|
انفال انفال و ما ادراك ما الانفال
عماد علي
الحوار المتمدن-العدد: 2973 - 2010 / 4 / 12 - 20:52
المحور:
حقوق الانسان
لست من الفقهاء و المفتين كي اشرح ما تتضمن الاية من المعاني و ابين خلاصة ما تقصده و من عمل بها في المرحلة التاريخية تلك، و لا حتى المعنى المجرد للكلمة تعني لي شيئا، و ان كانت لها دلالاتها التي لا يمكن ان نفسرها بشكل مطلق بعيدا عن ما كانت سائدة في حينها من اللغة و الظروف الاجتماعية الاقتصادية. و لكن المعنى الخاص بها و جوهر ما تعنيه و ليس مجازا فيه من الغدر و الاعتداء و انتهاك للحقوق ليس لها مثيل كما طبقت، و تعبٌر عن العقلية التي تعاملت مع الاحداث و كيف كانت الظروف الاجتماعية و الامور العامة و الاحوال و العلاقاتو اخلاقيات المجتمع في تلك الحقبة من الزمن على الاقل و في تلك المنطقة الجرداء. على كل حال، نترك ما تتحمل الكلمة لعديد من الاوجه من النواحي المختلفة الحياتية و ما تتحمل من القوانين التي يجب ان تصدر عن ما ارتكبت من الجرائم باسمها و بما يمنح الملمين بتلك الافعال و ما استندوا عليه شرعيا ، نتركه للمختصين و لا نتدخل فيه، الا اننا لنا ان نتمنى الغوص فيها من قبل المشرعين و خاصة في البرلمان العراقي القادم، انني هنا بصدد ما مورس و اعتدي على الناس ليس لهم فيما ظلموا من اجله ناقة و لا جمل، فيما يخص ما افتعلت من اجله و طبقت على ارض الواقع بهذا العنوان من القتل و التشريد و التعدي و الظلم و الغدر في قرن العشرين!! و كانها عملية اعتيادية و اعادة لما مورست من قبل و في منطقة اسلمت و امنت بهذا الدين الذي يؤمن بهذه الاية، و كانها على نفس الشاكلة منذ بدايات الفتوحات. معلوم لدى الجميع ان الدكتاتور العراقي البغيض لم يكن يختار عناوين حملاته العسكرية اعتباطا، على الرغم من كونه شخصا لم يؤمن يوما بالاسلام كفكر و فلسفة و عقيدة و دين مهما تبجح ، بل استغل هذا الدين في اواخر حكمه من اجل مرامه و اهدافه السياسية و في لحطة غافلة من الزمن لقب نفسه بعبد المؤمن و امير المؤمنين و تبعه نفر غير قليل من جميع الفئات و الشرائح و صدقوه من الانتهازيين و المصلحيين سوى من ما حسبوا نفسهم من عبد الله المؤمن او من السياسيين الحكماء!!، و هو استخدم كل ما يملك من الحيل و باسم هذا الدين زورا و بهتانا. حارب بكل قوته دولة اخرى و سمى كافة معاركه المتعاقبة باسماء دينية اسلامية و تضليلا للجميع ايضا و استخدمها طيل سنين حربهمع جارته ايران التي تعتبر نفسها غارقة في الدين الاسلامي ، و ساعده على البقاء صامدا من كان له المصالح السياسية و من دفع الثمن هو ابناء الشعب العراقي فقط. و بعدما فرغ من بغضه ماشاء من حرب طويلة ضروسة، انتقل الى ما سماها بالجبهة الداخلية و وجه بكل ما يملك من القوة و الجيش الجرار ضد من اعتبرهم في العلن فقط انهم شعبه و في الخفاء هم الخونة و العملاء و لم يستثني منهم احدا. بعد ان توقفت الحرب رسميا و قبلت بها ايران، شن الدكتاتور الحاقد في مثل هذه الايام حربه و صب جام غضبه و حقده بكافة السبل على الشعب الكوردستاني و وصلت قمتها في منتصف الشهر الرابع من العام نفسه التي انتهت فيه الحرب العراقية الايرانية، فقتل من وصلت اليه يديه من الناس العزل الابرياء و في حملة عشوائية مسح حوالي مئتي الف من الشيوخ و النساء و الاطفال عن الوجود بعد نقلهم الى غياهب السجون و ما عاملهم و مارس بحقهم ما لا يمكن ان يوصف في الصحراء القاحلة ، و لم يبق منهم ما يذكر الا القلة القليلة في هذه الحملة الشرسة و الفريدة من نوعها من الابادة البشرية ، و لم يرف له جفن لا بل لم ينبس اي بلد من الصديقة و الشقيقة ببنت شفة نتيجة سيطرة المصالح على الاحاسيس الانسانية لديهم و في مقدمتهم الدول التي تتبجح بالانسانية و احترام حقوق الانسان من الراسمالية العالمية، و لم تنطق من اعتبر الدكتاتور حامي البوابة الشرقية لهم غير المدح و الثناء له، الى ان وصلت النار الى عتبة بيوتهم و تأذٌوا منه و من فعلته ، بعد ذلك بدئوا يكشفون عن جرائمه و بعد فوات الاوان. خربت الدكتاتورية و دمرت و عاثت على الارض فسادا و كانت الوقود دائما الشعب العراقي، و نال الكورد و الطائفة الشيعية اكثر حصة من هذه الجرائم على الاطلاق، و الانفال يذكرنا بما حصل ، و لم يبق الا ان يتحرك الجميع وما تحرك هذه الجريمة ضمير العالم ليعترفوا به كجريمة ضد الانسانية على الاقل. خربت البيوت و سوت مع الارض اربعة الاف قرية و استباحت اعراض هذا الشعب الامن ، بحيث فصل و فرق الابن عن الاب، الزوج عن الزوجة ، الخطيب عن خطيبته، العريس عن عروسته في ليلة الزفاف ، الرضيع عن الام و هو في شهوره الاولى، الاخ عن اخيه، الاخت عن كل ما تملك، و لم يعثر لحد اليوم حتى على جثث الاكثرية الساحقة منهم، و صار بعض منهم ضحية بيد المخابرات الدولية و شتتوا في الدول التي تعتبر نفسها مهدا لارض الانبياء و الرسل، و تفتخر بالالتزام بهذا الدين الذي نهكت الاعراض باسمه و قتلت و ذبحت الاطفال بدم بارد مستندين على اياته و سوره ، و لم ينطق مفتي او عالم دين و يعلن برائه من الدكتاتور الظالم و ما فعله، و اطلق من تلك العناوين على حملاته، لا بل ايدته اكثريتهم. ان لم تكن للفعلة صلة بما سميت ، لماذا لم تدان او تنكر، لماذا لم ينطق ما يفتون اليوم بقتال المحتل و يسمونه بالجهاد ولم ينكروا ما اقدمت عليه الدكتاتورية على اخيهم المسلم ، و ان كان من غير عرقهم او مذهبهم . يتبادر الى الاذهان الف سؤال و سؤال حول ما حصل في حينه اثناء الفتوحات الاسلامية و مدى تشابهه مع ما اقدمت عليه الدكتاتورية البعثية و وجه التشابه بينهما ، اليس الضغط و الاحتلال و القتل و الذبح وانتهاك الاعراض و اخذ الجباية من دون وجه حق و اسر الشيوخ و استحلال الغنائم و التمتع بالجواري من الافعال الطبيعية اثناء الفتوحات، اذن ما وجه المقارنة بين الحملتين و بنفس الاسم في عصرين و حقبتين مختلفتين ، فهل من مجيب؟
#عماد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
هل ديموقراطية العراق في الاتجاه الصحيح ؟
-
كيفية تدخل الاكاديميين لايجاد الحلول السياسية لما وقع فيه ال
...
-
الحداثة و تاثيراتها على الهوية الثقافية في منطقتنا
-
ماذا يقدم الاعلام لما يحتاجه العراق في هذه المرحلة
-
بعد ترسيخ المواطنة تتفاعل العقلية المدنية
-
هل بالامكان اختزال الديموقراطية في العملية الانتخابية فقط؟
-
من يتحمل مسؤولية عبور المرحلة القادمة في العراق؟
-
ما يرن باستمرار في اذاننا هو العراق الى اين ؟
-
الى متى تطول مخاض ولادة الديموقراطية الحقيقية في هذه المنطقة
...
-
هل ما نحن فيه ازمة ام صراع مصالح القوى؟
-
هل هناك ازمة الشرائح المؤثرة في تنوير المجتمع ؟
-
الامن القومي لمجتمع موزائيكي الشكل و التركيب
-
مابين الاصلاح و التغيير في اقليم كوردستان
-
احذروا تبجح البعث باسم العلمانية
-
دور المثقف العراقي في الانتخابات البرلمانية
-
هل من متضرر في العملية الانتخابية العراقية ؟
-
ما يحصده المواطن من التعقيدات السياسية في العراق
-
دروس الانتخابات تدفع العملية الديموقراطية الى الامام
-
من اخفق في الانتخابات النيابية العراقية؟
-
ما الضير في اعادة عملية العد و الفرز للاصوات ؟
المزيد.....
-
ماذا يعني أمر اعتقال نتنياهو وجالانت ومن المخاطبون بالتنفيذ
...
-
أول تعليق من أمريكا على إصدار مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغال
...
-
الحكومة العراقية: إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات اعتق
...
-
العفو الدولية: نتنياهو بات ملاحقا رسميا بعد مذكرة المحكمة ال
...
-
البيت الابيض يعلن رسميا رفضه قرار الجنائية الدولية باعتقال ن
...
-
اعلام غربي: قرار اعتقال نتنياهو وغالانت زلزال عالمي!
-
البيت الأبيض للحرة: نرفض بشكل قاطع أوامر اعتقال نتانياهو وغا
...
-
جوزيب بوريل يعلق على قرار المحكمة الجنائية الدولية بحق نتنيا
...
-
عاجل| الجيش الإسرائيلي يتحدث عن مخاوف جدية من أوامر اعتقال س
...
-
حماس عن مذكرتي اعتقال نتنياهو وغالانت: سابقة تاريخية مهمة
المزيد.....
-
مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي
/ عبد الحسين شعبان
-
حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة
/ زهير الخويلدي
-
المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا
...
/ يسار محمد سلمان حسن
-
الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
-
نطاق الشامل لحقوق الانسان
/ أشرف المجدول
-
تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية
/ نزيهة التركى
-
الكمائن الرمادية
/ مركز اريج لحقوق الانسان
-
على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في
...
/ خليل إبراهيم كاظم الحمداني
المزيد.....
|