|
يزيد زرهوني العلماني ،في صراع مع السلفيين
الطيب آيت حمودة
الحوار المتمدن-العدد: 2971 - 2010 / 4 / 10 - 14:53
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي
اشتد النقاش هذه الأيام ، والجزائر مقبلة على تطوير وثائق هوية مواطنيها من جواز سفر ، وبطاقة تعريف وطنية ، إلى وثائق بيومترية بمواصفات عالمية ، تسمح بمحاربة التزوير ، والإختراق ، لضرب مراقبة محكمة في التواصل مع الخارج ، وإحكام طوق أمني في ظل تفاقم ضربات الإرهاب بأشكاله وأنواعه ، وهو ما استدعى فرض إجراءات قانونية على صور الطالبين للوثائق الهوياتية منها إظهار صورة الوجه كاملا بالأذنين ، والتخفيف من كثافة اللحية لأصحابها . لو عدنا إلى هدف وثائق الهوية بتنوعها ، لوجدنا أن المقصد منها هو التعرف على أصحابها حيطة من التزوير ، ولكي يتأتى ذلك يتحتم على أعضاء الرقابة إجراء فحص نظري تطابقي بين ماهو ظاهر في صورة وثيقة الهوية ، وما يقابلها من ملامح على الشخص الحامل لهذه الوثيقة ؟ ولا يتسنى ذلك إلا بالتعرف على خصائص الوجه والعيون والأذنين والشعر وهي أمور ثابته ، زيادة على التعرف على بعض من الخصائص المتغيرة ، كالشوارب واللحي ، أو الندوب والقروح البارزة التي يمكن إلتآمها أو ذهابها بعد العلاج . عندما أصدر وزير الداخلية يزيد زرهوني تعليماته وضوابطه ، لم يكن يتوقع هذه الهزة العنيفة ، لأن الرجل في تقديري إداري لا علاقة له بالأمور الهوياتية والدينية ، وبالتالي فهو مطالب بإحكام سلطته على وزارته حسب القوانين المخولة له ، وتلك قوانين مستمدة من أرشيف الإدارة العلمانية المتوارثة عن فرنسا ، والدولة في حقيقتها علمانية أكثر منها إسلامية ، وقد عودنا هذا الوزير بتدخلاته الفجة ، وتصرفاته الحمقاء ، وهو السبب في اندلاع ثورة الأمازيغ بمقتل الطالب الشاب ماسينيسا قرماح داخل حرم ضبطية الشرطة ، تحت وقع التعذيب والإهانة ، وزاد الأمر تعقيدا بتصريحاته البليدة الكاذبة بأن هذا الشاب منحرف أخلاقيا ، له سوابق قضائية ... ! وهي أمور تظهر خفايا الرجل ، وصفاته الاستبدادية ، وروحه العنادية والعدائية ، التي ترضي أطرافا في الدولة ، ولولا ذلك لسقط مسرعا من أعلى وزارته انتحارا ، كما يفعل الرجال الأحرار ، غير أن ذلك لن يكون في ظل الرداءة العامة التي تعيشها المجتمعات المغاربية في عمومها. عندما نستطلع ما يقوله وزير الداخلية نستشف أن الأمر فيه علمانية زائدة ، ولعل مجتمع شمال إفريقيا ورجالاته ينحوان في الغالب إلى التشدد ، فهم مسلمون أكثر أسلاما من غيرهم ، وعربا أكثر عروبة حتى من عرب المشرق ؟، وعلمانيون أكثر علمانية من فرنسا ؟، وهو ما أعطى تصورا للبعض بأن وزارة الداخلية تعمل على التضييق على الإسلاميين ، إما أن يستجيبوا للتعليمات ، أو يحرموا من جوازات السفر ، وهو ما فجر نقمة لا يمكن لوزير الداخلية النجاة منها ، وكان بمقدوره أن يتملص منها بطرق أذكى لو كان حصيفا ، وهي فرصة مواتية للإسلاميين ضرب الوزير والوزارة تحت ستار الدين، والعاطفة الإسلامية ، دون الرجوع الى فتاوى المعتدلين المحليين، أوالمشارقة أمثال الطنطاوي الذي أفتى بخلع الحجاب باعتباره عادة وليس عبادة ، وجمال البنا في كتابه جناية قبيلة ( حدثنا) . أما ما يقوله المجتمع الجزائري كرد فعل عن الإجراء ، فهو ينم عن سذاجة وإيمان فطريين ، والعاطفة فيه متغلبة عن سلطان العقل ، وهو ما يبرز ظاهرة التمسك بالقشور دون اللب ، فالمُستنكر في أنظمة حكمنا لا يقتصر على الحجاب ، والخمار، واللحية ، بقدر ما يضرب في عمق الكيان الحقيقي للدولة ، فأين الإسلام الحقيقي في تشريعاتنا ؟، وفي نظام حكمنا ؟، وفي بنوكنا ؟، وفي علاقاتنا الداخلية والخارجية ؟ وفي صراعاتنا داخل خيمة الإسلام .... وفي ... وفي.... . إن الأمر لا يعدو أن يكون زوبعة في فنجان ، وهو مثيل لتساؤل أهل العراق عن جواز الصلاة بدم بعوضة ، متناسين أودية من الدماء سالت في كربلاء !! فوزارة الداخلية لم تمنع الحجاب ولا اللّحي في الحياة العامة ، باعتبارهما من الحقوق الشخصية ، لكنها ترى حقها في ضبط وثائقها التعريفية ، والتعرف على حامليها من حيث لون البشرة ،ولون العينين ، ونوع الشعر وملامح الوجه ، وشكل الأذنين وغيره فالغاية منها منزهة عن تعاليم الدين ، وما يثار ضدها يعد من قبيل ( المؤامرة العكسية)، فما قول فقهائنا والمتشددين منا ، في تعرية المسافرين بوسائل جديدة تكشف المستور بوسائل تقنية مستحدثة في مطارات هيثرو ، ونيويورك ، ولوس أنجلس ، فتتم تعريتنا وكشف عوراتنا من حيث نعلم أو لا نعلم ؟ إنه قانون المتفوق الذي يخترق العباءات والسراويل والخماروالبرقع !، وقد يتوصلون مستقبلا لضبطنا ورأية ما في دورنا وديارنا وغرف نومنا ، وداخل أوطاننا ؟. أو إن شئت قل معرفة ما يدور بخلدنا !!؟ وما على المسلمين إلا ابتكار ما يمنعهم من ذلك إن كان لهم سبيل ، ولا أعتقد أن يتم ذلك في ظل التحجر الذي تعيشه الأمة من محيطها إلى خليجها . إن ما يثار من قضايا في النقاشات المحتدمة في مجتمعنا بين المعسكرين العلماني والإسلامي، هو عنوان كبير لفيلم تراجيدي قد يحتاج لمخرج بارع على شاكلة يوسف شاهين ، ليحوله إلى واقع يظهر سذاجة الأمة التي تتقاتل على تمرة ، والبون الشاسع بين تفكيرنا العاطفي الباطني، وتفكير الغرب العقلاني ، الذي فسح المجال واسعا في مجتمعاته للتفاعل البشري بمختلف أشكاله وأنواعه ومعتقداته ، في وقت نعيش فيه نحن ارتكاسات ونكوصات وتقوقعا حول الذات ، فاسحين المجال لغيرنا تبوء مكانة راقيه تمكنهم من الأرض وما عليها ، والسماء وما فوقها ، قواد لا منقادين ، ونستمر نحن في تقاتلنا على قشور الإسلام لا لبه وكنهه ، الذي فُهّمناه خطأ عن طريق تعاليم الفقهاء بمرجعيات رجعية أكثر منها تقدمية .
#الطيب_آيت_حمودة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زكية الضيفاوي ... أو نضال المرأة التونسية.
-
التيهان بين العروبة والإسلام .
-
هل العرب أحسنوا تمثيل الإسلام ؟
-
فتنة قرطبة الأندلسية. 403 هج/1013م ، هل هي فتنة أمازيغية أم
...
-
جريمة فرنسا النووية في الجزائر.
-
خراب القيروان!!!
-
عقبة بن نافع الفهري (بين القيل والقال والحقيقة والخيال).
-
انتشار الإسلام في شمال إفريقيا ( بين الفتح والغزو).
-
عقيدة الولاء والبراء بين الشريعة والحياة .
-
الأمويون صناع المذهب الجبري .
-
عروبة شمال إفريقيا في الميزان .
-
الأمير عبد القادر الجزائري بين العلم والدين .
-
تكفيرات ابن تيمية .
-
الأفناك والبافانا بافانا والتحدي .
-
العلمانية بين الإختيار والإضطرار .
-
بين العلم والدين ( بين غاليليو وابن باز)
-
سقوط تاج العروبة ..أو نتائج مقابلة مصر والجزائر .
-
كرة القدم ...وبعث الفتنة .
-
مقابلة الجزائر مصر ..أين المفر..؟؟
-
...لأننا عرب وإخوة ...!!!
المزيد.....
-
-ليس سؤالًا ذكيًا-.. شاهد كيف رد ترامب عندما ضغطت عليه مراسل
...
-
دعوى قضائية بقيمة 20 مليون دولار ضد شرطية في ألاباما صعقت رج
...
-
10 أضعاف حجم البنتاغون.. الصين تشيد أكبر مركز قيادة عسكري في
...
-
مراسلة RT: العثور على صاروخ غير منفجر في شمال لبنان
-
طهران تؤيد استقرار سوريا ووحدة أراضيها وتدعم أي حكومة يوافق
...
-
أورتيغا وزوجته يحكمان نيكاراغوا بسلطة مطلقة بعد تعديل دستوري
...
-
نائب عن -حزب الله-: الغارات الإسرائيلية على البقاع عدوان فاض
...
-
مباحثات روسية أمريكية حول نقل جثث ضحايا كارثة مطار ريغان الر
...
-
كتائب القسام تنعى قائدها محمد الضيف و-ثلة من القادة الكبار-
...
-
مراسلة فرانس24: ما يدور داخل الأروقة الداخلية الإسرائيلية أص
...
المزيد.....
-
عن الجامعة والعنف الطلابي وأسبابه الحقيقية
/ مصطفى بن صالح
-
بناء الأداة الثورية مهمة لا محيد عنها
/ وديع السرغيني
-
غلاء الأسعار: البرجوازيون ينهبون الشعب
/ المناضل-ة
-
دروس مصر2013 و تونس2021 : حول بعض القضايا السياسية
/ احمد المغربي
-
الكتاب الأول - دراسات في الاقتصاد والمجتمع وحالة حقوق الإنسا
...
/ كاظم حبيب
-
ردّا على انتقادات: -حيثما تكون الحريّة أكون-(1)
/ حمه الهمامي
-
برنامجنا : مضمون النضال النقابي الفلاحي بالمغرب
/ النقابة الوطنية للفلاحين الصغار والمهنيين الغابويين
-
المستعمرة المنسية: الصحراء الغربية المحتلة
/ سعاد الولي
-
حول النموذج “التنموي” المزعوم في المغرب
/ عبدالله الحريف
-
قراءة في الوضع السياسي الراهن في تونس
/ حمة الهمامي
المزيد.....
|