أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كريم الهزاع - الجذمور والمسامرة الدولوزية النيتشوية















المزيد.....

الجذمور والمسامرة الدولوزية النيتشوية


كريم الهزاع

الحوار المتمدن-العدد: 2972 - 2010 / 4 / 11 - 01:00
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


" مسامرة دولوزية "

عليك أن تفلح حديقتك ،
أن تقطع الحشائش الضارة وتشذب النباتات المفيدة ،
وتبحث عن الجذمور ..
- الجذمور ؟
- نعم ، ساق ليس لها جذور ،
كفكرة يمنحها لك الأثير ،
تقلقك ، تنهشك من الداخل ، تحرمك النوم ،
وتظل تدور ..
ومع كل غفوة تطن فوق دماغك ،
تلسعك كالدبور ..
أو لتكن كحبة بطاطس تتجذر بشكل عنقودي ،
تنتشر كحقل الفئران ،
تزعزع التربة ، تخلخلها ،
لكن ، أحذر أن تدمر الحديقة ،
أو تقطع الزهور .

لا أدري لماذا أخترت دلوز لكي يكون صديقي في عزلتي ، وتوسدت روحه وحضنته بدمعتين من داخل جوفي ، ولم أعرف كيف أقول له وداعاً ، إلى أن عثرت على تلويحة كاظم جهاد ( المترجم والشاعر العراقي المقيم في باريس ) وهو يلوّح ( وداعاً جيل دولوز ) ، حينها فقط تنفست الصعداء عبر تلويحته ، دولوز الفيلسوف الفرنسي الذي توفي عن سبعين سنة ، وكان قد شكل ، الى جانب ميشيل فوكو وجاك دريدا وأخوين قلائل ، أحد أهم أقطاب الفلسفة الفرنسية مابعد - السارترية . رحل دولوز مختارا، مانحا لموته صيغة قرار ولا أفظع ، بعد ما أثقلت عليه صحبة المرض وتعطل جهازه التنفسي الذي أجبره في الأعوام الأخيرة على التزود بالأوكسجين اصطناعيا. قذف بنفسه الى الارض من نافذة شقته الباريسية الكائنة في الطابق السادس من البناية ، مكررا بذلك حركة الفيلسوف اليوناني أمبدوقليس، التي طالما امتدحها دولوز نفسه . فمثلما قذف الفيلسوف اليوناني بنفسه في قلب بركان "اتنا"، مختلطا بأحشاء الأرض الملتهبة ، رمى دولوز بنفسه الى رصيف الشارع ، ممتزجا بتراب الأحياء . دولوز صاحب " الجذمور " ، "الجذمور" Rhizome ، الذي وضعه دولوز بالتعاون مع المفكر والمحلل النفسي الراحل فيليكس غواتاري Felix Guattari، الذي ألف دولوز بالاشتراك معه مؤلفات عديدة ضمن أسلوب في الكتابة الفلسفية المشتركة أصيل و"استفزازي". وقد أصدر دولوز وغواتاري هذا النص في كتيب مستقل في البدء، في منشورات "مينوي " Minuit، ثم جعلا منه بعد ذلك ، ومع بعض التعديلات ، فاتحة كتابهما " ألف هضبة " Mille plateaux (الدار نفسها) .
وعبر صورة "الجذمور" الذي ينمو في جميع الاتجاهات ، بلا جذر ولا ساق ، يتصدى المؤلفان لصورة الكتاب - الشجرة ، الكتاب المكتمل المنغلق على ذاته ، رمز المعرفة الهيغلية المعلقة . ثم يستطرد الفيلسوفان لمهاجمة الواحدية والمثنوية في مجالات عديدة تذهب من تشريح الدماغ وعمل الذاكرة الى الرياضيات واللسانيات فالأدب . وهذا كله ، إن كان يمنح في الوهلة الأولى للنص بعض صعوبة ظاهرية ، فهو إنما ينتهي الى تثوير صورة الكتاب وممارسته عبر ارتباطه بكل من الرغبة والتاريخ . وتجدر أخيرا الاشارة إلى أن المؤلفين قد مهدا لهذا النص بنوتة موسيقية لقطعة على البيانو. متناولين في هذا النص فعل الصيرورات ، وبأن هناك صيرورات تعمل في صمت ، خفية عن النظر تقريبا . وبإننا نفكر أكثر مما ينبغي بمفردات التاريخ ، الشخصي أو الشامل . وبأن الصيرورات هي : توجهات ، وجهات ، مداخل ومخارج . ثمة صيرورة - إمرأة لا تختلط بالنساء، بماضيهن أو مستقبلهن ، وينبغي تماما أن تدخل النساء في هذه الصيرورة حتى يخرجن من ماضيهن ومن مستقبلهن ، من تاريخهن . وثمة صيرورة - ثوري ، لا تختلط بصيرورة الثورة ، وربما لم تكن لتمر بالضرورة عبر المناضلين . وثمة صيرورة - فيلسوف لا شيء يجمعها بتاريخ الفلسفة ، وهي تمر بالأحرى بمن يعجز تاريخ الفلسفة عن تصنيفهم .
ليست الصيرورة أبدأ التقليد، ولا التصرف على شاكلة ( هذا أو ذاك) ، ولا الامتثال لنموذج، وان يكن أنموذج عدالة أو حقيقة . لا طرف منه ننطلق ، ولا طرف نبلغه أو ينبغي أن نبلغه . ليس كذلك من طرفين يمكن استبدالهما أحدهما بالاخر. إن السؤال : " ما أصبح عليه ( هذا الشيء أو ذاك)؟ " ( أو ماهو السؤال الفلسفي المطروح الآن ، لهو غبي تماماً وبليد ببلادة دينية مدفونة في العقل الباطن وأن أدعى أحدهم الخلاص منها ) . إذ بقدر ما يصير أحد، فإن ما يصير اليه يتغير قدر تغيره هو نفسه . ليست الصيرورات ظواهر محاكاة ، ولا هضم ، بل هي ( ظواهر) قنص مزدوج ، ونمو غير متواز، وأعراس بين عالمين مختلفين . الأعراس مجانية للطبيعة أبدا. الاعراس نقيض الزيجة . ليس من آلات ثنائية : سؤال / جواب ، مذكر/ مؤنث ، إنسان / حيوان ، الخ ... يمكن لمحاورة أن تكون هكذا : رسم صيرورة ببساطة . أنبثاق جديد ، عرس ممتلىء بالفرح والموسيقى والرقص ، أنها حالة ولادة جديدة لطفل خرج من بطن أمه يصرخ صرخة الحرية ، إلا أن هذا الطفل وياللحسرة تبدأ محاصرته من أول وهلة ، إذ نمنحنه اسم لم يختاره هو ، ونزوده بطعام بعد أن يتجاوز حالة الفطم لم يختاره هو ، وندخله مدرسة لم يختارها هو ، ولا نمحنه حتى وعد بأننا سنغير تلك المسرات بمسرات ومسارات أن كبر ، أن نمنحه أختيار صيرورته ، وإذا وعى لرسم صيرورة ، نصادرها ، لأنها لم تكن ضمن القوالب التي أعتدنا عليها ، هذه الصيرورة أو هذا النص لم يلتزم بشروطنا ، ولحظتها سيكون امامه خيارين الخضوع للقطيع ، أو التمرد والشعور بحالة الاغتراب بكل ماتعنيه هذه المفرده ، وليس امامه سوى العزلة وتطهير جوانيته ، رافضاً كل مناداة ، صارخاً مع هنري ديفيد ثيرو : إذا كان الإنسان لا يتقن الإيقاع مع مجموعته ، فربما كان يسمع إيقاعاً آخر. رافضاً للكثير من طرائق القراءة والكتابة ، ولدينا اليوم طرائق جديدة للقراءة ، وربما للكتابة أيضا. منها ما هو رديء وقذر. يتوفر، مثلا، الانطباع بأن بعض الكتب مؤلفة من أجل القراءة التي يفترض أن يحقق عنها صحفي ما، هكذا بحيث لن تعود من حاجة للقراءة ، بل ، فحسب ، لكلمات جوفاء . ينبغي قراءة هذا! إنه لمدهش ! هيا: سترون ! ، هذا الكتاب حائز على جائزة البوكر ، جائزة الدولة ، نوبل ، هذه طبعته الثالثة ، القطيع مرة أخرى ، والسقوط في فخ الآلة الأعلامية . بينما على المبدع أن يكون كمثل غريب في لسانه نفسه . أن يجترح منسربا أو خط هروب . الامثلة الاكثر سطوعا عندي ( يقول دولوز ) هي : كافكا، بيكيت ، غيراسيم لوكا، وغودار. إن غيراسيم لوكا لشاعر كبير بين أكبر الشعراء. لقد ابتكر تأتأة رائعة ، هي تأتأته . حدث له أن قدم قراءات لقصائده أمام الجمهور، مائتي شخص، ومع ذلك فقد كان هذا حدثا ؛ إنه حدث يمر عبر مائتي مستمع . من دون أن يعود إلى مدرسة أو حركة . أبدا لا تمر الاشياء حيثما نحسب ، ولا بالطرق التي نحسب . ويمكن الاعتراض بأننا نطرح أمثلة ملائمة ، فكافكا يهودي تشيكوسلوفاكي، كان يكتب بالالمانية ، وبيكيت إيرلندي يكتب بالانكليزية والفرنسية ، وغيراسيم لوكا روماني الاصل ، وغودار سويسري. ثم ماذا؟ ليست هذه مشكلة أي منهم . إن علينا أن نكون مزدوجي اللغة حتى داخل لغة بذاتها : علينا أن نحوز لغة أقلية داخل لغتنا نفسها بالذات ، وهذه أيضا مسألة صيرورة .
دائما يفكر بمستقبل أغلبي (عندما ستكون كبيرا، عندما سأتسلم الحكم ...) على حين يتمثل المشكل في الصيرورة - أقليا: لا أن نتصنع ، ولا أن نقلد أو نحاكي الطفل ، أو المجنون ، أو المرأة ، أو الحيوان ، أو التمتام أو الغريب ، وأنما نصير هذا كله ، حتى نبتكر قوى جديدة أو أسلحة جديدة .
كما يكون الاسلوب منبع الكتابة . ليست الحياة هي تاريخك ( حكايتك الشخصية ) ؛ إن من لا يتمتعون بسحر ليفتقرون إلى الحياة ، إنهم لكمثل الموتى . سوى أن السحر ليس هو الشخص كله .
إن نيتشه ، الذي كان ، بعكس العصابي ، هائل الحيوية ، ومعتل الصحة ، قد كتب : " يبدو أحيانا أن الفنان ، وخصوصا الفيلسوف ، ليس سوى مصادفة في حقبته ... إن الطبيعة التي لاتثب أبدا ، تقوم لدى ظهوره بوثبتها الوحيدة ، وانها لوثبة فرح ، ذلك أنها تشعر أنها بلغت (هنا) مرامها لاول مرة ، هناك حيث تدرن أنفا، باللعب مع الحياة والصيرورة ، كانت مدفوعة إلى رهان كبير. وهذا الاكتشاف يجعلها تتضوأ، وينطرح على محياها تعب المساء العذب ، هذا الشيء الذي يدعوه البشر بالسحر" ، وعندما نعمل ، نكون بالضرورة في عزلة مطلقة . لا يمكن أن نشكل مدرسة ، ولا طرفا في مدرسة . ليس ثمة من عمل الا أسود وسريا. سوى أنها عزلة مأهولة بشدة . لا بالاحلام ، أو الاستيهامات ، أو المشاريع ، وانما بلقاءات . إن لقاء ربما كان يشكل والاعراس أوالصيرورة الشيء نفسه . من غور هذه العزلة نقدر أن نحقق جميع ضروب اللقاءات . نلاقي أناسا ( وأحيانا من دون أن نعرفهم ومن دون أن نكون رأيناهم أبدا)، لكن كذلك حركات ، أفكارا، تنافيات ، نوعيات .
وهذا هو القنص المزدوج ، أن الزنبور والسحلية : حتى ولا شيء يكون في طرف ، أو في الاخر، وان يكونا موعودين بتبادل ، وامتزاج ، بل هو شيء بين الاثنين ، خارج الاثنين ، وانه ليجري في اتجاه أخر. في " مسامرة نيتشوية " :
أنا " الميدوز"،
أنا الحيوان البحري الهلامي الذي يضيء في الليل ،
ويهذي بالنهار ،
أهذي ،
وللهذيان أشجار تنبت في الروح ..
أرى النمل يترك السكر خلفه ويرسم خطاً للهروب ،
وأتبعه ،
أرى دخنة صغيرة تظهر من عشب الشيطان ،
هل تشمون رائحتها ؟
ليس هناك من هو أكثر بؤساً مني ،
ليس هناك أكثر بؤساً من ،
من يستعير النار من موقد آخر
قال لي : لاتنزعج ،
لاجديد ، براز العالم هو طعامه .



#كريم_الهزاع (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسامرة دولوزية
- مسامرة نيتشوية
- نعم .. الأرز للكويتيين فقط
- نعم صحيح يا دخيل الخليفة
- افعل للغير ما تودّ أن يفعله الغير لك
- المثقف العضوي ومعنى الضمير
- قوة الفرد في التغيير والحتمية التاريخية
- دور الفرد في التغيير والوعي الجمعي
- شهادة ميلاد للأطفال - الكويتيين البدون - وحالة الإحباط
- قوة التغيير والخلاص من قوة سطوة الجبرية الدينية
- قوة التغيير : الفرد بين فهم العالم ومعنى الضرورة
- قوة التغيير والفاعلية الواعية
- قوة التغيير.. متى تتحقق ؟ وكيف ؟
- المرأة الكويتية في البرلمان وقوة التغيير
- المتلصص: للحقيقة لست مقتنع بكلامك بأن القراءة والكتابة لها ف ...
- لماذا لست متديناً ؟
- الفرنكفونية
- الإرادة العامة .. أو السياسية
- القانون وعلم الأنماط
- حرقة الأسئلة .. أو قراءة في المشهد الثقافي الكويتي


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - كريم الهزاع - الجذمور والمسامرة الدولوزية النيتشوية