً, ويؤثر هذا النوع من التلوث على الإنسان والحيوان والنبات تأثيرا ً مباشرا ً ويخلف أثارا ً بيئية وصحية واقتصادية واضحة .
2_التلوث المائي:
الغلاف المائي يمثل 70% من مساحة الكرة الأرضية ويبلغ حجم هذا الغلاف 296 مليون ميلا ً مكعبا ً من المياه, ومن هنا تبدو أهمية المياه حيث أنها مصدر من مصادر الحياة على سطح الأرض فينبغي صيانته والحفاظ عليه من اجل توازن النظام الأيكلوجي, الذي يعتبر في حد ذاته سر استمرارية الحياة .
وعندما يكون الحديث عن التلوث المائي من المنظور العلمي فأن المقصود هو إحداث خلل وتلف في توعية المياه ونظامها الأيكلوجي بحيث تصبح المياه غير صالحة لاستخداماتها الأساسية وغير قادرة على احتواء الجسيمات والكائنات الدقيقة والفضلات المختلفة في نظامها الأيكلوجي وبالتالي يبدأ أتزان هذا النظام بالأختلال حتى يصل إلى الحد الأيكلوجي الحرج . والذي تبدأ معه الآثار الضارة بالظهور على البيئة. ولقد أصبح التلوث البحري ظاهرة أو مشكلة كبيرة وكثيرة الحدوث في العالم نتيجة للنشاط البشري المتزايد وحاجة التنمية الاقتصادية المتزايدة للمواد الخام الأساسية والتي تتم عادة نقلها عبر المحيط المائي.
3_ التلوث الأرضي :
وهو التلوث الذي يصيب الغلاف الصخري والقشرة العلوية للكرة الأرضية والذي يعتبر الحلقة الأولى والأساسية من حلقات النظام الأيكلوجي, وتعتبر أساس الحياة وسر ديمومتها ولاشك إن الزيادة السكانية الهائلة التي حدثت في السنوات القليلة الماضية أدت إلى ضغط شديد على العناصر البيئية في هذا الجزء من النظام الأيكلوجي واستنزفت عناصر بيئية كثيرة نتيجة لعدم مقدرة الإنسان على صيانتها وحمايتها من التدهور, فسوء استخدام الأراضي الزراعية يؤدي إلى انخفاض إنتاجيتها وتحويلها من عنصر منتج إلى عنصر غير منتج تكون قدرته البيولوجية قد تصل إلى الصفر, ونجد إن سوء استغلال الإنسان للتكنولوجيا قد أدى إلى التلوث الأرضي حيث إن استخدام الأسمدة النيتروجينية لتعويض التربة أدى إلى فقدان خصوبتها إضافة إلى استخدام المبيدات الحشرية كلها أدت إلى تلوث التربة وعوامل أخرى غيرها .
التلوث البيئي في العراق
_ قد عانى العراق ومنذ عقود طويلة من التلوث البيئي في ظل حكومات دمرت الواقع البيئي من خلال الحروب والمغامرات العسكرية التي لم تجلب سوى اليورانيوم المنضب ونفايات الصناعات العسكرية السامة, رافقها في ذلك انعدام الثقافة البيئية للمواطن بشكل عام وهذا ماجعل إبطال ( الحوا سم ) ينقلون العبوات والخزانات الملوثة بالإشعاع النووي من مركز التويثة وغيرها من الأماكن الملوثة لينشروا هذه السموم إلى عموم العراق.
وبعد سقوط النظام في 9|4 |2003 تشكلت ولأول مرة في العراق وزارة البيئة المعنية بهذا الشأن ومع هذا فأن العراق يعيش في واقع يتفاقم فيه التلوث يوما بعد أخر , دون وجود دراسات أو حلول منتجة لحد ألان,
التلوث في ناحية الفهود
كون الفهود إحدى مدن العراق والتي تقع في قلب جنوب اهوار محافظة ذي قار وكون هذه المدينة تعرضت أراضيها واهوارها إلى سموم الحروب الطويلة بالإضافة إلى بروز حالات مخيفة من الإصابة بمرض السرطان لذا سعيت لدراسة واقع هذه المدينة من الجانب البيئي ولو بجزء ميسر فعوامل التلوث في هذه المدينة تنحصر في أمرين حسب رأي مصادر صحية في المدينة إلا مر الأول هو التلوث المائي: بالنسبة للماء فأن أغلب أبناء الناحية يستخدمون الماء الغير صالح للشرب, وذلك من خلال الإسالة التي تعاني من مشاكل كثيرة من أبرزها عدم توفر كميات كافيه من المياه في النهر مما يجعل مصاصات مشروع الإسالة تكتال مياهها من البرك والمياه الراكدة وبالتالي يؤدي إلى وصول مياه فيها ترسبات طينية وعوالق تجعل المياه عكرة وغير صالحة للاستخدام البشري , كما إن اغلب العوائل في الناحية لاسيما في القرى النائية تستخدم مياه الأنهر وهذه الأنهر هي اغلب مياهها راكدة وان ركود المياه يعني عدم صلاحية استخدامه.إما الأمر الثاني فهو تلوث الهواء: فنتيجة للحروب الطويلة التي دخلها العراق خلال العقود المنصرمة فقد تعرضت ناحية الفهود أسوة بالمناطق التي تجاورها في الجنوب إلى إن تستقبل أرضها العديد من الحاويات العنقودية والتي لازالت ماثلة إلى حد ألان بالإضافة إلى إلقاء الطائرات أسلحة فيها نوع من المواد المسرطنة والتي انعكست سلبا على حياة المواطن في المدينة فمنذ حرب الخليج الأولى ثم الثانية سجلت الفهود لوحدها وحسب أخر إحصائية صحية(290) إصابة بالسرطان بأنواعه المختلفة. منها 54 إصابة في قرية العمايرة وحدها والعدد المتبقي توزع على المناطق الأخرى. هذه الإصابات شملت كافة أنواع السرطانات منها ( سرطان الرئة ,سرطان المثانة, سرطان الدم , سرطان الغدد اللمفاوية ,سرطان البلعوم الخ) المركز الصحي الرئيس في الناحية يقف عاجز إمام هذه الحالات كونه لايملك إجراءات الكشف المبكر للمرض وتحديد العلاج اللازم له لأن هذا المرض خارج نطاق عمل المركز الصحي إما الكشف فيتم عن طريق الأطباء الاختصاص في عياداتهم لذلك حصلت نسبة عالية من الوفيات وان الرقم في تزايد ولا احد التفت إلى هذا الخطر المحدق بهذه المدينة وبمدن الجنوب عموما,,, فعلى من تقع المسؤولية ياترى ؟ وهل يبقى هذا المرض ينهش بأبناء الفهود واحدا تلو الأخرى حتى تصار المدينة برمتها إلى الانقراض ؟ فأين هي البيئة من التلوث الذي احتل العنصر المدمر في الفهود ؟ وأين هي رئاسة صحة ذي قار من ذلك ؟ بل أين هي الحكومة المركزية من هذا الواقع المؤلم ؟ والى متى نبقى نرفع شكوانا ولا احد يسمع أنيننا ؟ ؟
#جواد_كاظم_إسماعيل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟