|
الآيات الشيطانية -1-
كامل السعدون
الحوار المتمدن-العدد: 905 - 2004 / 7 / 25 - 11:53
المحور:
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات
ترجمة كامل السعدون ليس للشيطان مكانٌ يركن له ليستريح . لقد ترك لذاته …لقوته …لبؤسه …لوجوده الذاتي وحيداً قلقاً مضطرباً متوتراً . يا لتميز هذا الشيطان ، بقوة طبيعته الملائكية ، خلق مملكته الذاتية في منفاه . من عناصر الهواء الرطبة …..من عناصر الكون الخفية القصية المنبوذة ، كون مملكته ، وذاتها مملكته …كانت جحيمه . إذ ظل …تائهاً ، لا يجد موطأ لقدمه المتعبة …!
من كتاب التاريخ السياسي للشيطان _ 1660-1737 By Danial Defoe
الملاك جبريل -1-
" لكي ما تلد …عليك أن تموت …هوه …هوه …هو…ولكي تحط …هوه …هوه…ينبغي أولا أن تطير …هاه…هاه …ها …تا …تا …تا!…… …إن ابتسمت …فممنوع عليك البكاء …! سلاماً أيها الحب …بلا حسرات …هه..هه…هم…! كانت تلك أغنية الملاك جبريل لحظة أن رُكِلَ من الخلف من عمق السماء الفضية…بقوة …! كان ذلك ذات فجرٍ من ذات صبحٍ شتائيٍ قارص البرودة من صباحات ديسمبر قبل ليلةٍ من رأس السنة …! كانا أثنين …رجلين ..أو بمعنى أصح ذكرين بالغين كاملي النمو …دافقين بالحياة . اثنان …بلا مظلات هبطا …بلا أجنحة … من قلب سماءٍ مفعمةٍ بالصحو البهي ، هبطا جهة القنال الإنجليزي …! - لقد قلت لك …عليك أن تموت يا رجل …قلتُ وأعدت …. واستمرا بالهبوط تحت ضوء قمرٍ من المرمر … - اللعنة عليك وعلى نباحك الكريه هذا …" هتف به الآخر ضجراً من أغنيته التي لا تنقطع عن التكرار " . أفلتت الكلمات ليمتصها السكون ، لتأتلق …ترصع سماء الرّب كحبات الكريستال البيضاء كالثلج … - في الأفلام …( هه) …لم تكن تجيد حتى محاكاة مغنو الكورس …ليتك تكف عن ضجيجك الكريه هذا بصوتك البغيض …. انكفأ جبريل …هذا المغني المتفرد الذي لا يحسن ضبط اللحن …مبتعداً عن صاحبه …تشقلب مرتين تحت ضوء القمر بينما صوته لما يزل متدفقاً بالغناء … كور نفسه ككرةٍ صلدةٍ كبيرةْ .. أستجمع ذاته …ثم أنبثق كالسهم جهة الأفق الأبعد ، دار دورة عريضةٍ في الفضاء الفسيح ثم عاد جهة صاحبه ذو الصوت الأجش الكئيب …هتف به بسخريته المعهودة وكأنه يراه لأول مرّة : - من ! …بابا صلاح الدين …أهذا أنت …وكيف حالك …" وعاد لغنائه بحماسٍ وشغفٍ أكبر دون أن يهتم لصاحبه " . رفع الآخر إليه نظره ، رآه وكأنه يراه للمرة الأولى …تمعن في لباسه وملامح وجهه و… كان جبريل مرتدياً بدلة سموكن سوداء أنيقة ، وكان على رأسه قبعة سوداء و.. - أهلاً …أهلا …" أجاب جبريل على النظرة الكئيبة المتسائلة لصاحبه ، وهو يقلب خلقته بشكل مضحك مزري ، ثم تابع الهبوط وقد أطبق ذراعيه إلى الجنبين : - إيه …يا لندن العجوز المترهلة …هه…هه…هه… ها نحن نأتي ..( وهمس وكأنه يحادث نفسه ) لن يعرفنا هؤلاء السمان …لن يعرفوا أي جرمٍ هذا الهابط من السماء …أنيزكٌ هو أم برقٌ …أم عقاب الرّب العاجل …هه…هه…هه… ولنعد إلى ذاك الذي حصل قبل برهة …برهةٍ قد لا تتجاوز بضع دقائق …!! كانت طائرة الجامبو النفاثة الجبارة تشق عنان السماء في ذلك الليل الكوني الشتائي العاصف ، كانت حبلى بالمئات من الرجال والنساء والأطفال و…،متوجهةٌ صوب بوستن في رحلتها المرقمة A1-420 ، حين …انفجرت فجأةٍ بلا سابق إنذار …! كقشرةٍ صلبة ، انفلقت إلى نصفين لترمي بذورها في الفضاء الذي لم يعد رحيماً …! كبيضةٍ انكسرت لتفضح كل هذا الغموض الذي تحتويه …! في البدء كان الانفلاق …الموت أو الولادة …لا يهم …ثم وللتو ، اختفت من شاشة الرادار تلك النقطة اللامعة المضيئة الزاحفة ببطيء كانا …جبريل الممثل السيئ الصيت المخادع الدجال وصاحبه الكئيب الغامض الصموتُ السيد صلاح الدين ، من بين من سقطوا من الطائرة …تزحلقا إلى الخارج … كشظيتين من سيجار عتيق تفتت للتو …! فوقهما …تحتهما …حولهما ، ما لا يعدُ من الأشياء …أشياء ربما كانت قبل برهةٍ دافئةٍ حميميةٍ أثيرة ، ولكنها لم تعد الآن كذلك . كراسي …أواني …بطانيات …عربات تقديم الطعام للمسافرين …ألعاب فيديو …أشرطة موسيقية …أقنعة أوكسجين …أقداح كرتون ثم … مئات الأجساد ، صغيرةٍ …كبيرةٍ تهبط من رحم الكارثة بلا رحمة ، نساءٌ …خدمٌ …أطفال …رجال …! المئات من البشر …تسبح بجنون صوب الأرض البعيدة …صوب الخاتمة المرعبة …صرخات …عويل …وعيٌ غائبٌ هنا …ووعيٌ يعيش جحيم الرعب وهو يهبط نحو موته الأكيد ….! لا … ليس هذا حسب ، بل وأكثر … نفوسٌ جريحة …كرامات مهدورة …عواطف خُذلت …حب ضائع …ذكريات محطمة …مستقبلٌ منطفئ …نكات …أساطير ..انتماءات …مدن…بلدان …! كممثلٍ مضطربٍ لم يحسن فن السيطرة ، كان يضرب بذراعيه وساقيه الهواء …جبريل …، هناك في الأسفل في الفضاء الكوني غير المتناهي ، كانت السحب تغطي الأنحاء …وأسفل منها ، نسائمٌ باردةٌ تغلف برقة هذا الجيب الإنجليزي المفرد ذراعيه بقسوة لالتقاط جسديهما … ليكتمل المسخ والخلق ثانيةٍ . - أنظر …لي …ها ها …هاه … إنني أرتدي أحذية من الجبس …هه…هه…ها ، ترنم جبريل …ثم أستدرك مترنماً بذات الأغنية بلغة أهل هذا القنال …الإنجليزية …( ربما كتكريمٌ لأهل تلك البلاد التي سيهبط فيها ) . وتابع …أنظر كم أنا أنيق …هه..هه..هه…بسروالي الإنجليزي الصنع …وفوق رأسي قبعةٌ روسية …أما قلبي …فهندي الصنع ….! لم يعرف أيٍ منهما لماذا وكيف وما السبب …لماذا تجمعت الغيوم حولهما ..أحاطت بهما …حملتهما … كوسادةٍ شفيفةٍ قويةْ … لم يعرف أيٌ منهما لماذا …؟ ربما بسبب هذه الهالة التي تحيط بهما …ربما بسبب أغنية جبريل الغامضة الغريبة …ربما هو الانفجار المبهر الذي حصل ، غير شيئاً في خواص كينونتهما البيولوجية أو …! مهما يكن السبب ، فأنهما محكومان بسقوطٍ شيطانيٍ ملائكيٍ غير مألوف سابقاً . لم يلحظا في تلك اللحظة الطويلة الممتدة ، أن هناك عملية تحولٍ جاريةٍ الآن ، بل هي نافذةٌ منذ لحظة السقوط ، الذي يفترض أن يكون حراً ونحو هدفٍ واحد وحيد وهو التحطم على ظهر موجة . هناك في الأعلى ، في تلك المنطقة الرخوة التي لا يسبر غورها ، تلك المنطقةُ القصية العميقة كثقبٍ أسود متسعٍ لا قرار له ، هناك حكم على الجغرافيا والتاريخ والبيولوجيا أن تتشكل …! من هناك جاء أمر التشكل والمسخ وتبادل الأشكال والهويات . هذه المنطقة الأكثر افتقادا للألق ، المعتمة …منطقة الوهم ، اللا ترابط ، التكوين . هناك من قال …( حيث ترمي كومة أشياء مختلفة في الفضاء ، فإن كل شيء يغدو من الممكن صنعه منها ) . وهذا ما حصل مع هذين المهتاجين ، هذين الممثلين اللذين امتلكا إرادة إبهاج النضارة ، هناك وتحت ضغط بيئيٍ عنيفٍ حصل تحولٌ وأمتلك الاثنين مواصفاتٌ خاصة ، جديدة . أي مواصفات …؟ حسناً …من يتوقع أن عملية الخلق قد حصلت بفتور همة وبلا إيحاء أو إلهام أو إرادة …هه …! أنظر إلى هذين المخلوقين عن قرب …أترى فيهما ما هو مختلفٌ عن أي من أولئك الذين كانوا يشدون بقوة أحزمتهم في مقاعد الطائرة …؟ لا …ما هما إلا رجلين أسمرين مثل أغلب المسافرين …ومثل الآخرين سقطا بصخبٍ من الأعلى ، ومثل هذا يحصل مرات ومرات ، وربما حصل لهما ذاتهما مرات ومرات ، من يدري …!! كان سيد صلاح الدين غير راضٍ عن رفيق رحلته الحالية هذه ، كان يعتقد أن غناءه كريه ولغته فجّة ، وبالتالي فقد نطق آياته الخاصة …! سمعه صاحبه … ودهش لما سمع ، حاول أن يتذكر أين سمع هذا من قبل …أواه …إنه نصٌ للسيد جان تومسون ( 1700-1748) والتي تبدأ ب ( رسالة السماء ……….) حاول أن يتذكر شيء آخر ، لم تسعفه ذاكرته …! تابع السيد صلاح الدين بشفاه غدت بفعل البرودة والريح والثلج زرقاء …( من عمق البحر الأزرق ينهض ….)…! رفع التائه الأزلي الجوال الخبيث جبريل صوته بالغناء ليضلل صاحبه ، ليعيده إلى حظيرة النصّ… تابع الغناء عن الأحذية اليابانية والقبعات الروسية والقلوب التي ولدت في حضن شبه القارة الهندية و…ولكنه لم ينجح في إعادة صاحبه إلى جادة الصمت . " ومن عليين كانت حشود الملائكة تنظر وتتأمل في هذين الهابطين ، كلٍ مع أغنيته ونصّه وإرادته " . وتابعا الهبوط بسرعةٍ إلى الأرض . كيف يمكن لهذا أن يحصل …؟ كيف سينجيان عند الهبوط ؟ وأين الآخرون …هتف صلاح الدين لنفسه ؟ لقد أدركا معجزة الإنشاد ، معجزة الآيات التي رددها كل واحدٍ منهما بصوته ولغته ولحنه و…كلماته …!! وأستمر الهبوط …سلساً أنيقاً وكأن غيمة أو بساطٌ سحري يحملهما …لم يعرفا عند أي مسافةٍ من السماء وإلى أي بعد عن سطح البحر وجدا نفسيهما وهما يسبحان في ما يشبه النفق العمودي ، ولجاه كلٍ بطريقته ، السيد صلاح الدين يسبح ورأسه نحو الأسفل أما الآخر ببذلته السوداء الأنيقة ، فيسبح ويتشقلب بحرية . سبقه الأول بمسافة ، ودّ أن ينبهه إلى أن يبتعد عن طريقه ولكنه أمتنع في اللحظة الأخيرة وعوضاً عن ذلك ، ظل يتشقلب ويسبح بساقين إلى الأسفل ، وإذ هو يدنو من رفيقه ومنافسه ، وإذ هما يصطدمان رأسٌ لذيل ، التحما مع بعضهما ليشكلا جسدٌ واحد برأسين من الأعلى والأسفل ، تشقلبا معاً ، مرّةٍ صوب الملاك وأخرى صوب السيد حتى سقطا في أرض الأساطير . المدهش أنهما وإذ كانا في النفق الذي شكلته الغيوم الكثيفة ، كانت هناك كائناتٌ سماويةٌ غريبةٌ أخرى تتشكل ببطيء وإحكام ، أشكالٌ ممسوخة ، ومعادٌ مسخها مرّات ومرّات في هذا المعمل الخرافي الغيمي المدار بإرادةٍ مجهولةٍ والمستمد ألوانه ومادته الأولية من المجهول الغامض . آلهةٌ مسخت ثيراناً ، نساءٌ مسخن عناكب ، رجال مسخوا ذئابا . كانت مخلوقات السماء الهجين ورائهم ، أمامهم ، حولهم تستعجلهما الهبوط ، نحو الأسفل جهة الوعي وصوب حياةٍ جديدةْ . أزهارٌ كبيرةَ بصدورٍ بشرية تستند على سيقان مهزوزة وفيرة اللحم ، قططٌ مجنحةْ ، أنصاف أجسادٍ علويةٍ بشرية ركبت على أنصاف خيول . كان السيد يتراوح بين الوعي والغيبوبة ، لا يدري لم أنتابه شعورٌ بأنه هو ذاته قد مسخ مثل تلك الكائنات ، بدا له أن مفاعلات المسخ والتحول العاملة بنشاطٍ غير ملحوظ في هذه الغلالة الكثيفة من الغيوم المحيطة به وصاحبه ، أنها تفعل فيه أفاعيل التهجين والمسخ . بدا له أن هذا الذي حشر رأسه بين فخذيه وعانقت ساقاه الكريهتان عنقه ، أنه قد مسخ فيه وإنهما قد أمسيا كائناً واحداً ومسخاً جديداً كتلك الممسوخات التي مرّت وتمرّ سابحة في هذا النفق الغيمي الذي لا يكاد ينتهي . فجأةٍ برزت من بين دوارات الغيوم المغزلية امرأة تستقر على بساطٍ طائر . جميلةٌ كانت ، بكامل زينتها ، برداءٍ شفافٍ باللونين الذهبي والأزرق ، كان يتدلى من أنفها قرطٌ من الألماس ، وكان شعرها مجدولاً برفقْ . - منْ …؟ رايكا كرايمر… أهلاً " هتف جبريل محيياً ، ثم تابع " : - أو ضللتِ الطريق إلى السماء أم ماذا …؟ " بلا مثل هذا يقال للموتى …همس لنفسه " : - اللعنة …ماذا تقول …؟ " هتف به هذا الملتصق به " - أما رأيتها ؟ " سأل جبريل مستغرباً …أما رأيت بساطها اللعين ؟ " . - كلا ….كلا …يا جبرو …" ليس هو من يراني ، أو تضن أن أيٍ كان يمكن أن يراني …هه..هه..هه… لا شك أنك موشك على الجنون يا جبرو …لقد خرفت يا حبيبي …أما تعلم أنك وحدك من يراني …!! " - ما كان يجب أن تفعلي هذا يا عزيزتي …" عاتبها جبريل برقة " . أنتِ تعلمين أن خطيئةٍ واحدةٍ تكفي ل…" قاطعته محتدة…" : - أنت من فارقني في البدء يا جبرو …أنت من فعلها…( همست في إذنه حتى بدأ وكأنها تعض ذؤابة الإذن ) وها أنت ( وقهقهة بمرارة ) وها أنت تعظني … أنت …أنت .. يا قمري الجميل …أنت من اختبأت خلف غيمةٍ وتركتني كسيرة الخاطر …ألوم حظي العاثر وأبكي حبي ال …خاسر …!! - وماذا تريدين الآن …؟ ( سأل وهو يبتلع ريقه بخوف ) …لا تقولي أنك …لا …لا … أختفي …أختفي في الحال ودعيني أكمل مشواري مع هذا …وأشار بانحناءة من حنكه إلى هذا الملتصق به …! - أتذكر حين كنت مريض … كان بودي أن أزورك …لم أستطع …كنت خائفة من الإشاعات … لقد ابتعدت من أجل خاطرك …ثم عاقبتني بعد ذلك … اتخذت هذا حجةٍ لتهجرني …ثم …هه …سيدة الثلج …تلك السمينة الشمطاء …حسناً …وها أنا الآن ميتة …لقد نسيت معنى كلمة صفح …لا …لن أصفح لك يا جبريل …اللعنة …اللعنة عليك …حياتك ينبغي أن تكون جحيماً أزلياً … لأن هناك قبلتني لأول مرّة أيها الخنزير …هناك في الجحيم وإليه ستعود …( ونظرت إلى صاحبه بسخرية وأضافت ) … متع نفسك مع هذا ال … ( وأشارت بإصبعها الأبيض بلون الثلج ) … مع هذا الغواص الدموي . وإذ غابت على مطيتها الطائرة ، أنتبه جبريل إلى صاحبه وهو يتلو …اللات …اللات …! شد ساقيه بقوة على عنق صاحبه ، وتابعا الغوص . اختفى السقف الغيمي الذي كان يحيط بهما ، وبان على البعد مرأى المسطح المائي الهائج .انفتحت عينيهما بقوة …انبثقت صرخة لذيذةٌ من جوف هذا الغائص نحو الأسفل ، أما الآخر المطبق بساقيه فقد زاد من قوة الضغط على فم الآخر وعنقه ، فغر فمه بغاية أتساعه ، وإذ بحزمة من ضوء شمسُ الفجر تصفع الفم لتحرر صوته فينطلق صائحاً بصاحبه : - حلق يا جبريل …غنّي يا جبريل …تهيأ للإقلاع بعد الهبوط يا جبريل …! - من أين يأتي المولود الجديد لهذا العالم …؟ - من أي موادٍ كونيةٍ تتشكل الأجسام والأنفس ؟ - وهل إن الولادة دوماً هبوطٍ كهذا …؟ - وهل للملائكة أجنحة ؟ أيمكن للإنسان أن يطير …؟ أسئلةٌ دارت في ذهن السيد وهو يمتطي جبريل ، وهو ممتطى من قبل جبريل …! حين سقط من رحم الغيمة على سطح القنال ، أحس بأن قوة عظيمةٍ تشده ، أحس بقلبه يمسك بقبضةٍ حديديةٍ تمنعه من الهبوط الحرّ . أحس إنه عصيٌ على الموت …وإلا كيف يموت من هبط من عمق السماء ولم يتفتت جسمه إلى ملايين القطع ؟ تراوح بين الشك واليقين … حين شعر بقدميه تستقران بثبات على سطح الماء ، بدأ الشك يراوده من جديد …! أهي الصدفة وحدها من حكمت عليه بالنجاة ؟ أهي قوة الإرادة والإيمان …؟ لكن إيمان بماذا …؟ أم هي قوة الكلمات …الأناشيد …؟ - بلا هكذا يردد جبريل دوماً أو بالأحرى منذ عرفته ، إنها الكلمات الأناشيد ، الأغاني ال ….كلمات ، هي وحدها القادرة على المسخ ، على الولادة ، على الخلق ، على … الهبوط الآمن من أعماق السماء …بلا مظلة …! وغاب عن الوعي … أما الآخر فقد ظل يقظاً ، وكان ذاته مهموماً ببعض الأسئلة : - أو تكون هي أنشودتي …أنشودة الآخر ومن أطلق هذه المعجزة ولماذا ؟ - من أي نوعٍ هذه الأناشيد ؟ ملائكية ….شيطانية ؟…أم …أم ماذا ؟ كانت تلك هي الأسئلة التي انبثقت من فم جبريل حين أستيقظ على رمل الشاطئ الإنجليزي العتيق … تلمس أذنه …ألتقط نجمة بحرٍ معلقة بذؤابة أذنه … أفلتها ، وألتفت إلى صاحبه : " ولادة جديدة يا صاحبي … أنت وأنا … مبروك الولادة … مبروك الميلاد يا صديقي …! " أفاق الثاني …سعل … فتح عينيه … وككل طفلٍ يلد للتو ، صرخ صرخته الأولى ….!
#كامل_السعدون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في بيتنا إيرانيون أكثر فارسية من أهل فارس
-
إيرانيون أكثر من أحفاد كسرى
-
تأثير الحب على العمر البيولوجي - ج2
-
تأثير الحب على العمر البيولوجي
-
قوانين النجاح الورحية السبع The Seven Spirtual Laws
-
قوانين النجاح الروحية السبع -3-
-
تقنيات السيطرة على المخ- 2
-
قوانين النجاح الروحية السبع - القانون الثاني - الإيمان بالعط
...
-
تقنيات السيطرة على المخ
-
الإيمان بالطاقات الكامنة ...الخفية !
-
مهمات بناء الهوية الوطنية المقال الثالث
-
مهمات بناء الهوية الوطنية - المقال الأول والثاني
-
يا علاوي ...لا تدفع لهم ...بل هم من ينبغي أن يدفع ...!
-
فهد ...مسيح العراق ...وآخر الرجال الحقيقيين
-
التعليم الروحي في مدارس الدولة العراقية الوليدة - 2
-
التعليم الروحي في مدارس الدولة العراقية الوليدة - المقالة ال
...
-
عن الإيمان والإصلاح ومستقبل هذه الأمة
-
الإرهاب والحرمان العاطفي والجنسي
-
آراء في المناهج التعليمية في العراق الديموقراطي المنتظر
-
حقوق الكرد العراقيين وتدخلات السيستاني الفظة....!
المزيد.....
-
-أخبرتني والدتي أنها عاشت ما يكفي، والآن جاء دوري لأعيش-
-
لماذا اعتقلت السلطات الجزائرية بوعلام صنصال، وتلاحق كمال داو
...
-
كيم جونغ أون يعرض أقوى أسلحته ويهاجم واشنطن: -لا تزال مصرة ع
...
-
-دي جي سنيك- يرفض طلب ماكرون بحذف تغريدته عن غزة ويرد: -قضية
...
-
قضية توريد الأسلحة لإسرائيل أمام القضاء الهولندي: تطور قانون
...
-
حادث مروع في بولندا: تصادم 7 مركبات مع أول تساقط للثلوج
-
بعد ضربة -أوريشنيك-.. ردع صاروخي روسي يثير ذعر الغرب
-
ولي العهد المغربي يستقبل الرئيس الصيني لدى وصوله إلى الدار ا
...
-
مدفيديف: ترامب قادر على إنهاء الصراع الأوكراني
-
أوكرانيا: أي رد فعل غربي على رسائل بوتين؟
المزيد.....
-
-فجر الفلسفة اليونانية قبل سقراط- استعراض نقدي للمقدمة-2
/ نايف سلوم
-
فلسفة البراكسيس عند أنطونيو غرامشي في مواجهة الاختزالية والا
...
/ زهير الخويلدي
-
الكونية والعدالة وسياسة الهوية
/ زهير الخويلدي
-
فصل من كتاب حرية التعبير...
/ عبدالرزاق دحنون
-
الولايات المتحدة كدولة نامية: قراءة في كتاب -عصور الرأسمالية
...
/ محمود الصباغ
-
تقديم وتلخيص كتاب: العالم المعرفي المتوقد
/ غازي الصوراني
-
قراءات في كتب حديثة مثيرة للجدل
/ كاظم حبيب
-
قراءة في كتاب أزمة المناخ لنعوم چومسكي وروبرت پَولِن
/ محمد الأزرقي
-
آليات توجيه الرأي العام
/ زهير الخويلدي
-
قراءة في كتاب إعادة التكوين لجورج چرچ بالإشتراك مع إدوار ريج
...
/ محمد الأزرقي
المزيد.....
|