|
مواطن ..من بلادي !
هادي رجب حافظ
الحوار المتمدن-العدد: 2972 - 2010 / 4 / 11 - 21:16
المحور:
سيرة ذاتية
أتحدث عن الصديق ، عباس علي محمد شكر، أبو شوان ، الذي غيبه الموت ، في الأمس ، بعد صراع شجاع ، طويل ومرير ، مع المرض في مدينة يوتوبوري السويدية . طيب الذكر ، أبو شوان ، مواطن عراقي ، وإنسان عادي ، في أخلاقه وسيرته ، إلا أنه صادق في وطنيته ، ومحب لكل الناس، ويحظى بمودة واحترام معارفه وأصدقائه ، لتفرده في قيم أخلاقية واجتماعية عالية لا نجدها عند الكثير من بني البشر ،.في ظرفنا الراهن . علاقاته الإنسانية في محيطه ، واسعة ، متعددة ، ومتشابكة مع مختلف فئات الشعب ، بغض النظر عن وظائفهم ومراتبهم ، أو انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الطائفية ، يرتاد المقهى الشعبي وله أصحاب وأصدقاء فيه ، كما يدخل أرقى المنتديات الاجتماعية والجمعيات المهنية حيث له فيها خلان ومعارف ، يشاركهم الحديث ويصغي بانتباه متميز لمحدثيه ، بغض النظر عن خلفياتهم الفكرية والسياسية ، إلا أنه ميال في هواه ومحبته نحو الحزب الشيوعي العراقي ، دون أن يفصح عن محبته أو يعلن عنها ، فالرجل له أسلوبه الخاص وطريقته المتميزة فيما يحب ويكره ، كما يمتاز بحب المناكفة لمحدثه إن دخل في حديث سياسي ، أيا كان المتحدث ، يتخندق فكريا ضده ، لاستبيان حقيقة ما يرمي إليه محدثه ولمعرفة الهدف الذي يوجه إليه سهامه ، إلا أن مناكفته تبلغ ذروتها إن كان المتحدث معه شيوعي التنظيم أو الهوى ، فهنا يُظهر بوضوح مشاعره ، وتتجلى بصدق محبته للحزب ، ليس بالمدح والإطراء ، وإنما بالنقد اللاذع وتبيان الأخطاء والتأشير عليها ، دون مواربة أو تزييف للحقائق أو لي أعناقها ، فمن خلال مخالطته لفئات كثيرة من القوى المعادية والمناهضة للحزب الشيوعي العراقي وفكره ، كانت له القدرة بفرز الصدق من الكذب ، مما تلوكه هفوات اللسان ، عندما تدور الخمرة في الرؤوس، ويستنتج رغم احتدام النقاش فيما بين الحضور الخلاصة من الحديث ، والمؤشر لاتجاه السلطة الواقعي ( القومية بشكل عام والبعثية بشكل خاص )وتوجهاتها السياسية والأمنية ضد الحزب الشيوعي ، تقوده نباهته في الاستنتاج لتحليل الواقع السياسي ، على ضوء مايسمع من محدثيه سلبا أو إيجابا ، فميزانه عادل ولا يخطأ التقييم : " فكل مديح لسياسة الحزب من جهات معادية للحزب الشيوعي العراقي ، يعتبره دليلا ومؤشرا هاما على خطأ سياسة الحزب وتوجهاته المرحلية ، وكل هجوم عليه وعلى شعاراته السياسية من قبل مناهضيه السياسيين يعتبره دليل عافية وصحة للحزب في نشاطه وخطه السياسي.." في ظروف قاهرة وصعبة جدا ، من علاقات الحزب الشيوعي بحكومة البعث ، أيام ناظم كزار ، المقبور ، آوى في داره ، لأيام طويلة ، بعض الكوادر العسكرية ، المطلوبين أمنيا ، من رفاق الحزب الشيوعي العراقي ، في وقت كان يتهدد الخطر أهل البيت قاطبة جراء تستره على المعادين لسلطة البعث ، لنتصور ما كان سيحدث للعائلة إن اهتدى ناظم كزار على ما يبحث عنه ... كان صديقنا ، أبو شوان غير الشيوعي ، بهذه الشجاعة المتحدية للنظام الفاشي آنذاك...! ليس هذا فقط ، موقفه الفريد والمتميز ، إنما هو بعض ما اتصف به صاحب الذكرى العطرة ، أبو شوان الإنسان، فله مآثر بطولية ، ربما حتى رفاق شيوعيين منضوين تنظيميا غير قادرين على القيام بها ، ففي منتصف سبعينات القرن الماضي ، اهتدت مخابرات البعث على وكر لقيادي كبير في الحزب ، يسكنه مع عائلته في شارع 52 ، وقبل أن تداهم المخابرات الدار ، بادر متطوعا ، أبو شوان ، لإخلاء الوكر ومحتوياته بالكامل ، بما فيها المكتبة والوثائق الحزبية المهمة، مضحيا بنفسه ومعرضا عائلته وماله لخطر جدي ! ربما حتى اللحظة يتباهى سكنة الوكر بأنهم تمكنوا من الهرب !إلا أنهم لم يتفوهوا بكلمة شكر وحتى اللحظة لذلك الإنسان الذي أنقذهم من الوقوع بيد مخابرات النظام ، ولست أدري إن كان اليوم سيبادرون بكلمة عزاء لعائلته المنكوبة !! .. للفقيد أبو شوان ، مآثر أخرى وكثيرة تعدادها في يوم نعيه ، وفي هذه العجالة لا يتسع لها المقام ، ولا الوقت ، إلا إننا ، أعني الشيوعيين ، بحاجة لمثل أبي شوان ، رجلا شهما ، وصديقا شريفا ، لا رفيقا حزبيا ، فمثله يكون سورا للحزب ،ولرفاقه منقذا أيام المحن ، والحزب في ظرفه الراهن بحاجة لأن يوثق أفعال وبطولات أبناء شعبنا من الخيرين والشجعان أمثال أبي شوان .الإنسان.. غادرنا الفقيد عباس علي محمد شكر ، أبو شوان، مخلُدا بأفعال بيضاء ناصعة ، وعائلة رائعة ، تحب الناس وتعمل الخير، هم زوجة صالحة ، وثلاثة أبناء: البكر شوان والصغير مروان والبنت جيان وأحفاد ةحلوين ، كلهم سيحفظون ذكراه ....عزاؤنا الحار لهم ، فالخطب جلل والصبر جميل لتخلد روحك وترتاح ، فالأبطال الحقيقيون هم دائما مثلك من بسطاء الناس وعامتهم !
#هادي_رجب_حافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كيف تحوّلت تايوان إلى وجهة تستقطب عشاق تجارب المغامرات؟
-
فيديو مروع يظهر هجوم كلب شرس على آخر أمام مالكه في الشارع
-
لبنان.. عشرات القتلى بالغارات الإسرائيلية بينهم 20 قتيلا وسط
...
-
عاصفة ثلجية تعطل الحياة في بنسلفانيا.. مدارس مغلقة وحركة الم
...
-
مقتل مسلح وإصابة ثلاثة من الشرطة في هجوم قرب السفارة الإسرائ
...
-
اتفقت مع قاتل مأجور.. نائبة الرئيس الفلبيني تهدد علنا باغتيا
...
-
العثور على جثة الحاخام المفقود في الإمارات وتل أبيب تعتبر ال
...
-
سكوت ريتر: بايدن قادر على إشعال حرب نووية قبل تولي ترامب منص
...
-
شقيقة الملك تشارلز تحرج زوجته كاميلا وتمنعها من كسر البروتوك
...
-
خبير عسكري روسي: واشنطن أبلغت فرنسا وبريطانيا مباشرة بإطلاق
...
المزيد.....
-
سيرة القيد والقلم
/ نبهان خريشة
-
سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن
/ خطاب عمران الضامن
-
على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم
/ سعيد العليمى
-
الجاسوسية بنكهة مغربية
/ جدو جبريل
-
رواية سيدي قنصل بابل
/ نبيل نوري لگزار موحان
-
الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة
/ أيمن زهري
-
يوميات الحرب والحب والخوف
/ حسين علي الحمداني
-
ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية
/ جورج كتن
-
بصراحة.. لا غير..
/ وديع العبيدي
-
تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون
/ سعيد العليمى
المزيد.....
|