|
ما لم تنشره الصحف عن قضية الحد الادنى للأجور فى مصر؟!
عبدالوهاب خضر
الحوار المتمدن-العدد: 2970 - 2010 / 4 / 9 - 20:32
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
يوم السبت الماضى وقف ما يقرب من 700 ناشط سياسى وعمالى ، ولمدة ست ساعات ، فى تظاهرة سلمية أمام ومقر مجلس الوزراء بالقاهرة ، رافعين لافتات تطلب تنفيذ حكم محكمة القضاء الإدارى الحكم 21606 لسنة 63 قضائية والصادر فى 30 مارس 2010 ، والقاضى بوقف تنفيذ القرار السلبى بالإمتناع عن وضع الحد الأدنى للأجور فى المجتمع، وهى القضية التى رفعها اثنين من عمال مصر هما ناجى رشاد عامل بشركة مطاحن جنوب القاهرة،وياسر حساسه عامل بشركة أطلس للمقاولات، والتى دافع عنهما وترافع فيها محامو المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والإجتماعية، وقد اشتمل الحكم -والذى يقع فى عشر صفحات- على عدد من المبادىء القضائية الهامة التى إنحازت للحقوق الإقتصادية والإجتماعية للمواطنين. وكان محامو هيئة قضايا الدولة قد تقدموا بمذكرة دفاع طلبوا فيها الحكم بعدم قبول الدعوى وإستندوا إلى أمرين : الأول: الغاء القرار الإدارى وأن الطعن فى حقيقته يعد طعنا على أعمال برلمانية لا يجوز تناولها أمام القضاء، والأمر الثانى: انتفاء صفة رافع الدعوى لإنه لا يمثل عمال مصر وأن الدعوى فى حقيقتها دعوى حسبة ، وقد انتهت المحكمة إلى تبنى وجهة نظر أن الطعن هو فى حقيقته طعنا على قرار إدارى ولم يتناول الاعمال البرلمانية من قريب أو بعيد، وكذلك رجحت المحكمة بأنها ليست دعوى حسبة وانما هى دعوى إلغاء يتمتع رافعها بالصفة والمصلحة وانتهت المحكمة إلى رفض دفوع الحكومة وقبلت الدعوى شكلا ، كما أكدت المحكمة على صحة الأساس الدستورى والقانونى والدولى الذى للدعوى . الملف شاك للغاية ويطرح تساؤلات كثيرة منها ما هى الأراء الدولية والإتفاقيات التى تساند هذا الإتجاه ؟ ، وما هى نصوص الحكم الجديد الذى يلزم الحكومة بتحديد حد ادنى عادل ؟ ، وكيف ستوفر الدولة الموارد لزيادة الاجور فى ظل العجز المتواصل فى الموازنة العامة ؟. ونفجر مفاجاة من العيار الثقيل حيث حصلنا على أحد محاضر إجتماع المجلس القومى للاجور والذى أنشأ عام 2003 ، وفشل حتى الان فى تنفيذ مهامه،يعترف فيه بتدنى الاجور ، ومع ذلك لم يتخذ قرارا إيجابيا حتى الأن...فإلى التفاصيل.
ضرورة وطنية
سألت د. يوسف القريوتى مدير عام منظمة العمل الدولية بالقاهرة وشمال أفريقيا قال :هل لديكم فى منظمة العمل الدولية حد أدنى واضح للاجور يمكن أن تستفيد منه الحكومة المصرية ؟ ، فاجاب بالنص :"لايوجد ولكننا مستعدون لتقديم المساعدة مع حكومة مصر، فى إطار التشارور المستمر بيننا حول قضايا مختلفة ، فهناك تعاون إيجابى مع الحكومة .. ولكن عليك ان تعلم أن الحد الأدنى له شروط فلابد ان يضمن حياة كريمة وأساسية للإنسان من مأكل وملبس وغذاء وغيره،وهذا التعريف يحتاج إلى ترجمة إلى أرقام حسب تكلفة المعيشة والأسعار، والوضع الإقتصادى،ولدينا خبراء فى هذا المجال . فسألته أيضا : ما هو تفسيرك فى فشل مجلس الأجور المصرى منذ عام 2003 وحتى الأن فى حسم هذا الملف الشائك ؟. فاجاب :أنا موجود فى مصر بشكل رسمى منذ ما يقرب من عام تقريبا وحتى الأن غير قادر على فهم سياسة الأجور فى هذه البلد ، أقرأ دائما عن حوافز وعلاوات دون توضيح فهل الحافز على الأساسى أم ماذا ، فسياسة الاجور مركبة ، وغير واضحة وتشكل عبئا على البلد والإقتصاد ، والمطلوب دراسة ذلك ،واعتقد أن هناك مخاوف من رفع الحد للاجر ، لان صاحب العمل سوف يتأثر بذلك ، لكن أنا أرى ان وجود سياسة عادلة يقضى على كثير من الظواهر السلبية ،وأفضل أسلوب لمعالجة الفساد ، والحفاظ على عمالة مستقرة ومستمرة ،وزيادة الإنتاجية بنسبة 40% على الأقل حسبما تؤكد الدراسات، وهذا لن يحدث إلا بتحسن فى شروط العمل ومستوى التدريب ،سواء فى القطاع العام أو الخاص ؟. وفى سؤالى أيضا إلى الدكتورة دوروثيا شميدث خبيرة التشغيل بمنظمة العمل الدولية بالقاهرة ، قلت لها : ما هو موقفكم من الحد الادنى للاجور فى عندنا ، فقالت : "الحد الادنى للأجور مسألة مهمة تدعو لها المنظمة الدولية فى كل المحافل ، فهو الطريق الوحيد لإحداث حالة من الإستقرار الإجتماعى بين العمال ، وكذلك لا يمكن مقاومة الفساد بدون حد ادنى عادل ". وأضافت :" أن هذه القضية خطيرة للغاية وهى تاتى بقرار سياسى فى الغالب،و تتحدث عنه المجموعة السياسية أثناء فترة الإنتخابات فقط،والخطورة تكمن فى أن الامر فى مصر مختلف حيث التدنى والتفاوت فى الاجور الذى لا يتناسب مع الأسعار،مما يسبب حالة من عدم الإستقرار فى الحياة الإجتماعية والإنتاج أيضا،فتحديد الحد الادنى للأجور ضرورة وطنية. وقالت الخبيرة الدولية ان مصر لن تصل معدلات النمو بها إلى 20 % خلال العشرين عاما القادمة بسبب العديد من المعوقات وفى مقدمتها قصور مظلة الضمان الاجتماعى والبيروقراطية،وغياب المهارة والتدريب فى العمل نظرا لتدنى الدخول،وطالبت بدعم المشروعات الصغيرة وتطوير سوق العمل ودعم التعليم الفنى . إتفاقيات ملزمة!
وقبل الخروج من هذه الأراء الدولية والتى لها علاقة بمباشرة بهذا الملف علينا ان نعلم أن المعلومات الغائبة عن قضية الحد الادنى للاجور خاصة فى الحكم الجديد الذى يلزم حكومة مصر بتحديد حد ادنى فإن هناك بعض الإتفاقيات الدولية القديمة التى إعترفت بها الحكومة المصرى فى مقر منظمة العمل الدولية بجنيف ، والتى تدعو وبشكل عاجل إلى وجود حد ادنى عادل ومنها:الإتفاقية (رقم 100) الخاصة بمساواة العمال والعاملات في الأجر والتى اعتمدها المؤتمر العام لمنظمة العمل الدولية في يونيه 1951، في دورته الرابعة والثلاثين ، وكذلك إتفـاقـية العمـل الدولـية رقـم ( 26 ) لسـنة 1928م الخاصـة بأنظمـة الحـدود الدنيـا للأجـور •وإتفـاقـية العمـل الدولـية رقـم ( 154 ) والتوصـية رقـم ( 163 ) لسـنة 1981م بشـأن التفاوض،و توصـية العمـل الدولـية رقـم ( 94 ) لسـنة 1952م المتعـلقـة بإتفـاقـيات العمـل الحـرة ، وتوصـية العمـل الدولـية رقـم ( 113 ) لسـنة 1960م بشـأن التشـاور والتعـاون بـين السـلطـات العـامـة ومنظمـات أصحـاب العمـل والعمـال على المسـتويـين الصـناعى والوطنـى. وكـذلك أصـدرت منظمـة العمـل العـربية الإتفاقية رقم ( 6 ) ( معـدلـة ) بشـأن مسـتويات العمـل والتى نصـت ( المـواد 34 و 35 ) منهـا على الآتـى : ( المـادة 34 ) تنص على أن تضـع كل دولـة أنظمـة لتحـديـد حـد أدنـى للأجـور يضمـن سـد حـاجـات العمـال الأسـاسـية ويراعى فى هـذا التحـديـد الإخـتلافـات القـائمـة بين مخـتلـف الصـناعـات والمـناطـق،و( المـادة 35 ) تطالب بتشـكيل لجـان مشـتركة فى كل منطقـة لإقـتراح تحـديـد الحـد الأدنى للأجـور وذلك على فـترات دوريـة مـناسـبة وتضـم اللجـنة ممـثلـين عـن العمـال وأصحـاب الأعمـال ومـنـدوبين عـن الجهـات الإداريـة المختصـة . وتضع منظمة العمل الدولية بعض المحاور لوضع حد ادنى عادل يتمثل فى :1- المساهمة في وضع السياسات الشاملة والمستقرة والعادلة للأجور في القطاعين العام والخاص مع الأخذ في الإعتبار العوامل الإقتصادية والإجتماعية والمالية للدولة.2-إعمال مبدأ الأجر المتساوي للعمل المتساوي وتأكيد مبدأ الأجر كحافز للإنتاج وذلك بغرض الإستقرارالوظيفي.3-وضع موجهات وأسس ومعايير إزالة المفارقات في الإجور.4- تكوين مركز للمعلومات والبيانات التي تستخدم في الدراسات والبحوث المتصلة بالأجور.5-إقتراح الحد الأدنى للأجور ومتابعة المتغيرات الإقتصادية والإجتماعية التي تؤثر على ذلك.6- معالجة الأجور في إطار متكامل ومتوازن يراعي النواحي الإقتصادية والإجتماعية وتكاليف المعيشة والأسعار.
نص الحكم .
وتأتى هذه الأراء الدولية الجديدة والإتفاقيات القديمة والسابقة فى هذه المتابعة الصحفية لتدعم حكم المحكمة الجديد والذى يشير فى مضمونه إلى إلزام المجلس القومى للأجور بوضع حد أدنى للأجور طبقا لنص المادة 34 من قانون العمل ، وتتطرق أهم المبادىء القضائية الواردة فى حكم الحد الأدنى للأجور، والذى إستند فى مبرراته على :1- نصوص الدستور فى المواد (13 ،23، 26، 29، 32) وهى نصوص تتحدث عن العدالة الاجتماعية وعن كون العمل حق وواجب وتنادى برفع مستوى المعيشة، والقضاء على البطالة، وزيادة فرص العمل، وربط الأجر بالإنتاج، وضمان حد أدنى للأجور، ووضع حد أعلى يكفل تقريب الفروق بين الدخول. 2- العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية فى المادة (7) والتى تنص على " تعترف الدول الأطراف في هذا العهد بما لكل شخص من حق في التمتع بشروط عمل عادلة ومرضية تكفل على الخصوص: مكافأة توفر لجميع العمال، كحد أدنى ، و أجرا منصفا، ومكافأة متساوية لدى تساوي قيمة العمل دون أي تمييز،على أن يضمن للمرأة خصوصا تمتعها بشروط عمل لا تكون أدنى من تلك التي يتمتع بها الرجل، وتقاضيها أجرا يساوي أجر الرجل لدى تساوي العمل. 3- قانون العمل فى المواد(5،37،34) التى تنص على بطلان أى شرط فى عقد العمل يخالف قانون العمل، وتنص كذلك على ضرورة الأ يقل أى أجر فى علاقة عمل حتى لو كانت بالانتاج عن الحد الادنى، ثم الماة 34 التى تنص على إنشاء مجلس قومى للأجور يختص بوضع حدا أدنى للأجور على المستوى القومي بمراعاة نفقات المعيشة وبإيجاد الوسائل و التدابير التى تكفل تحقيق التوازن بين الأجور والأسعار. ولوحظ ان هذا الحكم الجديد ميز بين أجور العاملين فى الحكومة وأجور العاملين فى القطاع الخاص ، حيث أوضح أن العاملين بالحكومة تحكم مرتباتهم المادة 40 من قانون العاملين المدنيين والجدول المرفق بالقانون رقم (1) وأن تعديل الأجور لهم يحتاج تعديل تشريعى لذا رفضت المحكمة قبول تدخل كل موظفى الحكومة الذين تدخلوا فى القضية، أما العاملين فى القطاع الخاص وقطاع الاعمال العام فهم المخاطبين بنصوص المادة 34 من قانون العمل ولذا قبلت تدخل ياسر حساسه عامل بشركة أطلس للمقاولات والتى قام برفع الدعوى القضائية. وتتطرق نصوص الحكم الجديد إلى دور الدولة فى تحديد الأجور،فالمادة 34 من قانون العمل 12 لسنة 2003 أنشأت المجلس القومى للاجور لمباشرة اختصاصه وهو واجب عليه لا يجوز له أن يتقاعس عن تحديد الحد الادنى للأجور والإ أصبح ذلك تعطيلا لأحكام القانون وتحديا لإرادة المشرع بغير سند. وقالت المحكمة إن دور الدولة فى شأن تحديد الأجور دور إيجابى وليس دور سلبى فلا يجوز لجهة الإدارة أن تترك تحديد أجور العمال لهوى أرباب الأعمال من أصحاب رأس المال دون إلتزام بحد أدنى للأجور مستغلين حاجة العمال إلى العمل وإجبارهم على تقاضى أجور غير عادلة لا تتناسب مع الأعمال التى يؤدونها، ولا تساير إرتفاع الأسعار وزيادة نفقات المعيشة،وعلى الجهة الإدارية أداء الإلتزام المنوط بها دستوريا وقانونيا بضمان حقوق العمال وكفالة الأجر العادل لهم،وعليها واجب التدخل لضمان الحد الأدنى لأجور العمال ولا يجوز لها أن تتخلى عن واجبها إهمالا أو تواطئا،ونصت الفقرة الأخيرة من قرار مجلس الوزراء رقم 983 ،والتى أسندت إلى المجلس إجراء الدراسات اللازمة لإعادة النظر فى الحد الأدنى للأجور مع مقترحات دورية لاتجاوز ثلاث سنوات وهو ما لم يقم به المجلس.
إعتراف
من جانب اخر حصلت على إحدى المذكرات الرسمية التى كانت على رأس موضوعات الماقشة فى إحدى إجتماعات المجلس القومى للاجور والتى وافق عليها الجميع والتى قالت ان نظام الاجور فى مصر متدن للغاية الأمر الذى يتطلب سرعة تحديد حد ادنى عاجل وعلى الحكومة توفير الموارد اللازمة لذلك ، وانه رغم وجود زيادة إسمية فى الاجور على سبيل المثال فى الفترة من 1996 وحتى 2006 من حوالى 109 مليار جنيه فى العام الاول إلى 266 مليار جنيه فى العام الثانى بنسبة زيادة حوالى 144%، إلا أن الزيادة الكبيرة فى الأسعار هددت هذه الاجور ، ومما ترتب عليه إنخفاض نسبة الزيادة هذه إلى حوالى 84%.وكشفت المذكرة عن شيئ خطير وهو وجود 40%من المشتغليين فى مصر يعملون بدون اجر نقدى وحوالى 50% من العامليين بأجر يعملون فى الحكومة وقطاع الأعمال العام ، بينما يصل نصيب القطاع الخاص غير المنظم "خارج المنشأت" إلى نحو 26% ، كما أن أكثر من 40% من المشتغليين فى مصر يعملون فى القطاع الخاص غير الرسمى . وكشفت المذكرة عن اعترف عدد من الحضور ممثلي الحكومة بتدني الأجور في مصر وقالوا أن الحد الأدني المحدد قانونا عام 1984 هو 35 جنيها شهريا، أو ما يعادل 220 جنيها بأسعار اليوم، وأن أدني عامل في السلم الوظيفي في الحكومة «عامل الخدمات» يحصل علي أجر اجمالي يصل إلي 300 جنيه شهريا، بينما رد الجانب المعارض لهذا الرأي بانه لا يوجد قانون يحكم هذه العملية الأمر الذي يعطي صلاحيات واسعة لصاحب العمل في التحكم في الأجور. وربطت المذكرة الرسمية بين ضرورة زيادة الحد الادنى للاجور ورفع الإنتاج وزيادة الإستثمار. وهذا الإعتراف الرسمى لم يأتى فقط من المجلس القومى بل جاء على لسان حسين مجاور رئيس إتحاد عمال أن هناك ضرورة ملحة لزيادة الحد الأدنى لأجور العمال فى قطاعى الأعمال العام والخاص والحكومة ، وأشار إلى أن الأزمة تكمن فى عدم التزام بعض أطراف العمل بإبرام ميثاق بين العمال وأصحاب الأعمال لمواجهة المشكلات العمالية ، واكد ان إتحاد العمال كانت له رؤية واضحة بهذا الملف وإقترح فى السابق ان يكون الحد الادنى 600 جنيه وندرس حاليا إمكانية رفع ذلك إلى 900 جنيه. وكانت عائشة عبدالهادى وزيرة القوى العاملة أيضا قد اكدت فى إجتماع الجمعية العمومية لإتحاد عمال مصر الاخيرة على خطورة عدم وجود حد ادنى للاجور وقالت أن المجلس القومى لو نجح فى مهمته هذه بتحديد حد ادنى عادل خلال الشهور القادمة سوف يكون ذلك إنتصارا كبيرا.
تدبير الموارد؟
وخلال هذه الصورة التى أصبحت واضحة تماما فإن السؤال الذى يطرح نفسه الان هو كيف ندبر الموارد لزيادة الاجور ، وهنا يقول الخبير الإقتصادى بمركز الاهرام للدراسات الإستراتيجية أحمد السيد النجار والذى لعب دورا كبيرا خلال الأيام الماضية فى دعم مقترحات رفع الحد الادنى ،أنه فيما يتعلق بالقطاع الخاص يجب تطبيق درجة من العدالة حول تقسيم ناتج العمل، و قال إن الإدعاء الدائم بالخسارة والتعثر تكذبه الثروات المتراكمة، وأوضح أن نسبة الدخول المتحققة من العمل إلى الدخول المتحققة من التملك في مصر أصبحت حاليا 20% و 80%، بعد أن كانت في الثمانينات 49% و 51% على التوالي،وعن تدبير الموارد لزيادة الاجور قال "النجار " : أما فيما يتعلق بالحكومة فإن إعادة تسعير الغاز المصدر لأسبانيا وإسرائيل والأردن ليصبح بالسعر العالمي، بدلا من سعره الحالي، الذي يساوي خُمس السعر العالمي، سيوفر 15 مليار جنيه ترفع الأجور بنسبة 90%، وبيع الغاز والمازوت والكهرباء لشركات الأسمنت بالسعر العالمي، والتي هي نفسها تبيع إنتاجها في مصر بأعلى من السعر العالمي سيوفر عشرة مليارات أخرى، كما دعا النجار إلى تغيير النظام الضريبي وفرض ضرائب تصاعدية على الدخل، وعدم المساواة في الشريحة الضريبية بين من يحقق دخل 40 ألف جنيه سنوياً، ومن يحقق دخل 40 مليون جنيه، وأكد النجار أن نظام الشرائح التصاعدية معمول بها في كافة الدول الرأسمالية، ومن الطبيعي أن أصحاب المصانع والمؤسسات هم الأكثر استفادة من البنية الأساسية والطرق والمرافق لذا ينبغي أن تكون مساهمتهم فيها أعلى عن طريق الضرائب.وإذا كانت الحكومة تطرح مببراتها فى عدم تحديد الحد الأدنى للاجور ومنها أن أن انخفاض أجور العمال المصريين راجعة لانخفاض إنتاجية العامل المصري، قال "النجار" أن هذا المبرر غير صحيح وعرض البيانات التي تكذب تلك الدعاوى قائلا: إن إنتاجية العامل المصري في الفترة من 1980 إلى 1985 كانت 3670 دولار سنوياً، و ارتفعت إلى 5960 في الفترة (1990 – 1995)، بينما انخفضت الأجور في نفس الفترات من 2220 دولاراً سنويا إلى 1860 دولاراً، وهو ما يعني أن الأجر ينخفض على الرغم من زيادة الإنتاجية وليس العكس. وأشار "النجار " إلى أن تجاهل المطالبة برفع الحد الأدنى للأجور لعقود طويلة، والاكتفاء بالمطالبة بالأجور المتغيرة والبدلات جعل فجوة الأجر تتسع بشكل رهيب، وسيصبح من الصعب الوصول لحد أدنى حقيقي مكافئ للحد الأدنى الذي كان معمولا به حتى السبعينات، وربما يكون 1200 مطلب معقول حالياً رغم تواضعه، على أن يزيد سنويا بمعل التضخم الحقيقي ويعاد فيه النظر كل ثلاث سنوات. وأوضح النجار ضرورة وضع حد أقصى للأجر المتغير، بحيث لا يزيد على مثل الأجر الأساسي حتى تضيق الفجوة بين الأجور العليا والدنيا، ويكون للكبار مصلحة في المطالبة برفع الأجر الأساسي، لافتاً النظر إلى أن نسبة الأجر الأساسي للمتغير في الموازنة العامة للدولة أقل من 20%، وهو ما يفتح باب الفساد والمحسوبية.
تراجع!
الروشتة التى يقدمها أحمد السيد النجار عاجلة ولا تحتمل التاجيل خاصة مع إستمرار حالة التدهور الإجتماعى التى يعيشها العامل المصرى بالمقارنة بدول أقل من مصر فى الإمكانيات والموارد فالبيانات الحديثة الصادرة عن البنك الدولي تشير إلي أن الحد الأدني للأجور في مصر يبلغ 425 دولارا سنوياً في مقابل 875 دولارا للعامل الجزائري و 1675 للمغربي و 1775 للتونسى و1850 دولارا في للسنغالى ، كل هذه الفروق موجودة مع ملاحظة أنه يزيد من انخفاض الحد الأدني للأجور في مصر ، زيادة ساعات العمل التي تتراوح بين 54 و58 ساعة أسبوعياً وذلك وفقاً لبيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ، ويكفل الدستور المصري وكذلك المواثيق الدولية المعنية بذلك الحق في الحصول علي أجر عادل مقابل العمل، وضرورة وضع حد أدني للأجور ، غير أن الواقع يخالف ذلك ، وهنا يقول حافظ أبو سعدة المحامى ومدير عام المنظمة المصرية لحقوق الإنسان والتى نظمت العديد من الندوات وحلقات النقاش حول الحد الادنى للاجور أن المنظومة التشريعية المعنية بالأجور في مصر تحتوى علي العديد من النصوص التي تنال من أجر العامل، وتشكل تراجعاً عن الحماية التي كانت مقررة للأجر ، بدءا من الحق في الإضراب، ومرورا بالحق في الحصول علي أجر عادل ومناسب مقابل العمل عدد ساعات مناسبة، وانتهاء بالفصل التعسفي من العمل دون إبداء أي سبب أو مبرر قانوني، مما يتعارض مع أحكام العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والذي صادقت عليه الحكومة المصرية وأصبح جزءا لا يتجزأ من ميثاقها الداخلي وفقا للمادة 151 من الدستور ،وقال أبوسعدة أن منظومة الأجور في مصر من اختلالات واضحة بين القطاع الحكومي ونظيره الخاص، بل وبين القطاعات الحكومية المختلفة ،ولا ينال العامل حقه في الأجر المناسب نظير ما يقدمه من عمل ، الأمر الذي يمثل انتهاكاً لأحد حقوقه الاقتصادية آلا وهو "الحق في العمل" المكفول بمقتضي الدستور والمواثيق والاتفاقيات الدولية المعنية بذلك ، ويضاف إلي ذلك أن أجر العامل المصري مازال دون المستوي المتعارف عليه وليس ذلك فحسب ، بل أقل من الحد الأدني للأجر، ودون خط الفقر .
حجم التفاوت. عبدالرحمن خير وهو عضو فى مجلس الشورى وعضو فى المجلس القومى للاجور كشف لنا حالة التفاوت فى الاجور وطالب وبشكل عاجل تنفيذ روشتة أحمد السيد النجار وقال "خير" أنه وبمراجعة الأرقام والإحصائيات الخاصة بهذه القضية لوحظ حجم التفاوت فى الأجور بين القطاعات الحكومية المختلفة، و ذلك وفقاً لموازنة وزارة المالية خلال السنوات الماضية : ففي موازنة عام 2008/2009 بلغ نصيب الجهاز الإداري نحو 38.8 مليار جنيه مقابل 31.34 مليار جنيه للمحليات، مقابل 8.9 مليار للهيئات الخدمية ، أما في موازنة عام 2007/2008 فقد استحوذت المحليات علي النسبة الغالبة من الأجور المدفوعة للعاملين بالقطاع الحكومي،حيث وصل ما يحصل عليه هؤلاء إلي 26.5 مليار جنيه ، مقابل 25.8 مليار جنيه للجهاز الإداري و 7.9 مليار للهيئات الخدمية، أما في موازنة عام 2006/ 2007، فبلغ نصيب المحليات نحو 24 مليار جنيه ، مقابل 20.1 مليار للجهاز الإداري ، و 7.1 مليار للهيئات الخدمية ، وفي موازنة عام 2005/2006 ، فبلغ نصيب المحليات نحو 21.7 مليار جنيه مقابل 18 مليار جنيه للجهاز الإداري ، و 6 مليارا جنيه للهيئات الخدمية ، كما أن الحد الأدني لأجر العامل في الحكومة أعلي من القطاع الخاص، إذ يصل متوسط الأجر الشهري للذكورالعاملين في القطاع العام إلي 684 جنيها مقابل 576 لدي القطاع الخاص، وبالمثل يصل هذا الرقم للإناث العاملات في القطاع العام إلي 684 جنيها مقابل 444 جنيها لدي القطاع الخاص. وينتهى كلام " خير" معنا ولكننا نؤكد رؤيته بدراسة حديثة لمنتدي البحوث الاقتصادية للدول العربية وتركيا وايران اشارت الي إن الفرق بين متوسط أقل وأعلي أجر شهري في الجهاز الحكومي المصري وصل إلي 30 ضعفا، حيث بلغ متوسط الأجر الشهري لموظفي شركات قطاع الأعمال العام 7156 جنيها في حين لا يزيد متوسط الأجر الشهري لنظرائهم في وزارة الأوقاف عن 235 جنيها فقط ويرتفع قليلا إلي 408 في وزارة القوي العاملة بينما يصل إلي 432 جنيها في وزارة الري ويقفز هذا الأجر ليصل الي 5283 جنيها في المجلس القومي للمرأة وينمو بشكل كبير في وزارة الخارجية ليبلغ 6059 جنيها في الشهر.وأشارت الدراسة إلي أنه علي الرغم من تطبيق مصر لبرنامج الاصلاح الاقتصادي منذ عام 1990 والاتجاه نحو خصخصة شركات القطاع العام، إلا أن عدد موظفي الحكومة في تزايد مستمر مما يستتبعه تضاعف إجمالي الانفاق علي الأجور، وأشارت الدراسة إلي أن عدد موظفي الحكومة بلغ 4.7 مليون موظف عام 1998 / 1999 كانوا يحصلون علي نحو 22.6 مليار جنيه من اجمالي الانفاق العام في الموازنة وارتفع هذا العدد ليصل إلي 5.1 مليون موظف في عام 2004 / 2005 بلغ اجمالي الاجور التي يحصلون عليها حوالي 42.6 مليار جنيه. وأرجعت الدراسة تباين الأجور في مصر إلي ما يضاف علي الأجر الأساسي، حيث تمثل الاضافات ما يقرب من 75% من إجمالي الراتب الشهري وتتمثل الاضافات في المكافآت التي تستحوذ علي 30.7% من الأجر بالاضافة إلي المزايا النقدية 10.4% والمزايا التأمينية 11.5% وبدلات ومزايا عينية أخري 6.8%، وأكدت أن تعدد الاضافات للأجر الأساسي يؤدي إلي صعوبة استخدام مؤشرات الأجور في ضبط السياسات الاقتصادية وتحديد التكلفة الفعلية لموازنة الأجور في المشروعات المنشأة حديثا.وطالبت الدراسة بإعادة النظر في سياسة الأجور الحالية حتي تتحول الي أداة من أدوات السياسة الاقتصادية في جذب الاستثمارات الجديدة،وشددت الدراسة علي أن يكون تحديد الأجور بناء علي المهارة والكفاءة وليس الأقدمية والدرجة العلمية!!.
1200 جنيه
إذن معظم القوى السياسية والشعبية الأن إتفقت على ان الحد الأدنى للاجور يجب ألا يقل عن 1200 جنيه . نبيل عبدالغنى عضو مجلس إدارة سابق فى الشركة القابضة للغزل والنسيج ، وصاحب دراسة عن الاجور فى مصر قال أن هناك ضرورة لإعادة هيكلة الاجور وتحديد حد ادنى حقيقى لأسرة مكونة من أربعة افراد ومطالبها من ماكل ومشرب ومسكن ومصروفات اخرى فى حدود خط الفقر العالمى ، وبناء على جداول حاجة الجسم من الطاقة والاطعمة الأساسية ، فمن خلال معلومات معتمدة من مراكز رسمية وحكومية ، تبين أن هذه الأسرة تحتاج إلى 1200 جنيه شهريا ، فهى تحتاج مثلا إلى 413 رغيف خبز شهريا ، ثمن الرغيف 5 قروش ، وكذلك 2 كيلو لحم ، و4 كيلو فراخ، و17 بيضة ، بخلاف الطماطم والعدس والفول والارز والسكر .أما سيد طه رئيس النقابة العامة للبناء والأخشاب قال أن الحد الادنى للاجور يجب الأ يقل عن 900 جنيه فى الشهر ، واكد انه ليس من المقبول أن يقوم صاحب العمل بتحديد حد ادنى يماشى مع أهوائه دون وجود رقيب وضوابط موحدة لذلك ، واكد أنه إذا نجح المجلس فى تحديد حد ادنى للاجور فسوف يكون ذلك خطوة لإنعاش الإقتصادى المصرى حيث ستتوفر السيولة للمواطنيين للنزول إلى الأسواق وشراء ما يحتاجونه ، الأمر الذى يترتب عليه حالة حراك حقيقى فى السوق . أما الدكتورة هبة نصار الخبيرة الإقتصادية قالت فى دراسة حديثة لها قدمتها لمنظمة العمل الدولية أن وضع حد ادنى عادل للاجور أصبح مطلبا ملحا خاصة مع وجود الازمة المالية العالمية التى تهدد الشباب والمراة ، وتطيح بميزانيات الأسرة خاصة فى ظل إنخفاض الأجور ، او تجميدها فى بعض الاحيان ، الامر الذى يهدد أيضا القوة الشرائية ، وطالبت بحماية العمالة المؤقتة والموسمية بكافة أشكالها من توحش الأسعار، وذلك عن طريق حصر المشكلة ووضع خطة عاجلة لمواجهتها وتقديم الدعم للمحتاجين . وقال لنا إلهامى الميرغنى الخبير فى الجمعية المصرية للغحصاء والتشريع أن 80 % من دخل الأسرة المصرى يجرى إنفاقه على الطعام والشراب فقط الامر الذى يؤكد خطورة ضعف الأجور ، ويجعل الحك الصادر مؤخرا بتحديد حد ادنى يتناسب مع الأسعار ضرورة وطنية ومطلب شعبى .
#عبدالوهاب_خضر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الفجوة بين الإنتاج والإستهلاك وراء إستمرار الأزمة فى مصر:الإ
...
-
بمناسبة اعتصامات عمال -طنطا للكتان- أمام مجلس الوزراء: السين
...
-
ونجحت ضغوط رجال الأعمال فى مصر: المجلس القومي للأجور يتهرب م
...
-
استقالة رئيس «الحديد والصلب المصرية » في ظروف غامضة:والرقابة
...
-
المجلس الأعلى للأجورفى مصر.. و7 من السنوات العجاف!
-
مدير عام منظمة العمل الدولية فى حوار صريح : لست مندوبا ل -ci
...
-
(2009) العام الأسود على عمال مصر!
-
الأزمة العالمية تضرب اقتصاد مصر حتي عام 2012
-
الأمن السرى يحاصر شركات المحلة وحملة -مش حنخاف- تفضح سياسات
...
-
من هو الفائز الحقيقى فى مبارة مصر والجزائر .. اليوم ؟
-
حول الأجور وفرص العمل فى مصر و ردا على كلام الرئيس:200% ارتف
...
-
بيان حول رؤية قوى المعارضة من اجل إنتخابات تلبى طوحات الشعب
...
-
قريبا فى مصر ... شركات على حافة التصفية أو الدمج أو الغلق أم
...
-
فى مناظرة بين د.جودة عبدالخالق ود.يمن الحماقى :-مصر- تنهار إ
...
-
رسالة عاجلة إلى المؤتمر العام السنوى للحزب الحاكم فى مصر: -م
...
-
هل هناك إتجاه لتصفيتها؟!23 مليار و600 مليون جنيه خسائر شركات
...
-
شركة مصر للغزل والنسيج فى مصر تخسر 135 مليون جنيه وتستورد أق
...
-
نقطة ضوء وسط العتمة : هلى هى صحوة النقابات العمالية الرسمية
...
-
وزير الإنتاج الحربي ل-عبدالوهاب خضر- -:إسرائيل لن تفكر في حر
...
-
تصريحات رسمية حول نقل مصانع الأسمنت والحديد والصلب المصرية خ
...
المزيد.....
-
2nd Day of Works of the 4th World Working Youth Congress
-
Introductory Speech of the WFTU General Secretary in the 4th
...
-
الكلمة التمهيدية للأمين العام لاتحاد النقابات العالمي في الم
...
-
رابط مباشر .. الاستعلام عن رواتب الموظفين في القطاعين المدني
...
-
وفد برلماني سيتفقد المنشآت النووية لمراقبة تنفيذ قانون العمل
...
-
الحكومة الجزائرية تعلن عن تعديل ساعات العمل في الجزائر 2024
...
-
المالية العراقية تعلن عن موعد صرف رواتب المتقاعدين في العراق
...
-
“الجمل” يتابع تطوير شعبة الفندقة بالجامعة العمالية لتعزيز ال
...
-
وزارة المالية.. استعلام رواتب المتقاعدين وحقيقة الزيادة في ا
...
-
وزارة المالية العراقية تحدد موعد صرف رواتب الموظفين لشهر ديس
...
المزيد.....
-
الفصل السادس: من عالم لآخر - من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الفصل الرابع: الفانوس السحري - من كتاب “الذاكرة المصادرة، مح
...
/ ماري سيغارا
-
التجربة السياسية للجان العمالية في المناطق الصناعية ببيروت (
...
/ روسانا توفارو
-
تاريخ الحركة النّقابيّة التّونسيّة تاريخ أزمات
/ جيلاني الهمامي
-
دليل العمل النقابي
/ مارية شرف
-
الحركة النقابيّة التونسيّة وثورة 14 جانفي 2011 تجربة «اللّقا
...
/ خميس بن محمد عرفاوي
-
مجلة التحالف - العدد الثالث- عدد تذكاري بمناسبة عيد العمال
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
نقابات تحمي عمالها ونقابات تحتمي بحكوماتها
/ جهاد عقل
-
نظرية الطبقة في عصرنا
/ دلير زنكنة
-
ماذا يختار العمال وباقي الأجراء وسائر الكادحين؟
/ محمد الحنفي
المزيد.....
|