أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف المساتي - الدولة الإسلامية و أساليب التمويه الإيديولوجي














المزيد.....

الدولة الإسلامية و أساليب التمويه الإيديولوجي


يوسف المساتي

الحوار المتمدن-العدد: 2970 - 2010 / 4 / 9 - 20:26
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


بعد وصول بني أمية للحكم بقيادة معاوية بن أبي سفيان، و أمام الصراع الذي كان على أشده بين مختلف التيارات السياسية (شيعة، خوارج...) سيلجأ معاوية إلى العديد من وسائل التمويه الإيديولوجي، و سنخصص هذه المساهمة لبعض الاستراتيجيات اللغوية التي لجأ إليها معاوية و من تبعه، للتمويه عن حقيقة النظام الاستبدادية الإقطاعية، و لترسيخ شرعية النظام القائم كحكم إسلامي.
لقد عمل معاوية على اقتباس نظم الإدارة بكاملها عن الفرس و الروم، مع احتفاظه بكافة مظاهرها و وظائفها (الحجابة، الوزارة، الشرطة...)، و لكنه سيبقي على لقب "الخليفة" رافضا تعويضه بلقب "ملك أو إمبراطور" و هو الأمر الذي لم يأت اعتباطا بل جاء لأسباب عدة أهمها:
أولا: تمثل البنية الذهنية الإسلامية للفظة "الملك" بشكل سلبي، حيث اقترنت في القرآن الكريم بالاستبداد و الإفساد في الأرض، و بالتالي و في غمرة الصراعات السياسية التي اتخذت القرآن سلاحا لها، لم يكن من الممكن أن يقر معاوية هذا التحول على المستوى اللغوي، لأنه كان سيرسخ في أذهان الناس حقيقته كنظام استبدادي إقطاعي. كما يمكن أن نضيف إلى ذلك استغلالا ذكيا قام به معاوية لمفهوم الخلافة الوارد في القرآن الكريم، و المرتبط بشرعنة الحكم الإنساني على الأرض باعتباره –الإنسان- خليفة لله، لكن معاوية سيقوم باختصار معنى الخلافة في شخصه و سيعتبر نفسه خليفة لله في الأرض، و هو الأمر الذي يسرته له تفسيرات قدمتها مجموعة من الفقهاء التابعين للدولة –و هذا ما سنتوقف عنده في مساهمات لاحقة-. و على هذا المستوى فإن تمثل الجهاز المفاهيمي الإسلامي لكلمتي "الملك و الخلافة" لعب دورا أساسيا في عدم إقرار هذا التحول لغويا.
أما من ناحية أخرى فإن الأراضي التي امتدت إليها الدولة الإسلامية آنذاك كانت قد عانت من وطأة النظم الملكية و الإمبراطورية (الفرس و الروم...)، و اعتناقها للإسلام كان ثورة اجتماعية على هذه النظم الاستبدادية أكثر منه قناعة دينية، و هو الأمر الذي ساهمت فيه البدايات الأولى للعصر الراشدي و التي –على علاتها- تميزت بإقرار نوع من العدالة الاجتماعية، و الشورى السياسية. و في ظل وضعية كهذه فإن أي تحول على المستوى اللغوي من "الخليفة" إلى "الملك أو الإمبراطور" كان من شأنه أن يخلق رد فعل سلبي تجاهه، باعتباره كان سيكشف عن التحول الذي عرفته بنية الدولة الإسلامية بتوجهها نحو الإقطاع و الاستبداد، و سيسهل على الفرق المناوئة للدولة الأموية استقطاب المزيد من الأتباع.
من هنا إذن كانت الوظيفة الأساسية للقب "الخليفة" هي خلق نوع من الإحساس داخل البنية الذهنية الإسلامية بالقطيعة مع النظم السابقة (الروم، الفرس...) في محاولة لشرعنة النظام القائم. و من جهة أخرى كان عليه –اللقب- أن يخلق إحساسا آخر بالاستمرارية مع العصر السابق (العصر الراشدي)، الذي كان يشكل بالنسبة لمسلمين آنذاك عصرا مثاليا، خاصة مرحلة عمر بن الخطاب التي عرفت وضع أسس الدولة، و سن لقب الخليفة، من هنا كان الاستمرار في الاحتفاظ بنفس اللقب يشكل محاولة تمويهية على واقع تغييب الشورى، و إسقاط أساس الخلافة الذي سنه عمر. لقد كان هذا اللقب هو تلك الشعرة الوحيدة التي بقيت تصل بين العصر الراشدي و الأموي و التي رفض معاوية قطعها.
و بالتأكيد أن أساليب التمويه اللغوي التي اتبعها بني أمية ستلتقي مع بداية تحالف تاريخي بين الفقهاء و الحكام، بدأت بوادره الأولى بمحاولات معاوية احتوء الفقهاء لشرعنة وجوده كحاكم لمسلمين، و في ظل أزمات حقيقية كانت تشهدها البنية الذهنية للمجتمعات الإسلامية ستقع الشعوب فريسة سهلة، و بكامل رضاها و اختيارها فريسة لهذا التمويه، و هو أمر قد نتوقف عنده في مساهمات أخرى.



#يوسف_المساتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الآخر في الدولة الإسلامية : جدلية القرب و النبذ
- جذور التطرف الإسلامي


المزيد.....




- كاتدرائية نوتردام في باريس.. الأجراس ستقرع من جديد
- “التحديث الاخير”.. تردد قناة طيور الجنة 2024 Toyor Aljanah T ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف بالصواريخ تجمعا للاحتلال ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تعلن قصف صفد المحتلة بالصواريخ
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف مستوطنة راموت نفتالي بصلية ...
- بيان المسيرات: ندعو الشعوب الاسلامية للتحرك للجهاد نصرة لغزة ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تقصف بالصواريخ مقر حبوشيت بالجول ...
- 40 ألفًا يؤدُّون صلاة الجمعة في المسجد الأقصى
- المقاومة الاسلامية في لبنان تواصل إشتباكاتها مع جنود الاحتلا ...
- المقاومة الاسلامية في لبنان تستهدف تجمعا للاحتلال في مستوطنة ...


المزيد.....

- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - يوسف المساتي - الدولة الإسلامية و أساليب التمويه الإيديولوجي