|
رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي رئيس الوزراء
جاسم المطير
الحوار المتمدن-العدد: 2974 - 2010 / 4 / 13 - 17:58
المحور:
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
رسالة مفتوحة من جاسم المطير إلى السيد نوري المالكي رئيس الوزراء تحية طيبة وبعد : أملي أن تكون لذتي في كتابة رسالة مفتوحة ، إليكم شخصيا ، موضع عناية واهتمام من لدنكم . أنا لا انتظر أو أترقب أن يوافيكم احد مستشاريكم بمضمون هذه الرسالة لأن قلوبهم جميعا ممتلئة بالغبطة لفوز قائمة ائتلاف دولة القانون وما عادوا يحسبون حسابا لغير ذلك ، بل يحسبون لما يعقب ذلك الفوز من إعادة توزيع المناصب والتكايا المتعلقة بالمصلحة الشخصية البعيدة المدى . اسمحوا لي ، أيها السيد رئيس الوزراء ، أن اتجه مباشرة إلى القضية الجوهرية ، التي أريد إيصالها إلى سيادتكم ، في هذه الرسالة ، ظنا مني أن الكاتب الصحفي الصادق يقدم لقرائه ، دائما ، قضية من قضايا الوطن موجهة رأسا إلى رئيس الوزراء باعتباره الماسك الأول للسلسلة الثمينة التي تخص حقوق الشعب ومطالبه ومستقبله . أحيانا يكون رئيس الوزراء مالكا لبصيرة نافذة ومتكاملة وأحيانا لا يكون سوى متشبثا بأعناق البصيرة ، خاصة إذا ما كان وجيب قلوب عدد من المحيطين بالسيد رئيس الوزراء ليس متساوقا مع مشيته ومع خفق خطاه . لا ادري شيئا عن واقع الأمور المحيطة بكم غير أنني اعتقد أنكم كنتم خلال السنوات الأربع الماضية غير ميالين في الإصغاء لمن تحدث معكم بكل إخلاص ، من الصحفيين والكتاب العراقيين في خارج الوطن ، من الذين لا يريدون نصيبا من متاع الدولة العراقية ، بل كانوا يجدون في شخصكم الكريم نجما سياسيا يمكن أن يشع في سماء الظلمة العراقية ، التي ادلهمت ، بفوضى عارمة ، بعد سقوط الدكتاتورية الآثمة ، خاصة إذا قامت الحكومة بحس سليم على اتخاذ ترتيب سياسي – إداري جماعي لضمان أوسع إرادة شعبية مضنية من اجل بناء العراق الجديد، بدون أخلاقية السيطرة ، التي كانت في الماضي أساسا لجميع المعضلات والصعوبات والصراعات والعقد الاقتصادية والسياسية في بلادنا . لكن ، وأرجو أن لا يغيظكم الكلام الصريح ، كنتم خلال السنوات الماضية من حكم العراق على قناعة تامة وأنت كالطير القادم إلى الوطن من بعيد لا يحب غير البقاء في مكان منعزل عن الناس والحياة .لذلك أضاء مصباحكم في عش المنطقة الخضراء ، واقتصرت اجتماعاتكم مع وجهاء البلد ولم تهل يوما ما فرحة في عيون تجمعات المثقفين والعمال والكادحين ، لتسوية قضية من القضايا الكثيرة ، كأنما كانت تتنهد في أنفاسكم ضرورة الابتعاد عن الكادحين العراقيين . طار جناحاكم في مطار بغداد ذهابا وإيابا في دروب السفر إلى بلدان كثيرة من العالم ، من دون القدرة على تحويل البراعم العراقية إلى أزهار وتحويل الأقوال والوعود إلى أفعال . أيها السيد رئيس الوزراء المحترم أظن أنكم أعجبتم بالتغيير الرئيسي ، الذي أحدثه الغزو الأميركي الشامل ، لسبب واحد ، هو أن هذا الغزو كان عاملا رئيسيا وحيدا لتكونوا حاكما على العراق . انتم تستحقون هذا المنصب ، من وجهة نظري ، لأنكم تملكون ثنائي العقل المتنور والإخلاص لقضية الشعب ، إذ تملكون تاريخا نضاليا طويلا مشتركا مع الأحزاب الوطنية ومع الشخصيات العراقية الديمقراطية بهدف إسقاط نظام الدكتاتور صدام حسين . ثم استيقظتم ذات يوم بعد انتهاء انتخابات مغلقة عام 2005 لم يشهد لها مثيل لنواقصها في أي بلد من بلدان العالم المتخلف . الناس العراقيون يضعون أصواتهم بصناديق مغلقة ومراقبة لكنهم لا يعرفون من ينتخبون ، فوجدتم بعدها شخصكم الكريم رئيسا للوزراء إثر اقتباس تجربة صديقكم ورفيقكم الدكتور إبراهيم الجعفري ، الذي كان قد تربع قبلكم على كرسي رئاسة الوزراء ، من دون احترام الموضوعية ، ومن دون تجنب الإيديولوجية ، ومن دون الابتعاد عن بيئة الطائفية . لذلك لم يستطع زميلكم قبلكم ان يقوم بدعم الحياة العراقية الجديدة ولا ادري لماذا صار جنابكم رئيسا رومانسيا في زمن يقتضي تطوير الزراعة وإعادة أعمار الصناعة بالأساليب الواقعية . لا ادري لماذا أسقطتم اهتماماتكم بالنقد المخلص الموجه لكم من المخلصين العراقيين فأسقطتم بذلك عنصرا هاما من عناصر التقاليد النضالية المشتركة بين الوطنيين العراقيين جميعا . أريد ، اليوم ، أن أقول لكم اثر مطلبكم الشخصي المتكرر ومطلب ائتلاف دولة القانون بإعادة حساب وفرز الأوراق الانتخابية ، من جديد ، بالطريقة اليدوية ، وليس بآلية الكومبيوتر . بهذا ، يا سيدي الرئيس ، سجلتم بحماس تام عملية انعكاس مذهلة وفريدة في نوعها حيث ملخصها أن ( رئيس وزراء الدولة يتهم الدولة بالتزوير ) . هذا الأمر يثير من دون شك تجارب كافكا وارنست همنغواي والمخرج السينمائي فيلليني لأنهم لم يكونوا يتصورون مجيء يوم توجد فيه مهارة فائقة وقدرة تصويرية هائلة على استخفاف رئيس وزراء عراقي بشعبه المنكوب . فإذا كانت الانتخابات مزورة فانتم المسئول الأول عن ذلك لأن حكومتكم وجميع أجهزتها بقيادتكم حددتم كل شيء عنها ، بما في ذلك رعايتكم لكل الإجراءات ، التي أقدمت عليها المفوضية العليا المستقلة للانتخابات حيث وضعتم صوتها أعلى من كل صوت حين كنتم قد أعلنتم بداية عام 2010 عن النجاح المذهل الذي حققته قائمتكم حاملة اسمكم وصورتكم خلال ما تحقق في تراث انتخابات مجالس المحافظات . إن ظاهرية نجاح قائمتكم وحزبكم في (انتخابات مجالس المحافظات) كانت مثيرة لسعادتكم لكن نتائج (الانتخابات البرلمانية) التي تعبر عن احتمال حجب منصب رئاسة الوزراء عن سيادتكم أدى بكم إلى استهلال المواقف الفلسفية لتأديب المفوضية الانتخابية ، التي أشارككم الرأي أنها لم تكن كفء لعملها وهي ليست مستقلة بل هناك من يعمل فيها بوجهين احدهما خادعا وراء أقنعة تخفي تعقيدات شخصية وحياتية وسياسية ، إضافة إلى أنها مقطوعة الصلة بأي تواضع إنساني مما جعلها لا تعير أي اهتمام أو انتباه لعشرات من المذكرات التي قدمها آلاف من عراقيي الخارج ، من حملة التراث الوطني النضالي الطويل . مما جعلهم يستشعرون بالألم وبالحاجة إلى رئيس وزراء حازم في قواعد أحكامه وقراراته العقلانية ليشبع إحساس عراقيي الخارج بالعدالة والمساواة وروح المواطنة الفعلية . بالحق أقول لسيادتكم باعتباركم رئيس الوزراء الحالي ، وباعتباركم حالما برئاستها القادمة أيضا ، أنكم وغالبية أعضاء حكومتكم ومستشاريكم ومساعديكم ، في حزبكم وفي الدولة ، يعيشون ، مع الآسف ، في بيئة سياسية غير طبيعية . لا يجدون رابطا بين التفكير والفعل ، لا يعرفون معنى ضرورة توفير الرخاء الاقتصادي للشعب ، لا يعرفون معنى ازدهار الحياة للفقراء من أبناء الشعب ، لا يعرفون كيفية تقليص المآسي ، لا يعرفون مدى تأثير البطالة على المجتمع ،كما لا يعرفون مدى نتائج إرهاب العدو الجاثم في شوارع بغداد المستعد لتدمير كل ركن من أركان البلاد . لقد منحت فترة السنوات الأربع الماضية لجميع معاونيكم ، من الوزراء والمدراء والمستشارين ، القدرة والمنهج على تحويل كل وظيفة وكل مقاربة من قادة الدولة إلى وضعية نفعية ليست نزيهة حتى وان كان سطح علاقاتهم الشخصية ليس مبنيا على أرضية الرشوة . سيدي الرئيس لدينا نحن الصحفيين في الغربة ولديكم انتم في المنطقة الخضراء نضالا مشتركا ، واسعا وشاملا ، يتعين علينا أن نخوض غماره في المرحلة القادمة . هناك مئات الأمثلة لحالات وممارسات ، إدارية وحكومية ، تحتاج إلى تغيير ، فعال وسريع . هناك أيضا مفاهيم عالقة بطاقمكم تحتاج إلى تبديل . هناك بيئة طبيعية في بلادنا يمكن استغلالها لموارد كبرى لتغيير العراق من دولة متخلفة إلى دولة متقدمة بمدى زمني قصير لا يتعدى مدى نمو الأشجار المزروعة حديثا . ربما هذا الهدف يتطلب وجود مبادئ أخلاقية ، تعرفونها أفضل مني ، كشرط مسبق في عملية التغيير . في مقدمة هذه المبادئ ينبغي أن تسود المبادئ الديمقراطية في الدولة والمجتمع والأحزاب وبين المواطنين جميعا على اعتبار ان الديمقراطية تعبر عن ثقافة إنسانية كاملة ومتكاملة مع تطور الزمن ومع تطور وعي الناس . أخيرا أقول لسيادتكم أن أهم شيء يحتاجه شعبنا بعد الانتخابات هو (النشاط الأخلاقي) خاصة (النشاط السياسي الأخلاقي) الذي يلتزم ببراعة القدرة على تجميع الوطنيين العراقيين في بوتقة واحدة ، من دون اللجوء إلى (سيطرة) قوة من القوى السياسية على مقاليد السلطة ومن دون الإغارة على القوانين والدستور وعلى قواعد النضال الوطني الطويل . المغير الوحيد النافع لبلادنا هو القضية المعتادة في حل كل أنواع الصراع ، اعني الديمقراطية ، أخلاقا وفعلا ومرتجى ، أملا أن لا تضعفها حسابات الربح والخسارة في الانتخابات البرلمانية . ينبغي أن يكون مشروع ما بعد الانتخابات ليس مشروعا تجاريا ، بل ينبغي أن يكون مشروع تجميع الجهود الوطنية و الخبرة الجماعية للناس التكنوقراط المندمجين معا من اجل ازدهار الوطن والشعب . لنظرية قيادة الدولة والمجتمع قوانينها الخاصة إذ ليس من الصعب معرفة الكيفية في تحويل تجارب دولتنا والدول المتقدمة إلى معايير تخبرنا بالإجراء الصائب تمييزا عن الإجراء الخاطئ فالقوانين الديمقراطية ، وحدها ، تنظم الدولة لتكون أعمالها متوافقة بصورة جيدة مع مصالح الشعب العراقي بكل مكوناته . دمتم سيدي الرئيس عزيزا مع الوطن . أخوكم جاسم المطير ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ بصرة لاهاي في 12 – 4 – 2010
#جاسم_المطير (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صفات الإبصار في عقل النائب الحمار ..!
-
هل يكون الفرح الانتخابي جوهر الحياة الديمقراطية ..؟
-
الموت تفخيخا ووعد خمور الجنة وحور العين ..!
-
مشاغل الفائزين بالانتخابات تضخم فعاليات الإرهابيين
-
أبو مجاهد فوق القانون وهزال الادعاء باستقلالية القضاء / القا
...
-
البرلمان الطائفي أفيون الشعوب ..!!
-
تماثيل صدام حسين في طرابلس ..!
-
ضحايا وجلادون في شركة مصافي الجنوب بأرض الجن ..
-
تحية إلى وزارة الثقافة بمناسبة يوم المسرح العالمي ..!
-
سيدي الشاعر : إنهم يفضلون السماء الغائمة ..!
-
حمدية الحسيني هيكل انتخابي غامض وعاجز..!
-
دعوا مستشار الرئيس المالكي في نومه العميق ..!
-
مياه العراق عام 2222 كما أنبأتني العرّافة..!!
-
في السراء والضراء كانت قمرا لا يغيب
-
السينما الصينية تعتمد على مصادر القوة الداخلية في تطورها
-
بعض الملاحظات عن التعاون بين السلطات الثلاث لحل الأزمات السي
...
-
إلى النائب بهاء الاعرجي : اعتذر مِنْ شَرِّ ما صنَعْت وما قلت
...
-
احتمال بابلي : عضوات مجلس محافظة الحلة في حالة حب ..!
-
تخصيب يورانيوم هيفاء وهبي لشهر رمضان النووي ..!
-
اوكازيون المعركة الانتخابية بين أليسا ومليسا ..!!
المزيد.....
-
-لقاء يرمز لالتزام إسبانيا تجاه فلسطين-.. أول اجتماع حكومي د
...
-
كيف أصبحت موزة فناً يُباع بالملايين
-
بيسكوف: لم نبلغ واشنطن مسبقا بإطلاق صاروخ أوريشنيك لكن كان ه
...
-
هل ينجو نتنياهو وغالانت من الاعتقال؟
-
أوليانوف يدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتحقق من امتثال
...
-
السيسي يجتمع بقيادات الجيش المصري ويوجه عدة رسائل: لا تغتروا
...
-
-يوم عنيف-.. 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية على
...
-
نتنياهو: لن أعترف بقرار محكمة لاهاي ضدي
-
مساعدة بايدن: الرعب يدب في أمريكا!
-
نتانياهو: كيف سينجو من العدالة؟
المزيد.....
-
الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات
/ صباح كنجي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو
...
/ الحزب الشيوعي العراقي
-
المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت
...
/ ثامر عباس
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد
...
/ كاظم حبيب
-
لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3
/ كاظم حبيب
المزيد.....
|