أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - من وحي كتاب فهد (الحلقة السادسة عشرة) سياسة فهد الاقتصادية















المزيد.....


من وحي كتاب فهد (الحلقة السادسة عشرة) سياسة فهد الاقتصادية


حسقيل قوجمان

الحوار المتمدن-العدد: 905 - 2004 / 7 / 25 - 12:15
المحور: ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية
    


وضع الباحثان فصلا بحثا فيه مراحل تكون شخصية فهد الاقتصادية لغرض التوصل الى تحليل خطه الاقتصادي في قيادة الحزب الشيوعي. ومن المنطقي في مثل هذه الحالة سلوك تسلسل كرونولوجي في بحث عوامل تكوين شخصية فهد الاقتصادية اي البدء بالتأثيرات الاولية ثم التقدم الى التأثيرات النهائية. ولكن الباحثين فضلا البدء في المرحلة النهائية او شبه النهائية من هذا التكوين والرجوع القهقرى فيما بعد الى المراحل الاولية.
استهلا الفصل بفقرة طويلة يبديان فيها رأيهما في كيفية دراسة الماركسية دراسة وافية. "أكد لينين في كتاباته حول النظرية الماركسية ان ما سمي بالنظرية الماركسية ليست من نتاج ماركس وانجلز وحدهما او المرحلة التي مرا بها، بل هي من نتاج المعرفة البشرية التي تراكمت حتى ذلك الحين في العالم، ولكن بشكل خاص في اوروبا، وان فهم الماركسية واستيعاب القوانين التي اكتشفتها والنهج الذي طرحته للتحليل والاستنتاج (التجريد والتجسيد والتدقيق) يفترض العودة الى الاصول التي استندت اليها وطورتها واغنتها ووضعت بعضها على قدميها بعد ان كانت تقف على راسها، كما فعل ماركس مع فلسفة هيغل المثالية ونهجه الديالكتيكي." (ص ٣٦٥) وبعد تفصيل النقاشات والدراسات التي استند اليها كارل ماركس بالتعاون مع انجلز يبينان ان النظرية الماركسية استندت الى الفلسفة الالمانية والاشتراكية الفرنسية والاقتصاد البريطاني كما هو معروف. وفي نهاية الفقرة الطويلة يشيران الى الصفحة ٢٣٢ من المجلد الخامس من مختارات لينين بدون ان يحصرا اقوال لينين بقويسي الاقتباس وكأن كل محتويات الفقرة الطويلة مقتبس من لينين.
ومغزى الفقرة كلها هو ان من يريد ان يتقن الماركسية عليه ان يرجع الى الاصول التي درسها ماركس وانجلز، اي على الاقل دراسة فلسفة هيغل وفويرباخ الالمانية، واشتراكية فلاسفة الثورة الفرنسية وبحوث الاقتصاد البريطانية. "وكان لابد لكل ماركسي يريد ان يستوعب المنهج المادي الديالكتيكي والتاريخي وسبل استخدامه في التحليل العلمي وفي فهم النظرية الماركسية والقوانين الموضوعية التي اكتشفتها، ان يطلع على تلك المصادر الاساسية ويدرسها بعناية. وكان هذا ديدن الناشطين في الحقول النظرية والعملية في الاحزاب السياسية العمالية حينذاك..." (ص ٣٦٥) وارجو ان يكون هذا ديدن الباحثين ايضا في اتقانهما للماركسية بالشكل الذي نلمسه في كتابتهما وتحليلاتهما. ولكن ماركس في الحقيقة قام بهذه المهمة باوسع شكل بحيث ان المراجع التي اقتبس منها في كتاب الراسمال تجاوزت الستة الاف مرجع فتوصل الى نظرية كاملة يستطيع الانسان اتقانها وفهمها وتطبيقها بدون الحاجة الى مراجعة جميع تلك المراجع التي استند اليها. وجاءت كل هذه المقدمة الطويلة لغرض معين هو ان تدريس الماركسية لم يكن تدريسا كاملا ووافيا نظرا الى انه اقتصر على مؤلفات ماركس وانجلز ولينين وستالين. فجاء في نفس الفقرة "الا ان هذه الوجهة في النشاط الفكري والسياسي والتثقيفي العام فقدت الكثير من زخمها تدريجا في الفترة التي اعقبت ثورة اكتوبر الاشتراكية (او البرجوازية الفوقية كما جاء في تحليلاتهما في اماكن اخرى) وبشكل خاص بعد وصول ستالين الى قيادة الحزب والدولة وتسلم زمام السلطة كاملة غير منقوصة (كما تسلمها اياد علاوي والياور مثلا في ايامنا) وقيادته المباشرة وبيد حديدية واحدة للسلطات الثلاث (التشريعية والتنفيذية والقضائية) اضافة الى هيمنته الفعلية على الاعلام، باعتباره السلطة الرابعة، ومنها الصحافة والنشر والراديو، وتفاقمت هذه الاشكالية حين جرى اختصار التثقيف وحصره بكتابات ماركس، انجلز، لينين وستالين بالنسبة لشيوعيي العالم كله." (ص ٣٦٥-٣٦٦). وهنا بيت القصيد. فثقافة فهد الماركسية كانت نتاجا لفترة ستالين الناقصة المحصورة في المؤلفات الماركسية التي جرى تدريسها في جامعة كادحي الشرق. بل اكثر من ذلك "كان فهد من ابناء الجيل الذي فتح عينيه في العمل السياسي على فترة ستالين في قيادة الحزب والدولة السوفييتية والحركة الشيوعية العالمية . وكانت كتابات ستالين على نحو خاص، ومجموعة من كتابات لينين، هي المعروفة على نطاق واسع، وبشكل خاص في المدرسة الحزبية في موسكو..." (ص ٣٦٦)
ثم يعود الباحثان القهقرى قليلا لبحث الصعوبات التي كان المثقفون العراقيون يجابهونها في الحصول على الادبيات الماركسية وخصوصا المترجمة منها ثم يقولان "يبدو ان فهد كان من بين من حاول، وهم قلة، الاستعانة بما هو متوفر في العراق لتطوير معارفه بالنظرية الماركسية، رغم كثرة الصعوبات التي تعترض ذلك." (ص ٣٦٦). ثم ياتي سرد كافة المصادر القليلة العربية والاجنبية التي كانت متوفرة في العراق.
ثم عودة الى برامج تدريس الماركسية في المدرسة الحزبية حيث يقسمانها الى عدة فروع اولها مبادئ الاقتصاد السياسي "وكانت تتضمن جملة من المسائل الاساسية في الاقتصاد الكلاسيكي للراسمالية مستلة من كتاب راس المال لكارل ماركس..." (ص ٣٦٧) وعدد الباحثان في هذه الفقرة اكثر عناوين فصول الراسمال مثل السلعة والنقود والقيمة والقيمة الزائدة الخ.
والثانية هي "مواد من كتاب الامبريالية اعلى مراحل الراسمالية وتطور الراسمالية في روسيا" وشرح محتوى هذين الكتابين النظري
والثالثة "المصادر الثلاثة للماركسية" وهي مقالة كتبها لينين عن ماركس ونظريته.
والرابعة "تجربة البناء الاقتصادي في الاتحاد السوفييتي" ثم شرح الخطوات الاقتصادية التي جرت في التقدم نحو المجتمع الاشتراكي الذي لا يؤمن الباحثان به.
والخامسة "واقع ونتائج الهيمنة الاستعمارية والاستغلال الراسمالي لشعوب هذه البلدان واستثمار مواردها الاولية والهيمنة علىاسواقها وتحقيق اقصى الارباح فيها الخ ..
واستنتجا من كل ذلك "ولا شك في ان سمتي الدأب والمثابرة اللتين تميز بهما فهد ساعدتاه على استيعاب مناسب وجيد للمواد التي درسها وسمحت له بالاستفادة منها في التحليل العلمي والموضوعي لاوضاع العراق الاقتصادية الملموسة." وهنا لابد من بعض التحفظ "وعندما نشير الى ذلك لا يعني هذا بان تلك المقالات والافكار التي عرضها فهد لم تكن تتضمن بعض التصورات او القوالب الجامدة المنقولة عن تجربة الاتحاد السوفييتي او الماخوذة نصا من كتابات ماركس ولينين لتطبيقها على العراق او لنقد السلطة التي لا تقوم بذلك، كما سناتي على ذكره في حينه." (ص ٣٦٨)
وبعد ان بين الباحثان ان فهد "استند في تحليلاته الاقتصادية ... على الفكر الماركسي او النظرية الماركسية وعلى الواقع المعاش في العراق، ولكنه كان قد تأثر بشكل خاص بكتابات لينين وستالين وبالتجربة السوفييتية ...فانه قد تميز بالواقعية والموضوعية والملموسية اضافة الى الوضوح والتماسك والبساطة في العرض وفي اللغة المستخدمة القريبة من اذهان عامة الناس..." (ص ٣٦٨) وجاءت مدائح اخرى عن شخصية فهد الاقتصادية والسياسية مما يؤكد على ما جاء اعلاه وذكر بعض مؤلفاته كالبطالة ومستلزمات كفاحنا الوطني وغير ذلك.
ينتقل الباحثان الان الى المهمة التي وضعاها لنفسيهما من كتابة هذا الفصل ويبدآن في بحث العوامل الاولية في تكوين فهد كمواطن عراقي ببحث طويل عن علاقاته بالطبقة العاملة والفلاحين في البصرة والناصرية ونشاطه في الحزب الوطني لجعفر ابو التمن. وشرح الاوضاع السياسية والاقتصادية في العراق من السيطرة الامبريالية وسيادة الاقطاع والكومبرادور التجاري وتآلفها والتناقضات فيما بينها ووجود البرجوازية الوطنية والاستناد الى كتابات فهد في هذا الخصوص.
ثم يقولان "ربط فهد بوعي عميق بين هذا الواقع وبين مسالتين جديرتين بالاهتمام الكبير وهما : غياب الحريات الديمقراطية ... والاخلال بالاستقلال والسيادة الوطنية ..."
"ان هذا الفهم الموضوعي الواضح للمسالة عند فهد عبر عن وعيه بطبيعة المرحلة التي كان يمر بها العراق والتي سميت في حينها مرحلة التحرر الوطني التي كانت من بين ابرز اهدافها ضمان التمتع بالحريات الديمقراطية والحقوق الاساسية للافراد والمجتمع." (ص ٣٧٢)
ويقولان "كانت هذه الدراسة، وخاصة الذاتية منها، (اي الدراسة المنقوصة حسب رايهما) عونا لفهد في نضاله الفكري والسياسي وجهوده التنظيمية اللاحقة لبناء الحزب الماركسي – اللينيني في العراق ورسم استراتيج وتكتيك الحزب وتكريس وجوده ومساهمته المميزة في الحياة السياسية العراقية على امتداد الفترة موضوع البحث." (ص ٣٦٦ – ٣٦٧)
ويقولان "ابتداءا نشارك الاخرين قولهم بان فهد لم يكن كاتبا او باحثا علميا ضليعا بشؤون الاقتصاد والفلسفة وعلم الاجتماع، ولكنه كان واعيا لها ومستفيدا منها في الممارسة النضالية وفي الدعاية للفكر الماركسي – اللينيني، كما كان واعيا في فهمه لواقع العراق حينذاك، كما كان مدركا لدوره في الحزب الشيوعي العراقي وفي الحركة الوطنية العراقية وواثقا من نفسه."(ص ٣٦٨-٣٦٩). لا باس ان نتذكر هنا ان الباحثين اوردا سابقا انتقاد كامل الجادرجي لثقة فهد من نفسه هذه.
وامثال جمل المديح والتقدير مثل هذه كثيرة في هذا الفصل. فهل يسمح لي الباحثان بسؤالهما ان كان باستطاعتهما ان يقولا، بدون ان يعبدا شخص فهد، ان فهد كان قائدا حكيما للطبقة العاملة العراقية والشعب العراقي؟ وهل يسمحان لي، بدون ان يتهماني بعبادة شخص فهد او بأليهه، القول بان الشعب العراقي لم ينجب منذ اغتيال فهد حتى اليوم، قائدا حكيما يمكن قياسه ولو بدرجة ضئيلة مع فهد؟ وهل يسمح لي الباحثان، بدون ان يتهماني بعبادة شخص فهد او تأليهه، ان اضيف ايضا بان الشعب العراقي والطبقة العاملة العراقية باشد الحاجة اليوم الى قائد حكيم مثل فهد لينظمه ويقوده للخلاص من محنته الحالية؟ كان العراق في عهد الرفيق فهد بلدا شبه استعماري فاصبح اليوم مستعمرة مباشرة بقرار من مجلس الامن. وحتى يوم ٢٧ حزيران كانت في العراق جيوش احتلال معترف بها من الامم المتحدة والمجتمع الدولي، فاصبحت هذه الجيوش في ٢٨ حزيران قوى متعددة الجنسيات دعاها رئيس الدولة من الامم المتحدة. ومنح بريمر العراق دولة كاملة السيادة لها رئيس جمهورية ونائبان ووزارة ورئيس وزراء يقوم بدعوة القوى المتعددة الجنسيات التي لم تعد جيوش احتلال بان تشن حرب ابادة على دار في الفلوجة لتدميره على سكانه لانه يشك ان فيه زرقاوي او شبه زرقاوي. هل يقوم بوش بدعوة سلاح الجو الاميركي للقيام بحرب ابادة مماثلة على دار في نيويورك يشك ان فيه بن لادن او شبه بن لادن ام يرسل شرطة لالقاء القبض عليه واستخدام اقل ما يمكن من العنف ضده اذا ابدى مقاومة مسلحة للاعتقال؟
جاء في الفقرة المقتبسة اعلاه "ان من بين ابرز اهدافها (مرحلة التحرر الوطني) ضمان التمتع بالحريات الديمقراطية والحقوق الاساسية للافراد والمجتمع" فهل هذا صحيح في راي فهد؟ كان العراق في عهد فهد بلدا شبه استعماري شبه اقطاعي. لذا فان مرحلة التحرر الوطني كانت تعني حصرا تحرير العراق من هذا الوضع الاستعماري الاقطاعي. ويتحقق هذا بالقضاء على الحكم شبه الاستعماري شبه الاقطاعي بثورة برجوازية. وهذا ما حدث في ثورة ١٤ تموز ١٩٥٨. ولا اريد الاطالة في بحث هذا الموضوع لانه يبعدنا عن موضوع الحلقة.
اطرى الباحثان كثيرا في هذا الفصل على مزايا قيادة فهد السياسية والتنظيمية والاقتصادية والفكرية. ولكن لابد ان يكون "في الزبيبة عود"
قال الباحثان "ولا شك في ان سمتي الدأب والمثابرة اللتين تميز بهما فهد ساعداه على استيعاب مناسب للمواد التي درسها وسمحت له بالاستفادة منها في التحليل العلمي والموضوعي لاوضاع العراق الاقتصادية الملموسة. وعندما نشير الى ذلك لا يعني هذا بان تلك المقالات والافكار التي عرضها فهد لم تكن تتضمن بعض التصورات او القوالب الجامدة المنقولة عن تجربة الاتحاد السوفييتي او الماخوذة نصا من كتابات ماركس ولينين لتطبيقها على العراق او لنقد السلطة التي لا تقوم بذلك، كما سنأتي على ذكره في حينه... (ص ٣٦٨) وانتظرنا طويلا ان يأتيا على ذكره في حينه. فانتقدا فهد عدة مرات بدون ان يذكرا ايا من الانتقادات يعود الى هذه القوالب الجامدة. اقتبس شيئا من هذه الانتقادات.
في صفحة ٣٧٦ جاءت العبارة التالية "... لو كان نفطنا بايد وطنية امينة او بايد وطنية – اجنبية مشتركة - على اساس العدل والتساوي – لما عرف العراق ازمة البطالة القائمة اليوم، ولتغير وجه العراق الاقتصادي والاجتماعي، ..." واشار الباحثان هنا الى ان الاقتباس هو من مؤلفات فهد ص ١٩٤ ورجعت الى نفس الصفحة فلم اجد هذه العبارة ولعل النسخة التي لدي تختلف عن النسخة التي اقتبسا منها. ولكن تعليقهما على هذه العبارة كان غريبا "واستفاد فهد في هذا الموقف من النهج الذي حاول لينين ممارسته في الاتحاد السوفييتي ابتداءا من عام ١٩٢١ في مشروعه المعروف ب "السياسة الاقتصادية الجديدة (النيب) الذي طرحه في عام ١٩٢١ في محاولة منه للتخلص من الاخطاء التي رافقت عمليات التاميم الواسعة وصعوبة الحصول على التوظيفات الراسمالية الضرورية ودعوته الراسمال الاجنبي للتوظيف المشترك في الاتحاد السوفييتي (وهنا يشير الباحثان الى رقم صفحة من النسخة الالمانية لتاريخ الحزب البولشفي بدون ان يضعا قويسي الاقتباس على العبارة المقتبسة من التاريخ) ويواصلان "ولكن هذه السياسة، التي اقرت من حيث المبدأ بالاخطاء التي تم ارتكابها خلال السنوات الاربعة التي اعقبت الثورة وتحقيق الانتصار ضد حرب التدخل في شؤون الاتحاد السوفييتي الداخلية، لفظها ستالين فيما بعد ولم تنفذ، كما لم تستجب الشركات الراسمالية الاحتكارية الاجنبية من جانبها لتلك الدعوات، اذ كانت تريد تطويق وخنق الاتحاد السوفييتي الجديد وهو في مهده"
ليس في نيتي مناقشة تزوير تاريخ السياسة الاقتصادية الجديدة والاسباب التي ادت الى اتخاذها والاسباب التي ادت الى انهائها هنا اذ كنت قد كتبت حلقة خاصة حول السياسة الاقتصادية الجديدة (النيب). وانما اوردت هذا الاقتباس لمناقشة استفادة فهد من النيب في تحليله لموضوع احتكار النفط من جانب الدول الامبريالية. فالباحثان يصوران كأن فهد استفاد من النيب للتوصل الى فكرة حيازة النفط بايد عراقية او مشتركة مع ايد اجنبية على اساس العدل. هل يتصور الباحثان حقا ان فهد، بالصفات الهائلة التي اغدقاها عليه في هذا الفصل، من السذاجة بحيث يقارن بين حكومة اشتراكية مالكة لكامل الكيان الاقتصادي في الاتحاد السوفييتي مع حكومة اقطاعيين وكومبرادور موالية للاستعمار ويدعوها لكي تتصرف مثل الاتحاد السوفييتي في السياسة الاقتصادية الجديدة؟ أترك الجواب للباحثين. ولكن اود الاشارة هنا الى ان هذا الانتقاد يبدو وكانه احد القوالب الجامدة التي وعدنا الباحثان ببحثها في هذا الفصل.
وفي صفحة ٣٧٧ جاءت العبارات التالية: "ودعا فهد في ذات الوقت الى اقامة قطاع اقتصادي مختلط تساهم فيه الدولة مع شركات النفط الاحتكارية العاملة في العراق لضمان الحفاظ على المصالح العراقية. وبالتالي، واذا كان فهد لا يرى مانعا من مشاركة الدولة في المشاريع الاقتصادية الاجنبية التي اقيمت في العراق، فمن الاولى ان لا يمانع في اقامة قطاع مختلط –خاص وعام – في الاقتصاد العراقي. الا ان فهدا، من حيث المبدأ، لم يكن مع استمرار وجود القطاع الخاص الاجنبي، اذ كان يعارضه من حيث المبدأ انطلاقا من موقف الدولة السوفييتية التي قامت بتأميم المشاريع الاقتصادية بعد ثورة اكتوبر، الا ان موقفه هذا استند الى الواقع العراقي وميزان القوى الطبقية والسياسيةـ اضافة الى واقع التخلف في العراق وصعوبة ادارة المشاريع الاقتصادية الكبيرة من قبل الفنيين والاداريين العراقيين الذين لم تكن لديهم المعرفة والخبرة الكافية لادارة مثل هذه المشاريع وانجاحها في انجاز عملها وتحقيق النتائج المرجوة للاقتصاد العراقي." اذا كان فهد حسب راي الباحثين قد استند الى الواقع العراقي الخ... فاين الانطلاق من موقف الدولة السوفييتية التي قامت بتأميم المشاريع الاقتصادية؟ ليس لي تعليق على هذه العبارة والتشويه الذي بها ولكني اود ان اشير الى ان اقحام موضوع تأميم جميع المشاريع الاقتصادية في الاتحاد السوفييتي جاء لغرض واحد هو البرهنة على وجود "القوالب الجامدة المستمدة من تجربة الاتحاد السوفييتي" في تحليل فهد للاوضاع الاقتصادية في العراق. علينا ان نتذكر هنا ان كتابات فهد لم تكن تعبر عما يزمع انجازه لدى تولي حزبه السلطة وانما كان مجرد تحليل للاوضاع الاقتصادية القائمة في العراق.
عود اخر في الزبيبة: "عند اجراء مقارنة بين تحليلات فهد لطبيعة الاستعمار وسياساته ومواقفه مع تحليلات القوى والاحزاب السياسية الاخرى، سيجد الانسان بان تشخيصاته للموضوع كانت اكثر دقة وعلمية وموضوعية من اي قوة وطنية اخرى او حزب سياسي اخر، بيد ان هذا لا يعفينا من القول بان بعض التعميمات في هذه النظرة الى طبيعة الاستعمار ذات جانب واحد فالنقطة الاولى تؤكد بان الاستعمار في قطر واحد لا يمثل مصالح دولة استعمارية واحدة، صحيح ولكنه ناقص، اذ لا يمكن تناسي الصراع الذي كان محتدما، وخاصة في النصف الاول من القرن العشرين بين الدول الاستعمارية في سبيل تقسيم مناطق النفوذ الاستعماري في ما بينها، حيث زجت بشعوبها في حربين عالميتين وتسببت في موت عشرات الملايين من البشر..." (ص ٢٧٨-٢٧٩) السؤال هو هل كان فهد جاهلا او ناسيا هذا الصراع بين الدول الاستعمارية في نفس وقت تأكيده على ان الدولة المستعمرة هي التي تمثل كامل الدول الامبريالية في تلك الدولة تجاه نضال شعور المستعمرات ضد الامبريالية عموما؟ وهل اختفى هذا الصراع في النصف الثاني من القرن العشرين في عصر العولمة والحرب العالمية الثالثة التي نعيشها الان؟ وهل ينطبق تحليل فهد للاستعمار انذاك على ما يجري في العراق المستعمر اليوم؟
العود الاخير في الزبيبة الذي اقتبسه في هذا المقال: "لم يطرح فهد في الميثاق الوطني الذي قدمه للكونفرنس الحزبي الاول الموقف الواضح من العلاقات شبه الاقطاعية التي سادت العراق حينذاك...بل طالب بتوزيع الاراضي الاميرية على الفلاحين وصغار المزارعين والتوقف عن توزيع الاراضي على الاقطاعيين وكبار المتنفذين في الدولة ... اي ان فهدا، ومعه الحزب، لم يطرح في حينها شعار تصفية العلاقات الانتاجية شبه الاقطاعية التي كانت تتحكم برقاب الغالبية العظمى من سكان العراق التي كانت تعيش على الزراعة..." (ص ٣٨١)
ماذا نفعل اذا كان فهد يميز بين الاستراتيجي والتكتيك بينما لا يميز ناقداه بينهما؟ وماذا نفعل اذا كان فهد قد وضع برنامج الحزب الشيوعي "استنادا الى الواقع العراقي وميزان القوى الطبقية والسياسية"(ص ٣٧٧) اي بدون القوالب الجامدة المستمدة أو "المستلبة" من تجربة الاتحاد السوفييتي؟
فصل فهد في برنامج الحزب بين الاستراتيجي والتكتيك فوضع القسم الاستراتيجي تحت عنوان المنهاج وهو القسم الذي حذفه جامعو مؤلفات فهد والقسم التكتيكي تحت عنوان الميثاق وهو ما اطلع عليه الباحثان من مؤلفات فهد. ومعروف ان الميثاق كان يتضمن شعارات تكتيكية يمكن تحقيقها في ظل النظام شبه الاقطاعي وحتى اذا عجز الشعب في نضالاته ان يحققها فانها تشكل عاملا محركا في النضال واجتذاب الشعب العراقي بعماله وفلاحيه حول الحزب. فلو فرضنا ان شعارا مثل شعار اجازة الحركة النقابية قد تحقق فهذا يعني انتهاء هذا الشعار من الميثاق وتغييره الى شعار اخر يناسب ظروف النضال الاني في حينه. ولو فرضنا ان الحزب رفع شعار الغاء العمل بنظام القطعة وتحقق الشعار فيحذف هذا الشعار من الميثاق الوطني ويوجد شعار اخر يحرك الجماهير. وهذا ينطبق على شعار توزيع الاراضي الاميرية . فالاراضي الاميرية لم تصبح بعد جزءا من الملكية الاقطاعية ويمكن نظريا توزيعها بدون المساس بالنظام شبه الاقطاعي. فاذا ازداد ضغط الفلاحين في هذا الاتجاه واستطاعوا تحقيقه فهو انتصار كبير للحركة اما اذا عجزت جماهير الفلاحين عن تحقيقه فقد كان النضال من اجله محركا كبيرا لهذه الجماهير.
اما القضاء على العلاقات الاقطاعية او شبه الاقطاعية فهو شعار لا يمكن تحقيقه ضمن نظام الحكم شبه الاقطاعي شبه الاستعماري القائم. ان شعار توزيع الاراضي على الفلاحين ومصادرة املاك الاقطاعيين هو شعار يتطلب القضاء على النظام الاقطاعي ذاته وهو لذلك لا يمكن تحقيقه كشعار تكتيكي. ان توزيع الاراضي على الفلاحين او ما يسمى بالاصلاح الزراعي شعار استراتيجي مرتبط بالثورة البرجوازية وهو اهم شعارات الثورة البرجوازية اطلاقا. ولذلك فان رفع مثل هذا الشعار في الميثاق الوطني هو فعلا "من القوالب الجامدة المستمدة من تجربة الاتحاد السوفييتي". وفهد بعيد كل البعد عن ذلك. واذا تتبعنا التاريخ الى ثورة تموز نرى ان هذا الشعار لم يتحقق عمليا حتى بعد الثورة البرجوازية لان الثورة البرجوازية التي تقودها الطبقة البرجوازية، كما تعلمنا الماركسية اللينينية، اصبحت عاجزة حتى عن تحقيق مهام الثورة البرجوازية تحقيقا جذريا.
تموز ٢٠٠٤



#حسقيل_قوجمان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الخامسة عشرة) الاممية الشيوعية
- استشهاد وحيد منصور
- وجاء الفرج
- كيف يصبح الانسان ماركسيا
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الرابعة عشرة) مزورو التاريخ
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثالثة عشرة) التطور العقلاني في الص ...
- النقابات العمالية، مصادر قوتها واسباب ضعفها
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثانية عشرة) سياسة لينين الاقتصادية ...
- ِتحية اجلال واكرام للفيلق السادس
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الحادية عشرة) اخيانة عظمى ام تصفيات ...
- من وحي كتاب فهد (الحلقة العاشرة) الانتقاد، اغراضه وفوائده
- الاحتفال الاول بعيدنا الوطني الجديد
- من وحي كتاب فهد (الحلقة التاسعة) فهد الستاليني
- مرحلة الثورة الاشتراكية وموعد اعلانها
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثامنة) الجبهة الوطنية والنضال ضد ا ...
- من وحي كتاب فهد (الحلقة السابعة) العقيدة الجامدة
- من وحي كتاب فهد (الحلقة السادسة) الستالينية
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الخامسة) الميثاق الوطني
- من وحي كتاب فهد، الحلقة الرابعة - احتكار الماركسية
- من وحي كتاب فهد (الحلقة الثالثة) ثورة اكتوبر


المزيد.....




- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»
- متضامنون مع هدى عبد المنعم.. لا للتدوير
- نيابة المنصورة تحبس «طفل» و5 من أهالي المطرية


المزيد.....

- الثورة الماوية فى الهند و الحزب الشيوعي الهندي ( الماوي ) / شادي الشماوي
- هل كان الاتحاد السوفييتي "رأسمالية دولة" و"إمبريالية اشتراكي ... / ثاناسيس سبانيديس
- حركة المثليين: التحرر والثورة / أليسيو ماركوني
- إستراتيجيا - العوالم الثلاثة - : إعتذار للإستسلام الفصل الخا ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية(أفغانستان وباكستان: منطقة بأكملها زعزعت الإمبر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- رسالة مفتوحة من الحزب الشيوعي الثوري الشيلي إلى الحزب الشيوع ... / شادي الشماوي
- كراسات شيوعية (الشيوعيين الثوريين والانتخابات) دائرة ليون تر ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كرّاس - الديمقراطيّة شكل آخر من الدكتاتوريّة - سلسلة مقالات ... / شادي الشماوي
- المعركة الكبرى الأخيرة لماو تسى تونغ الفصل الثالث من كتاب - ... / شادي الشماوي
- ماركس الثورة واليسار / محمد الهلالي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية - حسقيل قوجمان - من وحي كتاب فهد (الحلقة السادسة عشرة) سياسة فهد الاقتصادية